آخر الموثقات

  • سِرُّ البَابِ..
  • قال انطلقي.. 
  • و كأن الحب يربك النساء
  • رباعية الخذلان والألم
  • قصة ً بالأصل ..
  • الموقف المنكسر..
  • لِمَ كانت البدايات أجمل؟
  • خلف ساحات المدى
  • ساعة الوفاة
  • الساعه 5.55 دق الملاك بابي
  • رحلتي مع الحمل
  • بوست من عضو مجهول ..
  • كنت بتضحك .. خلاص "خلي الصمت يشرشحلك"
  • حكاية طفلة تنتظر الحب
  • بين التطفل والفضول: خطوط دقيقة لا تُرى
  • بنات واقعها بائس: قصص من قلب المعاناة 
  • روح خارجه من الجحيم
  • الخوف اللي في عمق الجوف
  • قحاب العمل: دروس من ميدان أكل العيش 
  • ما لم يُقال بعد الفقد
  1. الرئيسية
  2. مركز التـدوين و التوثيـق ✔
  3. المدونات الموثقة
  4. مدونة شيماء الجمل
  5. صقيع

تألمت حين لمسني أحد أقاربي... كرهت ذلك الشعور كثيرًا... لم أستطع منعه... كان أقوى مني بكثير... استغل وجودي معه بمعزل عن والديّ... شعور مخيف...

 

تعمدت وصف ذلك الشعور بجمل قصيرة متقطعة، وكلما انتهيت من جملة، راقبت ردة فعل الفتاة الجالسة أمامي. بدت ساكنة في البداية، لكن بعد انتهاء كل جملة كان توترها يزداد. تركت دفترها، نظرت إلي بعينين زائغتين، ارتجفت شفتاها الصغيرتان وهي تقول:

 

"أنا أيضًا."

 

كان صمتي ردًا مناسبًا لتكمل باقي المأساة. انتهت عبارتها المؤلمة بعبرة، عبرت بها عن معاناة وألم فوق احتمال براءتها. بسطت يديّ كدعوة لضمها، ولم أنتظر استجابتها لي، لكنها فعلت. استقرت بين ذراعي.

 

أعرف ذلك الشعور، عندما تكره اقتراب أحد منك. تجتاح جسدي رعشة كلما تخيلت الأمر أراني.

 

تركتها وأنا أفكر كيف سأحميها. لن أتحمل أن تعاني مثلما عانيت منذ سنوات. لكل ذكرى مؤلمة أثر تداويه الأيام، لكن ندبتي ما زالت تؤلمني، أبت أن تلتئم، يتجدد نزفها باستمرار. زادت شراسة الألم عندما رفض والديّ تصديقي. أخبرتهم بما حدث لي، كل ما فعلاه هو الانتقال من بيتنا إلى بيت آخر. كانا يعلمان سبب استيقاظي باكية كل ليلة ولم يحركا ساكنًا. أراه يقترب مني، يدعي اللعب معي. أخبرته أني أكره لعبته، أحاول مغادرة الغرفة، فيمسك بي، يحكم قبضته حول معصمي، يجذبني إليه، وتبدأ المأساة وتتكرر.

 

أردت طرد مشاعري السيئة. حدثت نفسي:

 

"اهدئي، ضعي ذكرياتك جانبًا، لديكِ مهمة صعبة، عليكِ إنقاذ الفتاة المسكينة."

 

تناولت هاتفي، كونت رقم صديقة لي، أخبرتها عمّا يدور برأسي. اقترحت أن أخبر والديها ليبعداها عن قريبهما المجرم. لم أحبذ الفكرة، تجربتي تقول ألا طائل من هذا الأمر.

 

أفقت من أفكاري على صوتها تقول:

 

"هاتفي أحمد سيفيدك جدًا؛ عمله كأخصائي اجتماعي في المدرسة يجعله مؤهلًا لحل هذا النوع من المشاكل، كما أن الطفلة ستحتاج لمتابعته."

 

شكرتها قبل إنهاء المكالمة.

 

لن أفعل، بالتأكيد. لن أستعين برجل. أكرههم جميعهم. يفكرون بنفس الطريقة. لن يتفهم الأمر أبدًا. لا يعرف أمثالهم شيئًا سوى استغلالنا. نحن بالنسبة لهم... لا داعي لمجرد التفكير في الأمر.

 

ذهبت في اليوم التالي لمنزل الطفلة. تعللت بعدم فهمها التام لدروسها، تحتاج حصة إضافية، ستكون مجانية بالتأكيد. تعجبت والدتها حين ضمتني ابنتها.

 

أخبرتني أنها لا تحب ذلك، تنتابها رعشة ويبرد جسدها إذا حاولنا الاقتراب منها.

 

ربت على ظهر الصغيرة، طلبت منها أن تسبقني، ثم عدت لوالدتها لأكمل حديثًا بدأته بتعقيبها الصادم:

 

"لم ترتابي أبدًا من سلوك طفلتك، سيدتي؟"

 

"لا تستطيعين فهم الأطفال في هذا العمر. علينا تركهم ليكونوا شخصيتهم بمفردهم."

 

ابتسمت ساخرة من سذاجتها. هل هي حقًا ساذجة؟ لا يبدو لي ذلك. هي فقط تريد أن تتبرأ من إهمالها.

 

استأذنتها لألحق بالصغيرة. ساعدتني مساحة الأمان بيننا على معرفة بعض التفاصيل: يوم وموعد حضوره، ومكان حدوث هذا الأمر. قررت الذهاب إليها بنفس الحجة في الموعد المحدد.

 

لم أنم ليلتها. توجهت إلى منزلها، أتجاهل ارتعاشة يدي. أقاوم نزعة خوف زرعها شخص مثله بداخلي. كبرت معي ولم تغادرني حتى بلغت الثلاثين. فاتني قطار الزواج كما يقولون.

 

استغربت خادمتهم حضوري، لم يبلغها أحد عن درس إضافي. تليت نفس الحجة السابقة، لكنها سمحت لي، وهو المطلوب.

 

تسللت إلى حيث أشارت الفتاة في المرة السابقة. كان باب الغرفة موارَبًا. اقتربت لأوثق ما يحدث على هاتفي. دقيقة واحدة حوت انتهاكًا جائرًا للبراءة. لم أعد أتحمل رؤية ذلك يحدث أمامي. وضعت هاتفي داخل حقيبتي، دفعت باب الغرفة. لم تستطع الصغيرة التحرك، لكنه فعل، وبكل جراءة سألني:

 

"من أنت؟ وماذا جاء بك هنا؟"

 

لن أنكر رغبتي في الهروب، تحاملت على نفسي لأقف. خرجت كلماتي متقطعة في البداية:

 

"أنا معلمتها... وهذا... هذا موعد إضافي للدرس... عليك أنت أن تفسر لي ماذا كنت تفعل بالصغيرة؟"

 

صمت طويلًا حتى ظننت أنه لن يتكلم. أفحمته بسؤالي. كنت مخطئة. رفع رأسه ناظِرًا إليّ. لم تكن نظرات شخص خائف. يبدو أنه لاحظ ارتباكي. مرّ أمامي شريط الذكريات. شعرت ببرودة جسدي. تهدجت أنفاسي. رجل مثله يتغذى على خوف فريسته. نعم، أصبحت فريسته. كان عليّ طلب المساعدة كما أخبرتني صديقتي.

 

أمسك ذراعي وقادني أمامه، قائلاً بصوت كالفحيح:

 

"أريد التحدث إليك. عليّ توضيح الأمر."

 

لم تكن هذه طريقة مناسبة للتوضيح. ألجمني سلوكه. شعرت بالاختناق، كما لو كنت ابتلعت حجرًا وقف في حلقي. تعمدت إسقاط المزهرية لتنتبه الخادمة. كان هذا أفضل ما فكرت به من بداية يومي. بينما كان يحاول التخلص من الخادمة، عدت إلى الغرفة حيث تركنا الصغيرة. أغلقت الباب خلفي، أخرجت هاتفي، أرسلت المقطع إلى صديقتي الوحيدة، وإلى والدي الفتاة. لن يهمني الآن حتى لو نجح في كسر الباب.

 

فتحت الباب له. كان غاضبًا جدًا. لم أستطع سماع كلماته. اقتربت منه بثبات. نظرت مباشرة إلى عينيه. همست بصوت هادئ:

 

"انتهى أمرك. يعلم الجميع الآن بفعلتك. انتهى كل شيء."

 

عاد بجسده إلى الوراء، ركض مبتعدًا عنا.

 

ذهبت لضم الصغيرة. شعرت أني أضمني. أنقذت الفتاة وثأرت لنفسي. انتصرت أخيرًا على مخاوفي.

التعليقات علي الموضوع
لا تعليقات
المتواجدون حالياً

341 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع