16\7\2023
"سوق ساروجة يتحول إلى حطام النيران أكلت كل شيء تقريباً" هذه النار أكلت من ذاكرتنا قبل كل شيء.. الذاكرة التي حفرت وجه دمشق بحذر أنيق وبألفة دافئة.. الذاكرة التي تفرّدت بإيقاع حياة يؤالف بين كل أسباب اللذة الغامضة: همس فيروز مطلع الفجر هسهسة العشاق في الأزقة الضيقة، رخامة صوت العود في ليالي الصيف على مساطب " القشلة"، طَرق النحاس ورائح الخشب والمطر.. صرير الأبواب العتيقة، سجع الحمام، السكون المنبعث من خفة الأضواء الليلية هذه الذاكرة التي آلفت كل اصوات الحياة تقايض ما تبقى لنا بالأجيج.. وحده الحسيس اليوم يصنع لذاكرتنا صوتاً جارحاً يدخلنا في صدمة وطن مزمنة.. ودع بلادك وأنت فيها صباح رمادي آخر التقط صوراً في كل زوايا تلك المدينة.. فإنها تسارع إلى حتفها" هكذا كانت تغريدات الدمشقيين اليوم على مواقع التواصل الدمشقيون أصدقاء السعادة المفقودة.. أكثر الناس تعاسة وأكثر الناس مرحاً هم أكثر من غالط منطق الموت بالحياة العنيدة وأكثر من غالطته الحياة بالموت المتعدد لعل السؤال الوحيد الذي عجزنا أمامه: لماذا؟ من يحملنا كل هذا الشقاء؟!
دمشق التي لاتملك إلا وجهاً واحداً لصباح الخير وجهاً خفيفاً كأوّل المطر عميقاً كحجارة تلك الأزقة لطيفاً كتعريشة ياسمين أبيض دمشق التي لاتملك إلا وجهاً طيباً تقابل به الصباح
دمشق التي كلما أطلت النظر إليها لاح لك وجه رب ضحوك فقدت اليوم وجهها..
والآن أمام وجه بلادنا المحترق نقف كلٌّ في مكانه البعيد محدقين في الشاشات وأمام كل هذا الوجع .. ربما نحن من يحق له الاعتذار أو ربما نحن من يحق عليه التأسف..