هل هي زيارتك الأولي ؟دليل الزيارة الأولي

آخر الموثقات

  • مغامرات كاتبة -2
  • مغامرات كاتبة -1
  • وجه السعد..
  • تركتني لظنيني..
  • الجانب الخفي من حياة أمير الشعراء أحمد شوقي
  • القلاع والحصون الإسلامية في سيناء
  • كيف تبدلت القلوب
  • وعيناك
  • يا كايدهم ….كلنا وراك
  • مصر لحمها مررر
  • إدراك الحكمة
  • قدوة في صمودك
  • الأوجاع الصامتة
  • بونبونايه بدون الكتاب
  • ظاهرة القبلات بين الرجال و النساء!
  • أمي القوية
  • ذكرينــي
  • شكرا لسيدنا يوسف
  • المهر كان غالي 
  • نختلف، ولا نحتد
  1. الرئيسية
  2. مركز التـدوين و التوثيـق ✔
  3. المدونات الموثقة
  4. مدونة مريم توركان
  5. دعوني وشأني رجاءً - قصّة قصيرة

وُضِعتْ في زمنِ التفاهة؛ حيثُ تسليط الضوء على مُنعدمي الأخلاق، مُفلسي القِيَم، فُقراء الأدب، وأخيرًا نُقصاء العقول. 

فَرِحَ بها الأبوان، فقد عانا كثيرًا حتّى أنعمَ اللَّهُ عليهما بها، وهذا ما جعلَ قدومها سببًا في إحياءِ الفرحةِ بقلبيهما، رُغم ما هُما عليهِ من ضِيقِ الحال.

مَرّت الأيَّام وبلغتْ رأفة _كما أسمياها_ السادسةَ من عُمرها، فأدخلاها المدرسة الابتدائية الخاصّة بحي إقامتهم، ظنًّا منهما أنَّها ستكون كَسميرة موسى _رَحِمَها اللَّه_ وظلّا يُجاهدانِ معها في الجانبِ التعليمي بجانبِ مَهمتهما التربوية حتّى حَدَثَ ما لم يَكُن يومًا بالحُسبان؟؟ 

ففي إحدى الليالي الشتوية تحديدًا دلفتْ الأُمّ غُرفة رأفة الطالبة بالصّفِ الخامس الابتدائي لتجدها تَقُصّ بعض شعرها؛ أصابها الذهول فنادتْ زوجها المُنهَك من عملهِ اليومي كَبائع بِليلة، أتاها مُسرعًا ليُفاجأ هو الآخر، جَلسَ على سريرها الحديدي الصغير ليُحدّثها بحنان: رأفة ما بكِ بُنيّتي؟ 

ما الذي تفعلينهُ بشعركِ الجميل؟ 

رفعتْ بصرها إليهِ فسالَ دمعها. 

اِحتضنها بعطفٍ وسألها عن ما حَدَثَ لها. 

أخبرتهُ أنَّ بعض زميلاتها بالمدرسةِ قد سَخِرنَ منها لِتَجَعُّدِ شَعرِها وسُمرةِ لونها، فكرهتْ شَعرِها وأبتْ إلَّا أنْ تَقُصّه. 

اِحتضنتها أُمّها وأضافتْ: ابنتي يُقالُ أنَّ شَعر الفتاة هو تاج جمالها و..... 

قاطعتها: إنْ كانَ ناعمًا أمَّا شَعري فليسَ كذلك. 

ردَّ عليها الأبّ بحنانهِ المعهود: مَن قالَ هذا رأفتي الحبيبة؟ 

زميلاتي أبي قُلنَّ هذا.

طلبَ الأبّ من زوجهِ أنْ تُعِدَّ لهم الأرز باللبن وتُكثر فيهِ من الزبيب، ثُمَّ أخذَ يُحدّثُ رأفتهُ بعطفٍ ولُطفٍ: رأفتي الحبيبة كيفَ تَرينَ نفسكِ؟ 

أجابتهُ: أمَّا قَبلُ فكنتُ أراني لا أحدَ أفضلَ منّي، ولا أحدَ يُشبهُني، فأنا رأفةٌ واحدة كما خلقني رَبّي وحيدة، أمَّا بَعدُ فلم أَعُد أرضى بنفسي بما هي عليه، لذا أردتُ أنْ أُغيّر من مظهري لأُرضي زميلاتي. 

اِبتسم لها وقَبّلَ جبينها ثُمَّ أردف: أتعلمينَ أنَّكِ قد أخطأتِ فتاتي الجميلة؟ 

تساءلتْ: كيف أبي؟ 

سألها: هل ينظر اللَّه إلى صورِ عِباده؟ 

أجابتهُ: بل إلى القلوبِ أبي. 

سألها: مَن الذي خلقكِ رأفة؟ 

أجابتهُ: اللَّهُ هو مَن خلقني أبي. 

سألها: آللَّهُ رَضيَ لكِ ما عليهِ صورتكِ من شَعرٍ مُجعّد ولونٍ أسمر؟ 

أجابتهُ: بالطبعِ أبي. 

سألها: لِمَ؟ 

فكّرتْ قليلًا قَبلَ أنْ تُجيبهُ: لأنَّني جميلة فاللَّهُ لا يَخلقُ إلَّا حَسنًا. 

تبسمَ لها ثُمَّ سألها: إذا كانَ اللَّهُ قد رَضيَ لكِ هذهِ الخِلقة، لِمَ تُحاولينَ تغييرها؟ 

اِبتسمتْ ثُمَّ قالتْ: لن أفعلَ بعد الآن أبي، فأنا جميلةٌ كما خلقني رَبّي، ولستُ بحاجةٍ لإقناعِ أحد بهذا، يكفيني أنَّني بعَينِ نفسي رائعة، وكذا بعيناكما حضرتُكَ وأُمّي الحبيبة أبي. 

هَشَّ لها وبَشَّ ثُمَّ أخذوا يتناولونَ الأرز باللبن المُزيّن بالزبيبِ والذي أعدَّتهُ أُمّها للتو. 

مَرّت الأعوام وأنهتْ رأفة تعليمها الثانوي بصعوبةٍ بالغة بعدما ماتَ أبيها، وأمتهنتْ أُمّها عملهُ؛ كي تستطيعا البقاء على قيدِ الحياة. 

لم تُفكّر في إكمالِ تعليمها الجامعي قدرما فكّرتْ في كيفيةِ كَسبِ المال ومن ثَمَّ إراحة أُمّها. 

بحثتْ كثيرًا عن عملٍ مُناسبٍ لكنَّها لم تجد، سألتْ بعض أصدقاء أبيها لكنَّهم لم يُفيدوها في شيء، حاولتْ وحاولتْ وحاولتْ لكنْ لم تُوَّفَق. 

تَمُّر الأيَّام ورأفة جليسة البيت، تُساعد أُمّها في إعدادِ البِليلة، وتُراجع القرآن الكريم الذي حَفِظَتهُ مُنذُ أعوام، ثُمَّ تُعمِلُ عقلها فتقوم بتصنيعِ ألعاب ذكاء خاصّة بالمرحلة الابتدائية، تقوم بتصنيعها من زجاجاتٍ فارغة، وبعض الورق وقصاصات بلاستيكية مُلّونة. 

ظلّتْ هكذا حتّى أتمّتْ الثانية والعشرون، تقوم بتصنيعِ الألعاب وإهدائها لأطفالِ الحي، وتُساعد أُمّها في مَطعمها الخاصّ بطهي البِليلة. 

عرضتْ عليها إحدى مُعلّمات الحي أنْ تقومَ بإنشاءِ قناة خاصّة بفكرة على إحدى مواقع التواصل الاجتماعي؛ لعُمومِ الفائدة ولرُّبما حالفها الحظّ فلاقتْ تشجيعًا ودعمًا، فكّرتْ في الأمرِ ثُمَّ استأذنتْ أُمّها بعدَ أنْ استخارتْ رَبّها فأذِنَتْ لها. 

أصبحتْ قناة رأفة مشهورة محلّيًا بعد إنشاءها بعامٍ ونصفِ العام، وجاءها عرض من إحدى المصانع بتبّني فكرتها والإنفاقِ عليها حتّى النجاح، قَبِلتْ العَرض وذاعَ صِيتها في أرجاءِ الوطن، ثُمَّ تخطى حدود الوطن إلى دولِ الجوار وإحدى الدول الغربية. 

مَضى عامانِ وقد بلغتْ رأفة من الشُهرةِ ما لم تبلغهُ امرأةٌ مثلها، وهذا ما جعلَ إحداهنَّ تحقد عليها بل وتُفكّر في طريقةٍ لتكونَ سببًا في خَسارتها. 

لم تَرى تلكَ الحاقدة سوى عمل أُمّ رأفة لتُشّهرَ بها عن طريقهِ، كذلكَ بالإضافةِ إلى صفات رأفة التي عانتْ بسببها في الصِغر؛ كَشَعرها المُجعّد ولونها الأسمر، بحثتْ عن طريقةٍ للتشهير برأفة فكانَ مَقطعًا مُعَدًّا بتقنيةِ الذكاء الاصطناعي، يُحاكي صوت رأفة وشكلها، يقوم بالتقليلِ من هذهِ وتلك، والسبّ والقذف، وغيرهِ من الأفعال المُشينة. 

نفتْ رأفة ما نُسِبَ إليها من أفعالٍ مُشينة، ثُمَّ استعانتْ بمُتخصصٍ في عِلمِ البرمجة ليُثبتَ لمَن قاموا بمُقاضاتها براءتها مما نُسِبَ إليها. 

عادتْ رأفة إلى بيتها لتجد أُمّها ميّتة بعدما حَزِنَتْ عليها فتوقفَ قلبها عن العمل. 

مرّت الأيَّام وأضحتْ رأفة هي المسؤولة عن مطعمِ أُمّها بعدما أغلقتْ القناة، وفضّلتْ العملَ في صمتٍ بعيدًا عن ضوضاءِ الغوغائيين. 

فَرِحَتْ الحاقدة حينَ لم تجد قناة رأفة، وعادتْ لتَبُثَّ فُجرها في أنفُس ضُعفاء العقول، ومُرضاء النفوس، ثُمَّ أخبرتهم أنَّ السمراء ذات الشَعر المُجعّد ابنة بائعة البِليلة قد ذهبتْ لعالَمها، إذ لا مكانَ لها في مواقع التواصل الاجتماعي. 

التعليقات علي الموضوع
لا تعليقات
المتواجدون حالياً

3300 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع