هل هي زيارتك الأولي ؟دليل الزيارة الأولي

آخر الموثقات

  • مغامرات كاتبة -2
  • مغامرات كاتبة -1
  • وجه السعد..
  • تركتني لظنيني..
  • الجانب الخفي من حياة أمير الشعراء أحمد شوقي
  • القلاع والحصون الإسلامية في سيناء
  • كيف تبدلت القلوب
  • وعيناك
  • يا كايدهم ….كلنا وراك
  • مصر لحمها مررر
  • إدراك الحكمة
  • قدوة في صمودك
  • الأوجاع الصامتة
  • بونبونايه بدون الكتاب
  • ظاهرة القبلات بين الرجال و النساء!
  • أمي القوية
  • ذكرينــي
  • شكرا لسيدنا يوسف
  • المهر كان غالي 
  • نختلف، ولا نحتد
  1. الرئيسية
  2. مركز التـدوين و التوثيـق ✔
  3. المدونات الموثقة
  4. مدونة صفاء فوزي
  5. الوفاء في زمن الخيانة - ج14

الفصل الرابع عشر

نام سامي مرتاحَ البال بعد أن فضفضَ لأحمد بما يقلقه، وقرّرَ أن يصارحَ مايا بحبّه ويتقبلَ ما سيحدث ليرتاح قلبه. في الصّباح بينما أحمد وسامي يتناولان الإفطار رّنَ هاتف أحمد؛ فوقف مفزوعًا ممّا سمع كان على الجانب الأخر جاسر، يخبره بوفاة والدته، ظّل أحمد يردد إنا لله وإنا إليه راجعون، مما أقلق سامي ونهض يسأل من الّذي توفى؛ أخبره أحمد واتجها مسرعين، لمنزل جاسر ومايا ليواسيهما ويقفا معهما في ذلك اليوم العصّيب، كانت مايا منهارة وسامي يتألم لحزنها ويساندُها بقلبه وكلماته لها حتّى تّم دفن والدتهما، وعاد الجميع إلى المنزل منهكين، قرّر أحمد أن ينام اللّيلة مع جاسر بينما ذهب سامي وقلبه ممزق؛ تمنَى ألا يترك مايا وحيدة حزينة، تمنى لو أخذها بحضنِه للصّباح، تمنى لو قال لها أحبك بكل لغات العالم، تمنى لو محا حزنها وألمها، وبدلهما فرحًا وسعادةً، لم ينم سامي طوال اللّيل؛ أمسك بهاتفه آلاف المرّات وكتب آلاف الرسائل لمايا، ولكن مسحَها ولم يرسلها، كان حائرًا هل يفرح لأن الله سهل له أمره، فبموت والدتها سيكون سهلًا استقرارهَا بمصر، أم يحزن لما أصاب مايا من ألم فقدان والدتها وحزنها عليها. مرّت أيّام صعبة على الجميع، وانتهت شهور البعثةِ وآن الأوان للعودة للوطنِ، في الوقت الّذي ستحضر فيه أسرة مايا لمصر ولكن هذه المرّة ستكونُ عودة بلا رجعه، فقد قرّرَ عبد الرّحمن الاستقرار أخيرًا بمصر، وعزم على تنفيذ قراره، تاركًا إدارة المطعم لصديقه، ورغم حزن جاسر الّذي أنهَى الجامعة هذا العام وكان يودُ العمل بألمانيا، خاصة وقد نوى أن يكون داعية بألمانيا بعد تفقهه في الدين، ودراسة العقيدة والقرآن والسنة، فقد تحول بعد حادث تناوله للمخدرات بمصر، وتبدل حاله كليا وعزم على دراسة العقيدة، وهاهو الآن عزم النية على نشر الدين هنا، لكنه لا يستطيع معارضة والده، فطاعته واجبة وفرض ، فقد استسلم لأبيه ورضي بقدر الله وسيمارس الدعوة أونلاين، دورات وندوات ومقالات، بينما مايا كانت تود تكملة جامعتها هنا؛ فالدّراسة هنا أفضل من مصر، لكن عبد الرّحمن تعب ويريد العودة للوطنِ، فالغربة مزقته أشلاء، قلبه مشتت وروحه هائمة بين هنا وهناك، وافقت مايا على مضض خاصةً بعدما أقنعها والدها بأنّه تعِب