قالت: لقد اجتهدت وذاكرت وتفوقت ودخلت أفضل الكليات بأحسن الجامعات، واجتهدت وتفوقت وتم تعييني معيدة بالكلية، واجتهدت وحصلت على درجة الماجستير بتفوق، ولم اتواكل ولم أتكيء على واسطة أو مساندة، ولكنني للأسف لست راضية عما أنا فيه،
حيث أحصل على راتبٍ لا يكفيني ولا أستطيع به العيش بشكلٍ يرضيني.
وجدت أمامي مثالًا يُحتذى من الإبنة العاملة العالمة المجتهدة التي حققت نتائج عليا في سنين حياتها، وحصلت على تقديراتٍ علمية مرموقة تؤهلها إلى أن تطالب بأن تعيش بمستوى يليق بها اجتماعيا وعلميًا،
فقلت لها: بُنيتي ألا ترَين أن واقعًا في بلادنا اليوم يتغير ويتطور، وأن عجلة التنمية التي تدور حولنا في شتى الميادين بمصر لجديرةٌ بأن ننظر إليها بعين الرضا، نستشرف بها غدٍ نراه سيأتي بخيراتٍ وفيرة،؟
ألسنا اليوم في طريقٍ أفضل مما كنا نسير عليه من عقود، حين كان أعظم إنجازات إدارة الحكم هي دعم الطاقة والمياه، لتضمحل الخدمات مع ارتفاع معدلات زيادة السكان دون أي استعدادات لمواكبتها واستيعابها،؟
أليست حركة التطوير الحالية في مجالات الصناعة والزراعة والبُنى التحتية في كل مكان، تبشّر بأن غدًا في مصر سيكون أفضل،؟
لكنني بصدق، قرأت في عينيها مقولاتٍ تنطق بإحباطاتٍ، مثقلة بما تقرأه على منصات التواصل الاجتماعي، من قبيل معاني اللا فائدة وأنه لا مستقبل وأن شبابنا ليس لهم أي عمل، وأن شيئًا بئيسًا ينتظرنا بالغد، وغير ذلك من الإحباطات التي ينشرونها على رؤس الأشهاد ليل نهار، بما يُنبّيء عن قوة تأثيرها ونشرها وتمريرها، ومدى تفاعل الناس بها، وكيف هي تُحدِث حال سلبي لدى الجميع.
قلت لها: إن تغيير الأحوال من حالة التنمية التي نحن فيها إلى حالة الرخاء، تحتاج لمن هم مثلك ولكن ليس وحدهم، فكم نسبة الذين يعملون بإتقان وجودة مثلك، إلى من يعملون بلا إتقان فضلًا عمن لا يعملون أصلًا،
إن حلمنا بالرخاء يحتاج لشعبٍ يحب الإنتاج ويسعى للعمل بقوة، ليتواكب مع خطط التنمية الحالية، شعبٌ يرفض الخمول والإرتكان والراحة، ويحب الجهد من أجل انتاجٍ يتم تصديره فيضبط الميزان التجاري ويقلل الضغط على طلب العملات الأجنبية ويرفع اسم وطننا عالميًا،
شعبٌ يضغط على مَن فيه ممن لا يعملون، فيساعدهم على العمل والإنتاج، حتى لا يكون الناتج القومي المحلي ضعيف،
وهذا لن يتأتى إلا من خلال إحباط الإحباط لدى أجيالنا الشابة العاملة، ولدى كل مصري يعمل على أرض مصر، كي يعلم الجميع أن منظومة الوصول إلى حالة الرخاء هي منظومة جماعية لابد للجميع فيها أن يتكاتف لرفع وعي الجميع من حوله، حتى نصل إلى النتائج الجماعية، التي لن نصل إليها إلا من خلال الوعي الجماعي بضرورة عمل الجميع بإتقانٍ وجودة.
صدقت مهندسنا الفاضل