لا تستغرب من هذا العنوان، أوَ ليست هناك كليات متخصصة للزراعة؟!
بعض الناس تعتقد أن الزراعة فقط تتمثل في حرث الأرض وبذر الحَب وري الزرع وقطف الثمر.
وهذا ليس صحيح، فالزراعة علم كبير مثل باقي العلوم، تهتم بدراسة أنواع النباتات وأصنافها والظروف الزراعية المناسبة لكل نبات، والعناصر الغذائية المناسبة لنمو النبات.
يدرس علم الزراعة الأمراض التي يتعرض لها النبات، ويتعرف على أسبابها ويقدم العلاج المناسب لها. كما يهتم علم الزراعة بدراسة وتحليل التربة الزراعية لمعرفة صلاحيتها لزراعة النباتات أم لا؟
من أجل ذلك، كان الاهتمام الكبير من العلماء والباحثين في مجال الزراعة؛ لأن الزراعة عنصر أساسي لا يمكن الاستغناء عنه.
ومن الجدير بالذكر أن علماء المسلمين كانوا أوَّل الذين صنَّفوا المؤلفات واخترعوا الأدوات في الفلاحة والزراعة وعدُّوها كعلم من العلوم.
وإن الناظر إلى تاريخ العلوم يجد أنَّ علماء الحضارة الإسلامية منذ القرن التاسع الميلادي يألفون ويكتبون ويبحثون في علم الفلاحة والزراعة، وإليك بعض الأمثلة من تراثنا العلمي الزراعي؛ لترقب عن كثب عظمة الحضارة الإسلامية.
- كتاب «النبات» لأبي حنيفة الدِّينَوَرِي المتوفي سنة 895م.
- كتاب «الفلاحة الرومية» لقسطا بن لوقا الأنصاري المتوفى سنة 912م.
- كتاب «الفلاحة النبطية» لابن وحشية النبطية عن الكلدانيين المتوفى سنة 914م.
- كتاب «مجموع في الفلاحة» لابن مهند اللخمي المتوفي سنة 1075م.
- كتاب «زهرة البستان ونزهة الأذهان» لأبي عبد الله بن مالك الغرناطي المتوفى 1087م.
- كتاب «الفلاحة» لابن بصَّال الطليطلى المتوفى في أوائل القرن الثاني عشر الميلادي، ولا يعرف على التحديد.
- كتاب «الفلاحة» لأبي الخير الأندلسي 1105م.
- كتاب «الفلاحة» لابن العوام الإشبيلي المتوفى سنة 1185م.
- كتاب «الملاحة في الفلاحة» لعلي بن محمد الكازروني المتوفى سنة 1298م.
وكتاب يحمل نفس الاسم للشيخ عبد الغني النابلسي.
- كتاب «الفلاحة» لابن لِيُون التُّجِيبي الأندلسي المتوفى سنة 1350م.
- رسالة في «علم الفلاحة» لصَدْر الدِّين الكَبير المتوفى سنة 1498م.
- كتاب «مفتاح الراحة لأهل الفلاحة» لأحد علماء القرن الرابع عشر للميلاد.
- كتاب «جامع فرائد الملاحة في جوامع فوائد الفلاحة» لرضي الدين بن محمد الغزي المتوفى سنة 1529م.
- كتاب «مخايل الملاحة في مسائل الفلاحة» لرَضِيّ الدين ابن الحَنْبلي المتوفى سنة 1563م.
- كتاب في «علم الفلاحة» لابن إِلْيَاس المدني المتوفى سنة 1715م.
- كتاب «الصفوة الزراعية في الفلاحة المصرية» لمحمد صفوت بك المتوفى سنة 1890م.
وغير هذه المؤلفات الكثير والكثير.....
ومن الجدير بالذكر أن أغلب علماء الغرب لا ينكر هذه الجهود، بل يعترف بأن الحضارة الإسلامية كان لها السبق في علوم الزراعة والنباتات.
فها هو ذا المؤرخ الأمريكي سكوت Scott يتحدث عن شأن الحضارة الإسلامية في علم الفلاحة قائلا: «كان نظام الزراعة الإسلامي بالأندلس أكثر الأنظمة التي ابتكرتها عبقرية الإنسان تعقيدًا، وأكثرها علمًا وكمالًا».
وهكذا يتبين لنا أن الفلاحة علم من العلوم، وأن الحضارة الإسلامية لها عظيم الأيادي وجليل الإسهامات على هذا العلم، فيا ليت قومي يعلمون.
ملكنا هذه الدنيا قرونا
وأخضعها جدودٌ خالدونا
وسطَّرنا صحائفَ من ضياءٍ
فما نسىٰ الزمانُ ولا نسينا