هل هي زيارتك الأولي ؟دليل الزيارة الأولي

آخر الموثقات

  • مغامرات كاتبة -2
  • مغامرات كاتبة -1
  • وجه السعد..
  • تركتني لظنيني..
  • الجانب الخفي من حياة أمير الشعراء أحمد شوقي
  • القلاع والحصون الإسلامية في سيناء
  • كيف تبدلت القلوب
  • وعيناك
  • يا كايدهم ….كلنا وراك
  • مصر لحمها مررر
  • إدراك الحكمة
  • قدوة في صمودك
  • الأوجاع الصامتة
  • بونبونايه بدون الكتاب
  • ظاهرة القبلات بين الرجال و النساء!
  • أمي القوية
  • ذكرينــي
  • شكرا لسيدنا يوسف
  • المهر كان غالي 
  • نختلف، ولا نحتد
  1. الرئيسية
  2. مركز التـدوين و التوثيـق ✔
  3. المدونات الموثقة
  4. مدونة مروة القباني
  5. غفرتُ لكَ

- غفرتُ لكَ لا تقلق يا عزيزي..

قام باحتضانها بِكلِّ سعادة وفرح وهو ينظر إلى عينيها الساكنتين، ويحمد الله على غفرانها خيانته لها، لقد وجد بها الزوجة الصبورة والعاشقة المتيَّمة به.

لم ينكر أنَّه كان غير مُصدِّق نفسه أو الأيام التي مرَّت عليه بسعادة غامرة جعلته غير قادر على ضبط انفعالاته أو تكرار سؤاله الذي أصبح شبه اعتيادي حدَّ الضجر لتأكيد غفرانها له.

لكنها كانت تقوم بدور الزوجة الحنون بِكلِّ ما تملك من كيانها لتُثبِتَ له حُبَّها له وتمسُّكها بعائلتها الصغيرة والوقوف إلى جانبه.

ببطنه الكبير والمستدير وقف إلى جانب المرآة في صباح هذا اليوم تحديدًا ينظرُ إلى وجهه وهو يبتسم لنفسه داخل المرآة يقوم بتفحُّص جميع التفاصيل الصغيرة والكبيرة في قميصه المُخطَّط ومعطف بدلته الرسمية، يرتشف فنجان البابونج الذي لا يُفارِقُ صباحاته وهو يُعيد تذكُّر برنامج أعماله اليومية، حينما رنَّ جرس الباب على غير المُعتاد.

لم يكن لديه أيَّ رغبة في معرفة مَن هو الطارق، لذلك قرر أن ينتظر ريثما تقوم هي بهذه المهمة دون أن يتكلَّف عناء الأمر.

مع إصرار الشخص القادم من الخارج تزامُنًا مع اختفاء زوجته هذا الصباح قرَّر التخلُّص من بضعة حريرات تخرج من جسده المُكتنز بالتوجُّه نحو باب المنزل وفتح الباب اللعين!

ليجد موظف البنك الذي أودعَ داخله جميع مُدخراته وقام بإنشاء حساب شخصي خوفًا من التعرُّض للسرقة، كما نصحته زوجته.

كاد أن يختنق بقطعة الكعك وهو يخبره الموظَّف النحيل عن رأيه بسرعة استجابة البنك في سحب جميع المُدخرات وإذا ما كان يريد أن يقوم بوضع البديل أو إيقاف الحساب مؤقتًا؟!

إزدردَ ريقه بصعوبة بالغة وهو يرى توقيع زوجته فوق عملية السحب، فكان مُجبرًا على الإدعاء بمعرفته بالأمر والقيام بالتوقيع على الإشعار.

تلك الثواني التي شعرَ أنَّها أطول من سنوات عمره كاملة..

أغلق باب المنزل بضيقٍ وضجر قبل أن يلمح وجود ورقة بيضاء فوق الشيفونيه، رسالة تركتها له زوجته كتبت داخلها بخطٍّ أنيق:

صباح الخير عزيزي

لم أشاء إزعاجك لذلك قُمتُ بجعل الأمر مفاجأة جميلة جداً على عيد ميلادك، لقد قُمت بسحب المُدَّخرات التي كانت بحوزتك وبيع مجوهراتي لأقوم بشراء محل تجاري لتقوم ببدء المشروع الخاصِّ بِك.

أرجوا أن تقوم بالذهاب إلى العمل والاستقالة اليوم لنبدأ في الغد العمل على حُلُمك.

زوجتك المحبة.

لم يُصدِّق أنه استطاع وأخيرًا الحصول على مشروعه الخاص والمستقل، تردَّد مرارًا أيقونة بتلبية مطلبها ويتقدَّم بورقة الاستقالة فيثق بها أم ينتظر لقاؤه بها ورؤية المكان للتأكد من الأمر.

فركَ صدغَهُ بأصابع يديه وهو يجلس على طاولة المكتب أمامه الورقة البيضاء والقلم، قرر أخيرًا الوثوق بها فهي ذات القلب الطيب والتي لن تتوانى عن فعل ما يدفعه نحو النجاح.

بثقة وسعادة قام بتقديم الورقة الرابحة الكبرى وهو يحمل أغراضه رافع الرأس ينتظر حلول المساء لرؤية المكان الذي سيبدأ منه حُلمه.

تخيَّل العديد من السيناريوهات المحتملة الحدوث والتي أغرقت قلبَهُ بنشوة النصر، والتي تلاشت عندما لم يتمكن من وضع مفتاحه بقفل باب المنزل.

قفزت جميع أحلامه وتساقطت أرضًا متحطِّمة، وهو يتأكد من عدم نسيانه المفتاح الصحيح، يقوم بتجريب جميع المفاتيح الموجودة داخل الحلقة.

إلى أن فُتِحَ باب المنزل ليظهر من ورائه رجلٌ ثلاثيني يحملُ بيده مجموعة من الصور الفوتوغرافيه.

- ما الذي يحصلُ هنا وأين زوجتي؟!

صرخ غاضبًا والشرُّ يتطاير من عيونه

بادره الشاب الواقف أمامه ببرود تقصدُ صاحبة المنزل نوال؟!

لقد قامت بأخذ الحقائب الخاصة بعائلتها بعد أن قمنا كتابة عقد المنزل..

أغلق الشاب باب المنزل بعد أن حكى له قصة شرائه المنزل من السيدة نوال، التي قامت بالشرح له عن ظروف بيعها لحاجتها للسفر برفقة زوجها المريض.

ولكنَّها أخبرتني بمجيء حضرتك وطلبت منِّي إعطاؤك هذا الظرف.

جلسَ إلى الرصيف وهو يقرأ الرسالة في حالٍ من الذهول:

عزيزي زوجي أحمد أقصد زوجي السابق:

في اللحظة التي ستقرأ بها الرسالة سأكون قد وصلتُ إلى باريس عاصمة فرنسا، أتذكر حلمي في الذهاب إليها لقضاء عطلة جميلة!!

لقد بعتُ منزلنا المتواضع وأخذت مجوهراتي ومدخراتك، من أجل البدء بحياة جديدة في بلاد أوروبا، أستحقُّ هذه الجائزة ألا تعتقد هذا؟!

لقد غفرتُ لكَ في اللحظة التي قُمتَ بوضع ملكية منزلنا وحسابك البنكي رهن إشارتي لذلك قررتُ تركك على قيد الحياة مع أخذِ جائزة استحقيتها لصبري على مزاجك المُتقلِّب وخياناتك الزوجية.

سيأتي المحامي بعد عِدَّة أيام لتوقيع عقد الطلاق بيننا، وفي المرة الثانية حينما تفكر بخيانة أنثى حصِّن نفسك..

اللوحة الرابعة: غَرِقَ في أحلامه فمات.

يمسكُ كوبَ قهوته يرتشفُ منها القليل ينظرُ إلى اللوحة الجالسة أمامه، يحاولُ إيجاد النُّقص الذي يشعر به لكن لا يعرف ما هو؟!

ألوان الأزرق المتدرِّجة مُنسجِمة فيما بينها والمسافات الفاصلة بينهما، ميول الرأس فوق الكتف والعناق الذي كان أشبه بمن يغرق في ذات الآخر.

القمر الذي أحاطَ بهما والسماء المُظلِمة الخالية من النُّجوم، جميعها تفاصيل جعلته يوقن بوجود فراغ كبير يفصله عن إنهاء لوحته الأخيرة التي سيشارك بها معرض الفنون الجميلة الدولي.

يغمضُ عينيه وهو يسندُ رأسه نحو زجاج النَّافذة واضعًا سيجارته العاشرة في فمه وهو ينفثُ دخانها نحو الخارج، البرودة القادمة تملأُ صدره تنبِّئ عن هطول المطر، يسعدُه الأمر لطالما كانت الأجواء الماطرة ورائحة التراب المُبتل واحدة من أسباب الإلهام والإبداع لهُ، هو الذي اختلقَ مئات اللوحات والقصص في أثناء المشي تحت حبَّاتِ المطر المُتساقطة أو اشتمام رائحة التُّراب والليمون والنارنج تحت غيومه الحِبلى بالأمطار البارد والغزيرة.

فتح عينيه مُجددًا ليجد نفسه حاليًا فوق أرصفة باريس، كمقطوعة دمشقيِّة من عودٍ عتيق وجدَت نفسها تترنَّم في إحدى معزوفات باخ وعلى أرصفة الشوارع الأوروبية.

كان المارَّة من حوله يركضون خائفين من الابتلال تحت هذه الأمطار يلهثون للوصول نحو منازلهم والاختباء وراء مدافئها ليجلسوا حولها مُتنعِّمين بنارها.

ينظر إلى بعض الفقراء يبحثون عن أماكن مسقوفة للوقاية منها دون فائدة، ثلاثة أطفال يركضون خائفين وهم يحملون سكاكر وشوكولا بأيديهم الناعمة يحاولون العودة إلى عائلتهم قبل غروب الشمس.

أما هو ينظر إلى برج إيفل المقابل له وهو يتأمل السماء الكثيفة بالغيوم الرمادية، كمن وقف به الزمن لدقائق لم يستطع إحصاؤها، تحرَّكت قدميه بصعوبة لتأخذه نحو نهر السين حيث كان يقف أخوان شابَّان في مقتبل العمر، يتكِّئ أحداهما على كتفِ الآخر وهما يتأملان الماء الجاري بسكون وهدوء، بزغت الشمس للمرة الأخيرة من خلفِ الأُفقِ تُعلِنُ غروبها.

مدَّ يديه نحوهما ليحاول رؤية الفراغ الذي لم يكن قادر على إيجاده أو رؤيته، لكنَّه سقط في المياه وتداخلَت ذكرياته وأحلامه، مرَّت من أمامه شريط إنجازاته وآماله منذ اللوحة الأولى التي قام برسمها وهو في عُمرِ العاشرة إلى الأخوة والتي عجِزَ عن إكمالها.

 لم يكُن قادر على أخذِ نفسه الأخير، أسقطَ ريشته من يده وهو يحفِرُ نفسه داخل اللوحة يقف على مقرُبَة من الشابين ينظر إلى صورته في نهر السين، في تلك اللحظة فقط غَرِقَ في أحلامه فمات.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

التعليقات علي الموضوع
لا تعليقات
المتواجدون حالياً

2919 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع