أشعرُ أننى بلا هوية وبلا ملجأ.....أشعر بالخواء وعدم الأمان والإستقرار والتذبذب والتشتت والضياع وأسوأ من ذلك الخوف.....لطالما شعرتُ بكل هذا خارج حدودى وفى أى مكانٍ أذهب إليه....أشعر بعدم الإنتماء......أنا لاأنتمى لتلك الأماكن.....وحدها غرفتى الصغيرة والدافئة والحنون التى أشعر معها وبها بالأمان،وسريرى ذلك الجبل الذى ألجأ إليه وأتكأ عليه وأهرب فى عباءة نومه من كل شئ حتى من نفسى،وأسوار غرفتى الحصينة التى تحمينى من غياهب العالم...تلك الحيطان الأربعة التى تضمُنى وتشملنى فى كنفِها كما تحتضن الأم صغيرِها،ووسادتى صديقتى الوحيدة والحقيقية،والحقيقة الوحيدة فى عالمى الزائف...لم تكل ولم تمل يوماً عن سماع مشاكلى ومعاناتى وحزنى وفرحى وتخبطى...تشاركنا معاً كل المشاعر المتداخلة والمتضاربة فى نفس الوقت....كل يومٍ ألجأ إليها لتحتضنى بصدرٍ رحب فننام ليلتنا بسلام....وكم سَهِرنا معاً....أحكى لها أحداث يومى وتُشاركنى السمر....كم بكيتُ وكم ذرفتُ من دموعٍ وكانت تتلقفها بحنانٍ وكأنها تُقاسمُنى الألم الذى أشعر به وحزنى الذى أعيشه...حتى تُشرق الشمس فتُعلن عن فجر يومٍ جديد ملئ بالأحداث التى سنتشاركها سوياً وحينها فقط تُجفف نفسها من دموع الأمس إستعداداً لتحمل دموعاً جديدة.....هذا هو وطنى......هذه هُويتى....هذا هو أمانى الوحيد الذى بدونه أتخبط فى الطرقات وأضيع...مثلما أنا الآن عندما أبتعد عنهم ولو ثانية....أُصبح كالمُشرد بلا منزل،وكاليتيم بلا أهل،وكالغريق بلا طوق نجاة،وكالعاشق بدون معشوقُه....هذه أنا وبكل بساطة وهذا هو عالمى.....غرفتى التى لطالما سمتها أمى"صومعة"و"كهف على بابا"لأننى لا أُغادرها......