هل هي زيارتك الأولي ؟دليل الزيارة الأولي

آخر الموثقات

  • مغامرات كاتبة -2
  • مغامرات كاتبة -1
  • وجه السعد..
  • تركتني لظنيني..
  • الجانب الخفي من حياة أمير الشعراء أحمد شوقي
  • القلاع والحصون الإسلامية في سيناء
  • كيف تبدلت القلوب
  • وعيناك
  • يا كايدهم ….كلنا وراك
  • مصر لحمها مررر
  • إدراك الحكمة
  • قدوة في صمودك
  • الأوجاع الصامتة
  • بونبونايه بدون الكتاب
  • ظاهرة القبلات بين الرجال و النساء!
  • أمي القوية
  • ذكرينــي
  • شكرا لسيدنا يوسف
  • المهر كان غالي 
  • نختلف، ولا نحتد
  1. الرئيسية
  2. مركز التـدوين و التوثيـق ✔
  3. المدونات الموثقة
  4. مدونة حنان صلاح الدين
  5. أرض مودة - ج1

 

جذبني صوت منبهي كالعادة من بئر نومي، أوقفت رنينه، تحسست ربطة شعري، وضممت بها خصلاته السوداء الطويلة المنسدلة، عقدته مرفوعًا لأعلى بعشوائية. عددت خطواتي ،أنعشت نفسي ببعض الماء، أقدامي بشوق تتسع خطاها إلى مطبخي، المكان الأقرب إلي نفسي صباحًا فهنا تسكن معشوقتي السوداء كليلي الذي ينتهي مجازًا برنين منبهي ، قهوتي الدافئة، أظنها أسعد لحظات يومي حين تنبعث رائحتها الأنيقة بأجواء منزلي، جلست على أريكتي، ومعي هاتفي، ورِفْقي الغالي إلى جانبي كأنه ينتظر اللحظة التي سأحن فيها عليه؛ فنخرج قليلًا. استمعت إلى الرسائل من هنا وهناك حتى جاءت رسالته، أعدت الاستماع إليها عدة مرات  

"أنا لم أعد أكتفي بصداقتنا.. أنا أحبك" 

 ارتعشت واقشعر جسدي، شعرت بسخونة القهوة على ساقي، دقات قلبي واضحة لسمعي المرهف، كيف له أن يقول هذا!!! نحن أصدقاء منذ عامين ، أرتاح إلى حديثي معه،. أنتظر رسائله وصوته الحنون، لكن حب أي حب!! كيف طرق هذا الباب!! وهو يعلم أنه صدأ لقد أخبرته بمصابي كله، 

استجمعت نفسي وثبات نبرتي أرسلت له برسالة 

-"ما بك يا صديق أيمكن أنك أرسلت رسالة بالخطأ؟ " 

أغلقت هاتفي، حاولت الهروب من تكرار كلماته برأسي، وإقناع نفسي أنها مرسلة بالخطأ..

بدلت ملابسي، وتأنقت، كما أفعل دائمًا منذ عشر سنوات بعد الحادث، أفعل كأنني سأذهب إلى عملي الذي توجب عليَّ تركه ، أحفظ ملمس ملابسي وأميزها، علمت نفسي التأقلم بشكل جيد،. وضعت لرفقي طعامه، وعدت إلى هاتفي، وأرسلت رسالة إلى باسل مدير القناة الإذاعية التي أعمل بها من البيت 

"صباح الخير يا صديق ماذا أقرأ اليوم ؟"

"صباح الياسمين مودة، ارسلي لنا اليوم بعض قواعد العشق الأربعين" 

"سأفعل حالًا ما أحلاه من صباح..."

فضغطت عليها بدأ الهاتف يطلق نغمته التي تعلن وجود رسالة منه لم تُسمع بعد،

"ليست بالخطأ يا مودة، أنا لا أحبك في الحقيقة، أنا متيم بك تمامًا" 

الأمر جنوني، استرجعت ما بيننا سريعًا، هو صحفي مشهور قرأت بعض مقالاته، أعجبه صوتي حينما سمعني ببعض تسجيلات الاقتباسات التي أسجلها، تواصل معي قص لي رواية له فأعجبتني، وسجلتها ، نالت إعجاب عدد لابأس به بقنوات التواصل، شكرني عدة مرات، بدأت الأمور تتخد شكلًا شخصيًا، وأسئلة حياتية، اعتدت وجوده، واعتاد سؤالي عنه. أيمكن هذا هو الحب؟؟ 

لكنني وجدت نفسي أرسل له  

-"أظنك تتوهم" 

ليأتي صوته حنونًا لا يقل دفئًا عن قهوتي

-"إذا كان هذا وهماً؛ فاتركيني أعيش بقصرك الوهمي، واؤمرى حراسك بسجني تحت تصرفك " 

هالني الرد، ووضعت يدي على قلبي، الذي شعرت بوجيفه القوي، سمعت كلمات الحب كثيرًا، لم يُطرف لي جفن لِمَ هو، و لِمَ أنا ؟

انتشلني من جنون نبضي، ودوران الأفكار برأسي كالرحى جرس بابي الذي يهدر، ذهبت لأسأل من بالباب فكان صوته واضحًا، وليس من هاتفي، إنما من الجانب الآخر للباب 

-"افتحي حبيبتي أنا طارق" 

لم تعد ساقي تحملني، استندت بظهري إلى الباب، ووجدتني أهوي أرضًا وتعافيًا على شفتي قلت متقطعة الأنفاس 

-"ما أمرك يا رجل لِمَ أتيت ببابي!!! وكيف عرفت سكني، ومن سمح لك دخول البناية؟" 

شعرت بما فعل من صوته ،جلس هو الآخر أمام الباب هكذا وصلني الشعور من مستوى صوته 

-"أمري هو أنني عاشق، وأتيت لبابك ارتجي أمانًا وارتياحًا، وعرفت بيتك وأظنني أعرف حتى شكل غرفتك، وأما عن البنايه اليوم أنا ساكنها"

دبت الرجفة بكُلي، وتندى جبيني كحمى مفاجأة تلتهمني من شعري وحتى أصابع قدمي، وكأن الظلمة التي اعتدتها تهتز أمامي وترتسم صورته بين أطياف عتمتي،

كانت كلماته لا تقع فقط على مسامعي القوية، وإنما حلت كالدبيب القوي بقلبي، وانبثق الدفء من قلب الصقيع حينما أقام خيمته فجأة بأرضي، تناثرت النجوم على صفحة السماء التي أشتاق رؤيتها معه، يا إلهي.. أصابني عشق، وانتهى أمري،

خرجت الحروف من فمي ليست لقلبي أو له هي لعقلي في آخر محاولة متعقلة مني

-"أنا لا أُدخل أحدًا لبيتي يا طارق من يوم الحادث، ولا أثق بالرجال من بعد هذا الذي اعتدى عليَّ، لمجرد أنني أشفقت عليه، وكنت أساعده وفقدت بصري، أنت تعلم هذا جيدًا كما أنني لا أصلح للحب أبدًا أرجوك ابتعد"

-"هذا الوغد نال عقابه، ولن يمسك سوء من بعد اليوم إلا إذا مر هذا السوء بطارق، والله لن أكف أو أبتعد حتى أسكن ذراعيك، وتسكنين قلبي ونكمل طريقنا معًا حلوًا كان كالشيكولاته البيضاء التي تعشقينها أو مرًا كقهوتك السوداء، سأعيشك رغمًا عنك لا خلاص مني وانتهى الأمر" 

-"أنا لا أحب يا طارق" 

-"لا تجرئي أن تقولي أنا لا أحبك، ولن تفعلي، افتحي بابك يا مودتي، واتركيني أثمل بخمر جنتك، وأدنو منك كطفل تخبط بلا أهل في العراء، وأنتِ كهفه الحنون" 

-"مظلمة حياتي يا رجل..عمياء"

-"أنا عيناكِ يا غبية وأنتِ لي مأوى"

-"اذهب" 

-"مودة سأذهب" 

-"لا لا ..لا تذهب ابقى"

 

-"إذًا افتحي لي الأبواب.."

 

"لِمَ صمتَّ...؟؟؟...لا أتجرأ يا طارق" 

 

"-لن أتحدث إلا إذا رأيتك" 

حدثت أقدامي سرًا هيا احمليني

 ببطء، تحركت، مددت يدى إلى مزلاجي فتحته ببطء، وقف رفقي كلبي الوفي الذي يخشى عليَّ من الغرباء، شعرت بحرارة حركته نحوي، يحاول منعي، أبعدته بحنان إلا أنه حاول مرة أخرى منعي؛ فأبعدته بشدة، وكأنه حزن مني، سمعت صوت أنينه الحزين الخاضع غصبًا لأمري إلا أنني لم أهتم؛ ففي منحنيات الأقدار، نغمض بصيرتنا كثيرًا، لا نُقدر ما الذي يمكن أن يقابلنا.

فتحت الباب ليعانقني عطر آسر، وشعرت بدفء أنفاسه حينما اقترب، دلف لبيتي مغلقًا الباب من خلفه، سمعت رفقي يزمجر بعداء ليس من عادته، لعله يغار، توجست هجومه فأمرته بالذهاب، في حين هو مد أنامله واحتضن يدي بجرأة، كأنه اعتاد ذلك منذ زمن 

تقاربنا، وكنت أرفل سعادةً وعشقًا، أرى ملامحه بيدي التي تتحسس وجهه، أشعر بابتسامته وغضبه، وحزنه أٌعينه، وأرافقه، وأنا ببيتي، أدور بأنحائه، يحكي لي عن العالم بالخارج؛ فأرى بعينه، بلحظة أصبح كوكبًا أدور بمداره. 

كان يغيب أحيانًا لكن هذا اليوم حينما اعتذر عن المجئ حاستي أخبرتني أن الأمر السئ اقترب، أخبرني بعدها أنه سيبتعد نعم ..سيذهب، ووجد من الأسباب ما يكفي، ورحل من نفس الباب، الذي دخله حاملًا أزهارًا ،حاملًا معه قلبي، تاركًا روحي مهشمة على مقصلة الوعود والأكاذيب، كنت أصدق أنه سيبقى إلى جانبي، وبأنني السكن والسند، وهو لي الحصن والوطن، أتذكر كلماته العالقة بضلوعي كسكين 

-"مودة أنا لم أعد أحتمل الحياة بهذه الأرض" 

-"مودة.. أنا أحبك.. لكن فراقنا أفضل لك" 

-"مودة هونتِ لي الصعب وأوجدتِ لي وطنًا، لكني سأمضي لم أعد بخير، أنا عاتم..محبط" 

عجبًا... لم نلاحق الفراشات ونجعلها تلتزم محيط ورودنا ثم نقلتها؟ لم تؤذي، لم تراوغك لتخطف اهتمامك، أخبرتك مرارًا لا تفعل ...فالأجنحة الملونة أكثر ما تستطيع حمله هو ألوانها، لكن هيهات، لفتت قبضتك حولي، وضعتني بزجاجتك الخاصة، أطمعتني عطرك، لم أعد أذكر كيف هي الحياة خارج عالمك، ثم انتهى ..تمضي تاركًا خلفك حطامًا تطلب منه المغفرة.

يجلس رفقي تحت أقدامي، يواسيني، أسمع لسان وأنات حزنه تخبرني لكَم حذرتك، داعبت رأسه 

مرددة :

-"محق...كنت محق"

كيف لمبصر يرى الألوان، وتغير عيناه الوجوه والأماكن، وتتقلب مشاعره من هنا لهناك، أن يحب عمياء لم ترى نورًا بعالمها سواه، كلانا بطرف من العالم، هو بالعالم الملون، وأنا بعالم يكتفي بلون واحد واضح لا تداخل فيه. 

لكن لن أغفر طرقه لبابي، ولن أغفر احتلاله لعتمتي، ليته يعود فقط لأتجاهل طرقاته، وأظنه لن يطرق بابي مرة أخرى، لكني على يقين يا صديقي ، أنه سيعيش يطرق أبوابًا لتأخذ منه فقط، ولن يُصب يومًا مودة كمودتي، ولن ينزل بأرضٍ كأرضي"

يتبع...

التعليقات علي الموضوع
لا تعليقات
المتواجدون حالياً

3048 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع