رجل تأكله الشوارع، يجتر الحزن بمداد الخيبات، تسقط سماء بيته على رأسه كل ليلة مهزومة بالبكاء، مكابر، مثابر، مكافح وأحيانا محتال... يعبأ صلابته في قارورة من الزجاج، يحاول حملها كلما أراد جذب الفراشات على إنعكاس ضوء قارورته..
رجل لا تستهويه إمرأة تعشق الظل، و الهوامش، تنسج من خيوط الليل مسبحة ترتل عليها دعواتها له..
يبرر كل سلوك بطريقة غرائبية يمنطقها بمزاجه العجيب، رجل لم يختبر الحياة بل جعلها تختبره، وتسلبه زينتها، وبعد أن فهم الدرس نبتت بذرة الشك في كل معروف، ساو على عجوز رأسه وطفل صدره...
كيف لإمراة واحدة أن تعتصر حزنه، وتحي قارورة فراشاته، وتقيم سماء بيته بسواعد الرجال، تعد له خبز الطمأنينة بيد واليد الأخرى تربط على قلبه، ولسانها يرتل الدعوات، كيف تقنعه أن السكينة ليست فخا!؟، وأن هناك دائما وقت للحب وهدنة في الحرب...