أين أنت مما يُحكى حولك من أقوال ويُمارس ضدك من أفعال؟ عيناك ترصد كل شيء ولديك ما تقوله.. لكن هل تسنح لك فرصة بأن تُدلي بِدلوك أو تعبّر عن رأيك دون قيد أو شرط؟ أو دون وضع نقطة نظام توقف هذا العالم المليء بالثرثرة واستعراض داخله الأجوف؟
قلة قليلة هي مَن تفهم وتضع التقديرات في مكانها الصحيح، تُشعرك أن الزمن وقف عند بابها دون السماح لاستقبال المزيد، ليست أنانية وإنما المكان لا يتسع لغيرهم، هم فقط مَن اختارتهم العناية الإلهيّة وأبقت عليهم سالمين.
ووسط هذا الزخم والبوح داخلك تخرج كلماتك معبِّرة عن بقاياك، تنقذك من حالة الشتات التي تسبّب فيها غيرك دون إرادة منك، ومن حالة الصراع النفسي الذي أتاك منهم؛ جراء فصحهم الدائم دون توقف.
كَمّ هائل من رغبات الآخرين ومتطلباتهم تنال منك ومن عالمكَ الخاص الذي تنشده لِنفسك، هذا العالم المليء بالأفكار ووحدوية الذات مما يثير تساؤلاتٍ هنا: هل أنت مِلكُ نَفسِك أم مِلكُ الآخرين؟ هل لديك القدرة لِتنجو من هذا الصخب الذي يدور حولك ليلًا ونهارً؟ هل أمعنت النظر في تلك الخريطة البشريّة وعقلها الذي لا يكف عن الانقضاض عليكَ؟
أنت في حاجة ماسة إلى الهروب منهم، أن تلجأ إلى نفسك مخاطبًا إياها، أن تسألها: ما بها؟ فتجيبك عن ما يؤلمها، وما تتطلع إليه، سطوركَ ما تصنع المعجزة؛ أن تأتي بِقلمك وتكتب لتخرج ما في جعبتكَ فتفيض كلماتك وتكون متنفسًا لك، وأمنًا وسلامًا لعقلك الذي يودّ أن يهدأ.
تلك الحروف التي تجمعها لتكوّن لكَ جملة مفيدة، ومشاعركَ التي تتأرجح ما بين حُزن وفَرح هي سبيلكَ إلى الحرية وكَسب مزيدًا من الوقت، وفرصة ثمينة عليك استغلالها قبل المُطاردة واللِحاق بِك من جديد.