كثيرًا ما أقفُ عند قول ربنا: ﴿ٱقۡرَأۡ بِٱسۡمِ رَبِّكَ ٱلَّذِی خَلَقَ﴾ [العلق 1] وأتأمل في عظمة البيان الإلهي الذي يكشف عن معاني رائعة ومثمرة، فالله يبتدأ السورة بل ويبتدأ الوحي بقوله (اقرأ)، وهو أمر بالقراءة، والقراءة هي مفتاح العلم، والعلم هو العمود الفقري لبناء أي أمة، إذن هذا الأمر في الحقيقة هو أمر بالحضارة والبناء والتقدم.
ونلاحظ أن كلمة (اقرأ) جاءت نكرة، والتنكير يفيد الشمول والعموم، وكأن الله يقول لنا: اقرأوا في كل شيء، لا تحصر نفسك في باب معين من أبواب المعرفة، اقرأ في كل العلوم، ووسع من معارفك، ونوِّع من قراءتك.
ثم يربط ربنا هذه القراءة بالتربية فيقول (اقرأ باسم ربك) ولم يقل (اقرأ باسم الله)، لأن الربوبية فيها معنى التربية، وكأن الله يرشدنا إلى الغرض الأسمى من القراءة، وهو تربية النفوس.
أنت تقرأ لكي تهذب نفسك وتؤدبها بروح العلم وآداب المعرفة، وبالتالي فأي قراءة لا تترك في نفس صاحبها بصمة من الأدب والتربية فلا خير فيها.