أسعد لحظاتي الإنسانية أشعر بها عندما أقدم مشورة، أو أحل لغزا بحثيا، أو أساعد أحد طلاب العلوم السياسية، أو التاريخ الحديث، أو العلاقات الدولية، أو حتى طلاب الصحافة، في مرحلة الليسانس والبكالوريوس أو ما بعدهما، خاصة المعنيين منهم بإيران وتفاعلاتها الداخلية والدولية.
وقتها ينتابني شعور عميق بأنني أقدم شيئا ذا قيمة كبرى، شيء افتقدته عندما كنت طالبا؛ وفاقد الشيء يعطيه بشدة إذا أكرمه الله بنفس مطمئنة، وأعرف أن الطالب في مرحلة الليسانس يكون دائما بحاجة إلى من يرشده ويقف معه خطوة بخطوة، فهو قادم لتوه من دوامة الثانوية، ويكاد لا يعرف الفارق بين حياة التلمذة والتيه في الثانوي وبين حياة الانفتاح وتحمل المسؤولية في الجامعة، خاصة أنه يكون في مرحلة البدايات، وما أصعب البدايات في مراحلنا المهنية والدراسية!
وأعرف أن عدد الطلاب الكبير في الجامعات لا يمكن كثيرا من الأساتذة من التحدث مع كل طالب على حدة حول شواغله ومشاكله وما يدور في عقله من أحجيات.
أشكر الله على كل شيء، أشكره أن منحني القدرة على الحديث اليومي مع عشرات الطلاب وحديثي التخرج كل على حدة، وسط زحام الانشغالات المهنية والأسرية، وأحمده أن منحنا القوة في أصعب لحظات الضعف، وأن وهبنا اليقين في أقسى مراحل الشك، وأن أضاء لنا من نوره ظلمات النفس البشرية.