هل هي زيارتك الأولي ؟دليل الزيارة الأولي

آخر الموثقات

  • مغامرات كاتبة -2
  • مغامرات كاتبة -1
  • وجه السعد..
  • تركتني لظنيني..
  • الجانب الخفي من حياة أمير الشعراء أحمد شوقي
  • القلاع والحصون الإسلامية في سيناء
  • كيف تبدلت القلوب
  • وعيناك
  • يا كايدهم ….كلنا وراك
  • مصر لحمها مررر
  • إدراك الحكمة
  • قدوة في صمودك
  • الأوجاع الصامتة
  • بونبونايه بدون الكتاب
  • ظاهرة القبلات بين الرجال و النساء!
  • أمي القوية
  • ذكرينــي
  • شكرا لسيدنا يوسف
  • المهر كان غالي 
  • نختلف، ولا نحتد
  1. الرئيسية
  2. مركز التـدوين و التوثيـق ✔
  3. المدونات الموثقة
  4. مدونة د سمير حماد
  5. في ذكراك سيدتي

???? فى ذكراك سيدتي ????

 
         ???? الإنسانية عندما لا تلوثها السياسة ????
                         (قصه قصيره جدا)
 
عندما تشرق الشمس فى أدنبره سكوتلاند شمال بريطانيا .. كانت تجلس فى حديقة فيلتها الأماميه المجاورة لحديقة منزلي فى مدينة أدنبره .. كانت تسعد كثيرا عندما ألقى عليها تحية الصباح عند خروجي .. او تحية المساء وأنا عائد ..
 
شعرها طويل أبيض .. دائما ملموم بغطاء رقيق من الشيفون  الأزرق على رأسها .. كانت دائما إما تقرأ أو ترسم .. وفى مرات عديده كانت تدعوني للجلوس بجانبها ..
 
ملامح وجهها الأبيض لم تمحوا تجاعيد العمر تقاطيعه الجميله .. تتكلم الإنجليزيه بلهجة الأرستوقراط (لغة الملكه معروف هنا بمصطلح Stiff Upper Lip) ولكن بدفئ لكنتها الأسكوتلانديه وأبهرتني بما زالت تتذكره من اللغة العربيه باللهجة المصريه .. وتبتهج جدا عندما أبادلها الحديث بالعبارات العربيه باللهجة المصريه ..
 
والدها كان كولونيل فى الجيش البريطاني .. ووالدتها كانت معلمه للمرحله الابتدائيه .. تعلمت فى مدارس داخليه .. كانت الإبنة الوحيده لوالديها .. وتزوجت من شاب كان فى اول درجات السلم الدبلوماسي البريطاني وترقى وأصبح قنصل بريطانيا فى مصر.
 
بعد زواجها بسنه .. ذهبت مع زوجها إلى مصر ليعمل زوجها فى السفارة البريطانيه فى القاهره .. وهناك فى حى الزمالك ولدت إبنها الوحيد الذى أكمل دراسته الثانويه فى كلية فيكتوريا الشهيره فى الإسكندريه .. ثم منها إلى جامعة أكسفورد ..
 
تتكلم عن مصر والقاهره .. بحنين وشغف حيث قضت بها 18 سنة من عمرها .. تعرف القاهره جيدا .. وتذكر جيرانها المصريين .. سألتها : ماذا تفتقدين الآن عندما تعود بك الذكريات إلى القاهره ؟ ..
 
 الإجابة زلزلت قلبي من سيدة مسيحيه .. سرحت عيناها ورفعت رأسها وقالت : 
 
"كنت دائما أصحى بدرى وأجلس فى البلكونه التى كنت أرى منها النيل .. وفجأه أسمع صوت آذان الفجر يتردد صداه كسيمفونية روحيه تصعد بروحك إلى السماء .. ثم أسمع بعدها أصوات المدينه وضجيجها كأنها إشارة للبعث .. حي على الصلاه ثم حي علي الفلاح .. فى القاهره كنت أشعر أن روحي تحلق سعيدة فى سماء بلد يتعانق فيها الزمان مع المكان".
 
عبر السنوات تنقلت مع زوجها كقنصل عام وسفير فى عدة دول عربيه .. ولكنها كانت تقول انها لم ترى مكانا بروعة مصر وشعب مصر .. اتذكر أنها قالت لى واصفة شعب مصر : "أنتم شعب وسيم" !! .. وصف فريد من سيدة فريده ! 
 
حدثتني كثيرا عن الفلسفه والإسلام والسياسه والعلم وكثيرا كانت تنتقد السياسات الخارجيه للحكومات البريطانيه .. وتقول أن زوجها كان يعشق مصر .. زوجها الذى توفى منذ عدة سنوات .. كانت عندما تنطق إسمه أسمع بحة او حشرجة شوق وألمح عيونها الزرقاء زرقة السماء تتغيم بسحابة دمعة حزن.
 
كلمتني كثيرا عن مصر .. وفتحت البوم صور لها ولزوجها ولطفلها فى مصر .. فى الاهرامات وعلى شاطئ النيل .. ومع صديقاتها من المصريات .. وجعلتني أشاهد بعض من الصور التى ترسمها بالألوان .. الكثير منها من الذاكره عن مصر .. بائع التين الشوكي .. والذره المشوي على شاطئ النيل .. وصور لملكات مصر الفراعنه وصور عن الفلاحين وماسح الأحذيه  .. 
 
???? تعلمت منها درس فى التاريخ ???? 
وعلمت منها معلومه تاريخيه ربما لا يعرفها كثير من المصريين حيث قالت : 
"هل تعلم أن من يقول أن "مصر كانت مستعمره بريطانيه" هو جاهل بالتاريخ ، أمريكا والهند وغيرها كانوا "مستعمرات الإمبراطورية البريطانية" .. أما مصر لم تكن يوما "مستعمره" ، مصر كانت بينها وبين بريطانيا "إتفاقية حمايه" .. مصر العظيمه يا باشا  كانت "محميه بريطانيه" (British Protectorate)".
 
عرفت منها فى آخر لقاء أن عمرها يقترب من 87 عاما .. ويوما ذهبت السيده "مارجريت" إلى المستشفي حيث قمت بزيارتها مرتين .. ولكنها لم تعود إلى منزلها أبدا ، وتمت دعوتي لحضور جنازتها !
 
فى يوم دق جرس الباب .. فتحته فوجدت أمامي .. إبنها .. محامي ناجح يفتخر بأنه من مواليد القاهره .. قال لى والدمع فى عينيه : والدتي كانت تحبك وفى كل مناسبة تجمعنا تتحدث عنك وأسرتك .. كنت اتحدث معها وهى على فراش الموت .. وقالت لى موصية بأن هناك لوحتين لملكتين مصريتين من رسوماتي .. أرجو أن تعطيهم لجاري العزيز فهو مصري الأصل .. ليتذكرني.
 
اخذت منه اللوحتين المرسومتين على "كانفاز" (Canvas) وأنا أعلقهما على الحائط فى غرفة الجلوس على جانبي النافذه (كما فى الصوره) دمعت عيوني .. سيدة مثقفه سحرتها مصر وتحب المصريين
 
أحيانا صباحا .. أنظر إلى حيث كانت تجلس فى حديقتها الأماميه وأهمس بالغة العربيه وباللهجة المصريه كما كانت تحب .. "صباح الفل يا مدام" ، وأكاد أسمع ردها مبتسمة وبنفس اللهجه المصريه : "صباح الخير يا باشا"!
نعم ..  مازلت أتذكرك سيدتي ❤???????? ????
التعليقات علي الموضوع
لا تعليقات
المتواجدون حالياً

1981 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع