هل هي زيارتك الأولي ؟دليل الزيارة الأولي

آخر الموثقات

  • بونبونايه بدون الكتاب
  • ظاهرة القبلات بين الرجال و النساء!
  • أمي القوية
  • ذكرينــي
  • شكرا لسيدنا يوسف
  • المهر كان غالي 
  • نختلف، ولا نحتد
  • قماصين وقماصات
  • بين العمل والنتائج،، مقال
  • ما بال هذا الهيام..
  • مَواسم الفُراق
  • التسويق في مصر بعافية ١
  • حسان و السمان
  • تداعيات إشكالية
  • عندما يكون الإسهال عرضا جانبيا لدواء ..
  • كتابي السِفر
  • لغة البتاع
  • وطأت قدم
  • أتدري أنها فانية؟!
  • كلمتي الختامية من ندوة مناقشة رواية حيوات الكائن الأخير في مختبر السرديات 
  1. الرئيسية
  2. مدونة ايمن موسى
  3. رحمة ، الجزء الأخير

ما زالت أنفاس الممرضة تتلاحق والعرق يتصبب على جبينها وهى تقول بصوت خافت وحذر لقد سمعت ذلك الطبيب معدوم الضمير وهو يساوم زوجك بحدة قائلاً هذه المرة ستدفع لي أكثر من المرتين السابقتين فزوجتيك السابقتين لم يكن متعلمات ولم يهتما أو يبحثا بالأمر أما زوجتك الحالية فهى جامعية مثقفة وقد تسبب لي وللمشفى مشاكل لا قبل لنا بها إذا ما أدركت أو إكتشفت عملية إستئصال الرحم .

عقد ما بين حاجبيه وهو يتفحصه بخبث قائلًا أعلم جيدًا أنها سترضى بالبقاء معك مرغمة عندما تفقد فرص الإنجاب .

إستطرد الطبيب يقول متسائلاً بفضول ولكن مالم أفهمه حقًا هو لماذا تطلب زوجتيك السابقتين الطلاق رغم علمهن بعدم الإنجاب من غيرك بعد أن أعطيتهن تلك الأشعات والتحاليل والشهادات الطبية المزيفة والتي تفيد التليف ووجوب الإستئصال للضرر مما يستحيل معه الإنجاب !؟

هنا رد الزوج بسخرية قائلًا بالأساس أنا من تخلصت منهن وطلقتهن فهن لم يكن أبدًا لائقات بي لذلك كان يجب ألا ينجبا من غيري حتى لا يكتشفا أنهن قادرات على الإنجاب فيصبح العقم وعدم الإنجاب مني أنا وأتعرض للسخرية ونظرات الشفقة من الجميع إستطرد يقول أما هذه المرة فأنا لا أنوي تطليقها أريدها أن تظل معي ولا تتمرد علي إذا إكتشفت أنني عقيم وأنها قادرة على الإنجاب من غيري ولا أريد لعاطفة الأمومة لديها أن تكون سببًا لطلبها الطلاق مني أو خلعي إن رفضت تطليقها .

ما أن إنتهت الممرضة من حديثها حتى رأت رحمة وقد عجزت أن تتمالك نفسها من البكاء .

الممرضة بحزن لماذا تبكين هل أنتي خائفة منه لهذا الحد ؟

رحمة لا بالطبع أنا لا أبكي خوفًا منه أو حتى عجزًا وما بكائي ودموعي إلا شكرًا وعرفانًا وإقرارًا برحمة الله بي أن يسر لي وجند من ينير لي الطريق ويكشف لي زيف من ظننت أنه مؤتمن على حياتي .

قالت هذا وذهبت لزوجها بدموعها متظاهرة بأن أختها أنبأتها من خلال الهاتف أن والدهما مريض ويريد رؤيتها وأنها ستؤجل تلك الفحوصات وذلك الأمر لحين الإطمئنان عليه .

كانت رحمة قد حسمت أمرها بالذهاب لبيت والدها بلا رجعة وخُلع ذلك الرجل المسمى كذباً زوجها قررت خُلعه والتنازل عن كل شئ لإسترداد حريتها وأدميتها المفقودة فعلت ذلك دون أن تكون سلبية أو تدعه يفلت بجرائمه السابقة فقد بحثت وتحرت حتى توصلت لزوجتيه السابقتين وجعلتهن يتقدمن بالإبلاغ ضده وضد المستشفى لينال جزاءه العادل ولإثبات الغش والتدليس حتى لا يقوم هذا الطبيب معدوم الضمير بإفساد حياة أي بنت بعدهن .

كانت السيدة تروي هذه القصة والتي تستدعيها من الماضي السحيق بإنفعالات تبدو جلية على ملامح وجهها وكأنها حدثت بالأمس القريب .

البنت بلهفة وفضول وقد أصبحت أسيرة كليًا لمَ تسمعه وماذا حدث لرحمة ؟ كيف واجهت قسوة الحياة بعد أن فقدت الحبيب والأم وتخلصت من براثن ذلك الشيطان !؟

كيف إستطاعت أن تعيل أسرتها بعد أن فقدت مصدر الدخل لها ولأسرتها ؟

السيدة بثقة ويقين وبإبتسامة صافية ألم أخبرك يا بنيتي أن رحمة لم تفقد ولو للحظة واحدة يقينها بالله ولم تتخل عن حسن ظنها بخالقها أبدًا .

إلتفتت للبنت وهى تقول وهل نسيتي يا بنيتي قول الله تعالى "وَفي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَماتُوعَدُون" ومن أصدق من الله قولًا أعقبت عبارتها بإبتسامة عريضة مليئة بالتفاؤل والفرح وهى تقول سبحان من يغير ولا يتغير يا بنيتي فقد تبدل حال رحمة من النقيض للنقيض ومن حال إلى حال وكأن موسم حصاد ثمار صبرها وتقتها بالله قد بدأ .

البنت وكيف ذلك !؟

لقد أثرتي دهشتي وفضولي حقًا !

السيدة وهى تنظر بعيني الفتاة وقد لمعت ببريق اللهفة والفضول .

كما أخبرتك فرحمة لم تيأس ولم تستسلم ولم تجلس بالبيت بإنتظار من يتصدق عليها أو حتى طارق للباب يطلب يدها للزواج فهى إن تزوجت مستقبلًا فلن يكون زواج مكبل بقيود الضعف والعجز .

لذلك تقدمت بطلب للتعين بحضانة للأطفال كمدرسة وتم قبولها بالفعل وما أن بدأت عملها حتى أحبته وعشقته وذلك لحبها للأطفال فهى تعشقهم بلا حدود .

ورغم حبها لجميع الأطفال بلا تفرقة إلا أن تلك البنت الملائكية ذات الخمسة أعوام قد آسرت قلبها بحق بجمالها الملائكي الآخاذ رغم أنها كانت طفلة منعزلة تمتلئ عينيها بحزن لا يليق بطفلة بمثل عمرها من المفترض أن تكون كثيرة الحركة والكلام وعلى النقيض من ذلك كانت منعزلة تمامًا عن بقية الأطفال فلا تشاركهم اللعب أو الحديث كذلك يعتريها الصمت والخجل وكأنها فاقدة للثقة بنفسها وبمن حولها .

حاولت رحمة التقرب إليها مرارًا دون كلل أو ملل حتى نجحت بالتقرب منها وكان ذلك اليوم الذي إحتضنت فيه رحمة الطفلة يومًا فارقًا بينهما فما أن دخلت الطفلة بحضنها حتى غابت فيه لوقت طويل وكأنها تأبى أن تغادره بينما سالت دموعها بصمت وبلا توقف .

بعد ذلك تطورت العلاقة بينهن حتى أصبحت الفتاة لا ترتاح ولا تضحك أو تبتسم إلا بوجود رحمة ومعها .

وقبل إنتهاء العام الدراسي وذات يوم وبعد إنتهاء اليوم الدراسي وأثناء توصيل رحمة للفتاة لباص الحضانة إذا بسيارة فارهة تتوقف أمام الباص معترضة طريقهن ليترجل منها شاب وسيم بنهاية العقد الثالث من عمره ما أن رأته الطفلة حتى ركضت نحوه وهى تردد بمرح طفولي أبي أبي إنه أبي يا ميس رحمة .

تقدم الشاب نحوها بخجل وهو يقول بتردد هل يمكنني أن أستضيفك على فنجان من القهوة ؟

ترددت رحمة قليلًا وهى تقلب بصرها بين الطفلة ووالدها وكأنها لا تدري بما ترد ليقول الشاب بهدوء صدقيني الأمر يستحق وأعدك أنني لن آخذ من وقتك الكثير .

وما أن امسكت الفتاة بيد رحمة وهى ترجوها لمرافقتها حتى وجدت رحمة نفسها وبشكل عفوي تومئ برأسها خجلًا علامة على الموافقة .

وما أن أصبحوا داخل ذلك المطعم الفاخر ذهبت الطفلة لتلهو بالقسم المخصص لألعاب الأطفال ليتنهد الشاب بود وهو يقول عفوًا لم أعرفك بنفسي أعقب كلماته بقوله المهندس خالد عبدالله صاحب شركة ألكترونيات كبرى لها الكثير من التوكيلات بدول العالم ووالد ( ملك ) .

هنا ردت عليه رحمة بخجل تشرفت بك أنا رحمة مصطفى مدرسة ملك بالحضانة .

خالد : لن أطيل عليك ولكن كلي فضول لأعرف سر الإنقلاب الذي حدث مع ملك منذ دخولك بحياتها !

رحمة بخجل أنا لم أفعل أي شئ فقط كانت تحتاج للحب .

أومأ خالد برأسه مؤمنًا على قولها نعم معك حق فمهما وفرت لها من مربيات فلن يكن بأي حال من الأحوال كأمها ولن يعوضنها حنانها .

رحمة وقد زاد فضولها وهى تسأل ولكن أمها أين ذهبت ؟ أين هى !؟

خالد وهو شارد الذهن لقد قتلتها .

رحمة بخوف ممزوج بالذهول ماذا تقول ؟

خالد لا تتعجبي نعم أنا المسئول عن موتها فأنا من كنت أقود السيارة بشرود ولم أهتم بأحزمة الأمان أما هى فماتت وهى تحتضن ملك ذات العامين لتحميها أثر الإصتدام فتموت هى وتخرج ملك بلا خدوش أما أنا فبرغم الكسور والرضوض وإرتجاج بالمخ لم أموت رغم أنني أنا من إستحققت الموت بذلك اليوم .

دمعت عينا رحمة وهى تستمع لكلماته المفعمة بالحزن والألم وقد شعرت بالكثير من الحب والآسى نحو ملك .

حاولت رحمة التخفيف عن خالد بقولها أن الأجل بيد الله وأن لكل إنسان عمر محدد لا يتقدم أو يتأخر وأن أجله فقط هو من حماه من الموت .

هنا تأتي ملك لتتشبث بيد رحمة وهى تقول لها بإلحاح طفولي أنا جوعانة هل ستأتي معي للبيت وتعدي لي الطعام .

خالد وهو ينظر لعيني رحمة مباشرة هل تتزوجينني ؟

أطرقت رحمة صمتًا وقد توردت وجنتاها بصبغة الخجل وهى تشيح بعينيها بعيدًا عن عينيه لتسمع خالد وهو يقول كنت قد أخذت عهدًا على نفسي ألا أحضر زوجة أب لإبنتي مهما حدث ولكن وبما أن ملك هى من إختارتك لتكوني أمًا لها وبعد أن رأيتك وأحسست بصدقك وحبك لملك فأنا أعدك أنني لن أترك أي جهد لإسعادكن ما حييت .

رحمة وقد همت أن تخبره عن كونها مطلقة وعن وضعها الإجتماعي حتى وجدته يهمس بود قائلًا أعلم كل شئ عنك وهذا لا يقلل منك بنظري بل يزيد من قدرك لدي .

كانت دموع السيدة تنساب لوجنتيها وبعينيها لمعة من الحب وهى تتوجه بحديثها للفتاة قائلة لقد أحبها خالد وأخلص لها بقية عمره فأدمنت عشقه وعاشت وما زالت تعيش على ذكراه ما بقى لها من عمر وحتى أخر أنفاسها فلقد كان كريمًا معها بكل شئ بأخلاقه وحبه ووفاءه لها .

الفتاة وهل مات ؟

السيدة لقد تزوجا وأنجبا ثلاثة أولاد أصبحوا أخوة لملك وسندًا لها بالحياة كما أنه أسس جمعية خيرية أسماها الرحمة تيمنًا بإسم زوجته وتضم الجمعية الكثير من المستشفيات والمساجد وقاعات الدروس ومنها هذه القاعة والتي كنا بداخلها منذ قليل .

هنا قالت الفتاة نعم لقد تذكرت الأن لقد كان إسمها قاعة الرحمة حقًا .

ما أن إنتهيا من حديثهن حتى توقفت سيارة بالقرب منهن ليترجل منها شاب وفتاة تقدموا منهن بخطى واسعة لتحتضن الفتاة السيدة الكبيرة بحب وتقبل يدها وهى تقول بعتاب أين أنت يا أمي لقد أقلقتنا عليك يا حاجة ( رحمة ) هنا تبسمت السيدة وهى تشير لإبنتها قائلة للبنت بصحبتها أعرفك بإبنتي ( ملك ) من ثم إلتفتت نحو إبنها وهى تقول وهذا إبني ( مازن ) وما أن إلتفتت نحوه حتى وجدته يتأمل الفتاة مليًا بإعجاب وهو يقول لوالدته مازحًا ومن هذه الملاك يا أمي لم تعرفينا عليها ؟

هنا أطرقت الفتاة خجلًا وهى تقول بإرتباك لم أعرفكم بنفسي إسمي ( إيمان ) لتعقب السيدة على قولها قائلة إيمان ستعمل معك يا مازن بجمعية الرحمة وستساعدك بالحالات الإنسانية حتى لا يكون لديك أي مبرر لعدم إنجاز الأعمال بوقتها .

هنا يرد مازن مازحًا يبدو أنني سأحقق حلمك قريبًا يا أمي ليستطرد قائلًا بعد أن شعر بخجل إيمان قصدت حلمك بالإلتزام بالعمل. 

إيمان وقد إغرورقت عيناها بالدموع وهى تتوجه نحو الحاجة رحمة إذن فأنت صاحبة هذه القصة .

تحتضنها رحمة وهى تربت عليها لتقول بثقة ويقين ثقي يا بنيتي أن بداخل كل أمر هناك أمر نجهله فبعض الأمور ليست كما تبدو بظاهرها .

ثقي يا بنيتي أن الله يخرج من الشر خير ومن المحن تأتي المنح ومن الألم يحدونا الأمل فسبحان من وسعت رحمته كل شئ لذلك ومهما حدث أحسني ظنك بربك وكوني مطمئنة…

تمت 

التعليقات علي الموضوع
لا تعليقات
المتواجدون حالياً

887 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع