هل هي زيارتك الأولي ؟دليل الزيارة الأولي

آخر الموثقات

  • بونبونايه بدون الكتاب
  • ظاهرة القبلات بين الرجال و النساء!
  • أمي القوية
  • ذكرينــي
  • شكرا لسيدنا يوسف
  • المهر كان غالي 
  • نختلف، ولا نحتد
  • قماصين وقماصات
  • بين العمل والنتائج،، مقال
  • ما بال هذا الهيام..
  • مَواسم الفُراق
  • التسويق في مصر بعافية ١
  • حسان و السمان
  • تداعيات إشكالية
  • عندما يكون الإسهال عرضا جانبيا لدواء ..
  • كتابي السِفر
  • لغة البتاع
  • وطأت قدم
  • أتدري أنها فانية؟!
  • كلمتي الختامية من ندوة مناقشة رواية حيوات الكائن الأخير في مختبر السرديات 
  1. الرئيسية
  2. مدونة أسماء كاشف
  3. زمن العمد
  أمسكت بكتيب صغير ، امتلأ بكلمات خطها الجد ، تكاد ترى الحروف .. فالمفكرة عمرها 50 عاماً ، حوت فى ثناياها ، مذكرات جدها عن عام واحد .. 1965 ، أخذت تتصفحها برفق ، بالكاد ترى الحروف ، الجد خطه صغير ، الكتابة انطفأ لونها ... تكررت الصيغة كثيراً : حضر فلان وشربنا القهوة .. حضر فلان وفلان وصلينا الظهر .. حضر ( بابا ) من مصر ، يقصد ابنه الثانى .. حضر اللواء فلان .. حتى أنها داعبت والدتها وتساءلت أن كانت تلك مذكرات الجد أم دفتر حضور !! كثيراً ما قصت عليهم والدتها حكايات جدها العمدة ، كيف كان على قدر من الحكمة والتسامح والتواضع وكيف كانت الخيمة ( الكرى ) الخاصة به وهى عبارة عم ظلة من أخشاب البوص بمثابة صالون يستقبل فيه ابناء القرية وضيوفها ، وذوى الشأن .. كان بيت العمدة يعج بالزوار من كل حدب وصوب ، ودائما النار لا تنطفىء فى المطبخ .. قهوة .. شاى .. طعام .. يأتى الناس إليه يتعرضون إلى مشكلاتهم ويسعى لحلها بالتفاهم .. كان رجلاً قنوعاً لم تعرف نفسه النهم فى جمع المال وذلك بخلاف تلك الصورة القاتمة المحزنة التى عرضتها السينما للعمد فجعلت العمدة مثال للجشع والظلم .  فى حين كانت الصورة مغايرة تماماً ، العمدة يسأل فى العيد عن أهل قريته من ذبح الأضحية ومن لم يفعل ، يبادر بتوجيه الأمر بحمل اللحوم لمن لم يذبح .. جاءته تعليمات من الحكومة بمنع الخمور وكذا .. وكتب الجميع ( علم ) ،،، بينما كتب لهم ملحوظة ( امنعوا الخمر من مصدرها ) .. بكى على بلاد الذهب كما لم يبكها أحد ،، وحينما شكا إليه أحد أبناء القرى صغر مساحة البيت الذى منحوه إياه كتعويض ، أشار إلى بيته وقال له أنه حتى هو العمدة منح بيتاً مثل بيته .. فسلم الرجل أمره لله واستسلم ، فما عسى الاعتراض أن يفعل .. لا يثير غضبه أن تقطع طفلة صغيرة مجلسه مع الرجال طالبة منه ( فلفل أحمر ) من حديقتهم تضعها والدتها فى الطعام .. ينتدب ابنيه لحضور حفل زفاف ، يعودان بالخبر .. العروس عطلت الأمور بعض الشىء تسأل عما يملكه العريس ، وإن كان يرتدى ساعة أم لا ؟ أثارت تلك الأخبار تعجبه وضرب كفيه بقوة وهو يقول (( لا حول ولا قوة إلا بالله )) .. فما عساه أن يفعل إن كان بيننا فى هذه الأيام ورأى المطالب وشروط الزواج !! يعرف الجميع ، ويعرف حالهم وظروفهم ، وإذا وصله أن فلان مات .. لابد لأهل القرية أن ينتظروا قدموه ليصلى عليه .. كان الود والتسامح يسود قريته طالما هو على رأسها .. لا فرق بين الأهل والغرباء .. يقوم بمهامه كلها وأكثر حتى وإن كان ما يتقاضاه بضع جنيهات من الشئون لا أكثر وهى أقل بكثير من أن تقيم بيت عمدة .. لكن العمودية لم تكن مهنة أو وظيفة سلكها ، بقدر ما كانت أمانة حملها ، وشخصية اكتسبها مع الزمن حتى ذابت فيه وذاب فيها ... وأصبحت صفته وحاله (( العمدة )) .. طالعت صوره مع الوفود الأجنبية و الشخصيات الهامة التى جلست فى معيته فى الخيمة البوص وقد ارتسمت فى ملامحه الجدية والمسئولية ،، صورة بجوار النيل والنخيل وقد نثرت الحب لموطنه ... طالت عينيها صوره مع الأطفال وكلها حنو .. ومنها إلى صورة بجوار رمسيس فى المعبد ، كانت تطل شموخاً وعظمة ..  تعاظمت نظراتها إليه و تردد فى عقلها (( لقد ولى وانصرف زمن العمد من بعدك يا جدى )) ... 
التعليقات علي الموضوع
لا تعليقات
المتواجدون حالياً

923 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع