بعد شهر
كانت عبير قد عادت لوتيرة حياتها العادية بعد خروج سامح من المشفى و أستقراره معهم في البيت كانت تحاول الإبتعاد عنه بقدر المستطاع كما قالت لها السيدة انشراح ...كانت تقابله عندما تذهب للعمل في الصباح أو عندما تأتي في المساء فكانت تلقي عليه التحية و تذهب من أمامه مسرعة لا تعطيه حتى فرصة لرد تحيتها مما آثار أستيائه و أشعره بالقلق و هى تبعده عنها يوماً بعد يوم ...تعرف على يوسف ومهند التؤم هما كانا متشابهين و لكن من يعرفهم جيداً سيعرف التفريق بينهم يوسف أقصر من مهند و الذي يعتبر نفسه الكبير بالنسبة لتؤمه فيتحدث معه دوماً كأنه طفل صغير ليس صبي يماثله عمرا بينما يوسف جيداً في مادة الرياضيات بينما مهند يحب اللغة العربية و يحفظ الأشعار أنهما ولدين مميزين و كل منهما له تفكيره المستقل رغم أنهم متشابهين في حبهما لنفس الطعام و الألعاب و أشياء أخرى كان يجلس معهم كل يوم بعض الوقت يساعدهم في مادة الرياضيات التي وجد نفسه جيداً فيها و أكتشف أنه يشعر بالراحة لإكتشافه شئ عن حياته السابقة كانا يأتيان كل يوم بعد الظهر عند عودته من رحلة بحثه عن عمل .. تعرف أيضاً على عامر زوج سهام الصديقة المقربة لعبير و جارتهم يقطنان في المبنى المجاوة لهم و عامر هذا شاب في السابعة و الثلاثون مثل عمره تماماً على الأقل هذا ما هو مكتوب في هويته طيب المعشر و كريم دمث الخلق كان يسير مسرعا ليلحق بموعده مع الولدين عندما ناداه عامر قائلاً ..” سامح أنتظر يا رجل أريد الحديث معك لم أنت مسرع هكذا هل يطاردك أحد “
أبتسم سامح قائلاً ..” لا فقط هذا وقت درس الولدين يوسف و مهند و لا أريد التأخر عنهما “
ضحك عامر بمرح قائلاً..” هذا جيد لديك ميول تعليمية ربما كنت معلما في حياتك السابقة .“
ضحك سامح فهما كانا يتمازحان بعض الأحيان على فقدان سامح لذاكرته ” ربما و الآن أخبرني بما تريد هل هو شئ هام “
أجابه عامر بجدية ..” أجل أمازلت تبحث عن عمل “
رد سامح ساخرا ..” أجل بالطبع ماذا كنت تظنني أفعل منذ الصباح لبعد الظهيرة بساعات “
فأبتسم عامر و هو يضربه على كتفه بمرح قائلاً ..” حسنا لدي وظيفة لك لقد شغرت للتو ربما تكون عادية و لكنها تفي بالغرض في الوقت الحالي لحين تجد الأفضل “
قال سامح بلهفة ..” حقاً “
أبتسم عامر ..” حقا “
فسأله سامح ..” حسنا أخبرني ماهى الوظيفة “
رد عامر ساخرا ..” يا رجل قل لي تعال لمنزلي لأضيفك كوبا من الشاي بدلا من الحديث في الشارع “
ضحك سامح ..” حسنا تعال و لكن لا تنتظر مني أكثر من كوب الشاي لا تنتظر أن أحضر لك الغداء فأنا لا أعرف و أعيش على المعلبات فقط“
رد عامر بمرح ..” لا بل تعال أنت لمنزلي و سأقدم أنا لك الغداء فقد سألني عبد الرحمن الصغير عنك سأل عن الرجل الأشقر ذو العينين الزرقاء“
ضحك سامح ..” يا رجل تصورني و كأني غريب “
أجاب عامر ..” لا لست غريباً فقط لا تشبهنا نحن البشر العاديين أنا أعتقد أنك لست مصري الأصل بهيئتك هذه “
زفر سامح بحنق ..” الن تكف عن ذلك هذا ما يجعل ولدك يجعلني أشعر أني أشبه كائن أتى من الفضاء ذلك المسمى اي تي لقد شاهدته مع يوسف و مهند و إبنك لا يساعد عندما يجلس على قدمي و يبدء بتحسس وجهي و شد شعري “
أنفجر عامر ضاحكا و هو يقول ..” بالله عليك ألم تجد غير اي تي تشبه نفسك به و الآن كف عن هذا الحديث و تعال معي “
أجاب سامح ..” لا أستطيع مرة أخرى و الآن أخبرني عن الوظيفة أرجوكطمئنه عامر فهو يعرف مدي أهمية إيجاد سامح لوظيفة بأسرع وقت ليشعر بالإستقرار ..” حسنا هى كما قلت لك في مصنعنا تعرف أني أعمل هناك في وظيفة إدارية لذلك عندما علمت بشغر أحد الأماكن حادثت المدير عنك هى ستكون مشرفا ليليا على العمال الذين يعملون في المساء و سيكون دوامك من السابعة مساء إلى السادسة صباحاً هل تستطيع “
رد سامح بتأكيد ..” نعم أستطيع بالتأكيد فأنا لست مدللا لهذا الحد و يغرك مظهرى هذا و الآن متى سنذهب “
أجاب عامر و هو يهم بالإنصراف ..” سأمر عليك اليوم في السادسة أتفقنا “
أجاب سامح بحماسة ” أتفقنا “
رحل عامر قائلاً ..” فلتنم قليلاً حتى تستطيع السهر ليلا “
رد سامح بحماس ..” حسنا “ فهو أخيرا سيصبح له وظيفة ليستطيع سداد إجار شقته و بدء حياة طبيعية ...
***************************
بعد شهرين
جلست شاردة و عبد الرحمن الصغير يجلس على قدمها يحاول جذب إنتباهها ..جلست سهام بجوارها على الأريكة بعد أن وضعت كوب العصير على الطاولة تنتظر أن تنتبه لوجودها و لكنها لم تفعل فتنحنحت سهام و هى طويلة القامة بيضاء بشعر بني ناعم يصل لكتفيها و عينين سوداء و فم صغير كانت صديقة عبير المقربة منذ المرحلة الابتدائية إلى أن ذهبت كل منهما ثانوية مختلفة فقد درست سهام ثانوية عامة بينما عبير أختارت دراسة التمريض لتتخرج لتكون ممرضة بعد أن تعرض والدها لحادث أقعدة أكثر من خمسة أعوام قبل أن يتوفى بأذمة قلبية فجأة كانت سهام قد أرتبطت بعامر و لم ترد إكمال دراستها الجامعية و أكتفت بالثانوية العامة لتتزوج و ها هى لديها عبد الرحمن الصغير و لديه عام و نصف ..” عبير ما بك عزيزتي لما أنت صامته هكذا “
تنهدت عبير بحزن و قالت ...” هناك من تقدم لخطبتي و لا أعلم ماذا أقول فأمي قد سئمت من كثرة ما أرفض الإرتباط تقول لي أن الذي في مثل عمري لديه أبناء الآن تشعرني و كأنني عجوز و لست في الرابعة و العشرون فقط “
ضحكت سهام قائلة .. ” و لكنها محقة عزيزتي فأنا في مثل عمرك و لدي طفل صغير أليس كذلك “
أبتسمت عبير و هى تقبل عبد الرحمن برقة على وجنته و تضمه بحنان ..” نعم و أجمل طفل صغير “
رفعت سهام حاجبها و قالت بتساؤل ..” إذا ماذا ستفعلين هل ستقبلين “
تنهدت عبير و عبد الرحمن يهبط عن قدميها ليلعب بألعابه ..” لا أعلم أنا فقط أنا ..“ أنفجرت عبير باكية بحرقة مما جعل سهام تنظر إليها بشفقة و حزن فهى تعلم ما يحزن صديقتها و يجعلها تتلاشى كالشبح أمسكت سهام بيدها و هى تربت عليها بالأخرى مطمئنه و همت أن تقول لها أن كل شئ سيكون بخير و أن خالتها زينب لن تجبرها على شئ عندما سمعت طرق الباب فنهضت لتفتح عندما تفاجأت بعامر يمسك بسامح الذي يستند على كتفه و هو يقفز على قدم واحدة و الأخرى مضمدة فهتفت بقلق ..” ماذا حدث عامر ما به سامح “
عندما سمعت عبير إسمه خرجت مسرعة تسأل بقلق ..” سهام ما به سامح هل حدث شئ “
رأته يقف على قدم واحدة مستندا على عامر فدنت منه فزعه تتحسس جسده ..” ما بك أخبرني ما بها قدمك هل جرحت في مكان آخر “
تطلع عامر لزوجته بدهشة فهزت رأسها ببطء و سامح ينظر لعبير بقلق متناسيا مابه ..” لماذا تبكين عبير هل حدث شئ هل والدتك و الولدين بخير “
فغر عامر فاه ذهولا و هو يرى قلق كل منهما على الآخر متناسبا نفسه فأبتسمت سهام و هى ترى إرتباك كلاهما بعد أن انتبها لما يفعلان فقطع عامر الصمت و قال ..” هل تسمحين فقط لنجلسه أولا فقد تعب ذراعي من حمله “
أبتعدت عن طريقه بخجل ليدخل عامر سامح و يجلسه على المقعد فتنفس سامح بتعب و قال ليطمئنها ..” أنا بخير لا تقلقا أنه أمر بسيط “
سألته عبير بقلق ..” ماذا حدث لقدمك “
رد سامح مهدئا إياها ..” فقط أصيب عندما وقع عليه أداة ثقيلة في المصنع كنت أنقلها و عامل هناك فلم يستطع حملها أكثر فأوقعها على قدمي “
سألته ..” هل أنت بخير الآن “
قال بحنان و هو يتطلع لملامحها الرقيقة التي أفتقدها الشهور الماضية فهى كانت تبتعد عنه كل يوم أكثر من الذي قبله حتى ظن أنه يحلم الآن بوجودها و قربها منه و قلقها عليه كان ينتظر وقت نومه حتى يغمض عينيه ليتذكر صوتها و هى تحادثه هذه الفتاة التي ظهرت في أصعب وقت في حياته لتتركه يتخبط وحده يحاول أن يقاوم الغرق في يأسه
” أنا بخير لا تقلقي “ ثم أكمل بعتاب ..” فقط أفتقد وجودك جواري كالماضي أتمنى أن أعود لذلك المشفى حتى تبقي معي و أسمع صوتك فقط “
تنحنح عامر و قال ...” سهام فلتذهبي لتعدي الغداء لسامح فهو يحتاج للغذاء فقط فقد دماء كثيرة بسبب جرح قدمه “
أنتبهت عبير لوجهه الشاحب فسألته بقلق ..” هل أنت بخير سامح ماذا قال الطبيب “
أجاب سامح يطمئنها ..” لا تقلقي عبير أنا بخير أطمئني “
قالت سهام ..” تعالي معي عبير لنحضر الغداء معا “
نهضت عبير من جواره بتردد و لكنها حسمت أمرها و دخلت مع سهام تاركة سامح لتهرب عيناه في أثرها ليحفظ تفصيلها التي أشتاقها كان عامر يراقب تغير ملامحه الوسيمة من القلق إلى الفرح إلى اللفهة و أخيرا إلى الحزن بعد رحيلها فقال يخرجه من صمته ..” ماذا بك سامح هل تؤلمك قدمك “
تنهد سامح بحزن و قال بحرقة ..” بل يؤلمني قلبي “ أشار لقلبه و هو يضرب عليه بخفة بيده مكررا ..” يؤلمني قلبي كثيرا عامر “
تنهد عامر بحزن و قال ...” لما لا تتزوجها سامح لما تفعلان بنفسيكما هكذا أنا أرى أنها تبادلك مشاعرك فلما العذاب يا صديقي الحياة أبسط من كل هذا التعقيد “
أبتسم سامح ساخرا ..” و ماذا أقدم لها برأيك لا حياة مستقرة و لا هوية و لا شئ . عامر ليس لدي شئ أقدمه لها “
أجاب عامر بجدية ..” بل لديك ما هو أهم من كل ذلك لديك قلب لن تجد من يحبها مثله “
رد سامح بنفي ..” لا يكفي عمار هذا لا يكفي لحياة أمنه لها معي “
رد عامر و سأله جادا ..” إذن هل تستطيع أن ترها تتزوج آخر “
تسارعت أنفاسه فأكمل عامر ..” ما أعلمه من سامح أنها ترفض الخاطب تلو الآخر و أنا لا أعتقد أن والدتها ستسمح بذلك أن يستمر طويلاً و سيأتي اليوم و تجعلها تقبل أحدهم الا تهتم “
زفر سامح و ظل صامتا فغمغم عمار بغيظ ..” حسنا سأدع سهام تقنعها لتقبل أحدهم فلا داعي لتنتظر أكثر من ذلك فهى فتاة جميلة و على خلق و التي مثلها لا تبقى طويلاً “
حاول سامح النهوض و هو يقول بإنفعال ..” أنا راحل لا أريد سماع حديثك هذا فأنت لن تفهم ما أشعر به بحديثك هذا أنت فقط تتعمد أن تؤلمني و هذا لا يروقني “
أجلسه عامر بحزم ..” أجلس سامح و لا تتصرف كالأطفال أنا أريدك سعيدا فقط يا صديقي فيعلم الله كم احببناك و نتمنى أن يكون لك عائلة تحبك و تهتم بك و إذا كان هذا الحديث يضايقك حسنا لن أتحدث فيه مرة أخرى “
صمت كلاهما بعد ذلك وعبد الرحمن الصغير يقترب من سامح ليقبله على وجنته مما رسم البسمة على شفتيه مفتقدا شعوره بالانتماء إلى أحدهم و شعوره بالحب …
6
كان سامح قد شوفيت قدمه و عاد للعمل مرة أخرى و لكن كان قد بدل مواعيد عمله للفترة الصباحية فكان يذهب صباحاً و يعود في السابعة مساءاً كان يتقابلان صباحاً و هما ذاهبان لعملهما فلم يكن يجرؤ على الحديث معها منذ ذلك اليوم لدي عامر عندما ظهرت مشاعرهما و قلقهما للعيان ..رأها تسير مسرعة عندما أستوقفها أحدهم للحديث أقترب منهما و هو يستمع ...
عادل قائلاً.." مساء الخير آنسة عبير كيف حالك "
زمت شفتيها بضيق فعادل لا ييأس أبدا من المحاولة معها .." مساء الخير عادل .. عادل ألم نتفق الا تنتظرني في ذهابي و إيابي من العمل"
عادل بضيق فقد نفذ صبره و لم يعد يستطيع الإنتظار أكثر لما هى عنيدة هكذا و رأسها يابس لا تعطيه حتى فرصة .."عبير أرجوكي لما لا تعطيني فرصة فلنعقد خطبتنا و صدقيني إذا لم ..."
قاطعهم صوت سامح و هو يسأل ببرود .." ماذا هناك عبير لم يوقفك هذا الرجل "
نظرت إليه مرتبكة تشعر كمن فعلت ذنبا ما و عادل العاقد حاجبيه ينظر إليها بضيق و يسأل سامح .." و من أنت حتى تسأل "
كان سامح ينظر لعبير ينتظر تفسيرا لوقوفها وسط الطريق ليلا مع رجل غريب ..فقالت بهدوء تحاول جعل صوتها لامبالي .."هذا السيد عادل جارنا و كان يتحدث في أمر ما "
ثم التفتت عادل مكملة.." و هذا جارنا السيد سامح المقيم في الشقة التي أمامنا "
عقدعادل حاجبيه ينظر لهيئة سامح بجسده الطويل و ملامحه الوسيمة بشعره الأشقر و بشرته البيضاء فهو يبدو كنجوم السينما رغم بساطة ملبسه فهو كان يرتدي قميص أحمر بخطوط بيضاء رفيعة و بنطلون جينز أسود الا أنه يبدو وسيما جدآ بالنسبة له ما يشعره بالتهديد فقال عادل بحدة .." عبير خطيبتي هل لديك مانع في حديثي معها يا سيد"
أتسعت عينى عبير بذعر و سامح بذهول و هو يتسأل بصدمة .." خطيبتك أنت خطيبته كيف ذلك و متى "
لم تستطع أن تتحدث أو تبرر ما سمعه فالوضع بمجملة بات جنونا فتركتهم واقفين هناك كندين و كل منهم يريد إثبات من منهم المسيطر فقال سامح بتأكيد و ثقة في حديثه جعلت عادل يشعر بالغضب من هذا البغيض .." أنت لست خطيبها أنا أعلم ذلك و لذلك أبتعد عن عبيرأفضل لك أن رأيتك تحوم حولها مرة أخرى سأقطع قدمك هل فهمت "
هم سامح أن يتركه و ينصرف عندما أمسكه عادل من ياقة قميصه من الخلف يوقفه فنظر إليه سامح بغضب و رفع يده يلكمه في وجهه بقوة مما جعل عادل يترك قميصه ليضع يده على أنفه النازفة و قبل أن يرحل سامح هجم عليه عادل يضربه بغضب فقام بجرح حاجبه عندما ضربه بيده المرتدي بها خاتما كبيراً هم كلاهما أن يتشابكان وسط الطريق عندما أتى عامر مهرولا و هو يصرخ بهما ..” كفى كلاهما هل جننتما “
أدخل جسده بينهما ليفض تشابكهما قائلاً بحدة ..” هيا عادل أذهب لبيتك و كفي تصرف كالاطفال “ نظر إليه عادل بحقد و تركها راحلا فالتفت عامر لسامح قائلاً ..” أنت تعال معي هل جننتما تتصرفان بتهور هكذا أمام المارة “ كان عامر لديه فكرة عن ما حدث فهو يعلم أن عادل له سنوات يتقدم للزواج من عبير و هى ترفض و يبدو أن سامح علم بطريقة ما قال بغضب ..” أتركني عامر هذا البغيض يقول إنه خطيبها لعبير هل تصدق “
دفعه عامر في كتفه و قال بغضب ..” و ما يهمك أنت من أنه يقول ذلك هل هى زوجتك هل أنت قيم عليها أنت لا تملكها هل تفهم يحق لها الزواج بآخر كما تريد وليس لك حق التدخل هل فهمت “
صرخ به سامح بذهول .. أنت أنت عامر كيف تقول هذا و أنت تعرف أنت تعرف “
نهره عامر ..” أعرف ماذا ها أعرف ماذا أنك تريدها هكذا مثل البيت الخالي لا أنيس و لا ونيس “
قال سامح بغضب ..” أصمت أصمت عامر أنت لا تفهم شيئاً “
” لا أفهم ماذا أخبرني لا أفهم ماذا “ صرخ بها عامر فقد فاض به الكيل من هذا العنيد الذي يأبى الإعتراف بمشاعره رغم أنه يتعذب كلما سمع أن هناك خاطب تقدم لها ..صرخ سامح بألم ..” أني أحبها أنا أحبها هل أسترحت أحبها و اتألم لذلك أنا أتعذب لذلك لأنها ستصبح لغيرى يوماً ما هل تعرف هذا الشعور أن حياتك و أمانك و قلبك لن يكونوا لك و أنهم سيكونون ملكا لآخر يوماً ..صدقني أنت لا تعرف هذا الشعور أنه قاتل و مؤلم و كأن روحك تغادرك و أنت تقف هناك تشاهدها فقط و تشعر بالألم الألم فقط “
صرخ به عامر بإستنكار ..” لماذا كل هذا العذاب و أنت تستطيع منعه “
أبتسم سامح بألم و قال ..” كيف كيف امنعه “
ربت عامر على كتفه و أجاب بتأكيد مشجعا إياه ..” تزوجها سامح تزوجها و انقذا نفسيكما من هذا العذاب يا صديقي “
قال سامح بصوت معذب ..” و كيف ستقبل بي كيف و أنا لا أملك شئ لاقدمه لها “
أقترب منه عامر و وضع يديه حول كتف سامح الذي ينتفض من الألم و العذاب لشعوره بدنو فقد حبيبته ..” يكفي قلبك سامح يكفى هذا القلب فهى لن تجد من يحبها مثله أخبرها بذلك و أترك لها القرار أن كانت تقبل أن تعيش معك بكل مخاوفك و هواجسك أم لا تقبل بها و عندها صدقني أنزعها من قلبك لأنها لا تستحقك وقتها و الآن تعال معى لأضمد جرحك فهو قد أغرق وجهك بالدماء لا أعرف يا رجل أنت و الجروح أصدقاء كلما برء أحدهم ظهر الآخر “
أتجها لمنزل سامح الذي ما أن صعد حتى وجدها تقف أمام بابها قلقة و ما أن رأته و وجهه ملوث بالدماء حتى شهقت فزعه بخوف و هى تمسك بيده لتدخله شقتهم أمام والدتها الناظرة لما يحدث بدهشة و عما المبتسم بإطمئنان بأن النهاية قد قربت عندما صرخت به عبير بحدة ..
” ما الذي حدث كيف جرحت هكذا لم أنت عنيد من قال لك أن تتدخل في شئ لا يعنيك هل طلبت مساعدتك هل طلبت منك ذلك “
كانت تتحدث و هى تفتح علبة الإسعافات الأولية و تخرج منها بعض المطهر و القطن و لاصق طبي أزالت الدماء عن وجهه و عقمت جرحه بالمطهر الذي ما أن لمسه حتى شهق بألم و أمسك بيدها لا إراديا يوقفها كان الصبيين قد خرجا يستطلعان ما يحدث و هما يريان سامح ينزف دما قطعت زينب هذا الهرج الذي يحدث من ابنتها حول جرح صغير و قالت بحزم ...” ما الأمر عبير لما لا تخبريني بما يحدث “
لم تعرف عبير بما تجيب والدتها ..عندما قال سامح بحزم حاسما أمره ..
” سيدتي الأمر هو أني أحب ابنتك و أريد الزواج بها “
أتسعت إبتسامة عامر و عينى زينب بذهول و أندفع الصبيين يحتضان سامح من خصره مباركين الأمر بإظهار فرحهم و هما يقولان ..” سامح سيصبح زوج شقيقتنا “
كانت عبير صامته و عينها تلمع بالدمع فهى أيضاً حسمت أمرها هى لا تستطيع العيش بدونه مهما حدث لن تفكر في المستقبل أبدا لن تفكر به كل ما ستفكر به هو هذا الرجل الذي أمامها حبيبها سامح أنتفضت على صوت والدتها الغاضب ..” ماذا تقول كيف يعني تحبها و تريد الزواج بها أنت ليس لديك....“ قاطعها عامر قبل أن تسترسل في الحديث و تجرح أحدهم به سامح أو ابنتها..” خالتي إذا سمحتي أريد التحدث معك قليلاً أرجوكي “
نظرت إليه بصمت ثوان ثم أشارت زينب له لغرفة الجلوس و هى تنظر للصبيين قائلة بتحذير ..” لا تدخلا غرفتكما و ظلا مع شيقتكما لحين أخرج هل فهمتما “
هز الصغيرين رأسيهما موافقين و هما يدفعان بسامح ليجلس على الأريكة يتحدثان معه بمرح لحين خروج والدتهم ...
***********************
للأن هى لم تصدق أن كل شئ حدث بسرعة و أنها حقاً قد أصبحت زوجة سامح هى حقاً زوجته كانت تتذكر ما حدث ذلك اليوم عندما تحدث عامر مع والدتها على إنفراد و خرجا لم تقل لها يوماً ماذا أخبارها به عامر جعلها توافق كل ما قالته أنها ستوافق على هذا الزواج لأنه أفضل حل لكليهما و هى كل ما تريده هو فقط سعادتها ...ساعدهم عامر في طلب سلفه لسامح من المصنع الذي يعمل به و سيخصم من راتبه جزء صغير كل شهر فقام بشراء غرفة نوم و غرفة جلوس جديدة و قد جلبت عبيرمطبخ جديد بمستلزماته و تواعدا أن يجلبا كل ما يلزمهم معا بالتدريج فيما بعد .. جاء دكتور وحيد يوم عقد القران كوكيل للعروس و قد شهد عامر و دكتور خالد على العقد و هذا الأخير يقول مازحا لسامح ...” ها قد تزوجت الفتاة الجميلة السمراء سامح “
كانت زينب تشعر ببعض القلق و هى تنظر لسعادة ابنتها التي تكاد تلامس السحاب من كثرة فرحتها عندما طمئنتها انشراح قائلة ..” أنه القدر زينب دعى الأمر لله لعله فيه خير و أسعدي لسعادة ابنتك فهذا كل ما يهم “ .. قالت زينب باسمة ..” معك حق انشراح و الآن سأذهب لأبارك للعروسين “
نهضت من جوار انشراح لتذهب إليهم و تضم كلاهما بقوة ..” أتمنى من الله أن تسعدا دوماً حبِيبي “
كان يوماً سعيدا للجميع و قد التقطا الكثير و الكثير من الصور و هما مع عامر زوجته وابنوهما الصغير و مع امينة و الولدين و دكتور وحيد و السيدة انشراح و الطبيب خالد و مع زميلاتها في المشفى كانت لحظات تغمرها السعادة كاد قلب سامح أن ينفجر من فرط السعادة فأخيرا سيصبح له عائلة و أسرة و سينجب أطفالا من حبيبته عبير
أغلق الباب خلفه بهدوء بعد أن إنصرف الجميع كانت تقف هناك بثوب الزفاف الأبيض بأكمامه الطويلة المطرزة و حجابها الذي يخفي شعرها نظر إليها بولع و عيناه تلمع بالفرح هفا قلبه لرؤيتها بدون حجابها فمنذ وافقت والدتها على زواجهما و هو يحلم بهذا اليوم الذي ستكون له قلبا و قالبا كان يريد أن يرى كيف ستبدو بدونه لقد كانت تخطف أنفاسه و هى ترتديه و تلك الملابس الفضفاضة التي تخفي الكثير فماذا ستفعل به و هى بدون كل هذا ...تقدم منها ببطء فأغمضت عينيها بخجل و أنفاسها تتصارع لتخرج من صدرها لتصتدم بوجهه قال و هو يمسك كتفيها بيديه بحنان ..” أحبك عبير “
فتحت عينيها لتنظر إليه بلهفة فهو لأول مرة يقول لها ذلك و كأنه يعلم ما يدور في ذهنها قال يجيب تساؤلها الذي يظهر في عينيها ..
” لم أستطع قولها من قبل فلم يكن يحق لي وقتها أما الآن فأنت أصبحت لي ملكي أنا زوجتي و حبيبتي و أماني و رفيقة دربي و ستكونين أما لأولادي القادمين إذا شاء الله ذلك .. ستكونين حياتي كلها عبير حياتي كلها “
لمعت عينيها بالدموع و خفق قلبها بجنون و هى تضع يدها على يده الممسكة بكتفيها تسأله بلوعة ..” و إذا نسيتني يوماً “
رد مجيبا بقوة مؤكداً ..” لن أفعل “
قالت ..” و إذا فعلت “
أجاب بثقة و هو يضغط على كتفيها ..” لن أفعل أعدك لن أفعل “
قالت تجيبه و هى تقترب منه ..” أعلم أني لن أدعك تفعل لن أجعلك تنساني فأنا سأكون في دمك في روحك في عروقك “
أبتسم بحب ..” أنت كذلك أماني أنت كذلك “
سألته بجدية ..” لما تقول لي أماني سامح هل هذا ما أمثله لك “
( أماني مشتقة من كلمة أمان على وزن فعال و هى صفة و معناها طمئنينه )
رد بقوة و ثقة ..” بل أنت هى الحياة بالنسبة لي عبير و ليس أماني فقط كوني متأكدة من ذلك “
ضمته من خصره و هى تستند برأسها على صدره ..” أعلم ذلك سامح و أنا أيضاً أحبك أحبك أكثر من حياتي نفسها “
ضمها سامح بحنان و قال باسما بمكر ..” ما رأيك أن نذهب للداخل أريد أن أرى أن كان ذلك السرير الجديد جيداً أم أني خدعت به “
ضربته على كتفه تقول بخجل ..” سامح كفى وقاحة لا تكن قليل الحياء“
ضحك سامح بخفوت ..” أنا لست قليل الحياء عبير بل أنا عاشق لك و غارق لأذني في حبك “
نظرت إليه بصمت خجل فسألها بأغواء ..” هل نذهب إلى الداخل “
أخفضت رأسها خجلا و قالت بدلال ..” أحملني إلى هناك عقابا لك “
ضمها سامح ضاحكا ثم حملها بين ذراعيه متجها لغرفتهم و عيناهم متصلة ببعضها تحكي عن ما يكنه كل منهم للأخر من حب و عشق جارف ...
**********
جلس بتعب جوارها يضع رأسه على صدرها يغمض عينيه بإرهاق أبتسمت عبير و لفت ذراعها حول كتفه تضمه تقربه منها و سألته بحنان ” ما بك حبيبي هل حدث شئ في العمل ضايقك “
ضم خصرها بحنان مقبلا بطنها الكبير فبعد فترة قصيرة سيكون لديهم طفل سيكون له طفل من دمه و قطعة منه فكر في ما يحدث معه لا يريد مضايقتها و إتعابها و هى في حالتها تلك فليصمت فما يحدث في العمل يبقى في العمل لا داعى لاعلامها بمشاكلة هناك و أن يجعلها تتوتر عندما تعلم أنه يفكر في تركه و البحث عن آخر فقط لأنه علم أن هناك أشخاص غير إمناء في ذلك المكان و أنهم يتعمدون مضايقته و لم يستطع أخبار عامر خوفاً من التسبب له في المشاكل هو أيضاً إذا تدخل أجابها بهدوء ..” لا شئ حبيبتي أنا فقط متعب قليلاً من العمل ليس هناك شئ آخر أطمئني “
تنهدت براحة و أمسكت بيده لتنهضه و هى تقول ..” حسنا هيا إلى الفراش فوراً لتستريح قليلاً لحين أحضر لك الطعام مؤكد أنك جائع “
هز رأسه بنفي و قال بحب ..” لا أنا لست جائع أنا فقط أريدك جوارى أريد الشعور بك بجانبي حبيبتي لأشعر أني حي أني أتنفس و هذا ما أفتقده عندما أبتعد عنك “
أبتسمت عبير برقة و قالت تداعبه ..” إذا أحملنا للداخل عقابا لك “
ضحك سامح و حملها برقة و يقبلها بجنون قائلاً ..” أحبك عبير “
7
كانت تنظر إليه باسمة و هو يقطع الممر ذهابا و إيابا كالليث الحبيس و هو ينتظر خروج الطبيب ليطمئنهم ..قال له دكتوروحيد..” أهدء و أجلس سامح ليس هناك داع لما تفعله و توترك هذا ستكون عبيرو طفلك بخير “
نظر إليه سامح بحدة و كأنه سبه و لم يكن يطمئنه مما جعل هذا الأخير يبتسم بمرح ..كانت انشراح تجلس جوار امينة تمسك بيدها مطمئنه و بجوارهم جارتها وصديقتها و على قدميها يجلس الصغير يتطلع حوله بعدم فهم و عامر الواقف هناك مستندا على الحائط يراقب قلق صديقه بمرح متذكرا ذلك الوقت الذي أنجبت زوجته طفلهما لقد مر بهكذا مشاعر قلق من قبل و يعرف أنه شعور غريب لا تستطيع تحديده ما بين حزن و قلق و فرح و ترقب يجمع بين كثير و كثير من المشاعر التي تعطيك هذا الإحساس المختلف عن كل ما تمر به في حياتك ...
نهضت انشراح عندما رأت أن قلق سامح يزداد مع طمئنتهم فقالت بهدوء..” سأذهب لاعرف كيف حالها أجلس سامح ولا تقلق “
ذهبت انشراح لتطمئن على عبير و هو مازال على وضعه قلقاً مرتعبا منذ نهضت من نومها تصرخ ألما و هو لم يستطع أن يتمالك أعصابه من خوفه عليها أمسكت زينب بيده ما أن أقترب منها لتجلسه جوارها و هى توبخه ..” أجلس و كفي غباء قلقك لن يفيد سوى بإنهيار أعصابك أنت “
زفر بضيق و قلق و وضع رأسه المتعرق على كتفها ..” لا أستطيع أمي لا أستطيع إلا أن أقلق لقد كدت أموت من شدة الفزع و الألم على حالها و هى تصرخ هكذا أنا لم أرى أحدا يتألم هكذا في حياتي لو كنت أعلم أنها ستتألم هكذا لم أكن لأريد أطفالا صدقيني “
ضحك دكتور وحيد و امينة و عامر على حديثه و أبتسمت صديقة عبير لرقة شعور هذا الرجل و تعلقه بصديقتها المقربة و عشقه لها بجنون ..
تذمر سامح و قال بغضب ..” ما الذي يضحك هكذا زوجتى في الداخل تتألم و أنتم تضحكون الا شعور لديكم بما أعاني الآن “
هدئته زينب قائلة ..” كفى بني أهدء و لا تقلق ستكون بخير هذا شئ عادي بالنسبة لنا نحن النساء و نحن نملك من القوة ما يجعلنا نتحمل هذا الألم هذا حكمة الله بني ليزداد حبنا لأطفالنا كلما تذكرنا هذا الألم و كم إننا عانينا تزداد حمايتنا و حبنا لأطفالنا الذين تحملنا من أجلهم هذا الألم ..“ ربتت على يده و أكملت ..” صدقني هى ستنسى كل ذلك فقط عندما تأخذ طفلها بين ذراعيها و لن تتذكر سوى شعورها بالحب و الحماية له “
تنهد سامح بحزن ..” أتمنى أن تكون بخير فقط أمي أتمنى أن تكون بخير لأجلي “
خرجت انشراح باسمة فهب سامح سائلا بقلق ..” طمئنيني عبير بخير “
ردت تجيبه بنبرة فرح ..” مبارك لك سامح أنضم إلينا عضو صغير يشبه أباه “
**************
قالت له متذمرة .. سامح أتركه لينام حتى أستطيع أن أعد لك الغداء و إلا أقسم ألا أفعل شيئاً إذا قام من نومه و بكى “
ضحك سامح الذي كان يجلس بجوار الصغير يمسك بيده يقبلها مرارا بحنان قائلاً لها بمكر ..” أذهبي هل. قلت لك شيئاً هل طلبت منك حمله و مجالسته أنت هى الكسولة التي تتحجج به حتى لا تفعلين شئ بالمنزل “
نظرت إليه غاضبة و أقتربت ترفع يدها تضربه على كتفه بحنق ..” أنا سامح أنا كسولة هل طلبت مني شيئاً و لم أفعله لك “
نظر إليها بمكر و هو يبتسم بسخرية يقول ..” أجل طلبت ألم أطلب عبير لقد فعلت مرارا و لكنك دوماً ما تتجاهلين طلباتي و فقط تهتمين بأحمد الصغير و أنا أنا كنت التمس لك ألف عذر و الآن ما هو عذرك لتحضير الغداء احمد الصغير نائم ما هى حجتك “
أحمر وجهها خجلا و قالت مرتبكة ..” أنت ..أنت أستدارت لتتركه فهب من جوار الصغير الذي تململ في نومه و أحتضنها من خصرها يمنعها الرحيل و هو يقول هامسا بجوار أذنها ..” أحبك “
أستدارت إليه تحتضنه بقوة فهى تعلم أنه لم يكن يتحدث عن الطعام بل عنهما و إبتعادها عنه في الفترة الماضية و إنشغالها بالصغير أجابته بعشق ..” و أنا أعشقك بل أموت بك عشقا “
ثم أكملت خجله ..” أنا أسفة حبيبي أسفة لو سببت لك الضيق الفترة الماضية بإبتعادي عنك سامحنى “
ضمها بحنان ..” لا عليك حبيبتي أنا فقط شعرت بالإهمال بعض الشئ لا أريد أن أقول أني شعرت بالغيرة من بأحمد حتى لا تسخرين مني “
نظرت إليه بوله قائلة بتأكيد ..” أحبك أحبك أكثر من حياتي “
أبتسم قائلاً بمرح..” هل نذهب لنحضر الغداء معا“
قالت بخجل و هى تلف ذراعيها حول عنقه بدلال ..” بل ستذهب لتبقى في أحضاني حتى أرتوى منك “
ضمها برقة و هو يتنهد براحة قائلاً ..” أحبك عبير“
ضمته بحنان قائلة بعشق لهذا الرجل الذي ملأ حياتها سعادة بوجوده بها فقط ..” حياة عبير“
***************
شعرت بلمساته على خصلاتها و يده تمر برقة معيدا غرتها بعيد عن وجهها متلمسا وجنتها بحنان فتحت عينيها تنظر إليه و مازال النوم يغلبها كان جالسا بجوارها على الفراش متكئ على ظهر السرير ينظر أمامه بشرود متلمسا إياها بلا وعي منه شعرت عبير بأن هناك ما يؤرقه نهضت جالسه تسأله بحنان و هى تدنو منه تتلمس ملامح وجهه..” ماذا بك حبيبي هل هناك ما يضايقك لم أنت قلق هذه الأيام بأحمد أنا أشعر بذلك منذ فترة و أنت بعيد عني بأفكارك “
أبتسم بهدوء ليطمئنها و هو يحتضن وجهها بين يديه يقبل رأسها ..
” لا شئ أنا بخير “ دنا منها يحتويها بين ذراعيه بحنان قائلاً ..” أنا فقط أشتاق إليك و أنت بجواري هل تصدقين ..لا أعلم أشعر بالخوف أحياناً و أخشى فقدانك أنت و بأحمد الصغير “
ضمته بقلق قائلة..” لم تقول هذا أنت لن تفقدنا أطمئن نحن معك و بجانبك و سنظل معا ثلاثتنا أطمئن حبيبي نحن لن نبتعد عنك أبدا “
شرد مرة أخرى فخفق قلبها قلقاً فزوجها يبدو كمن يحمل هما على كتفيه و ينوء به و هى تشعر بأفكاره بعيدة عنها فرفعت يدها تتلمس ذقنه القصيرة برقة و هى تجذبه إليها تمازحه ..” أنت ياسيد أنا لن أسمح لك بالإبتعاد عني حتى لو كان بأفكارك هل فهمت .. أنت لي جسدا و روحا و أفكارا لا تشرد بعيداً فأشعر بالنقص و أني لست كاملة “
أبتسم سامح و دنا منها يضمها و هو يغرقها بقبلاته فهو في أمس الحاجة إلى أمانه لتطمئنه أن كل شئ سيكون بخير قال لها مرددا ..” أحبك أحبك عبير “
ضمته بقوة تحتوى كل مخاوفه لتبعده عن أفكاره التي تؤرقه و هى تردد بلهفة ..” حياة عبيرو روحها “
*************
” عبير أنا ذاهب هل تريدين شيئاً “ قالها سامح و هو يستعد للذهاب إلى العمل ليلا فهو قد أخذ مكان زميل له مريض هذا الأسبوع حتى يشفى سمع صوتها الناعم من الداخل تهتف به ..” أنتظر حبيبي لا ترحل قبل أن أتي “ كان يود لو يقول إنه لا يريد الرحيل و الذهاب للعمل لولا وعده لزميله ما فعل فهو كل ما يريده هو البقاء معها و بين ذراعيها خرجت من غرفة صغيرهم مبتسمة برقة وهى تمسك بوجهه تقبله بقوة قائلة ..”أنتظر أعددت لك بعض الطعام حبيبي سأتى به لك “
أسرعت إلى المطبخ لتجلب بعض الطعام الذي أعدته و هى تناوله إياه قائلة ..” حبيبي هذا حتى لا تشعر بالجوع لا تنس تناوله “
قال سامح و هو يزم شفتيه فهو لا يثحب تناول الطعام بدونها فهو إن أخذه سيعود به و لن يتناوله و ستكون مشاده بينهم ككل مرة ..” حبيبتي أنا لا أريده أنا لا أحب تناول الطعام في العمل سأعود باكرا و نتناوله سويا أنفقنا “
ردت تجيبه بلهجه محذره ..” سامح خذ الطعام خيرا لك “
أبتسم سامح من لهجتها و مد يده يتناوله منها قائلاً بإمتنان ..” حسنا حبيبتي شكراً لك و الآن هل أذهب “
أبتسمت عبير برقة قائلة..” حسنا أذهب و لا تتأخر في العودة إلي “
أومأ برأسه ..” حسنا إلي اللقاء “
ردت باسمة ..” إلى اللقاء حبيبي حماك الله لي “
تنهد سامح قائلاً بإغواء ..” كيف سأذهب بعد حبيبي تلك “
ضحكت عبير و هى تدفعه تجاه الباب..” هيا أذهب حتى لا تتأخر عن عملك “
أحنى رأسه يقبلها بعنف قائلاً ..” أحبك “
هم أن يبتعد عنها فتشبثت بعنقه تضمه قائلة برجاء ..” لا تنسني “
ضمها يطمئنها ثم أبتعد عنها مؤكدا ..” أبدا “
و رحل ..رحل تاركا وراءه الخوف و القلق يأكلان قلبها أنتظرت و أنتظرت عودته و لكنه لم يعد و لم يذهب إلى العمل كما أخبرها عمار اليوم التالي .. أبلغت عن إختفائه و أنتظرت طويلاً و لا خبر عنه ..كانت تترك صغيرها مع والدتها و تذهب لتبحث عنه كل يوم في المشافي و الأقسام و الطرق لعلها تجده أو تجد أحدا رأه كانت تعرض صورته على الماره في الشوارع لعل أحدا يطمئنها و لكنها لم تطمئن بل أصيبت بإنهيار من كثرة قلقها و خوفها عليه أن يكون حدث له مكروه كانت تبيت ليلها باكية ضامة صغيرها بجوار قلبها تستمد منه القوة و لعله يبعث بعض الإطمئنان الذي غادرها بمغادرة والده أما نهارها كانت تخرج باحثة عنه بجنون كانت كمن أصابها مس أهملت طعامها و طفلها كانت زينب ترى الحالة التي وصلت إليها ابنتها كانت تترك باسم معها نهارا لتأتي لأخذه ليلا لتعود لشقتها رافضة حديث والدتها بالمجيء للجلوس معهم في غرفتها القديمة لحين عودة زوجها و لكنها كانت تأبى أن تفعل قائلة أنها لن تترك بيتها إلا بأمر من زوجها و هى تنتظر عودته جلست بجوار والدتها بإرهاق تستريح بعد عناء يوم طويل في البحث عنه كانت وجهها غارق بالدموع و قلبها يؤلمها فهى لا تعرف ما يمكن أن يكون حدث له التفتت لوالدتها التي تنظر إليها بشفقة فقالت عبير بقوة ” لا أريد أن أرى هذه النظرة في عينيك أمي زوجى سيعود سيعود لي و لطفلي هو وعدني الا يتركني أبداً مؤكد حدث له شئ منعه من العودة أنا أعرفه جيداً هو لن يتركني “ سالت المزيد و المزيد من دموعها و هى تؤكد ..” سامح لن يتركني هو يحبني أمي و يحب طفلنا و لن يتركني“
ضمتها زينب بحنان فابنتها على وشك الإنهيار للمرة الثانية ..” أعلم يا إبنتي أعلم لقد رأيت حبه لك بعيني أنا لن أشكك في ذلك أنا فقط أتألم لحالك و حال صغيرك فهو مع غياب أبيه لم يجدك أنت أيضاً بجواره هو الآخر حبيبتي يحتاج وجودك جواره و أنت لم تقصري في البحث عن أبيه ..أهدئي قليلاً و أبقي بجوار صغيرك بعض الوقت لتعوضيه غياب أبيه ثم عودي للبحث حسنا حبيبتي “
القت رأسها في حضن والدتها تبكي بحرقة قائلة بلوعه ..” أمي ..أمي لقد أشتقت إليه كثيرا أشعر بأني أحتضر بغيابه و أن روحي قد غادرتني ماذا أفعل لقد بت كالممسوسة أتلمس وجوده في كل شئ ..ملابسه مقعدة المفضل في المنزل حتى الكوب الذي يحتسي فيه القهوة “
هدئتها والدتها و قلبها ملتاع على ما وصلت إليه ابنتها..” كفى يا إبنتي أنت تعذبين نفسك و طفلك هكذا ما ذنبه الصغير حبيبتي أنه يحتاج وجودك بجانبه أرجوكي أبقي بعض الوقت في المنزل حتى تستعيدي قواكي أنظرى لحالك و كيف أصبحتي هل تريدين أن تنهاري مرة أخرى وقتها أنت و صغيرك ستخسرون حسنا حبيبتي فلتبقي قليلاً حتى تهدء الأمور لعل الله يأتينا بالخير “
ظلت عبير تبكي على صدر والدتها بصمت و امينة تربت على ظهرها بشفقة على حال صغيرتها هل هى مذنبة في حقها لموافقتها على هذا الزواج من البداية و لكن كان كل ما تريده هو سعادتها فقط نعم كان لديها بعض المخاوف و لكنها مع رؤية سعادة ابنتها زالت لولا هذه المحنة التي تمر بها الآن كل ما تستطيع فعله هو أن تدعو الله أن يرد زوج ابنتها حتى لا تعاني هى و طفلها ...
نهضت عبير من حضن والدتها قائلة ..” أمي أنا سأخذ سامح أذهب لشقتي فأنا متعبة قليلاً و أريد أن أستريح “
ردت زينب تجيبها بتصميم ..” حبيبتي أبقي معنا هنا حتى نعتني بك و الصغير أنا و أخوتك نشتاق وجودك معنا و نفتقده أرجوكي أبقي جوارنا عبير“
هزت رأسها نافية ..” لا أمي أنا أريد أن أبقى في بيتي أنا لن أتركه أبدا “
أومأت زينب لتريحها ..” حسنا حبيبتي كما تريدين و لكن إذا أردتي شيئاً أنا هنا أتفقنا “
هزت عبير رأسها و أخذت طفلها و قالت بتعب..” تصبحين على خير أمي “ ردت زينب و هى تتنهد بإستسلام ..” و أنت بخير حبيبتي “
و خرجت عبير تحت نظرات والدتها المشفقة تتجه لشقتها تتلمس بقايا رائحته من حولها ...
************
بعد شهرين
كانت تجلس بجوار صغيرها على الفراش في غرفتها و هى تمسك بصورته تهمس بلوعة و دموعها تغرق وجهها الشاحب من كثرة التعب ..”أشتقت إليك حبيبي أشتقت لصوتك و رائحتك أشتقت لأنفاسك حولي و لمزحاتك معي أشتقت للمساتك أنت حياتي سامح فعد إلي ..يا الله أجعله بخير فقط يكون بخير من أجلي و أجل طفلي “ كانت تتلمس ملامحه في الصورة تود لو كان حقيقة و تشعر بوجوده حقا كانت تقبلها من وقت لآخر و كأن قبلاتها ستصل إليه نظرت لصغيرها النائم بحزن تحسده على راحة باله و عدم معرفته بما يحدث معها من ألم و حزن لفراق والده سمعت طرق عنيفا على الباب فمسحت دموعها و هى تنهض تهتف بمن على الباب لينتظر حتى تأتي ... خرجت من الغرفة لترى من هذا الطارق المزعج الذي يكاد ينزع الباب من مكانه ..
أتت سهام مسرعة تطرق على بابها بعنف غير قادرة على الصبر حتى فهى منذ وجدت تلك الجريدة و ما تحتويه حتى تركت عبد الرحمن الصغير مع والدتها و جاءت لترها فما وجدته شئ صادم للجميع و ليس عبير فقط جاءت عبير لتفتح لها كانت تهتف من الداخل بغضب شديد على هذا الطارق المزعج قائلة
” أنتظر قليلاً يا من على الباب الدنيا لن تطير “
فتحت عبير الباب و همت بسب الطارق عندما وجدت سهام واقفة أمامها تلهث و بيدها جريدة من مظهرها تدل على قدمها فسألتها بقلق ..” ما الأمر سهام هل حدث شئ أخبريني “
مدت لها سهام يدها بالجريدة بصمت و هى تقول بصدمةو تشير إلى جزء من الجريدة ..” أنظري من بها عبير “
أخذت عبير الجريدة و فضتها لتبحث فيها بنفاذ صبر عندما وقع بصرها عليه على معذبها و شاغل أفكارها هفى له قلبها و هى تتذكر معاناتها ثلاثة أشهر لم تعرف عنه شئ ثلاثة أشهر تبحث عنه كالمجنونة كمن أصابها مس كانت تشبع عيناها برؤياه و قلبها يهتف ..” اه يا حبيب القلب لقد أشتقت لأنفاسك حولي أين أنت “
كانت دموعها تجرى مدرار على خديها و صوتها يعلو بشهقاته تسمع بكاء صغيرها من الداخل و كأنه علم أن هناك خبرا عن أبيه و كأن روحها ردت إليها رفعت عينيها لأسيا سأله بذهول ..” من أين جلبتها “
ردت سهام بحزن فهى للأن لم تنتبه لما هو مكتوب أسفل الصورة فقالت تنبهها بحزن ..” حبيبتي أنظري مجددا للصورة“
عادت عبير لتنظر لما هو مكتوب و هى تقرأ بصوت خافت ذاهل غير مصدقة لما يحدث ..” تم أمس حفل خطبة رجل الأعمال أمير فاروق عبد العزيز على كريمة رجل الأعمال أحمد منصور هادي و ذلك بعد عودة الأول من الخارج حيث أنه كان مقيما لعامين كاملين وقد عاد منذ شهرين ...“ كانت عيناها تمر على الكلمات بحرقة و صدرها يعلو و يهبط من شدة صدمتها أنه هو هو زوجها والد طفلها كيف كيف ها قد فعلتها لقد فعلت ما أخبرتني دوماً أنك لن تفعله لقد نسيتني لقد نسيتني سامح و قد وعدتني الا تفعل لماذا ماذا حدث لك هل إستطاع قلبك نسياني هكذا ببساطة ..لم تستطع تحمل الأمر أكثر من ذلك و هى تسقط تناجيه بصوت معذب ...” سامح “ لتغيب عن واقعها مؤقتاً ..
8
صرخت سهام فزعا عندما سقطت عبير أمامها على الأرض فهتفت بها ...
” عبير عزيزتي ماذا حدث لك ليتني لم أتي “ركضت إلى الباب هاتفة يوسف يوسف مهند خالتي تعالوا بسرعة أنجداني “فتح يوسف الباب على صوت صراخ. سهام و والدته التي كانت ترتدي حجابها في الداخل لترى ما يحدث في الخارج رأت يوسف واقفا مسمرا لرؤية شقيقته فاقدة للوعي فصرحت به أسيا ..” تحرك يوسف أت بخالتي زينب. عبير فاقدة الوعي “ دخل يوسف للمنزل ركضا لغرفة والدته التي أكملت وضع حجابها و هو يهتف بها ..” أمي أمي عبير أسرعي “
أتت امينة سأله بفزع و مهند يخرج خلف شقيقه .” ما بها عبير “
جثت على ركبتها و التف الولدين حول عبيرو زينب تبكي بخوف و سهام تجيب ..” لقد علمت أين زوجها فلم تتحمل الأمر “
سألت زينب بفزع ..” هل حدث له شئ هل هو بخير “
قالت سهام و هى تحاول إفاقة عبير..” يا خالتي ليس هذا وقت الحديث أفعلي شئ لتفيق “
قالت زينب ليوسف ..” أجلب عطراً من غرفة شقيقتك بالداخل “
أسرع يوسف لتنفيذ حديث والدته و جلب لها عطراً الذي وضعت منه على يدها القليل و قربتها لأنف عبير التي بدأت تستفيق و هى تشهق و تمسك برأسها في ألم و هى تسأل بهستيريا ..” أين أحمد أين طفلي أين هو أجلبيه إلي “
نظرت إليها زينب بصدمة و هى تهدئها ..” عبيرحبيبتي احمد بخير و هو بالداخل لا تقلقي “
أنفجرت عبير باكية بعذاب و هى ترتجف بقوة صارخة ..” أمي أمي سامح. ...سامح
نسيى وجودي لقد نساني و طفلنا أمي لقد نسينا “
تطلعت زينب بذهول و عدم فهم فقالت سهام بحدة فيجب إفاقتها من ما تشعر به حتى لا تنهار و تغرق في حزنها ..” كفى عبيرأهدئي الآن حتى نستطيع أن نفكر ماذا سنفعل و كيف سنتصرف “
هتفت بهم زينب بحنق ..” هل يفهمني أحدكم ماذا يحدث هنا “
قالت سهام ..” فلندخل عبير غرفتها لتستريح و سأخبرك كل شئ خالتي “
ساعدت زينب و سهام عبير في الدخول لغرفتها و وضعاها في الفراش و سهام تقول ..” أستريحي كل شئ سيكون بخير فقط كوني قوية “
اغلقت عبيرعينيها بتعب و هى تهز رأسها موافقة و وجهها الشاحب يدل على كم الألم و العذاب الذي تعانيه ..
خرجت زينب و سهام بعد أن دثرتها الأخيرة و أخذت الأولي باسم الذي يبكي بخفوت قالت سهام بهدوء و هى تمد يدها بالجريدة لذينب الجالسة و الصغير على قدمها تنظر إليه في الصورة أمامها بملابسه الفاخرة و شعره المصفف و ملامح وجهه التي أصبحت قاسية و كأنه بُدل بشخص آخر أكثر قسوة و ثقة في النفس رفعت عينيها لأسيا بتساؤل فهزت هذه الأخيرة رأسها موافقة و قالت ..” يبدو أن هذا ما حدث حقا و هو قد عادت إليه ذاكرته “
أغمضت زينب عينيها بألم و قالت بحزن ..” يا لابنتي المسكينة ماذا ستفعل الآن “
ردت عليها سهام بقلق ..” عبير قوية و ستحسن التصرف خالتي أطمئني “
لا تعلم هل تطمئن نفسها أم خالتها لتجهزا لما ستواجهه عبير
فيما بعد من عواقب حتى تصل لزوجها و والد طفلها الذي يبدو أنه من طبقة غير طبقتهم و حياة غير حياتهم ....
******************
” هل قابلته “ هتفت بها زينب بلهفة و أمل تدلف من باب المنزل لتأخذ صغيرها تضمه بقوة و هى تشم رائحته و تقبله بحنان تتلمس فيه رائحة والده ..” لا لم أستطع لم يسمحا لي بالدخول حتى ..لا أعرف لما كل هذا لم يحيط نفسه بكل هذه الحراسة المشددة “ عقدت حاجبيها و أكملت بقلق ..” أمي أنا أخشى عليه أن يحاولون أذيته مرة أخرى و أنا بعيدة عنه و لست بجانبه كيف سأواجه الأمر حينها “
حاولت زينب طمئنتها على غير قناعتها ...” لا أعتقد ذلك إذا كان يحيط نفسه بالحراسة كما تقولين إذا هو يعلم أن هناك من يحاول إيذائه و لذلك يحتاط للأمر و يأخذ حذره كل ما يهمنا الآن هو أن تريه و تتحدثين معه و تحاولين تذكيره بكما قبل أن يتزوج من تلك المرأة“
صمتت عبير و هى تضم الصغير أكثر ثم قالت بحزن ..” أعتقد أنك تلومينني الآن على زواجي به رغم علمي أن شئ مثل هذا يمكن أن يحدث معي “
ربتت زينب على وجنتها قائلة ..” حبيبتي لا تلومي نفسك على ما حدث إنها إرادة الله أولا ربما يكون إختبار لقوة حبكما و كيف ستصمدان كلاكما لا تتخيلي أنه نسيك كما تقولين أنت هناك تسكنين قلبه ربما يفتقد وجودك و هو حتى لا يعرف ما يفتقد .. أصبرى حبيبتي ولا تيأسي أما بالنسبة لي فأنا أيضاً وافقت على زواجكم رغم أني كنت قلقة من الأمر وقتها و لكن لم أحاول منع ذلك و عندما رأيت سعادتكما أنت و زوجك أقتنعت أني فعلت الشئ الصواب أما أن كنت ألومك فأنا لا أفعل بل سألومك حقاً إذا تركتي زوجك لأخرى تأخذه منك و تأخذ ما هو حق لك أنت و طفلك هل فهمتي أنا أريد إبنتي القوية التي لا تستسلم أبدا و تحارب من أجل زوجها و طفلها كما حاربت من أجل أبيها أثناء مرضه هل تذكرين ذلك الوقت هذا ما أريده منك أنت لا تستسلمي أبدا و الآن كفاكي تخاذلا و فكرى الآن كيف ستصلين إليه لتعلني عن وجودك في حياته “
هزت عبير رأسها بحزم و هى تضم طفلها تستمد قوتها منه ..” حسنا أمي أنا أعدك أني سأعيد زوجي إلى بيته و طفله “
*****************
قال عامر يجيبها بهدوء عبير قد طلبت منه جمع معلومات عن زوجها أو ذلك الرجل في الجريدة التي رأتها سهام و أخبرت عنه الجميع و من وقتها قامت الدنيا و لم تقعد كما يقولون ..” هيثم عبد العظيم البنا مذكور في الصحف أنه كان خارج البلاد و لمدة عامين و عاد منذ بضعة أشهر و لكن ما علمته من امرأة تعمل لديهم غير ذلك “
نظرت إليه عبير بصمت متسأل فأكمل ..” كنت قد راقبت المنزل ليومين حتى أعرف من يدخل و من يخرج و مواعيد مجيئه و ذهابه و هكذا أشياء حتى لاحظت تلك المرأة هى كبيرة في السن و يبدو أنها تعمل لديهم منذ زمن فهى بئر معلومات ممتلئ فقط قومي بالضغط على الزر الصحيح “
زمت عبير شفتيها بنفاذ صبر فضحك عمار و قال ..” أجلسي فقط عبير حتى أتكلم و أنا مطمئن أنت تقفين هكذا فوقي أشعر بأنك ستنقضين على أي وقت لم يعجبك به كلامي “
جلست عبير و قالت بضيق ..” جلست أخبرني عامر و الا قولت لسهام أنك ضايقتني “
رفع حاجبه ساخرا و قال ..” هل تظنني أخاف منها أنا سأخبرك فقط لأني أريد صالحك و عودة صديقي فقط و الآن أستمعي إلي جيداً “
أنصتت عبير و عامر يكمل ..” ذلك اليوم أقصد به أمس كنت أقف خارج منزل سامح و حين رأيت تلك المرأة تخرج أدعيت أني لم أرها و أصتدمت بها و بعد الاعتذار و هكذا حديث أني لم أرها سألتها بجدية ..هل أنت من تعمل لدي سامح .و حديث طويل معها و هى تنفي أنه إسمه سامح و لكن من تعمل لديه يدعى هيثم عبد العظيم البنا و قد عاد منذ اشهر بعد أن كان مختفيا و لا أحد يعلم عنه شئ ..و تقول إنه حين عاد كان رث الثياب و مجروح في رأسه و كتفه و أنه كان يقول إنه تعرض للسرقه و أن أحدا هاجمه “
سألته عبير...” هل ذكرت أين كان يقول إنه مسافر في الخارج “
أجاب عامر بجدية ..” لا لم تذكر هى فقط قالت إن حالته كانت مشوشه و غير متزن لفترة قصيرة بعد عودته “
هزت رأسها بفهم و قالت ..” هل علمت مع من يعيش “
رد عامر ..” أجل ذكرت شئ عن والدته و زوجها التي تقول إنه قبل رحيلة دارت بينهم مشادة كبيرة و بعد أختفاء سامح عاد مرة أخرى ثم عاد و أختفي بعودة سامح مرة أخرى و قالت أن والدته امرأة طيبة المعشر و لا تعرف كيف تزوجت بذلك البغيض زوجها فالسيد كان يكرهه و لا يطيقه و تقصد بالسيد زوجك “
لمعت عينيها بالدموع و عامر يشير لذلك الرجل بزوجها لا هو ليس زوجها زوجها هو من سيتذكرها تنحنحت تجلي حنجرتها سأله ..
” هل علمت شيئاً آخر عامر “
قال عامر بهدوء ..” بعض الأشياء غير الهامة “
قالت بحزم ..” مثل ماذا “
رد بعدم إهتمام ..” لا شئ هام عبير تعرفين النساء حين يثرثرن بالحديث مع أحدا غريب لن يرونه مرة أخرى “
أبتسمت عبير فهى تعلم أنه لا يريد أن يؤلمها بالحديث قائلة ..” ماذا عامر أخبرني لا أعتقد أن هناك شئ سيؤلمني أكثر من معرفتي أن زوجي نسيى وجودي في هذه الحياة و كأني لم أكن يوماً في حياته أو علمي بأنه سيتزوج بأخرى “
أخذ نفس عميق و قال ..” حسنا تقول إنه يحب تلك الفتاة خطيبته و إلا ما عاد و طلبها للزواج فهو حين أختفي ظنت أنه يهرب من الإرتباط بها و لكنه عاد و عاد معه والدها اللجوج الذي يشبه الغراء و يلتصق به كالعلقة و لا تعرف على ماذا يحبها فهى مغرورة و متكبرة و حمقاء “
قالت عبيربحزن و قلبها يحترق غيرة ..” يحبها حقاً سنرى كيف ذلك عامر و الآن أخبرني عن والدته ..“
**************************
وقفت تتطلع لبيته بيت حبيبها و زوجها ..زوجها الذي نسي وجودها كانت تدفع بعربة طفلها تتجه لذلك المنزل الكبير الأشبه بقصور الحكايات الخيالية و قالت للرجل الجالس أمام بابه الحديد الكبير ..
” السلام عليكم سيدي “
رد الرجل الذى يرتدي زي الحارس و لكنه لم يكن شابا صغير ليعتمد عليه في حراسة هكذا منزل كبير بل كان عجوزا تخطى السبعين عاما بملامح وجهه المجعدة تعجبت لذلك الأمر لم يضع رجل مثله حارسا على بيته رغم أنه يحيط شركته بجيش جرار من الحراس و رجال الأمن الأشداء يا ترى ماذا يحدث مع زوجها رد الرجل و هو يراقبها بترقب و ريبة ..” و عليكم السلام ..ماذا تريدين يا إبنتي “
قالت عبيرو هى تشير بعينيها للقصر الكبير خلف البوابة الحديدية الضخمة ...” أريد مقابلة السيدة امينة فتح الله إذا سمحت “
تعجب الرجل و نظر لعربة الصغير سألا بشك ..” و من أنت “
لم تعرف عبير ماذا تجيبه فقالت بعد أن أرته الصغير النائم في عربته ..
” أدعى عبير و هذا صغيري احمد و السيدة امينةتكون صديقه لوالدتي لقد كنا خارج البلاد و عندما عدنا مرضت والدتي قليلاً فطلبت منى الحضور لهنا و إبلاغ السيدة بعودتنا و هى تريد أن تراها فهل لك أن تسمح لي بالدخول “
أنصت الرجل لحديثها بشك و لكنه لم يجد ضير من إدخالها فماذا ستفعل تلك الصغيرة و طفلها هذا و في الداخل جيش من الخدم يراعي السيدة فسيدهم منذ عودته و هو يدقق في كل شئ و ينظر لكل شخص على أنه تهديد محتمل بالنسبة له و لوالدته قال و هو يفتح لها البوابه الكبيرة ليدخلها ..” تفضلي سيدتي بالدخول من هذا الطريق “
و أشار إليها لتسير في ممر طويل و هو يكمل ..” أطرقي الباب و ستدخلك الخادمة “
هزت عبير رأسها و هى تدفع بعربة طفلها لتتنفس بقوة و راحة و قد باتت قريبة من تحقيق هدفها و الوصول إليه هو زوجها سامح طرقت عبير الباب و أنتظرت قليلاً لتفتح لها سيدة كبيرة ممتلئه ترتدي ثوب طويل بأكمام طويلة و غطاء للرأس صغير تظن أنها السيدة التي أخبرها عنها عمار في حديثهم الأخير نظرت إليها بتساؤل و هى تلقي نظرة على عربة الصغير ..” من أنت سيدتي و ماذا تريدين “
قالت عبيرباسمة بهدوء محاولة التماسك حتى لا تنهار في هذه اللحظة و خفقاتها تصم أذنها ...” أريد أن أقابل السيدة امينة فتح الله أرجوكي هى لا تعرفني و لكن لدي شئ هام أريد أخبارها به فقط أخبريها أني أريد رؤيتها “
أشارت لها المرأة بالدخول لتقف في ردهه واسعة تماثل شقتهم ثلاث مرات على الأقل و هى تنظر لما حولها من أثاث و مظاهر ثراء تكاد تطير العقل تنهدت بضيق و هى تفكر هل هذه خطوة في صالحها زواجها منه و هو فقير و تأه فهؤلاء من الطبقة غير طبقتهم لا يهتمون بأمثالنا من هم أدنى منهم مرتبة ..تجادل نفسها بقوة .. أنا لا أريد مالهم أنا أريد زوجي فقط و لا شئ أخر لا شئ سوى زوجي بعد قليل أتت السيدة الممتلئة قائلة ..” تفضلي سيدتي في غرفة الجلوس سيدتي أتيه “
تنهدت عبيربراحة شاكرة الله أنها قبلت رؤيتها أبتسمت المرأة بود قائلة ..” ماذا تحبي أن تتناولي سيدتي “
أجابت عبيرممتنة..” لا شئ سيدتي و أنا أدعى عبير لا داعي لسيدتي “
أشارت المرأة لها بالجلوس ..” تفضلي بالجلوس لحين قدوم السيدة امينة “
جلست عبير تتطلع حولها بقلق بعد إنصراف المرأة فهى علمت أن سامح لا يعود إلى المنزل في هذا الوقت و لهذا قدمت الآن لتتحدث مع والدته أولا فيما هى قادمة لأجله جذبت عربة احمد تقربها إليها و هى جالسة تنتظر بعد قليل دلفت إلى الغرفة امرأة تبدو كنجمات السينما في هوليود طويلة شقراء بعيون زرقاء لامعه و بشرتها البيضاء مزينه بحبات من النمش البني الذي يزين وجهها كانت تضم شعرها في عقدة خلف رأسها يعطي مظهرها بعض الصرامة و يعطيها بعض الوقار رغم ملامحها التي لا تدل على عمرها الحقيقي الآن باتت تعلم من من ورث زوجها ملامحه شعرت بالقلق و هى تتسأل هل يا ترى ستساعدها أم لا
قالت السيدة تتسأل ..” من أنت عزيزتي و ماذا تريدين “
تنهدت عبير براحة قائلة بهدوء ..” حمدا لله أنت تتحدثين العربية “
أبتسمت امينة و قد شعرت بالراحة لهذه الفتاة فقالت سأله ..” بالطبع أتحدث العربية فأنا مصرية عزيزتي و لكن سؤالي هو من أنت و ما الذي تريدينه مني لأساعدك به أخبريني “
قالت عبير تجيبها بهدوء تحاول إستجماع قواها ..” أولاً إسمي هو عبير و ثانياً هل تسمحين لي بالجلوس فحديثي سيطول “
أشارت المرأة لها بالجلوس بطريقة تدل على رقيها في التعامل مع الآخرين قائلة..” تفضلي عزيزتي أجلسي “
جلست عبيرو فتحت حقيبتها و أخرجت بعض الصور لها و سامح قائلة
” ألقي نظرة على هذا و سنتحدث بعدها إذا سمحتي لي بالطبع “
أمسكت امينة بالصور بريبة و هى تلقي نظرة على محتوياتها و كلما نظرت لأخرى أتسعت عينيها أكثر و كأنها ستخرج من محجريها ..كانت أنفاسها تخرج شهقات من الصدمة حتى شعرت عبير بأن المرأة ستصاب بذبحه صدرية و هى تهتف بذهول ..” كيف كيف ذلك “
أخرجت عبير قسيمة زواجها هى و سامح و أعطتها لوالدته و هى مازالت صامته تنتظر امينة لتخرج من صدمتها .. قلبت امينة الورقة بين يديها بذهول تنظر لعبير غير مصدقة و هى تشير للإسم قائلة ..” و لكن هذا هذا “
قالت عبيرتقاطعها ..” سيدتي أهدئي قليلاً حتى أفهمك أنا لا أريد إزعاجك أو التسبب لك بالمرض أرجوكي تنفسي بعمق و أهدئي “
أخذت امينة أنفاس طويلة حتى تهدء ثم نظرت بحزم لعبير الجالسة بقلق ...” ماذا تريدين “
9
أخذت زينب أنفاس طويلة حتى تهدء ثم نظرت بحزم لعبير الجالسة بقلق ..." ماذا تريدين"
ردت عبير بقوة .." المساعدة ..المساعدة لأستعيد زوجي ليس أكثر من ذلك "
قالت زينب و عيناها تهرب لعربة الصغير بريبة و حيرة ثم عادت لعبير تتفرس في ملامحها قائلة .." و أن لم أفعل "
تنهدت عبير بحزن فهذا ما كانت تخشاه و الآن ستصبح معركتها أصعب بدون مساعدة هذا المراة و لكنها لن تستسلم من أول الطريق ستحارب وحدها من أجلها و أجل طفلها .." إن فعلتي فوزتي بابنة أخرى مطيعة ستحبك و تبرك و تكرمك كما يفعل ولدك و إن لم تفعلي ستخسرين ولداً أحبك و أكرمك و برك طوال حياته "
عقدت زينب حاجبيها بضيق و هى تقول بسخرية .." هل تهددينني "
هزت عبير رأسها بحزن .." لا لكني واثقة أني سأستعيد زوجي و عندما يعلم بما فعلته معى صدقيني سيبتعد عنك بإرادته و ليس تحريض مني"
ردت زينب بلامبالاة و كأن الأمر لا يعنيها و أن حديثها لا أهمية له .." و لمَ لم يعد لك طالما أنت واثقة إلى هذا الحد لم تحتاجين مساعدتي ما دمت واثقة فيه هكذا و أنه سيعود لك لم لا تذهبي إليه و تخبريه أنك هنا لنرى ما سيفعل "
أجابت عبير بحزن و عينيها مليئة بالدموع قائلة.." لسبب بسيط سيدتي هو لا يذكرني "
قالت المرأة بذهول .." ماذا تعنين أنه لا يذكرك "
أخرجت عبير أوراق احمد الصغير و قدمتها لوالدته التي أمسكت بها بلهفة تريد معرفة ماذا حدث مع ولدها منذ عامين و أختفائه الغامض نظرت للورق تقرأ بعض الكلمات التي لم تستوعب منها شيئا فقالت سأله بحيرة .." ما هذا "
سردت لها عبير ما حدث مع زوجها منذ وجد ملقى في الصحراء إلى يوم تركها ليذهب لعمله و لم يعد فأنتفضت المرأة بذعر و هى ترتجف قائلة برعب .." يا إلهي سيقتله حتماً سيقتل ولدي الآن بعد عودته لطالما شككت أنه خلف إختفائه "
أرتجفت عبير قائلة برعب و هى تمسك بيدها .." من هو من هو الذي سيقتل زوجي أرجوكي أخبريني "
أمسكت عبير بيدها هى الأخرى قائلة برجاء .." أنت تريدين زوجك أليس كذلك حسنا خذيه معك خذيه معك و لا تعودا مرة أخرى لهنا .. أنا سأذهب إليه معك و أخبره أنك زوجته هيا بنا"
قالت عبير تهدئها .." سيدتي أهدئي رجاءا و أفهميني من ذلك الذي يريد إيذاء زوجي أنا لن أسمح بذلك و لكن أخبريني "
قالت زينب بمرارة .." زوجي زوجي هو من يريد قتله زوجي زوجي و عمه هل تصدقين "
نظرت عبير إليها برعب و هى تتذكر حديث والدتها يوم أخبرتها إذا تذكر زوجها و عاد لحياته ربما يؤذيه ذلك الشخص مرة أخرى و ربما لا يستطيع أحد إنقاذه هتفت عبير بحزم .." لا لا أنا لن أسمح بذلك "
ضغطت زينب على يدها ترجوها .." و لذلك أرجوكي خذيه معك أذهبا من هنا "
هزت رأسها نافية .." سيدتي أخبرتك هو لا يتذكرني كيف سياتي معي كيف "
ردت زينب بيأس .." لا أعرف تصرفي ألست تريدينه "
أمسكت عبير بيدها تجلسها قائلة بهدوء فالوضع الآن يحتاج لتتمالك أعصابها حتى تستطيع التصرف و التعامل مع الأمر لتعرف نوع الخطر الذي يهدد حياة زوجها .." سيدتي أجلسي و أهدئي و أخبريني لماذا يريد زوجك إيذاء زوجي حتى نستطيع مساعدته و حماية سامح"
أجابتها زينب ببكاء .." لا يهم لماذا ... كل ما يهم الآن هو حماية ولدي و لذلك سنخبره بوجودك و تريه كل ما أريتني إياه ليصدق و عندها حتما سيقتنع و يذهب معك "
ردت عبير بحزن و هى تجذب عربة طفلها بجوارها مما جعل زينب تعقد حاجبيها مفكرة و هى تنظر إليها و هى تزيل دمعاتها بأصابع يدها لتقول .." و لكني لا أريده أن يصدقني أنا أريده أن يتذكرني لقد وعدني الا ينساني و هو فعل لقد نسى وجودي و سيتزوج بأخرى كيف لي أن أظهر كل شئ هكذا فجأة و أقلب حياته رأساً على عقب "
نظرت إليها زينب بذهول و هى تقول بدهشة .." هل فقدت عقلك تعرفين أن زوجك سيتزوج بأخرى و تقولين لا أظهر شئ و أقلب حياته لما أتيتي إذن و لم تطلبين مساعدتي ما دومتي لا تريدين إخباره "
صرخت عبيربحرقة قائلة.." أريد أن أذكره بي أريده أن يتذكرني و يريد إعادتي و ليس فرض نفسي عليه و هو و هو يحب أخرى هل فهمتي الآن"
جلست زينب على المقعد بتعب كمن أستفذ كل قواه و طاقته .." إذن ما العمل ما المطلوب منى لمساعدتك "
" المكوث معك هنا أنا و طفلي حتى أبقى بجانبه لن أخبره بزواجنا بل سأتعرف عليه و أتقرب منه لأذكره بي سأتعرف عليه كغريبة و ليس كزوجة لنرى ما يحدث عندها "
كانت عبير تتحدث و زينب
تنظر لعربة الصغير بذهول فمنذ مجيئها و لم يصدر عنها صوت حتي ظنت أنها فارغة فهتفت ذاهله ..." طفل أنت تقولين طفل هل هيثم لديه طفل "
نفت عبير بقوة .." لا ليس هيثم بل سامح زوجي نعم لدينا طفل "
أقتربت زينب من العربة بلهفة و هى تقول بفرح متناسية كل ما كانا يتحدثان عنه منذ قليل .." أريني إياه أريني حفيدي بسرعة "
قالت عبير بتنبيه .." عبير سيدتي عبير"
أبتسمت زينب بفرح و هى تعيد طلبها .." أريني حفيدي عبير أريني إياه أرجوكي يا إلهي هيثم لديه طفل صغير لدي حفيد "
هتفت بها عبير بتحذير .." قلت ليس هيثم بل سامح زوجي أنه طفلي و طفل سامح و ليس هيثم ولدك هذا أنا لا أعرفه "
عقدت زينب حاجبيها بغضب و هى تنهرها .." كُفى عن قول سامح أنه هيثم و هو زوجك كما تقولين "
هزت عبير رأسها بتعب .." لا سيدتي سامح هو زوجي أما هيثم فهو ولدك لحين عودة ذاكرته له و يعرف من أنا وقتها سيعود سامح زوجي و لن أحتاج لمعرفة ذلك الهيثم"
أبتسمت زينب بمرح فيبدو أن لديها كنة عنيدة و ستستمتع بالتعرف عليها و تتلهف للقائها بولدها المبجل أنحنت على العربة و هى ترفع الغطاء عن الصغير النائم قائلة بمرح .." أنت مجنونة يا فتاة "
نظرت للصغير و هى تحمله من العربة و قالت بفرح و لهفة .." أنه يشبه هيثم و يشبهني "
همت عبير أن تقول لها بل سامح عندما أكملت زينب بحزم .." أنه يشبهني يشبه جدته "
كان مازال نائما فسألت زينب .." هل عينيه زرقاء أيضاً "
فقالت عبير بتحدي و هى تكتف يديها أمام صدرها " و أن لم تكن "
ردت زينب بحزم و تأكيد .." أنه حفيدي يا فتاة أنظرى لأنفه و جبينه العريض و ستعرفين فهذا أنف أبي "
أبتسمت عبير برقة قائلة بمودة .." أنها زرقاء فهذا الباسم لم يأخذ من ملامحي شئ و كأني لم أُعذب بحمله و وضعه تسعة أشهر "
ضحكت زينب و قبلته على رأسه و هى تجلس و هو في حضنها قائلة بحنان .." أنت هادئ كوالدك يا ولد "
زمت عبير شفتيها و قالت ساخرة .." أجل هادئ جدآ كوالده أنتظرى حتى يفيق لترى هدوئه "
ضحكت زينب و مدت يدها لأمل لتقترب فأمسكت عبير بيدها لتجلس جوارها عندما سألتها زينب.." ماذا سنفعل الآن أخبريني "
تنهدت عبير بحزن .." لا أعلم أنا فقط أريد المكوث بجواره بأي سبب حتى أعلم ماذا سأفعل و كيف سأتقرب منه ليتذكرني أنا فقط أريده أن يتذكرني..أنا أعلم أنه يفتقدني رغم عدم تذكره لي و لكني واثقة أني أسكنه مازلت هناك في قلبه و هذا يكفي لإحارب لأجل إعادته إلي "
صمتت زينب مفكرة في تلك الفترة عقب عودة هيثم و تشتته و عدم فهم ما يحدث معه و كيف لا يتذكر أين كان منذ عامين ظن أنه ضربة رأسه أنسته أين كان و الآن تعرف أن الأمر أكبر من ذلك بكثير كانت تمسك بيد احمد و هى تقبلها بحنان مرارا من وقت لآخر كما يفعل سامح ..فأبتسمت عبير ثم أنفجرت ضاحكه فسألتها زينب متعجبة .." ما الذي يضحكك يا فتاة "
أجابت عبير من وسط ضحكاتها .." أنت تفعلين مع احمد كما يفعل سامح كان يجلس بجواره ممسكا بيده هكذا و يظل يقبلها إلى أن يصحو و كنا نتجادل لذلك كثيرا حتى أمنعه من فعل ذلك "
ضحكت زينب و قالت بحنان .." نعم إنه يشبهني كثيرا لا أعلم لم لم يكن يشبه أبيه كان صبرني على فراقه على الأقل و لكنه لم يأخذ منه شيئا سوى " و أكملت بحزن .." سوى لحظات غضبه كان مثل أبيه تماماً "
صمتت زينب فتنهدت عبير بحزن .." أشتقت إليه كثيرا "
ربتت زينب على يدها مطمئنه فقالت عبير.." سأرحل الآن و حين تعرفين كيف سأبقى هنا أتصلي بي "
أعطتها رقم هاتفها فقالت زينب برجاء .." أبقي قليلاً مازال الوقت مبكرا"
قالت عبير باسمة .." لا أستطيع سيدتي سامح سيعود بعد قليل و لا أريده أن يراني هنا الآن بدون أن أعلم ماذا سنخبره عني و عن من أكون "
هزت زينب رأسها موافقة .." معك حق "
قبلت الصغير و قالت .. " سأشتاق إليك يا صغير لحين عودتك هل قولتي أنه يدعى أحمد "
هزت عبير رأسها فقالت زينب و هى تضعه في العربة .." إسم جميل كصاحبه "دثرته جيداً و همت عبير أن ترحل عندما دلف سامح ثائرا غاضبا يهتف بحدة غير منتبه لوجودها .." أمي أقسم أن لم يبتعد زوجك المختل هذا عن شركتي فسوف أقتله هل فهمتي "
كانت عبير تنظر إليه بذهول و هو يتوعد زوج أمه بالقتل ببساطة هل هذا سامح زوجها كان يرتدي بذلة بنيه و قميص أصفر و حذاء بني لامع يصفف شعره للخلف و قد إستطال ليتخطي ياقة قميصه و يمسك بيده سيجار فاخر كالذي تراه في الأفلام الأجنبية مع زعماء العصابات لم ينتبه لوجودها و والدته تهدئه .." أهدء هيثم حبيبي ماذا فعل لك أخبرني "
رد بغضب و هو يشيح بيده محذرا .." أخبريه أمي أن لم يبتعد عنى و عن شركتي هذا اللص فسوف ..."
قاطعته عبير قائلة بذهول و هى تستدير لتبتعد .." سيدتي أنا سأرحل وداعاً "
دفعت عربة طفلها و تحركت عندما صرخ بها بحدة .." أنتظرى هنا من أنت و ماذا تفعلين هنا .." نظرلملابسها العادية و عربة طفلها و أستدار لأمه قائلاً .." أمي ألم أقل لك الا يأتي أحد للمنزل لطلب المال لما لا يذهبان لجمعيتك الخيرية أنا أضع فيها الكثير و لا أريد لأحد يأتي لبيتي ليزعجني "
صدمت عبير لما تسمع هل هذا الوقح المتكبر هو زوجها الحنون هل هذا ما أتت لهنا لتعيده إليها وجدت نفسها تتحرك ببطء و هى لا ترى أمامها لتشوش رؤيتها بسبب دموعها التي تجرى على وجنتها فنهرها قائلاً بغضب .." قلت أنتظرى هنا هل أنت صماء "
عندما لم تتوقف أندفع خلفها بغضب يمسك بذراعها يوقفها لتستدير لتواجهه و عيناها متسعة غضبا و لامعه بالدموع نظر لعينيها المتسعة و كأنها كل ما في وجهها من ملامح رأي دمعاتها على وجنتها فشعر بالحيرة و عقله يبحث أين رأي هاتان العينان من قبل يا ترى لا يستطيع أن يتذكر .." من أنت و ماذا تريدين "
أمسكت بيده تزيحها عن ذراعها بعنف .." أبتعد عني و إياك أن تلمسني مرة أخرى فهمت "
نظر إليها بذهول و هو يشعر بأنه سمع صوتها من قبل و لكنه لم يكن يعرف متى ..كان غاضبا من نفسه لتفكيره في غريبة متناسيا ما أتى لأجله لم يتخيل أن صوتها ناعم رقيق مثل ..مثل ماذا يا إلهي هيثم ماذا دهاك هل جننت المرأة اتيه مقتحمة بيتك و تحدثك بوقاحة وأنت تقف هنا تفكر في عينيها و صوتها تدخلت امينة لتهدء الأمر بينهما فيبدو كأن عبير تنتقم من ولدها لنسيانه إياها .." عبير حبيبتي يمكنك الذهاب الآن و سأهاتفك فيما بعد "
أمسكت بعربة احمد و خطت خطوات قليلة عندما هتف بها هيثم غاضبا فهى لن تذهب إلا أن علم من هذه و ماذا تريد من والدته .." أنتظرى يا فتاة أنت لن تذهبي لأي مكان قبل أن تخبريني من أنت و ماذا تريدين من أمي "
أستدارت عبير بغضب و دنت منه بحنق فهذا الرجل ليس زوجها الهادئ أبدا من هذا البغيض الوقح الذي أمامها يتحدث إليها بتعال يظن نفسه يملك الكون يأمر فيطاع كتفت يدها أمام صدرها .." و من أنت حتى تسألني و ما هو دخلك بالأمر هل أنت زوجي لتحقق معي و أنا سيدة و لست فتاة و الآن سأرحل و إذا سمعت صوتك مرة أخرى ستلقي مني ما لا يسرك أيها الوقح المتكبر "
كادت زينب أن تنفجر ضحكا و هى ترى وقفة ولدها المسمرة بذهول لا يعرف بما يجيبها و عبير تتحرك من أمامه راحلة هى و صغيرها دون أن ينطق بكلمة أبتسمت امينة مرحا يبدو أنها ستعيش مغامرة مع ولدها و زوجته المجنونة تلك في الأيام المقبلة تلاشت أبتسامتها عندما التفت إليها هيثم بقلق و هو يتسأل بحيرة. و فضول .." من هذه أمي هل تعرفينها "
جلست زينب بهدوء بعد أن أطمئنت لإنتهاء اللقاء بينهم على خير بدون إسالة دماء فقالت بلامبالاة .." هذه إبنة صديقة لي و ستأتي للمكوث معي هنا بعض الوقت لحين عودة والدتها من الخارج تعرف هى أم و وحيدة و لا يجب أن تظل وحدها "
وجدت نفسها تتحدث بتلقائية و تخترع الكذبات بسهولة و تذكر له سبباً مقنعا دون أن تفكر حتى في الأمر فقال بحدة .." لم وحيدة أين زوجها"
تفرست زينب ملامحه هل يا ترى يتذكر شئ أو هو فقط الفضول ..قالت ببرود تجيبه .." تركها هل لديك مانع "
" مانع لماذا و ما دخلي أنا أن تركها زوجها أم لا " قالها هيثم بحدة فأبتسمت زينب بمرح .." لم أقصد هذا أقصد هل تمانع في مكوثها معنا هنا في المنزل بعض الوقت هى و طفلها "
صمت هيثم حائر هل يريدها هنا أم لا و ما دخلي هل ستجلس على رأسي ليس لي شأن بها على أي حال هز رأسه بنفي منصرفا من أمام? والدته دون أن يجيب فلم تعلم هل ينفي وجودها أو ينفي عدم رفضه لوجودها ..نظرت إليه زينب و هو يعود للخارج مرة أخرى شاعره بالقلق عليه مما يحدث بينه وبين زوجها البغيض ذلك ....1
10
" أمي هل أفعل الصواب " قالتها عبير بحيرة و هى تحزم حقيبتها لتذهب كما اخبرتها امينة عندما هاتفتها أمس ..أبتسمت امينة بحنان و أمسكت بيدها التي تضع ملابس صغيرها في الحقيبة .." أجل عزيزتي أنت تفعلين الصواب من أجلك و من أجل احمد "
قالت عبير بحنق .." و لكنه أمي أنت لم تريه لقد تغير كثيرا أنه وقح و مغرور و .. " قاطعتها امينة.." و عادت إليه ثقته بنفسه منذ عادت ذاكرته ..سامح زوجك ماذا أقول .. لم يكن يشعر بالأمان أو الثقة في شخصه ..كان يشعر بأنه أدنى من الجميع فقط لأنه لم يكن يملك هوية ..أما هيثم فهو معه هويته و ثقته و ماله أيضاً لا تنسي ذلك هذا ...و كل هذه الأشياء صنعت الإنسان الذي رأيته ذلك اليوم .. المطلوب منك هو أن تذكريه بسامح الحنون الطيب المعشر المحب لزوجته و طفله بجنون ..صدقيني هو فقط يحتاج دفعه بسيطة ليتذكر كل ما فقده "
ردت عبير بحيرة فهو لم يظهر عليه أنه قد تعرف عليها أو حتى أشتبه في رؤيتها من قبل و لم يسألها إن كان يعرفها أم لا .." و لكنه لم يتذكرني رغم رؤيته لي "
ضحكت امينة .." و هل تريدينه أن يتذكرك فور رؤيتك هل أنت في فيلم ما عندما يرى البطل البطلة و يمر شريط حياته معها و يتذكرها فور رؤيتها و يتذكر كل ما كان بينهما .. حبيبتي هذه الحياة الواقعية و ليست دراما ..أذهبي و أنتظري ما سيحدث فيما بعد بينكما و تعرفي على زوجك بشخصيته الجديدة لعلك تحبينه أكثر من سامح القديم "
نظرت إليها عبير بإستنكار فأبتسمت امينة و قامت بإنهاء وضع ملابس الصغير في الحقيبة و هى تقبلها و تشم رائحتها بحنان فسألتها عبير ..
" هل تعتقدين أنه عندما يرى أحمد سيتذكره ."
أجابت امينة بجدية .." لا أعلم ربما فهو في النهاية من دمه على غرارك أنت و صلة الرحم تكون في فطرة الإنسان أنها مشاعر تتملكنا نحو أبنائنا لعله يشعر نحوه بشئ وقتها و حينها سيتسأل عن كونه شعوره هذا فقط أصبري لتعرفي أنت و طفلك ستكونون معه و حوله هو فقط وقت تحتجانه فرصة تعرفي عليه من جديد فأنتهزيها "
أبتسمت عبير و قالت ساخرة .." هذا أن كان يطيقني أنه .. أنه بغيض حقا أمي "
ضحكت امينة و قالت بمرح .." لقد تحمست لرؤية ذلك الهيثم حقاً "
ردت عبير و هى تزم شفتيها .." أما أنا فلا و الآن سأذهب فهذا وقت موعدي مع والدته "
قالت امينة مطمئنه .." حمدا لله على وقوفها بجانبك و إلا لم نكن نعلم ما سيحدث معك "
هزت رأسها موافقة فأكملت امينة تتسأل .." من سيوصلك لهناك "
أجابتها عبير و هى تنهى ترتيب ملابسها .." عامر سيأتي معي لهناك يوصلني و يرحل لا تقلقي "
أحتضنتها والدتها .." تعالي لزيارتنا من وقت لآخر "
هزت رأسها و هى تحتضنها .." أجل أمي سأفعل و الآن سأذهب لأرى يوسف و مهند قبل أن أرحل "
جرجت لتذهب لغرفة شقيقيها و امينة تنظر إليها بحنان مشفقة على حالها متمنيه أن تسير الأمور على خير "
*******************
بعد أسبوع
**
" ألا تلاحظين شيئاً غريباً على أمير عبير "
سألت زينب عبير و هما تجلسان بعد الغداء في غرفة زينب تلاعب احمد بفرح نظرت إليها عبير بتساؤل ..كانت قد أتت و عامر ذلك اليوم معرفة عامر على والدة أمير عندما أتى ذلك الأخير قبل أن يرحل عامر بدقيقة كان يقف هناك على الباب مكتفا يديه ينظر لعامر بعداء و هو صامت يراقب ما يحدث و عامر يوصي والدته على عبير قبل رحيله غامزا بعينيه لتلك الأخيرة و هو يرحل مودعا و عند إنصرافه و ذهاب عبير لغرفتها التي أعدتها لها زينب بجوارها لها و لاحمد الذي جلبت له سرير صغير متنقل حتى يسهل ذهابه لغرفتها لتريح عبير قليلاً و جلبت له أيضاً ألعاب كثيرة لتسليه بها فور ذهابها لغرفتها سألها أمير حانقا ..
" إذا كان زوجها معها لم تأتي لتمكث لدينا لم لا تظل مع زوجها و تريحنا"
أبتسمت زينب قائلة و هى ترى غضب ولدها من وجود عبير لديهم لا تعلم لم كل هذه العصبية من ناحيته .." هذا ليس زوجها أنه صديق لزوجها و أتى ليوصلها "
قال غاضبا .." ما هذه الوقاحة كيف تذهب هكذا مع رجل غريب عنها و تجعله يوصلها لأي مكان هل هى صغيرة لتحتاج مساعدة أحد هل رأيته و هو يعاكسها بعينيه و هو راحلا أمي أخبريها إذا بدر منها تصرف سئ ستخرج من هنا أنا لن أقبل بأي من هذه السخافات تحت سقف بيتي هل فهمتي "
تركها و إنصرف عادت من ذكريتها على صوت عبير و هى تسألها .." ما هو هذا الشئ "
ضحكت زينب .." إنه يهرب من المنزل منذ مجيئك "
نظرت إليها عبير بحزن فأبتسمت زينب قائلة بتأكيد .." إنه متأثر بك لا يريد المكوث هنا حتى يبتعد عنك "
زمت عبير شفتيها بضيق فأكملت زينب بثقة .." إنه يشعر بالتهديد من وجودك "
أتسعت عينى عبير بتعجب فعاودت رين التحدث .." بإختصار يشعر بشئ ما نحوك و لذلك يهرب ..أنت معك حق أنت موجودة بداخله يا فتاة و هو يحتاج للوقت ليتذكر "
تنهدت عبير بيأس و قالت .." أريده أن يرى احمد و لكن لم يأت وقت مناسب لذلك أريده أن يراه دون أن يكون مجبرا على رؤيته و لكنه لا يجلس معنا و لا حتى أوقات الطعام "
طمئنتها زينب .." سيفعل عبير سيفعل فقط أصبرى "
*****************
كانت تشعر بالغضب منذ جاء اليوم قائلاً أن خطيبته ستأتي للعشاء معهم ألقى قنبلته ببرود ثم أختفى داخل غرفته تاركا إياهن ما بين قلق و غضب ... قلق من زينب لمجيئ خطيبته في وجود زوجته الجالسة أمامها محتقنة الوجه من شدة الغضب تكاد تحرق المنزل بشرر عينيها ..نهضت عبير قائلة .." سيدتي أنا سأذهب اليوم و احمد لدي والدتي سنمكث معها لبعد وقت العشاء حتى لا تقلقي علينا و سأجعل عامر يوصلنا حين ننتهي "
أجابتها امينة بلامبالاة و هى تأخذ مجلة من أمامها تتصفحها بلا إهتمام ..
" تهربين "
أجابت عبير بهدوء .." خوفاً على ولدك ليس أكثر "
ضحكت زينب بقوة و قالت و هى تشير بيدها .." أجلسي ..أجلسي يا فتاة أنت مجنونة حقاً "
جلست عبير على المقعد بغضب فقالت لها زينب .." ألا تريدين رؤية منافستك "
أجابتها عبير بحدة و الغيرة تنهش قلبها تريد الصراخ لتعلنها بقوة أنه لها لها وحدها فقط .." هى ليست منافستي هى خطيبة أمير و ليس سامح و لذلك لن أغضب "
قالت زينب بسخرية مستفزه.." حقاً حسنا ستظلين هنا وقت العشاء لنرى"
زمت عبير شفتيها صامته فأبتسمت زينب.." لم لا تتركين شعرك الليلة وقت العشاء فهو جميل حقاً لم أرى شعر طويل و أسود هكذا يذكرني بذيل الحصان طويل و ناعم "
قالت عبير بحزن .." لا أستطيع أن أفعل ذلك فأمير ليس زوجي ماذا سيقول عني اذا فعلت شئ كهذا أمامه و هو مفترض به غريب عني"
تنهدت عبير بضيق .." معك حق و لكن على الأقل أرتدي شيئاً جذابا بدلا من هذه الأثمال التي تخفي جسدك هل هذا ممنوع أيضاً "
كتفت عبير ذراعيها بضيق فضحكت زينب قائلة .." تعالي معى سأنتقي لك شيئاً من ملابسي "
هزت رأسها نافية بعنف .." لا لا أريده أن يقول إني أخذ ملابسك أيضاً"
طمئنتها عبير .." لا تقلقي لدي الكثير لم أرتديه و هو مناسب لحجابك "
نهضت معها عبير تضع ذراعها حول خصرها ليصعدان الدرج و هى تقول .." حسنا لنذهب لنرى احمد أولا هل أفاق "
هزت زينب رأسها متحمسة و هما يدخلان غرفة الصغير ليطمئنا عليه ثم تذهبان لغرفة زينب التي قالت.." أجلبي احمد معك حتى لا يقلقنا شئ و نحن نستعد للعشاء اليوم كم أنا متحمسة له "
ضحكت عبير .." تحبين الدراما سيدتي "
ردت زينب بلامبالاة .." و من لا يحبها "
رفعت حاجبيها بمرح و شفتيها تلتوى بابتسامة ساخرة .." نعم معك حق و من لا يحبها "
**********************
هبطت الدرج بهدوء بعد أن أطعمت صغيرها و غفى بدلت ملابسها بتلك التي أعطتها لها زينب كانت عبارة عن ثوب من الحرير طويل بدون أكمام أخضر فاتح ضيق من الأعلى و ينزل بإتساع حول قدميها عليه جاكيت قصير مطرز يضم جسدها ليداري عري ذراعيها ضيق عند المعصم ليظهر نحافتها ليظهر الثوب تناسق جسدها و حذائها الأبيض العالي الذي ذادها طولا و حجاب قصير تضمه للخلف حول عقدة شعرها تزين حجابها بسلسال فضي ليظهر عنقها الأسمر من فتحة ثوبها ..
كان يتطلع عليها بذهول و هى تهبط بتروي بزينة وجهها الخفيفة التي تظهر أتساع عينيها السوداء و شفتيها الممتلئة ..كان يجلس بجوار خطيبته التي تلتصق به بإغواء مما جعل الغضب يصعد لعينيها و تنظر إليهم بحقد هتفت بها زينب عندما لاحظت غضبها حتى لا تفعل شئ أحمق.." عبير حبيبتي تعالي لهنا لتتعرفي على خطيبة أمير "
تقدمت زامه شفتيها بقهر و حذائها يطرق على الأرض بغضب تنظر لتلك الملتصقة بزوجها بإغراء بشعرها البني القصير و بشرتها البيضاء و ثوبها القصير و عينيها الخضراء بزينة وجهها الرقيقة عقدت حاجبيها بضيق فهى حقاً فتاة جميلة مقارنة بها هى السمراء العادية المظهر جلست بجوار زينب التي عرفتها قائلة .." هذه ديمة خطيبة أمير " و التفتت للأخرى قائلة .." هذه عبير إبنة صديقة لي و مقيمة معنا لفترة هى و طفلها "
هزت الفتاة رأسها بلامبالاة و كأن علمها بمن هذه غير هام لها و سألتها بعدم إهتمام لإجابتها و كأن السؤال للمضايقة فقط .." و أين زوجك عزيزتي "
أجابتها عبير بغضب و هى تنظر لأمير قائلة .." زوجي الأحمق نسيني آنستي "
نظرت إليها الفتاة بعدم فهم هاتفة.." ماذا "
أبتسمت عبير بسخرية و قالت .." لا تشغلي بالك و حدثيني عنكما متى ستتزوجان "
شعر أمير بالغيظ منها و هى جالسة بكل برود أمامهم و كأنها في منزلها و هم ضيوف لديها فقال يجيب .." لا شأن لك بنا فكرى فقط في زوجك الأحمق و كيف ستعيدينه "
ضحكت زينب بقوة و أبتسمت عبير برقة فظهرت أسنانها البيضاء و شفتيها الحمراء تنفرج و كأنها تطالبه بتقبيلها قالت بدلال شعر معه أنها فعلت ذلك أمامه مرات عديدة فعقد حاجبيه بضيق و هو يأخذ أنفاسه بعمق و هى تغرد بصوتها الناعم كالطيور تغويه بغنجها .." أنا أفعل الآن لا تقلق فهو نصب عيني و لن أتركه أبداً "
عقد أمير حاجبيه بحيرة لم يشعر أنها تقصده بحديثها قام يهرب منها و من شعوره تجاهها فأمسك بيد خطيبته موجها حديثه لزينب متجاهلا عبير و هو يقول .."أمي عندما يجهز العشاء أخبريني سأجلس و ديمة في مكتبي قليلاً لوقتها "
أخذها و أنصرف فضربت عبيرعلى المقعد بغضب و زمجرت بحنق ..
" اه منك سامح سأقتلك يوماً "
ضحكت زينب قائلة .." إنه أمير أمير عزيزتي و ليس سامح"
زمت عبير شفتيها بغيظ و هى تقول بيأس .." أنا أكرهه أكره ذلك الأمير و أريد زوجي أريد زوجي أن يعود "
شعرت زينب بالشفقة عليها و هى ترى عذابها و عينيها الملئة بدموع القهر فقالت .." ألم يرى أحمد بعد "
هزت عبيررأسها و هى تزفر بحرقة .." لا لم يره "
سألتها عبير حانقة من تيبس رأسها .." لما عبير لم لم تأخذينه إليه لغرفته فقط و تعطيه له و هو سيربط كل شئ ببعضه صدقيني فاحمد نسخه منه و هو ليس بهذا الغباء و الآن و أنت تخبرينه أن زوجك نسيك ماذا تنتظرين أكثر من ذلك لتدفعيه للتذكر "
أجابت عبير بحزن .." لا أعرف فقط أريده أن يتذكرني بدون دفعه أريده أن يبحث داخله عني و أن لم يفعل فهو لم يكن يحبني حقاً و كنت مجرد أمان له في ذلك الوقت كما كان يقول "
سألتها زينب.." ماذا تعنين بأمان "
أجابتها عبير بحزن و على شفتيها أبتسامة ألم .." سامح لم يكن يقول لي عبير بل كان يدعوني أماني و الآن أعتقد أنه كان مجرد شعور منه بالإحتياج لشخص بجواره يمثل له صمام أمان من الحياة في ذلك الوقت و هو تائه بدون هوية و لا إسم أو عائلة يعرفها كنت فقط وسيلة حماية له من العالم الخارجي ليس أكثر"
هزت زينب رأسها بفهم و هى تقول بسخرية .." و بعد حديثك هذا تقولين أنه لم يكن يحبك حقاً أنت مجنونة أن ظننت ذلك يا فتاة و الآن يكفي أذهبي و أجعليه يأتي هو و تلك الخطيبة يكفي مكوثا وحدهما أذهبي أخبريه أن العشاء قد جهز "
نهضت عبير و ذهبت لمكتبه رفعت يدها لتطرق على الباب ثم تراجعت حانقة أنه زوجي أنا و ليست تلك في الداخل دفعت الباب بهدوء فوجدته يجلس على سطح مكتبه و تلك الخطيبة تقف بين قدميه تقبله بشغف و هو يمرر يده على كتفها أتسعت عينيها بصدمة و ذهول تشعر بالدوار و هى تقول بلهجة حادة غير مصدقة لما يحدث أمامها كيف كيف يقبل أخرى هكذا و كأن روحه معلقة بها يحبها يحب غيرها كادت تصرخ قهرا .." أنا أسفة "
أبتعدا عن بعضهما منتفضين و هى تخرج منصرفة مسرعة ذاهبه لغرفتها تحت نظرات زينب القلقة المتسأله عما يمكن أن يكون حدث و جعلها تركض هكذا و خلفها جحيم غضبها خرج خلفها مسرعا يريد اللحاق بها ليوبخها لإقتحامه خلوته مع خطيبته دون إذن و قلبه يرعد وجلا من لقائها الآن هتفت به زينب توقفه .." ما الأمر أمير لما عبيرغاضبة هكذا هل فعلت شيئاً ضايقها "
رد بحنق و هو يحاول تمالك أعصابه .." أمي هذه الفتاة وقحة لقد دلف لمكتبي بدون إستئذان ما هذه الوقاحة "
رفعت زينب يدها إشارة ليصمت و سألته بحزم .." ماذا فعلت لها أمير هل ضايقتها "
رد بغيظ .." لا لم أفعل شئ و لا أعرف لما هى غاضبة مفترضا بي أنا أن أغضب لإقتحامها مكتبي و مقاطعتي أنا و خطيبتي "
رفعت زينب حاجبها بفهم قائلة و هى تنصرف من أمامه .." فهمت "
صعدت زينب خلفها للغرفة فصعقت مما كانت تفعله عبير الغاضبة و احمظ يصرخ بفزع كانت قد ألقت كل ما على السرير على الأرض و حطمت جميع التحف و المصابيح الموجودة حتى ألعاب احمد لم تسلم من يدها كان احمد يصرخ و هى تبكي بغضب عندما دلفت زينب و أغلقت الباب خلفها تصرخ بها .." كفى عبير تمالكي نفسك هل جننتي لقد أفزعتي الصغير " أتجهت زينب لتحمل احمد تهدئه قائلة بحنان .." كفى حبيبي لا تخف لقد جنت أمك قليلاً و لكن أطمئن ستكون بخير "
جلست عبير على الفراش تبكي بحرقة صامته بعد أن أخرجت فورة غضبها على محتويات الغرفة فجلست زينب بجوارها تحمل الصغير قائلة بحزن .." لا أعرف ما أقول لك عزيزتي أرجوكي تفهمي الأمر هو لا يذكر شيئاً فلا تلوميه لذلك "
مسحت دموعها بغضب .." أنا لا أفعل و لكن ضعي نفسك مكاني كيف سيكون شعورك و زوجك يقبل أخرى أمام عينيكي بشغف كيف سيكون شعورك و أخرى تأخذ ما هو حق لك "
ربتت زينب على يدها .." و لذلك يجب أن تخبريه و أتركي الأمر له "
ردت عبير بغضب و حرقة .." لا لن أخبره أن لم يتذكرني سأنساه أنا أيضاً و أعيش لطفلي فقط "
أبتسمت زينب و قالت بسخرية .." و هل تستطيعين فعل ذلك "
صرخت عبير بحرقة .." نعم أستطيع أستطيع " أنفجرت باكية و هى تنهار على الفراش و تضربه بغضب تهتف بإسمه " سامح لما فعلت ذلك بي سامح .. "
نظرت إليها عبير بشفقة و حزن و هى تشاهد ما يحدث بدون إستطاعتها فعل شئ…