وكبر سنه ويريد أن يموت ويُدفن في موطنه فخضعت مايا احترامًا لرغبةِ والدها، لينعمَ بالعيشِ مع أهله وبوطنه، رغم تطلعِهما للدّراسة والعملِ بألمانيا، لتّوفر سبل التّقدم والرّفاهية، ولكن بمصرَ يجدان الأمنَ والأمانَ والدفء والرحمةَ بين الأهلِ والأصدقاء. وفي المطار استقبلهم الجميع بكل حب وود، وكان لقاء سمر بمايا مزيج بين الشّوق واللّهفة والدموع والمواساة، رحب الجميع بهم واتجهوا للمنزل. كان جاسر ومايا ينزلان مصر كلّ عام مع والدهما، لزيارة مصر في إجازة الصّيف، وكانت سمر تسعد بمايا أختها وصديقتها فهي تقضي معها أجمل الأوقات، وهذا العام الأمر يختلف فالنزول للإقامة الدائمة مما أسعد قلب سمر، وستحضر أيضًا سارة -ابنة خالة أحمد وأخت سامي - التي تقيم بالكويت منذ سنوات، وسيذهب الجميع للقرية السّياحية وستكون الصّحبة رائعة وسيمضوا معا أوقاتً ممتعةً. بعد أيّام عادت خالة أحمد وزوجها من الكويت أيضًا، مما أسعد سامي للمِ شملِ أسرتِه بعد سنوات الغربة، فسارة أخته قادمة لأداء اختبارات الثّانوية العّامة هذا العام، وستعود والدته معها لكن والده سيسافر للعمل، ويأتي لزيارتهم كلّ أجازة. قررت سناء تحضير وليمة كبيرة احتفالًا بقدوم أختِها وأسرتها، وستكون فرصة للتّعارف بين الأسرتين، وخصوصًا البنات والأولاد، اجتمع الأهل بمنزل عبد الله وأخوته، وكانت وليمة رائعة بها كلّ ما لذّ وطابَ من الأطعمة المصرية، بعدها اتجهَ الرّجال للمكتب يتناولون الشّاي بينما النّساء جلسن بالصّالون يتبادلن الحديث ويتذكرنَ الماضي، وذكريات أيّام الطّفولة والشّباب الجميلة، أمّا البنات والأولاد اتجهوا للحديقة، الشباب يتحدثُون عن الكرة والسياسةِ، والبنات عن الفنِ والقصّصِ والدراسة، ويتجاذبُون الأحاديث من هنا وهناك. قرّرت سمر أن تلتحقَ بالقسم الأدبي؛ فعشقها للقصّص والقراءة لا ينتهي، أمّا مايا وسارة سيلتحقان بالقسم العلمي فرغبتهما كانت الالتحاق بكلية الصيدلة، وستبدأ الدراسة خلال أيّام، كانت الحياة تسيرُ بسلامٍ حتّى جاء ذلك اليوم، حينما ذهبت سارة ومايا إلى درس الكيمياء وتأخرتا عن موعدهما؛ ممّا أثار الفزع في منزل مايا ومنزل سارة أيضا، وخرج الشّباب للبحث عنهما حتّى وصلا لمكان الدرس، وعندما سألوا المدرس أجابهم بانتهاء الدّرس منذ ساعة تقريبًا، بينما شرعوا في الذّهاب، فإذا بفتاة تتجه إليهم وتخبرهم بأنّها تعلم أين ذهبت مايا وسارة! لقد سمعت نادين زميلتهم تخبرهم بضرورة حضور حفلة عيد ميلادها اليوم وقد أصرت عليهما وأحرجت جميع الفتيات وأخذتهن بسيارتها الفاخرة إلي الهيلتون على شاطئ ميامي، انهار أحمد عندما سمع اسم نادين؛ فالكلّ هنا يعلم سوء سمعتها وفساد أخلاقها. أسرع أحمد مع سامي وجاسر إلى مكان الحفل في الوقت الّذي اتّصلت به والدته لتطمئن فأخبرها بما علم، بعد قليل وصلوا للحفل ودخل أحمد و جاسر وسامي، فوجدوا الرّقص والغناء والصّخب والخمور والمخدرات تفوحُ رائحتها وتملأ المكان، بينما كانت مايا وسارة تجلسان مع باقي الفتيات على إحدى المقاعد.
