ومن العلماء الموسوعيين أيضًا: الإمام الأكبر، عاشر شيوخ الأزهر الشريف، جامع صنوف المعرفة، فضيلة الإمام العلامة الموسوعي الشيخ أحمد بن عبد المنعم بن يوسف بن صيام الدمنهوري، أحد أعلام مدينة دمنهور في القرن الثاني عشر الهجري.
كان - رحمه الله - آيةً مدهشة في الذكاء والهمة العالية، والعقلية المبدعة، والنبوغ الواسع، فكانت له معارف عظيمة في سائر العلوم العقلية والفلسفية والدينية والروحانية، بل والطبيعية والعلمية والتطبيقية أيضًا.
نبغ في العلوم الدينية واللغوية، وصنَّف فيها مصنفات فريدة، حظيت بإقبال واهتمام كثير من الباحثين عبر هذا الزمن، ولا عجب في ذلك؛ فقد كان أزهريًا منذ صغره - وطلاب الأزهر كلهم آكابر - فجلس لكبار الأستاذة في كل فن ومجال.
صنَّف في علوم اللغة العربية: كتاب «منتهى الإرادات في تحقيق الاستعارات»، وكتاب «حلية اللب المصون في شرح الجوهر المكنون»، وكلاهما في البلاغة، وطُبع الأخير أكثر من مرة وظل يُدرَّس للطلاب في المعاهد الدينية فترة كبيرة.
وله في علم الحديث النبوي الشريف: «نهاية التعريف بأقسام الحديث الضعيف»، شَرَحَ فيه بعض أبيات من ألفية العراقي في مصطلح الحديث.
وفي علم المنطق: ألَّفَ «إيضاح المُبهم من معاني السُلَّم»، شَرَحَ فيه متن (السُّلَّم المنورق في علم المنطق) للشيخ عبد الرحمن الأخضري.
وكتب في علوم الاخلاق والتصوف: «سبيل الرشاد إلى نفع العباد»، وكتاب «الزايرجة»، وهو شرح لكتاب (كشف الران عن وجه البيان) لسيدي محيي الدين بن عربي الأندلسي، و«منع الأثيم الحائر على التمادي في فعل الكبائر»، و«حلية الأبرار فيما في اسم (علي) من الأسرار».
وصنَّفَ في التوحيد: كتاب «الكلام السديد في تحرير علم التوحيد»، وكتاب «تحفة الملوك في علم التوحيد والسلوك» منظومة من ألف بيتًا.
وله في الفقه: «فيض المنان بالضروري من مذهب النعمان»، و«طريق الاهتداء بأحكام الإمامة والاقتداء» على مذهب أبي حنيفة النعمان.
وفي الفقه الحنبلي: كتاب «الفتح الرباني بمفردات ابن حنبل الشيباني».
وفي الفتاوى الفقهية: «إقامة الحجة الباهرة على هدم كنائس مصر والقاهرة».
وكتب في الدراسات القرآنية: كتاب «شفاء الظمآن بسر يس قلب القرآن»، وكتاب «الفيض العميم في معنى القرآن العظيم»، ورسالة «كشف اللثام عن مخدرات الافهام» في شرح البسملة، و«تنوير المقلتين بضياء أوجه الوجوه بين السورتين».
وفي علم القراءات: «خلاصة الكلام على وقف حمزة وهشام»، و«حسن التعبير لما للطيبة من التكبير» في القراءات العشر.
في علم الوضع: كتاب «الدقائق الألمعية على الرسالة الوضعية العضدية» للإيجي.
وفي السياسة: له كتاب «منهج السلوك في نصيحة الملوك».
أما في العلوم الطبيعية، فله في علوم الجيولوجيا والهيدرولوجي: رسالة «عين الحياة في استنباط المياه».
وفي علوم الطب: كتاب «القول الصريح في علم التشريح»، وكتاب «الكلام اليسير في علاج المقعدة والبواسير» حول علاج حصوات البول ومشاكل الشرج والبواسير، وكتاب «القول الأقرب في علاج لسع العقرب» عن العقارب والسموم.
وفي علم الكيمياء: كتاب «الدرة اليتيمة في الصنعة الكريمة».
وفي الهندسة: كتاب «الأنوار الساطعات على أشرف المربعات».
وفي الرياضيات: كتاب «إحياء الفؤاد بمعرفة خواص الأعداد».
إلى غير ذلك من المؤلفات والرسائل التي ذكرها بنفسه في كتابه «اللطائف النورية في المنح الدمنهورية».
إنه حقًا إمام عظيم يستحق منا كل تقدير واقتداء، وهو جدير بكل الأجيال أن تتخذه مثالًا في حياتهم.
رحم الله الإمام الكبير عبد المنعم الدمنهوري وجزاه على ما قدم خير جزيلا.