بعد مرور ثلاثة عشر عاماً على التشظّي السوري لم تألف أرواحنا أشكال الغربة بعد..
لازلنا نحاول رتق ذاك الشرخ الذي خلّفه الرّحيل فينا..
وجوه من أحببنا وهم يغادروننا دون عناق..
أحاديثنا المؤجلة
أحلامنا المعلقة على مشارف الممكن..
وتلك الأبواب التي تركناها خلفنا لازالت مفتوحة على الانتظار..
بعد مرور ثلاثة عشر عاماً....
لم نستطع أن نجاوز بعد عتبة الالتفات.. نحن الذين نلتفت كل يوم إلى بلادنا البعيدة.. بأصواتنا.. بعاداتنا.. بالأغنيات التي تعيدنا إلى ردهات منازلنا.. وبلغتنا الأصلية التي نستبدلها كلما استعصت لغات العالم الجديد عن تفسير ما يؤلمنا أكثر...
" حين رحلنا لم نغلق الأبواب خلفنا .. لذا نحن متورطون بالأمل"
ظلُّنا يحرس عتبة المنزل هناك.. ونحن هنا نمشي بظلال غيرنا.. لأننا لابد أن نندمج
الوقت الذي يغيّر..لم يغيرنا
الهجرة التي من المفترض أن تعيد ترتيب حيواتنا.. ألواننا .. أفكارنا.. وأولياتنا لم تتمكن من أن تتجاوز بنا عتبة الأمل..
لاشكَّ أن أثر الهجرة يكون جليًّا على صلتنا بالأمكنة عموماً لما فيه من تغييرات جذرية في كيان الفرد على صعيد الاندماج والانفتاح ع الآخر المختلف....ومايرافق هذا الاندماج من ضرورات.. ولكن يبدو أن صلة الدم بالتّراب الأوّل عصية على النسيان..
"المكان ليس فقط مساحة جغرافية للعيش..
المكان عصب في الروح .. لذلك نتألم كلما حاولنا اجتثاث جذورنا منه"..
متورطون بالأمل في بلاد صادقت الموت.. وقايضتنا برصاصة.. و بقارب مطاطي ..
ولأننا ورثنا عنها الهشاشة
لا زلنا نبحث عن رائحتها في الأزقة الممطرة
في روائح الخبز عند الفجر
في صورنا المبعثرة
في لغاتنا الجديدة الركيكة
وفي نومنا على أنفسنا .. في المنافي