السلام عليكم و رحمة الله
أولا قبل الولوج في الموضوع دعونا نقرأ بريد الجمعة المنشور يوم 2/9/2011 بجريدة الاهرام المصرية بعنوان "هذا الرجل" و الذي جاء فيه:
---
سيدي أنا سيدة في العقد الرابع من عمري تمت خطبتي في عام96 علي شاب من جيراني وقد أحببته ورأيت فيه كل الصفات التي تتمناها اي فتاة في خطيبها وعشت عاما من اجمل سنوات عمري علي الاطلاق وفي عام97 تعرضت لحادث سقوط من سطح المنزل من الطابق الثالث.
وبعد التحليلات والاشعات قرر الطبيب اجراء جراحة لي وهي عبارة عن تثبيت وتفريغ للفقرات المكسورة حتي استطيع الجلوس مع وجود تقوس اعلي الظهر وعدنا الي الاسكندرية وبدأنا رحلة العلاج الطبيعي وكنت احتاج لثلاث جلسات اسبوعيا وكان خطيبي يحملني الي المركز الطبي لعمل الجلسات لانني لا استطيع الجلوس فوق كرسي متحرك وبعد مرور كل هذه الشهور وما صاحبها من آلام وإحداث مؤلمة صارحني خطيبي بأنه يريد ان يعقد قراننا فاشفقت عليه واعلنت له انني احله من كل وعود ومعاهدته لي انه لن يتركني مدي الحياة وقلت له يكفي كل ما فعلته معي خلال تلك الفترة وانا راضية بقضاء الله وحكمه وقلت له ابحث عن فتاة سليمة وتزوجها ولكن ياسيدي ابي خطيبي ان يتركني ورفض ان يتنازل عني وبكي بين يدي وقال انه يضحي بعمره ويجدد وعده لله عز وجل ألا يتركني إلا بالموت رغم رفض اسرته لي بعد الحادث فإنه اصر علي عقد القران وقال انني سوف اخدمك حتي آخر العمر او يشفيك الله جلت قدرته وفي اول مايو عام2000 تم عقد قراننا وكنت اسعد انسانة علي وجه الارض وكلما نظرت الي وجه حبيبي أجده سعيدا وبعدها تقدم زوجي الي محافظ الاسكندرية للحصول علي شقة للزواج الحديث, وفي عام2003 حصلنا علي الشقة في الكيلو31 بحي العامرية وجهزها زوجي ورغم ذلك لم يقصر في علاجي الطبيعي, وفي يناير2004 تم زفافنا وحملني زوجي الي الشقة الجديدة ليس كما يفعل العرسان في الافلام ولكن لأنني لا استطيع السير وبكينا نحن الاثنين, بكيت لانني كنت اتمني ان اعيش احلي ليلة في عمري مثل أي فتاة غير معوقة, وبكي هو لبكائي, وفي تلك الليلة غادرنا أهلونا وتركونا وحدنا ولم نر وجه احد منهم لمدة اربعة اشهر كاملة, تركونا دون اي مساعدة لي ولزوجي. وكنا انا وزوجي نتقاسم اعمال المنزل, فكان هو يقوم بالاعمال الصعبة واقوم انا بما استطيع من اعمال خفيفة ولأن زوجي يعمل عامل امن بإحدي الشركات كان يخرج في الخامسة صباحا بعد ان يعد لي الإفطار والغداء ويضعهما فوق السرير ويعمل حتي العاشرة مساء حتي يستطيع ان يسدد بعض الديون التي تراكمت علينا بسبب تجهيز الشقة والعلاج والحفاضات والقساطر التي احتاج اليها ورضينا بقضاء الله عز وجل ومرت بنا الايام وكان حلمي ان اكون اما لكي اسعد الرجل الذي احبني ووقف الي جواري وتحمل معي ما لا يتحمله بشر وكان زوجي يحلم بما يزيد من الرباط الذي يجمعنا فكان يذهب بعينة من البول كل فترة للتحليل وفي كل مرة كان يعود راضيا مبتهجا حتي لا يحزنني ويقول ان شاء الله سيتحقق حلمنا في المرة المقبلة وبعد عامين من الزواج فوجئت به يأتي وقد امتلأت عيناه بالدموع وسجد لله عز وجل وقال لي انني حامل وشعرت بسعادة لا حدود لها فسوف انجب طفلا لزوجي وحبيبي, واصر الاطباء من اجل الحفاظ علي الجنين ان انام علي ظهري طوال فترة الحمل وظل زوجي يخدمني بكل حنان طوال تسعة اشهر وفي اغسطس2006 جاء موعد الولادة وصحبني زوجي الي المستشفي وكنت خائفة جدا من ان اموت قبل ان اري وجه طفلتي ووجه زوجي وهو يحمل ثمرة حبنا ودخلت حجرة العمليات وكانت ولادة حرجة تمت في ثلاث ساعات ادخلوني بعدها العناية المركزة ووضعوا طفلتي في الحضانة وظل زوجي يقرأ القرآن الكريم ويدعو لي وللطفلة وبعد اسبوع عدنا الي بيتنا ونحن نحمل طفلتنا الجميلة واصبح علي زوجي ان يخدمني انا والطفلة ويضع لي ولها الحفاضات وصارحني ذات يوم بأنه يعيش في قلق مستمر لأن الشقة بعيدة عن عمله وعن اهلنا ويفكر في طفلتنا حين تكبر وتبدأ تحبو وتمشي.. فكيف يمكنني ان اراعيها وانا لا استطيع الحركة وقررنا ان نسكن بجوار اهلنا وان نتنازل عن الشقة وايجاد شقة ايجار بنفس ثمن شقتنا ولكن الاسعار كانت اعلي من ثمن شقتنا فقرر زوجي بناء شقة في منزل قديم تركه والده له ولإخوته وهذا المنزل مكون من طابق واحد وبلا مياه او كهرباء وبني زوجي الشقة وساعده اهل الخير في اكمال الشقة ورغم ذلك, تمنيت ألا اترك شقتي البعيدة, فلم يأت احد لزيارتنا وان جاء احد لا يمد يد المساعدة ومرت الشهور وزوجي الحبيب يحاول اسعادنا انا وابنتي واصيب هو الآخر بالمرض, فهو مصاب بضغط الدم المرتفع وتضخم بعضلة القلب والسكر ورغم ذلك ازدادت المشاكل بينه وبين اخوته وبينه علي الشقة وعلي منزل والده المتهالك, فهم يريدون اخراجنا من الشقة التي تشققت جدرانها واصبحت اخاف علي اسرتي من تلك الشقة واخاف علي زوجي من اخوته لأنهم غلاظ القلب ولا يقدرون التعب الذي يبذله اخوهم في هذه الحياة الصعبة.
سيدي فعلا انا اري في عيون زوجي كل حزن العالم رغم ابتسامته امامي, فذلك الرجل تحمل كثيرا بسببي وبسبب حبه لي وزواجه مني رغم اعاقتي, فمهما قدمت له فلن اوفي له حتي ولو جزءا قليلا مما قدمه من اجلي, فأرجوك كل ما اتمناه من سيادتكم شقة صغيرة حتي ولو ايجارا وكرسيا متحركا كهربائيا لان زوجي لم يعد يستطيع دفعي علي الكرسي العادي وسداد بعض الديون التي تراكمت علينا في هذه الايام الصعبة جدا.
رد المحرر :
> سيدتي.. منذ فترة بعيدة لم تصلني مثل رسالتك, رسالة فيها كل هذا الصبر والرضا والاصرار علي الحياة والتصالح معها.. انت وزوجك الجوهرة النادرة.. فأنت المبتلاة المختبرة من الله سبحانه وتعالي وكنت من الصابرين, الحامدين, الشاكرين, أما هو فقد كان شهما ورجلا منذ اللحظة الأولي.. لم يفر.. وقد يلتمس البعض العذر له بعد ان يئس الأطباء واستكانوا إلي ما وصلت اليه بعد الحادث, ولكنه بإيمانه بالله وبحب كبير لك أصر علي مواصلة السعي لدي الأطباء حتي أجريت الجراحة, وتزوجك علي الرغم من رفض أهله وعاش في خدمتك حتي حملت وأنجبت فصار في خدمتكما أنت وطفلتك.. ما هذا الانسان الرائع, المؤمن, والمكافح؟!
وإذا لم يمد الخيرون أياديهم لمثليكما, فلمن إذن يمدون؟.. من ذا الذي لا يبتغي مرضاة الله بتكريمكما وتيسير الحياة عليكما؟.
قر عينا سيدتي.. فبإذن الله ستسمعين أخبارا طيبة قريبا, فسيصلك الكرسي الكهربائي وستجدين بين يديك ما يسد ديونكما ويوفر سكنكما.. وكل ما أرجوه منك هو تحديد مبلغ الدين وأي أوراق تثبته مع التقارير الطبية الخاصة بك وبزوجك.. وفقكما الله لطاعته وشكره لتستمرا متحابين متعاطفين, صابرين.. وإلي لقاء بإذن الله.
---
ثانيا ... اذا كنتم قد قرأتم البريد اعلاه ... يمكنكم المتابعة الآن ...
حصلت علي عنوان "هذا الرجل" و تشرفت بزيارته في بيته .... و تشرفت بالمكوث دقائق قليلة و ممتعه مع اسرته الصغيرة المتحابة ... في بيته المتواضع و العامر ....
في الحقيقه لأن هذا الرجل - بطل القصة - من نوعية نادرة حقا ... كنت اتمني لقاءه ... و يبدو ان القدر استجاب ...
اتصلت بالسيدة "ام مريم" .... فحددت لي موعدا كريما ... تأخرت عنه نصف ساعة نظرا لعدم المامي بجغرافيا المكان ... و لما باءت محاولاتي بالفشل للوصول الي بيتهم بدقة ... انتظرت في اقرب نقطه مجاوره ... حتي جاء بطل القصة "ابراهيم" ليلتقطني ....
اثناء انتظاري "للبطل" - و انا مصمم ان اسميه بطلا - كانت مخيلتي - رغما عني - تحاول رسم صورة افلاطونية بملامح رومانسيه للبطل القادم .... و اثناء المعادلات الصعبة التي كانت تجري في تلافيف "الدماغ" حضر الشاب "البطل" ... القي عليّ السلام ... و دعاني الي بيته الكريم ...
مقدمة البيت و بوابته و سلمه الداخلي .... يوحيان بتواضع شديد في مستوي البيت و بنائه .... رغم ان كل شئ كان مرتبا و نظيفا ....
استقبلوني في غرفة النوم (نظرا لحالة الزوجه)... فوجدت السيده الفاضله صاحبة الرسالة .... نائمة علي سريرها ... و بجوارها ابنتهما الجميله "مريم" ...
بعد تبادل السلام و التحيات ... تحدثت الي الاسرة .... و بصراحة رغم احتياجاتم المالية الواضحه ... و الملحه .. الا ان اول ما كان يشغلني ... هو ان اتعرف اكثر علي نفسية "البطل" كرجل ... نجح في اختبار الشهامة العسير ... و الذي قلما ينجح فيه أحد ....
وجدته رجلا "محترما" مؤمنا بقضاء الله ... مصمما علي ان ما قام به هو الصحيح ... و مؤكدا ان الرساله التي بعثت بها زوجته الفاضلة الي بريد الجمعه تضعه في وضع اكبر من حجمه ..... و اردف قائلا و هو يشير الي زوجته " هي أجدع مني" !!
و حكي لي بعضا من "بطولات" زوجته معه ... و كيف انها - رغم اعاقتها - كانت تقف بجواره في مواقف قد يصعب علي الاصحاء تحملها ...
شعوري الشخصي اثناء زيارتي لهذه الاسره هو الارتياح .... فما لمسته هو سيده تستحق ان يكرمها زوجها لأبعد حد .... و رجل يجب ان تحمله زوجته فوق الاعناق ...
اثناء جلوسي مواجها للسرير الذي ترقد عليه الزوجه .... لاحظت شرخا عظيما ..... يشق طريقه في الحائط خلفهم مباشرة ... و بتدقيق النظر .... وجدت شروخا اخري "اقل عظمه" تحاول اللحاق "بعظمة" الشرخ الكبير ...
بسؤالهم عن "مجموعة الشروخ هذه " اجابوني بأنها تهدد منزلهم بالانهيار في اية لحظة ... و يردف الزوج قائلا : ... انه كل يوم يتوقع انهيار هذا المنزل ... و لا يكف عن الدعاء ان تمر الايام دون حدوث مكروه ....
الحالة الصحية للزوجه لا تزيد عن ما ذكرته في رسالتها فهي مُقعده ... و تقول ان علاجها يسمي "علاج الخلايا الجذيه" علي حد تعبيرها .... و هو لا يتم الا في الصين (ايضا علي حد تعبيرها) ... اما عن الزوج فقد قدم لي عشرات التقارير الطبيه و صور الاشعه التي تبين اصابة الزوج بالسكر و تضخم في عضلة القلب و ارتجاع في الصمام الميترالي ... و رغم اني لست طبيبا قرأت ما هو مدون في التقارير و الذي يؤكد اصابته بكل ما ذكر حول حالاته الصحية
احلامهم بسيطه ... لكنها مستعصية جدا عليهم - و علي كثير من امثالهم - و هي تتلخص في شقه صغيره آمنه و قريبه من عمل الزوج بحيث لا يهددهم سقفها ليل نهار بدكهم دكا .... و كرسي كهربائي للزوجه .... و تسديد ديون تصل في مجملها الي 11 الف جنيه .... و علاج الزوج و الزوجه ...
انها احلام بسيطه ... انها حقوق أي انسان ... فما بالكم بهذا النموذج الفريد ....
انقل لكم بعضا من صور التي التقطها بموافقة الاسره تبين بعضا من التفاصيل ....
صور توضح بعض التقارير الطبيه للزوج
صور توضح بعضا من الشقوق "العظيمه" في المنزل
صور لمدخل البيت
و في ذلك فليتنافس المتنافسون
تحياتي