(1)
في آخرِ رشفةٍ من كأسِ الألم
أتساءل؛ مَن علّني أكُون؟
أنا جسدٌ عارٍ
مُلقى في مكانٍ ما
علَى تُراب الوطَن ..
أنَا دمُوعُ كفيفٍ
تتدفّقُ حيثُ لا يَدري ..
أنا سجينٌ
لا يعرفُ غير المَنفى و قسوةِ السجّان ..
أنا قِنديلٌ
يفقدُ نورهُ في صمتٍ عميق ..
أنَا نهرٌ يتدفّقُ
في قلبِ مُراهق ..
أنَا الزّهرةُ الوحيدة
الَّتي نمَت في قلبِ الحجَر ..
أنا آخرُ حرفٍ
في قصيدةِ رثَاء ..
أنا آخرُ قطرة
في نَبيذ الحياة الأبديّة ..
أنا الورقةُ الأولى الَّتي سقطَت
لتُعلنَ تمرُّد الخرِيف ..
في آخر رشفةٍ من كأس الألَم
انتهَى السُّؤالُ بعلامة استفهامٍ بحجمِ السّماء،
أملاً في الحصُول على بعض الإجابَات ..
(2)
أسألنِي من أنَا؟
حفنةُ ترابٍ جافّةٍ
على صخرةٍ معزُولة،
تأخدُ الرّيحُ من جسدِي
كلّ مساءٍ ذرّة ..
أم ورقةٌ جافّةٌ
سرقها البُؤسُ من شجرة الحياة
واختارت التحلُّل بكلّ رَويّةٍ
على أرضِ اللَّه ..
و رُبَّما أكونُ قطرةً تسلّلت من فمِ عطشان
وانتحرت غارقةً في نهر الحبّ
المُتدفق من أيدي الملائكَة ..
كما قد أكونُ شراعاً
تذهبُ به رياحُ الألم حيث تشَاء
فيتيهُ في عمق العَدم ..
أم أنّني رسولُ الحبّ
الذي يشتكِي طول الدّهر
من ركاكةِ اللُّغة في القَصائد الغزليّة
و انقراضِ القُبلات تحت ضوء القَمَر ..
أسألُني، وأسألُ العالمِين؛ من أنَا؟
هل أنَا علَّةُ الوجُود
ام نُبوءةُ العدَم؟
هل أنَا جزءُ القصيدة
أم كُلُّها؟
هل أنَا النّهر المُتدفّقُ
أم يدُ ملاك؟
هل أنَا الدَّمعةُ
أم المُقلتان المُتعبتَان؟
أرهقنِي السُّؤال يا قومُ فأجيبُون!