أتفكّرُ في منافعِ الهموم فأجدها عديدة ومُفيدة؛إذ تَشغل صاحبها بنفسهِ فلا يَجد وقتًا للإنشغالِ بغيره، كما أنَّها تجعلهُ أكثر قُربًا من الواحدِ الأحد، ولرُّبما كانتْ سببًا في اِبتعادهِ عن المعاصي، فالهموم إنْ هي حَلّتْ قَلّتْ السيئات وزادتْ الحسنات، وتغيّرتْ المكانات ورُفِعَتْ الدرجات.
لا يُكلّف اللَّهُ نفسًا إلَّا وُسعها، حتّى في البلاءِ تُبتَلى على قدرِ طاقتك، وهذا ما جعلَ درجات البلاء مُتفاوتة بينَ العِباد.
حينَ تَضيقُ بكَ الدُّنيا وتتكالب عليكَ الهموم فاهرع إلى الذي خلقكَ وتَكفّلَ بك؛ هو أولى بكَ من نفسك، وأحنُّ عليكَ من الأُمِّ على رضيعها.
لا تَكُن بائسًا فتنظر لهَمٍّ أصابكَ بعَينِ الرِضا، بل جاهد نفسكَ وأَعمِل عقلكَ لتجد مَخرجًا، ثُمَّ توكّل على اللَّهِ فإنَّهُ يُحِبُّ المُتوكّلين.
ما قَدّرَ اللَّهُ أمرًا إلَّا وكانَ خيرًا حتّى وإنْ بَدا لكَ غير ذلك؛ فهو خالِقكَ العالِمُ بما ينفعكَ وما يضّرك، ولأنَّكَ عزيزٌ عليهِ سُبحانَهُ فلا يضّركَ أبدًا، لذا كُن بخيرٍ وافعل خيرًا ولا تَقُلْ إلَّا خيرًا.
لا تُتعِب عقلكَ بالتفكيرِ فيما مَضى؛ فلو كانَ خيرًا ما انقضى، ولا تلومنَّ نفسكَ على قَدرٍ لا دَخلَ لكَ بهِ، ولا تضع نفسكَ موضِعَ النادم على ما فات؛ فما فاتَ مات، ضع نَصب عينيكَ أنَّ اللَّهَ فَعَلَ ما يُريد، إذًا ليطمئنَّ قلبك، ولتَسكُن رَّوحك، ولتهدأ نفسك.