ذهب جاسر وجذب مايا بقوة، أمّا سامي فصفع سارة على وجهها وجذبها للخارج، وحدث صراع في الخارج، حاول أحمد تهدئة الموقف وأمرهم بالركوب والتفاهم بالمنزل. ظلت الفتاتان تبكيان طول الطّريق حتّى وصلوا للمنزل، دخلت مايا وارتمت في حضن والدها وهي تبكي، بينما ذهبت سارة لمنزلها مع سامي الّذي ظّل يعنفها طوال الطّريق، وصار نقاش حاد وعلت أصواتهما، انتهى الأمر باعتذار كل فتاة لأهلها، وأنّها اضطرت مرغمة تحت ضغط نادين صاحبة الحفلة عليها، لكنّهم غير راضيتين عن الوضع وسلوكيات البنات والشباب هناك. وفي النهاية وعدت مايا وسارة أسرتهما بعدم تكرار ذلك وانتهى الأمر .
في المدرسةِ تعلقت سمر بمعلمةِ الفلسفة هيام، كانت هيام شابة حديثة التّخرج، تسكنُ قريبًا من منزلهم وأصبحتْ قدوةً لها في رقتها وذوقها و حسن أخلاقها، مع الوقت أصبحت صديقة لسمر لتقارب السن، كانت الفرحة تغمرها حين أخبرتْ سمر بأنّ حلم حياتها أوشك أن يصبح واقعًا، وأبواب السّعادة ستفتح لها قريبًا؛ ففارس أحلامها وحب عمرها سيأتِي بعد يومين لخطبتها، ظلت تحكي وعيونها تلمع، وقلبها يكاد يطير فرحًا ذهبت هيام مع سمر واشترت أجمل الملابس، وتزينت فصارت في أبهى طلاتها، وأعدت الحّلويات والمشروبات، وجهزت المنزل فصار كالقصر وتزيّنت كالأميرة الّتي تنتظرُ أميرَها، ليأتي بحصانه الأبيض، ويأخذها لعالم طالمَا رسمته في خيالها، جهزت سمر معها خطوة بخطوة حتّى وصل الفارس مع أسرته، وقتها غادرت سمر لتأخرها وتركتْ هيام مدرستها هائمة في أحلامها وسعادة الكون قد ملأت قلبها .مرت ساعات لم تقوى سمر على الانتظار حتّى الصّباح لتعرف الأخبار، فاتّصلت بمعلمتها هيام هاتفيًا؛ ردّت هيام وهي باكية ومختنقة:- لقد رفضوه يا سمر وكسروا قلبين؛ لقد تحطمَ كلّ حلم جميل، يقولون أنّه لا يليق بي ماديًا فأسرته بسيطة ونحن أغنياء، لا يعلمون كم أحبّه ولن أحب غيره أبدً، سحقًا للأموال والعقارات والأطيان، سحقَا لكل ما يفرقني عن روحي، سأهرب يا سمر وأتزوجه لن استسلم لهم، وآهات ودموع هيام لا تتوقف. صمتت سمر فلا تدرى ماذا تقول لها، وبما ترد فقد أصابَها الألم والحزن والبكاء، أغلقت هيام الهاتف بينما ظّلت سمر شاردة، ولم تنم حتّى طلوع الفجر، تفكر كيف انقلبت فرحة هيام لألم وحزن وكيف تبدل حالها،غفت سمر ساعات واستيقظت على صراخ بالشّارع وأصوات صخب، نظرت من النافذة ففزعت لمّا رأت هيام منهارة تصرخ وتبكي والجميع يحاول تهدئتها، حتّى سقطت مغشيًا عليها ونقلوها للبيت سريعًا؛ هبطت سمر مسرعة متجهةً لبيت هيام لتصدم بخبر انتحار حبيب هيام الّذي ألقى بنفسه في النيل، بعد أن رفضه أهلها وعندما علمت هيام انهارت تماما!. حضر الطّبيب وأعطاها العلاج، وكلما استيقظت تنهار، وتحاول الانتحار فيعطونها المهدئات. ظّلت شهور على هذا الحال رافضة للحياة تمامًا، كان من المفترض إبقاءها بالمستشفى للعلاج ولكن رفض أهلها حفاظا على وضعهم الاجتماعي، بدأت تستعيد وعيها وتتحسن ببطيء. مرّ عامٌ من الألم والحزن ممّا أثر على نفسية سمر كثيرًا، الّتي كانت تذهب لزيارة هيام باستمرار و بعد ظهور نتيجة الثّانوية ونجاح سمر ومايا وسارة، رفضت سمر الاحتفال بالنّجاح؛ مراعاة لمشاعر معلمتها!. جلست سمر مع أحمد في الحديقة وهي حزينة و مهمومة، أخذت تتحدث مع أحمد: - لم أعد أشعر بالفرحة، حتّى النّجاح ليس له معنى دون معلمتي وصديقتي هيام، لماذا حدث كل هذا؟! كانت كتلة من النّشاط والأمل والحياة، حوّلوا فرحتها لمأتم وحياتها لجحيم، قتلوا حلمَها ودمروها! لماذا نتعامل بطبقية ومادية أين المشاعر و الإنسانية، أي بشر هؤلاء؟! سكت أحمد قليلا، ثّم ضّم سمر إليه ليهدئ من روعها ويطمئنها، ثم أخبرها برفق وحب هامسا:- حبيبتي، إنّه النّصيب، وكلّ أسرة لها عادات وتقاليد، وما حدث قدرهما، رحمه الله وصبرها وعوضها خيرا، عليكِ بالدعاء لها فلن يفيدها حزنكِ وألمكِ، ستمر الأيّام وستنسى. السّنين قادرة على محو الأحزان، فالحزن هو الشيء الوحيد الّذي يولد كبير ثّم يصغر، وتلك رحمة الله بنا. تأثرت سمر بكلامه وردت بأسى:- إن شاء الله تتبدل الأحوال وتتحسن معلمتي، وقد نويت على دراسة الفلسفة مثلها، سألتحقُ بكليةِ الآداب بإذن الله تعالى، وسأذهب لها اليوم لأبشرها .كانت سمر تزور هيام كلّ يوم وتحكي لها كل أحداث يومها، وهيام تهز رأسها فقط، فقد فقدت النطق بعد ما حدث لكن الأطباء أجزموا أنّها حالة نفسية ليست عضوية، لم تيأس سمر وكانت تشجعُ هيام وتحثُها على العودة للحياة. وذات يوم أخذتها للتراص لتستمتع بالأزهار والعصافير، وتشرب الشّاي معها، نظرت هيام للشارع فوجدت ابن أخيها الصّغير يعبر الطّريق وإذ بسيارةٍ تأتي سريعًا وتصدمه، فصرخت هيام باسمه وجرت مع سمر، لتجده غارقًا في دمه، توالت صرخات هيام ليخرجَ الجميع ويحمل أخوها ابنه للمستشفى، كان يحتاج لنقل دم فتبرعت هيام له ومنحته الحياة، وعادت هي أيضا للحياة بعد هذا الحادث، فرُبَ ضارةٍ نافعةٍ .تحتضنها سمر فرحًا بعودة صوتها، ويتبادلان الحديث أخيرا، تنصت سمر لها بكل جوارحها فقد اشتاقت لسماع صوتها العذب، وكلامها الرقيق. تمر الأيّام وتعود هيام للعمل وتهبُ حياتَها للتّعليم ومساعدة طالباتها وتلتحف بالسّواد وتمتنع عن الزواج وفاءً لحبيبها، تمّر السّنين وتتخرج سمر من كلية الآداب، وتتمُ خطبتَها لأحمد في حفل عائلي بسيط، يحضره صديقاتها ومعلمتها هيام، في الحفلِ تتوالى المفاجآت فيعلن سامي خطبته لمايا، وتكتمل فرحتهم باعتراف جاسر لسارة بمشاعره، وطلب الزواج منها بعد أن عاشت سنوات تظّن أنّها تحبه من طرف واحد، لكنّه أصبح داعية شهير على مستوى العالم، لذلك يكثرُ سفره طوال العام، ولم يكن يريدُ أن يفعل ما يعيبه على الشّباب من علاقات الحب، أراد أن يُرضي الله وتكون علاقة ارتباط شرعي أمام الجميع لا يشوبه شبهة ولا ذنب، ليبارك الله لهم ويرضى عنهم، لذلك أخفى مشاعره طوال سنوات مضت، بعد أن هزت رأسها بالموافقة، اتجه لوالدها وطلب الزواج منها.
كان يوم رائعًا سعيدا على الجميع، أصبحت الفرحة ثلاثية للصديقات الجميلات، تعالت الموسيقى والضحكات في الحفلة وسعد الجميع .امتلاء المنزل سعادة وتعالت الزغاريد هنا وهناك، وقال عبد الله مبتسما :
{الأولاد متفقون ونحن أخر من يعلم }، ابتسم الجميع واتفقوا على إتمام حفل الزفاف بعد عام، حتّى تتخرج مايا وسارة من كلية الصّيدلة ، وينهي أحمد رسالة الماجستير، ليكون زفافهم في يوم واحد

التعليقات علي الموضوع
لا تعليقات
المتواجدون حالياً

1821 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع