هل هي زيارتك الأولي ؟دليل الزيارة الأولي

آخر الموثقات

  • مغامرات كاتبة -2
  • مغامرات كاتبة -1
  • وجه السعد..
  • تركتني لظنيني..
  • الجانب الخفي من حياة أمير الشعراء أحمد شوقي
  • القلاع والحصون الإسلامية في سيناء
  • كيف تبدلت القلوب
  • وعيناك
  • يا كايدهم ….كلنا وراك
  • مصر لحمها مررر
  • إدراك الحكمة
  • قدوة في صمودك
  • الأوجاع الصامتة
  • بونبونايه بدون الكتاب
  • ظاهرة القبلات بين الرجال و النساء!
  • أمي القوية
  • ذكرينــي
  • شكرا لسيدنا يوسف
  • المهر كان غالي 
  • نختلف، ولا نحتد
  1. الرئيسية
  2. مركز التـدوين و التوثيـق ✔
  3. المدونات الموثقة
  4. مدونة مريم توركان
  5. مراجعة كتاب الوراق أبو حيان التوحيدي.. لهشام عيد

 

تعقيبي على قرائتي لكتاب (الورَّاق.. أبو حيّان التوحيدي)، لحضرةِ الأديب أستاذي/ هشام عيد.

 

حقيقةً لا أدري من أينَ أبدأ؟

وهذا السؤال قَلّما أفتتحُ بهِ نقدًا تعقيبًا على قرائتي لكتابٍ ما، لكنَّ هذا الكتاب الذي طالعتُ ليسَ كَمثلهِ كتاب؛ سواء كانَ أسلوبًا أو سردًا أو حتّى لُغةً.

 

كِتابٌ كَسفرٍ ضائعٍ من زمانهِ فبلغنا خبرهُ في زماننا هذا!

 

(الورَّاق) أبو حيّان التوحيدي، روايةٌ تاريخيّة طُبِعَتْ لدارِ الزيّات للنشرِ والتوزيع، في مئتي وأربعة وأربعين من الصفحاتِ المُذّهباتِ بعبقِ التاريخ.

 

قد غِبتُ عن عالمي بوجداني أثناء المُطالعة، لأجدْني أمامَ كهلٍ طويل القامة، نحيل الجسد، رثّ الهيئة، لكنَّ مظهرهُ ما خلا من الوقار!

 

رأيتهُ يحفرُ أمامَ بيتهِ الدالّ على ضيقِ ذاتِ اليد، بل والفقر المُدقع، ظننتهُ يحفرُ قبرًا ليُواريَ سوءة امرئٍ ما؛ لكنَّهُ أخلفَ ظنّي حينَ وارى منسوخاتهِ وما خطّتْ يُمناهُ الثري، إذًا هُناكَ خطبٌ ما، لا بُدَّ وأنْ أعلمه.

 

هو ذاتهُ ذلكَ الرَجُل الذي رأى فيما يملكُ من قلمٍ ومحبرةٍ أشرف وأعظم الثروات، ما بالهُ اليومَ يحرقُ كُتبهُ بحُرقةٍ كانتْ كفيلة بأنْ تحرقَ الأرض وما عليها لو أطلق لها العنان، لتتحررَ من داخله.

 

رَجُلٌ أغواهُ القلم، وأغرتهُ المحبرة فأمتهنَ الوراقة؛ رُّبما تكونُ هي سببًا في غِناه، رُّبما تكفيهِ ذُلّ السؤال.. رُّبما ورُّبما ورُّبما!

 

أبو حيّان التوحيدي، الوقور الحكيم، القابضُ على دينهِ في زمنِ الفتنِ والفساد، المُتشبث بمبادئهِ رُغم ما حاوطهُ من هلاك.

 

شيخٌ بلغَ الثمانين وزادها نيفًا، أهلكَ قلبهُ الحُزن، وساعدهُ على ذلكَ ذكرياتهِ مع أنيستهِ الراحلة؛ تلكَ المرأة التي أكملتْ نقصه، وأشعلتْ حماسه، كما كانتْ سببًا في نشاطهِ وحيويتهِ وعودة الشباب إليه.

 

علاقتهِ بأنيسة علاقة حُبِّ من طرازٍ خاصّ؛ هامَ بروحها وهامتْ هي بهِ، بعدَ أنْ جمعهما الزواج على سُنّةِ اللَّهِ ورسولهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم.

 

عاصرَ أبو حيّان التوحيدي أزمنةً عديدة وعروشًا مديدة، وأحكامًا وحُكّام، وفِتنًا وهلاك وصراعات، لكنَّهُ ما مالَ لشيءٍ منها، بل إنَّها لم تُؤثر فيهِ رغم الفقر والحاجة، وظلَّ أبو حيّان هو أبو حيّان.

 

أبدعَ الكاتب في سردِ الأحداث على لسانِ أبو حيّان، وما تحمّلهُ بطيّاتها من وقائع تاريخيّة لفترةٍ بائسة حزينة من العصور الوسطى، حينَ تحقّقَ حلم الصياد في ذكورهِ الثلاث، والذينَ أفسدوا فأكثروا في الأرضِ الفساد!

 

قد لاحظتُ الجهد المُضني لحضرةِ أستاذي، حيثُ الفُصحى العتيقة المُلائمة بتراكيبِ مُفرداتها لزمانٍ فات.. زمان أبو حيّان التوحيدي.

 

كذلك بحث حضرتهِ الدقيق وتقصيّهِ الحقائق، ناهيكَ عن الوقت الذي بُذِلَ في كتابةِ هذهِ الدُرّة اليتيمة!

 

لو أسعفني وقتي لألّفتُ كتابًا نظيرَ ما حوتهُ دماغي من عِلمٍ ومعرفةٍ إثر مُطالعتي لهذا الكتاب.

 

قد راقني بعضًا من كُنوزِ الكلمات، التي سطرها يمين حضرة أستاذي، ممزوجة بالخِبرة الثقافيّة الهائلة والدراية الكاملة والوعي الظاهر، أقوالًا على لسانِ بطلنا (الورَّاق) أبي حيّان التوحيدي.. "تعسًا للعالمِ إنْ لم تَكُن فيهِ يا أبا سعيد"، هذهِ المقولة الوجيزة لهي أدلُّ الدلائل على أنَّ الصُحبة الصالحة هي رأسُ مال الذكي، حتّى وإنْ أخنى عليهِ الدهر فلم يجد إلَّاها سندًا ومُعينًا على طاعةِ اللَّه.

 

قد أحبَّ أبو حيّان شيخهُ ومُعلّمهُ الشيخ (أبا سعيد السيرافي)، وكذا فقد بادلهُ أبو سعيد الحُبّ والودّ، حتّى أنَّهُ كانَ يُعدّهُ كَولدٍ لم يُخلق من صُلبه!

 

"اكتب تنتظم روحك، اكتب حتّى يعرفَ العالم أنَّكَ كُنتَ هُنا"، كلمات معدودات كانتْ كفيلة أنْ تبعثَ الأملَ في نفسِ أبي حيّان حينَ أتعسهُ الفقر وأفقدهُ شغفه.

 

(الورَّاق) تجربة فريدة من نوعها، قرأتها فأخذتني إلى الماضي السحيق، لأعودَ بعدَ قراءتها بكَمٍّ لا بأسَ بهِ من المعلوماتِ والمعرفة.

 

أعجبني تركيز حضرة أديبنا على شخصِ الشيخ سعيد وعلاقتهِ الوطيدة بأبي حيّان وحُبّ العامّة له.

 

أظنّني قد أطلتُ في مقالي هذا رغم عدم كتابة كُلّ ما أردتُ كتابته.

 

أبو حيّان التوحيدي.. حُقَّ لمِثلهِ أنْ يُذكَرَ ولو حالتْ الأحوال.

 

(الورَّاق) روايةٌ مُزدانة بخِبرة وموهبة كاتبها.. ومُتفرّدة بما تحويهِ شكلًا وموضوعًا.

التعليقات علي الموضوع
لا تعليقات
المتواجدون حالياً

2823 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع