طلقني.
كانت هذه الكلمة التي انطلقت من فمها كالشرارة.
نظر إليها متسائلاً:
= ماذا تقولين؟ هل جننتِ؟
_ لم أجن. طلقني.
= هكذا دون سبب؟
_ بل هناك سبب... لم أعد أطيق العيش معك.
لم أعد أتحمل قربك.
أنفاسك تخنقني. أحضانه سجني الذي أريد الخلاص منه.
= لم أؤذيك في شيء.
_ بل آذيتِ. رقتك الزائدة وحبك أصبحا عبئاً عليّ.
طيبتك معي تقتلني. حاصرتني وقطعت أسبابي.
= لم أكن أعلم أن حسن عشرتي لكِ عبءٌ وذنب.
_ ها قد علمت. طلقني الآن.
= حسناً، سأطلقك وسأمنحك حقوقك أيضاً، لكن لن تأخذي الأولاد.
_ لا أريدهم. خذهم وسأكتب لك تنازلاً مسجلاً عنهم.
تفاجأ من جبروتها الذي لم تحاول إخفاءه، لكنه قرر بحزم أنها نهاية الطريق.
بعد انتهاء كل شيء حسب رغبتها.
_ حبيبي، كيف حالك؟ اشتقت إليك.
= اشتقت إليك أكثر.
_ بارك لي، حصلت على الطلاق.
= ماذا؟!!!! ماذا قلتِ؟
_ لم تسمع جيداً... طلبت الطلاق من زوجي ووافق وتركته له الأولاد. أصبحت متفرغة لك الآن، وما هي إلا شهور وتنتهي عدتي وسأكون ملك يديك.
= أنتِ ملك يدي بالفعل، لم تكوني بحاجة لطلب الطلاق.
_ كيف؟! كنت بحوزة رجل آخر، الآن يمكننا الزواج.
= آسف، لا أستطيع.
_ لا تستطيع؟ إذاً لماذا كنت تخبرني أنك تحبني وتريدني بجانبك دائماً؟
= لأستميلك لأصل إليك. إنما الزواج، أعذريني، ليس أحد أهدافي. أنا كالطائر الطنان، أتَنقل من زهرة إلى زهرة. أتركها مباشرة بعد أن استنفذ رحيقها. لكن لا يعنيني أبداً أن أخرجها من جذورها. وإن خرجت، ذهب رحيقها ولم يعد أمامها سوى الذبول والموت في صمت أو سحقاً بالأقدام.
تحدث ودموعها تملأ وجهها:
_ تركت زوجي وأولادي لأجلك.
= لا، لم تفعلي ذلك لأجلي. فعلتيه لأجل نفسك. كيف آمن لك بعد أن خنتِ زوجك وأبا أولادك؟ خنتِ عشيرته الطيبة وغدرتِ به. حتى أولادك تركتهم بدم بارد.
ستكرّرين الأمر مع كل رجل تقابلينه.
كما أظن أنني نجحت في تلبية احتياجاتك.
لن أربط اسمي باسم امرأة مثلك. استأذنك، لدي موعد.
تركها تبكي غباءها وخيبتها وذهب ليحظى بزهره أخرى.
كفرت عشيرها لأجل رغبة عابرة كان يمكن أن تطفئها مع زوجها. أن تسأل الله أن يربط على قلبها ويثبتها. ولكنها أبت إلا أن تكون خائنة وكافرة عشير.