الإهداءُ
زوجتي الحبيبة
أم بناتنا؛ رنا ويارا وفاطمة الزهراء
كم أنا مدين لك بأشياء كثيرة
حبك وإحساسي بالأمان معك
المؤلف
مقدمة:
صراحة عمري ما فكرت أكون كاتبا روائيا أو كان من طموحاتي..
كانت أحلامي وصول مشاعري في شكل كلمات.
كتبت كثيرا جدا لفترة تعدت خمسة عشر عام، وكنت أجد تشجيع قوي من أصدقائي منذ أيام الدراسة الجامعية، ولظروف الابتزاز الموجودة في هذا الوسط، كان يتحتم علي التنازل عن اسمي مقابل بعض المال، رفضت بكل تأكيد، واستمريت بكتابة القصص القصيرة، ثم القصة القصيرة جدا، ثم الومضة التي مصيرها الأدراج حتى الآن..
تطرقت لمجال الكتابة الصحفية، وعملت بدون أجر في جرائد أسبوعية ورقية لفترة من الزمن في باب التحقيقات الصحفية، كان حب العمل هو الأساس بجانب عملي في بعض المواقع الإخبارية.
للأسف ابتعدت عن المجال لظروف صعوبة المعيشة مع هذا الوضع بالعمل دون أجر.
لم ابتعد عن كتابة القصة القصيرة جدا، ولكني اتجهت فترة لكتابة الشعر العامي، هناك من دعمني، وهناك من هاجمني، لم أكن أهوى كتابة شعر العامية بشكل قوي، لم أشعر أنه مكاني..
بدأت في كتابة رواية منذ زمن بعيد، وكنت أحب أن أشكل عالم خاص بي من أحداث وشخصيات وحبكة.
بدأت في عام ألفين وسبعة ميلاديا بكتابة رواية، كنت أشعر أني أكتبها لنفسي، لأصدقائي، لم أحلم بنشرها،
لم أجد من يدعمني في بداية كتابتي لهذا المجال، بالرغم من تشكل فكرتي عن الكتابة بأشكالها وتنوعها، ما بين الكتابة الكلاسيكية الشعرية مثل الأغاني والكتابة الصحفية الخبرية. وتطرقي للكتابة الأدبية بلون مفضل لقلبي،
كان أكثر كاتب أثر في فكري وقلمي هو الكاتب القدير الراحل مصطفى آمين عميد الصحافة العربية، والكاتب الرحالة الراحل آمين سلامة، والراحل الكاتب عبد الوهاب مطاوع.
أحببت جدا عوالم الفانتازيا، فأنا أكتب لأهرب من واقع مرير أعيشه، وأحلم بالعالم الملائم لي، وأحببت فكرة أن أصنع عالم لقرائي من الرحابة والأتساع، بعيدا عن ضغوط الحياة وعسراتها.
كنت أكتب بنهم شديد في روايتي، وأبحث واستكشف، أضيف كل لون في هذا العمل، ما بين اجتماعي رومانسي، ورعب نفسي، وفانتازيا التي هي بالأساس لوني المفضل.
كتبت في الطرقات، وفي وسائل المواصلات، وفي العمل، لم أترك مكانا لم أكتب فيه سوي المنزل، فهو المكان الوحيد الذي لم يدعمني للكتابة، فظروف عملي لوقت طويل كانت تحول ذلك، فكنت أتواجد ساعات قليلة جدا بالمنزل وسط عائلتي، الذين هم بالأساس لم يلتفتون لدعمي أو كانوا غير واثقين بنجاحي.
كنت أسمع السخرية بأذني، أني لن أنجح فيما أكتب، ولن أستطع الوصول لشيء، كنت أرى هذا في العيون، أصدقاء، ومعارف، وزملاء العمل، لم يكترث البعض لمجهودي.
كنت أناضل من أجل الوصول وكافحت كثيرا.
الرواية كانت تأخذ من وقتي ومشاعري ومجهودي ثلاث سنوات أو أكثر أقل في كتابتها . . لكن للأسف مررت بظروف نفسية صعبة حالت بيني وبين الكتابة، ولم أستطع كتابة حرفا واحدا لشهور وأيام، لم أستطع إنهاء أي رواية من رواياتي في السنوات الماضية، ولم أستطع الوصول بعملي لمعرض الكتاب.
أخذت عهد على نفسي بألا تطأ قدماي معرض الكتاب إلا وأنا كاتب، ويكون لي رواية منشورة ومطبوعة في دار نشر محترمة، تحترم القارئ وكاتب الرواية.
فكان عطاء الله كثيرا لي هذا العام، فقد انهيت أكثر من رواية كانت معلقة، وما تبقى من روايات أخرى، ليس هذا فحسب، بل أضفت أكثر من فصل للروايات، بعد أن أتت لي أفكار مختلفة لشكل النهاية، فحمدت ربي على تأخير الروايات، وعلمت أنها نعمة كانت مستترة من الله...
فأنهيت أكثر من رواية في هذا العام المنصرف 2019. وقدمت ملف كل رواية لعدد من دور النشر بغرض نشر الروايات، فربما يظن بي ناشر خيرا، فلم يكن لي أي متابعين أو جمهور من القراء، كما أني لم أجعل صفحتي لكتابة الروايات لجذب المتابعين، كنت أنشر فقط فيديوهات للتعبير عن حالتي النفسية المتغيرة والمعقدة دائما، فلم تكن صفحتي مثل معظم الكتاب.
ولكن فضل الله علي كان كبيرا، فتوالت علي الموافقات على رواياتي بشكل أذهلني بعد أيام من إرسال العمل،
وبالفعل تلقيت أكثرمن موافقة من دور نشر، الذين احترمهم وأقدرهم جميعا، ولكن لصلاة الاستخارة دورا كبيرا في قبولي أي عرض من دار نشر.
أحمد الله كثيرا على الوصول لتحقيق أول حلم، وأشكر كل من حاول تحطيمي؛ لأنه كان دافعي القوي على استمراري.
بشكر من وثق بقلمي وموهبتي ودعمني.
بإذن الله ستتوالى كتاباتي في مجال الرواية، وستتعدد رواياتي بين الروايات الرومانسية، وروايات الرعب . . إلخ.
1
" إيه الأخبار يا دكتور؟ "
"والله يا حاج، البنت لازم ضروري تتنقل للمستشفى، دي عندها جفاف ونحول مش طبيعي، دي ممكن تموت"
" ياااا دكتور الأعمار بيد الله، أكتبلها أنت بس على حبة فيتامينات وخلاص، لا مستشفى و لا غيره"
نظر الطبيب بغضب " بس يا حاج دي رابع مره آجي أكشف على سلمى وتبقى كده، البنت دي لو حصلها حاجة أنا هعمل بلاغ في القسم وأنت حر بقى، سلام عليكم"
غضب الحج صالح كثيرا وقال: إمتى ربنا يآخد البت دي ونخلص بقى، أبوها يموت وأمها تهرب، وأنا أعيش في قرف بسببها!! " نظر له الطبيب باحتقار وذهب.
نظرت له السيدة سماح زوجته وقالت: " بس يا سي صالح إحنا نوديها المستشفى يا خويا مش نقصين مصايب، قدر الدكتور المجنون ده عمل حاجه هنعمل إيه ".
نظر لها و الشرار يبدو في عينه من الغضب: " منين إن شاء الله، من كتر الفلوس إلي عندنا ياختي".
نظرت له بخبث وقالت: " بس إحنا بس عايزينها تقوم على حيلها، وبعد كده في عريس أنا جيباه ليها، ونخلص بقى ".
نظر لها ولم يستطع أن يكتم ضحكته: " عريس لسلمى، يا وليه دي جثه، هيتجوز فيها إيه دي ".
نظرت له بخبث وقالت: " الراجل ده مش عايز يتجوز عشان حبيبته ماتت، بس أهله ضغطين عليه، ومستعد يتجوز أي بنت بس يخلص من زن أهله على دماغه ".
نظر لها وبدأ يفكر وقال: " طيب يلا بس نوديها المستشفى بدل ما تموت ونروح في داهية، ونشوف الموضوع ده بعدين ".
ذهب سي صالح كما كانت تناديه زوجته إلى المستشفى، ومعه سلمى كي لا تموت، دعونا نصف لكم سلمى: جثة نعم جثة وهذه ليست مبالغة، عظام الوجه بارزة كادت أن تخرج من وجهها، وعظام جسدها كله بارز، يبدو كأنها هيكل عظمي فعلا، هل تعلم المومياء الفرعونية؟ إنها تشببها كثيرا عدا شيئين، الأول: أنها حية بينما المومياء ميتة، والثاني: أن المومياء لونها بني يميل للأسود؛ بسبب تحلل الجلد، أما سلمى فكانت بيضاء مثل الثلج من المرض والتعب، شفاتها مشققة، وحول عينيها أسود، أسود جدا، جسدها يرتعش بشكل غريب. عندما نظرت لها الممرضة للمرة الأولي صرخت من منظرها وقالت: " هي دي عايشه!! إيه إلى حصلها؟ حرام عليكم ".
ذهبت الممرضة سريعا لتحضر طبيب يرى تلك الفتاة قبل أن تموت، فحالتها صعبة للغاية وكان يجب أن يجد حلا سريعا.
وبالفعل عندما رآها الطبيب لأول مرة صدم من منظرها أيضا، الذي كان يبدو مرعبا نوعا ما، كشف عليها وقال: " لازم تتنقل للعناية المشددة بسرعه ولازم تفضل فيها على الأقل يومين".
رد الحاج صالح: " يومين ... مش كتير يا دكتور؟ ".
رد الطبيب: " يا حاج دي هتموت، لازم ضروري ".
رد الحاج صالح في استياء: " طيب، ماشي ".
قال الطبيب: " روح إدفع في الخزنة، وإحنا نحضر العناية ".
رد الحج صالح: " طيب ".
"وبالفعل أسرع الطبيب وذهب إلى العناية المشددة وقام بإيصال جهاز فحص نبضات القلب، وجهاز التنفس وبعض المحاليل، وطلب من الممرضة أن تأخذ منها عينة دم، ليجري لها بعض التحاليل وتركها وذهب.
****************************
دنيا يلا يا حبيبتي إصحي وروحي صحي إختك عشان المدرسة.
دنيا: "حاضر، حرام عليكم عايزة أنام شويه كمان ".
الأم: " دنيا ".
قالت دنيا: " قمت من النوم خلاص، سلمى يلا بقى عشان المدرسة يلا يا سلمى ".
سلمى: " صحيت خلاص، كنت سامعة صوت ماما وهي بتنادي عليكي، يلا روحي الحمام وخلصي عشان أدخل بعدك، بس بسرعة عشان عايزة أفطر مش كل يوم نروح المدرسة من غير فطار ".
قالت دنيا: " طيب ماشي، بس حضري ملابسنا، لحد ما أخرج من الحمام عشان ألبس على طول ".
قالت سلمى: "ماشي ماشي يلا بقى عشان منتأخرش ".
أخذت سلمى تعد الملابس وهي تغني، وأخذت دنيا تعد نفسها أيضا، وبعد الانتهاء من تجهيز أنفسهن، ذهبتا سريعا إلى السفرة، لتناول الإفطار، فقد كانتا جائعتين كثيرا، و طعام أمهما كان لا يقاوم.
"مالك يا حبيبتي" سألت الأم سلمى.
نظرت سلمى وقالت " مفيش يا ماما إنفلونزا بسيطة متخديش في بالك ".
وضعت الأم كفها على رأس سلمى وقالت " إنفلونزا بسيطة، إنتي سخنة، لا لا مفيش ذهاب للمدرسة إدخلي استريحي، عشان متتعبيش زيادة ".
نظرت سلمى بحزن: " بس يا ماما إنتي عارفة أنا مش بحب أغيب من المدرسة، هاخد الدواء وهبقى كويسة، أرجوكي يا ماما ".
نظرت الأم وقالت: " لا لا لا لا يلا ريحي على السرير مفيش نقاش تاني، يلا من غير ولا كلمة ".
ذهبت سلمى إلى غرفتها وهي تبكي، نظر إبراهيم إلى أمينة وقال: " براحة على البنت شوية، دي بتحب المدرسة ودي حاجة كويسة لمستقبلها ".
نظرت له أمينة وقالت: " يا إبراهيم البنت تعبانة والجو برد، يعني لو نزلت الشارع حالتها هتسوء وهي أصلا ضعيفة ".
نظر لها إبراهيم: " خلاص خلاص أنا هادخل أتكلم معاها عشان متزعلش ".
بعد الانتهاء من الطعام .... دخل إبراهيم على ابنته سلمى الغرفة ليتحدث معاها،
قال: " حبيبتي عاملة إيه؟! ".
نظرت له والدموع في أعيونها وقالت: " يا بابا أنا مش عايزة أغيب من المدرسة ".
قال إبراهيم: " يا حبيبتي الجو تحت برد لو نزلتي هتتعبي أكتر وبدل ما تغيبي يوم ممكن تغيبي أسبوع كامل ".
نظرت له سلمى وقالت: " أسبوع، كتير، لا لا لا خلاص هقعد النهاردة وهاخد الدواء وهذاكر، بس يا بابا كده دنيا هتروح المدرسة لوحدها ".
نظر إبراهيم لابنته وقال: " وإيه يعني، هي المدرسة هتاكلها ولا تحبي تغيب هي كمان ".
دخلت دنيا في ذلك الوقت وردت سريعا: " يا ريت يا بابا بالله عليك ".
نظر لها وقال بمزاح: " يلا يا بنت جهزي نفسك بلاش دلع ".
نظرت له دنيا بحزن وقالت: " كده يا بابا، ماشي أنا مخاصماك " ثم ذهبت، ضحك إبراهيم لما قالته ندى وقال لسلمى: " أنا ماشي يا سلمى عشان متأخر على أختك ماشي، خلي بالك على نفسك وعلى ماما " وقام إبراهيم من جلسته وذهب.
ابتسمت سلمى وقامت لتبدل ملابسها، حتى تأكل، فهي لم تأكل جيدا، وتأخذ الدواء ثم تذاكر قليلا.
فهي لن تذهب إلى المدرسة ويبدو أن اليوم سيصبح طويلا.
دخلت الأم على سلمى تحمل الطعام والدواء، تناولت إسراء الطعام و
أخذت الدواء، وكان بيه نسبة تخدير فنامت على الفور، و.............
*************************
"يا دكتور يا دكتور المريضة فاقت، الحمد لله "
" بجد!!!! طيب يلا بينا نطمأن عليها "
كان الطبيب وهو يسير متجها إلى العناية التي بها سلمى يتحدث إلى نفسه ويقول " ليه يا رب، أنا مش بعترض على حكمتك ولا قدرك، بس ليه، يا ريتها ماتت، بدل حالتها دي، دي حالتها أسوء من جثة بتشريح، يمكن حالتها حتى أسوء من المومياء"
دخل الطبيب العناية، فوجدها مفتوحة عينيها تنظر إلى سقف الغرفة، لا تتحدث، لا تتحرك، لا شيء، حتى أن عينيها لا ترمش.
كان شكلها مرعب بحق، كشف الطبيب عليها فوجد قلبها نبضه ضعيف قليلا وضغطها منخفض بعض الشيء.
جلس الطبيب بجوارها وقال: " عاملة إيه يا عسل "
لم ترد
قال: " ليه مش بتردي، إنتي زعلانة مني في حاجة "
لا يوجد رد
نظر الطبيب إلى الممرضة وقال: " أمل عايزك لحظة "
خرجا من الغرفة
قال الطبيب: " يبدو أن البنت عندها إكتئاب حاد، دي مش بترد وحول عيونها أسود ولما دخلت عليها لحظت إن في دموع، معنى كده إنها كانت بتبكي "
قالت الممرضة: " والحل؟ "
قال الطبيب:"أعطيها مهدئ، لحد ما نوصلها بدكتور أمراض نفسية أكيد هيعرف أكتر مننا "
نظرت الممرضة له ولم ترد.....................
" سلام عليكم يا أنسة "
" وعليكم السلام يا حاج "
" كنا جيبين أنا والمدام بنت من يومين أسمها سلمى، كانت تعبانة كده والمفروض الدكتور قال تخش العناية المشددة يومين، هي خرجت ولا لسة "
" لحظة واحدة يا حاج، أستريح لحد ما أشوف "
مسكت الهاتف من جوارها واتصلت باستعلامات المرضى حتى تعرف من هذه الفتا
بعد قليل ....
" يا حاج ..."
"أيوة"
"أنا كلمتهم وقالوا إنها لسه تعبانة ومحتاجة عناية وقت أكبر"
" نعم يا ماما، وقت أكبر منين إن شاء الله، لا لا لا إلغي أي حاجة، أنا هستلمها "
"إزاي يا حاج دي تعبانة و ...."
" أنا بقولك هستلمها، هستلمها والله إنتوا عايزين تخلوها عادي خلوها وأصرفوا عليها أنتم، إنما أنا معيش فلوس "
ضغطت السكرتيرة على زر عندها " هذا الزر في حاله وجود أي مشكلة أو مشاجرة مع أحد المرضى، يصل إلى المدير سريعا "
جاء المدير على الفور ووجد الحاج صالح يصرخ ويتشاجر مع السكرتيرة فجاء مسرعا وقال: "ماذا هناك؟ أنا مدير المستشفى "
قال الحاج صالح: " أنا عايز أخد بنت أخويا من المستشفى، معيش فلوس أعالجها، أنا حر "
نظر المدير إلى السكرتيرة وقال: " خلاص زي ما يحب خليه يأخذ البنت "
قالت السكرتيرة " بس يا فندم ..."
نظر لها المدير، فسكتت على الفور، وطلب في الهاتف أن يحضروا الفتاة علم الطبيب بما حدث وغضب كثيرا، فحالتها ما زالت صعبة، ذهب الطبيب إلى المدير غاضبا وقال: " إزاي حضرتك تقبل تخرجها، دي حالتها صعبة جدا، دي ممكن تموت"
نظر له المدير ببرود وقال له: " أنا مش فاتح المستشفى دي صدقة، أنا فتحها استثمار ولو مش هتجيب فلوس، أقفلها أحسن "
نظر له الطبيب وقال: " استثمار؟؟؟ استثمار بحياة البشر، دي مش بقالة حضرتك؟ دي مستشفى "
نظر له المدير بغضب وقام من على مقعده وقال: " إخرس، في إيه يا دكتور يا محترم، بقاله أنا تقولي كده، لولا إنك من اكفئ الدكاترة كنت رميتك في الشارع ورا البنت دي تعالج فيها براحتك، بس مش مشكلة، هعديها المرة دي بمزاجي بس، اتفضل على شغلك ياااا يا دكتور "
خرج الطبيب من عند المدير يستشيط غضبا، ولكن ماذا عساه يفعل؟ بالطبع هذه المستشفيات الخاصة، لا بل هي مثل أي مؤسسة خاصة، هدف مالكها هو الجشع والمال.
أخذ الحاج صالح سلمى وذهب بها إلى المنزل، كانت لا تستطيع المشي فهي كانت ترتعش، فحملها على كتفه، فالحقيقة كانت خفيفة للغاية، مثلما يحضر الفاكهة للمنزل، بل هي حتى أخف من وزن الفاكهة.
عندما دخل الحاج صالح المنزل قالت زوجته: " هي جات المحروسة، طيب .... ده أنا إفتكرتها ماتت "
رد عليها الحاج صالح زوجها: " لسه يا اختي فيها النفس، دي تموتنا وبعد كده تموت هي "
دخل الحاج صالح غرفة سلمى وألقاها على السرير بقسوة وقال: " نامي، إلهى ما تقومي ونخلص "
اعتادت سلمى على تلك القسوة، فهي تراها منذ سبعة سنوات.
قامت سلمى بالاعتدال ووضعت رأسها على الوسادة وأغمضت عيناها متمنية حقا من كل قلبها أن يتحقق ما يتمناه عمها وزوجته.
*****************
2
في المساء
قامت أمينة بغسل الصحون وتنظيف المنزل؛ حتى تستيقظ بنتها من النوم وقامت بتحضير شيء تأكله وتشرب شيء دافئ حتى تتحسن، اتصل إبراهيم حتى يطمئن على بنته وأخبرته أمينة أنها أصبحت أفضل وتحسنت حالتها كثيرا وطلبت أمينة من إبراهيم أن يذهب ليأخذ دينا من المدرسة وهو قادم من العمل، فوافق وأغلق معها الخط، بعد أن ودعها.
كانت سلمى في ذلك الوقت تذاكر وفجأة ..............
************
" بنت قومي قامت قيامتك "
استيقظت سلمى لتجد زوجة عمها تصرخ في وجهها وتقول: " بصي بقى يا حلوة، طبعا واضح أوي إن أنا وعمك مش طايقينك الصراحة ومش عايزينك و
معلش يعني إحنا بنراعي فيكي من ساعة ما أبوكي مات وأمك مشيت منعرفش راحت فين، قومي معايا، إلبسي البس ده واطلعي بره، إلى أقول عليه تعمليه وبس فهمه؟ ولا أخلي عمك يفهمك؟ طبعا أكيد فهماني، في بره عريس فهمه يعني إيه يعني تجوزي وتبعدي عننا بقى وإنتي ما شاء الله عندك 23مش صغيرة، تتعاملي حلو مع الناس وإلا إنتي حرة بقى مع عمك "
كان العريس المنتظر التي أخبرت به الحاج صالح من قبل، جاهز بالخارج هو وعائلته.
خرجت سلمى ومعها زوجة عمها وتقوم بالعديد من الزغاريد المتتالية، ولكن عندما رآها العريس لأول مرة صدم، حتى أنه قد صارت رجفة في جسده فجأة، ونظر إلى زوجة عم سلمى وقال: " تسمحيلي بكلمة يا طنط "، نظرت له وقالت " طبعا طبعا "
ذهبت بيه إلى الغرفة وقالت: " خير يا حبيبي في إيه "
نظر لها وقال: " أنا قولتلك عايز عروسة عشان أخلص من أهلي بس مش معنى كده تجبيلي جثة أتجوزها "
نظرت له وبدأت تتصنع البكاء " يا ابني الجواز مش بالشكل، لا بالأخلاق والعشرة، دي بنت طيبة ويتيمة وبتسمع الكلام وشاطرة في شغل البيت "
نظر لها بسخريه وقال: " شغل البيت؟؟؟ هي دي تقدر تشيل حتى كوباية "
نظرت له بخبث وهي تتصنع البراءة والبكاء " صدقني دي غلبانة ومش بتعمل حاجة ويتيمة وملهاش ظهر "
نظر لها وقال " خلاص، لما نشوف " وتركها وذهب إلى الصالة
مبتسما حتى لا يشك والديه بشيء.
نظرت أم العريس إلى الفتاة، نعم كان الفستان جميلا ولكن هذا لا ينفي حالتها المؤسفة.
قالت أم العريس: " هي ليه عروستنا هزيلة أوي كده، إنتوا مش بتأكلوها ولا إيه ".
ضحك الحاج صالح وقال: " لا والله، هي بس بتعمل رجيم، إنتي عارفة يا حاجة البنات والحجات إلي بيعملوها "
قال أبو العريس: " هو انت والدها صح؟؟"
رد الحاج صالح قائلا: " لا والله يا حاج أنا عمها، والدها رحمه الله من ست سنين ".
رد أبو العريس: " لا إله إلا الله، أنا آسف يا بنتي منكش قصدي أفكرك، فيوم جميل زي ده ".
ابتسمت سلمى ابتسامة تصنع حتى لا يقوم عمها بضربها بعد أن يذهبوا، كانت خائفة أن تفعل أي شيء خاطيء، وكانت حظرة جدا.
بعد قليل من الحديث بين الأهل قرر العريس (صلاح ) أن يكون الزفاف بعد أسبوعين وقاموا بقراءة الفاتحة، كانت سلمى تتألم ولكن تحاول أن تكتم ذلك، فهي لم تكن تريد أن تتزوج، ولكن ماذا تفعل؟ لقد حاولت التكلم، سيبرحها عمها ضربًا " يا رب نفسي أموت قبل الفرح ده يا رب "
****************************
فجأة رن هاتف سلمى فردت
"ألو أيوة يا بابا تأخرت ليه أنت ودنيا إحنا منتظرينكم عشان الغداء "
" ألو إنتي بنت صاحب التلفون "
انتفضت سلمى وردت " أيوة أنا في إيه، فين بابا واختي "
سمعت الأم صوت سلمى وهي تتكلم بصوت عالي فأتت مسرعة على جملة سلمى وقالت: " في إيه حصل إيه لأبوكي واختك؟ هاتي التلفون "
" ألو "
"ألو حضرتك صاحب التلفون عمل حادث والعربية انقلبت و .... "
"إيه يا لهوي، وإيه إلي حصلهم، هم في أنهي مستشفى "
" أنا آسف ملحقناش نخرجهم، العربية انفجرت ومفضلش فيها حتة سليمة وفي الأغلب .... إنهم ... إنهم ماتوا "
أغمى على أمينة في تلك اللحظة لأنها لم تتحمل الكلام الذي سمعته، أخذت سلمى الهاتف وسمعت آخر كلمة " البقاء لله " لم تتحمل سلمى الصدمة وأخذت تصرخ حتى أغمى عليها، سمع الجيران صوت سلمى فكسروا باب الشقة وحاولوا معها ومع أمها حتى فاقت أمها بالفعل أما سلمى فانتقلت للمستشفى...
وأخبر الطبيب أمها أنها قد تعرضت لصدمة عصبية حادة ومن الممكن أن تأثر عليها فيما بعد ...........
***********************
3
جاء يوم الزفاف بشكل سريع جدا، كانت لا تريد الزواج، كان بالنسبة لها مثل الطعام أمر مقزز للغاية، لكن على الأقل الطعام في نظر البعض وسيلة للعيش والحياة، ولكن الزواج.... ليس هدفا لشيء غير التقزز في نظر سلمى، في ذلك اليوم حاولت السيدات نصح سلمى مثل أي عروسة ولكن رد فعل سلمى كان القيء والغثيان المتواصلين، حتى قالت سماح زوجة عمها " خلاص سيبوها براحتها، ترجع!! تتشقلب!! هتتجوز يعني هتتجوز "
لم يصنعوا فرحا، كان العريس صلاح يرفض مبدأ الفرح ويقول أنه مضيعة للمال، سيقومون بكتب الكتاب والذهاب للمنزل لا شيء آخر، وبالفعل تم كتب كتاب صالح وسلمى، ينفتح باب الجحيم على صلاح قبل سلمى نفسها ..................
********************
" هي فين سلمى بنتي، أنا مش لاقياها في أوضتها "
" إزاي يا مدام، دي لسه كانت موجودة وإديتها العلاج "
ذهبت الممرضة مع أمينة لتبحث عن سلمى كان ذلك في السابعة مساء
بحثوا عنها طويلا حتى الساعة الثانية عشر منتصف الليل، حتى اتصل الطبيب بالأم وقال: " لقيناها يا مدام "
أتت أمينة لتجد ابنتها بالغرفة نائمة فقالت للطبيب: " لقيتها فين "
قال الطبيب: " أنا جيت لقيتها زي ما هي كده "
نظرت الأم لها وجرت مسرعة وعانقتها وقالت: " يا ترى رحتي فين "
*********************
" بصي بقى أنا لا بحبك ولا عايزك، زيك زي الحجات إلي في البيت، إلي أنا شاريها بفلوسي، أنا لا هقربلك ولا عايزك أصلا، إنتي هنا دورك تأكلي وتشربي وتنامي وبس، مراتي أمام الناس وبس واضح "
لم ترد سلمى على ما قاله صلاح
علمت قبل كتب الكتاب أن صلاح يعمل ضابط، وعلمت أنه كان أحب فتاة ولكن وجدوها في غرفتها منتحرة دون سبب فلم يتزوج ولم يكن يريد أن يتزوج، بالطبع أنها لم تسأل لكن السيدات في جميع الأفراح يحببن النم على العريس والعروس.
ذهب صلاح لكي يبدل ملابسه وأيضا ذهبت سلمى، كانت غرفة النوم مليئة بالمرآة، كانت سلمى لا تحب المرآة وتخاف منها، لأنها لم تكن تحب أن تري شكل جسدها المرعب الذي لا يحمل أي شكل من أشكل الأنوثة بل لا يحمل شكل من أشكال البشر أصلا.
قامت بتبديل ملابسها وهي مغمضة العينين وعندما انتهت نظرت إلى الساعة وقالت: " الساعة 12 بالليل، أنا إتأخرت أوي وبابا هيزعل مني، المفروض بنام الساعة 7 "
اتجهت للسرير ونامت وعانقت المخدة ونامت، كان هناك من يراقب المشهد من خارج الغرفة بحذر، نعم إنه صلاح واستمع إلى كلماتها وشعر بالحزن وقال: " شكلها مش قادرة تقتنع أن والدها توفي من سبعة سنين، استغفر الله العظيم "
ذهب ليأكل الطعام ولكنه لم يستطع أن يفعل ذلك فهو يتذكر كلماتها ويتذكر ذلك الكلام القاسي الذي قاله لها، ألقا الطعام، بقى على منضدة المطبخ وقال: " أف بجد، يعني حتى الأكل مش قادر أكله بسببها، واضح إنها بداية كويسة أوي "
ذهب إلى الغرفة المجاورة وقام بوضع الوسادة على رأسه حتى يستطيع النوم، فهو كان يفكر بكل كلمة قد قالها وما سمعه منها، وقال في نفسه: " إزاي تعمل كده؟ إزاي وانت عارف إنها يتيمه؟ على الأقل يا أخي عاملها بأحسن من كده "
ذهب ليطمئن عليها فهو لم يستطع النوم، ذهب إلى الغرفة ولكنها ليست بالغرفة، إذا أين هي، ظل يبحث عنها في الحمام لا توجد، في المطبخ في الصالة لا شيء لا شيء، أين ذهبت؟؟؟؟
إنها ليست بالمنزل إذا أين ذهبت؟
ارتدى صلاح ملابسه وذهب إلى عمها وطرق الباب على عجلة، ففتح عمها ويبدو عليه النعاس، فوجد صلاح فصعق من الصدمة وقال: " إيه يا عريس إيه إلى جايبك دلوقتي "
نظر له صلاح وقد صدم، أنه لا يعلم شيء، هي لم تأتي إلى هنا.
نظر له وقال: " فين سلمى؟ سلمى مش في البيت، هي راحت فين؟ "
نظر له الحاج صالح وقال: " معرفش يا بني، ما أنت خدتها معاك "
رد صلاح " أيوة هي اختفت، هربت "
خرجت سماح زوجة عم صالح في ذلك الوقت وسمعت كل ما حدث فقال " متقلقش يا بني إن شاء الله ترجع أو نلاقيها، هتروح فين؟!! "
وهمست لزوجها وقال: " هي مش هتبطل هروب إمتى أنا نفسي أعرف.
4
أخذ صلاح يبحث في الشوارع والمستشفيات وأقسام الشرطة وخلافه حتى تعب وعاد إلى المنزل وهو يلوم نفسه لأنها كانت تبدو مريضة وحزينة فكيف يقول لها هذا الكلام القاسي؟
دخل صلاح المنزل واتجه إلى الغرفة التي كانت بها فصدم أنها نائمة وموجودة ولكن كيف دخلت وكيف خرجت من المنزل، ذهب صلاح وحاول أن يقظها، ولكنه مجرد أن وضع يده على جسدها، قامت مرعوبة وبدء جسدها بالارتجاف بقوة واصبحت لا تستطيع التنفس، حاول أن يهدئها لكنه كلما حاول وضع يده على جسدها يزداد الأمر سوء، حتى أغمي عليها، فحاول أن يقظها لكن بلا فائدة، أحضر صلاح مقياس الضغط فهو كان يفهم كيف يقيس الضغط، لاحظ أن نبضات قلبها سريعة جدا، فقال في نفسه: " هي للدرجة دي خايفة مني، والأهم من كده هي راحت فين؟ "
استيقظت سلمى في الصباح، كانت الساعة السادسة صباحا، استيقظت فوجدت صلاح ينام بجوارها وصرخت وابعدت نفسها عنه حتى سقطت من على السرير، قام صلاح على الصرخة ووجدها قد سقطت من على السرير، فقام مسرعا لكي يساعدها على النهوض، صرخت وعادت لها حالة الأمس، فقال مسرعا " خلاص خلاص مش هاجي جنبك، بس إهدي أنا عايزك تهدي، أقولك على فكرة أنا هخرج من الغرفة خالص وهحضر الفطار وإنتي إهدي وجهزي نفسك، لأن أكيد أهلي وأهلك جايين عشان يطمنوا علينا "
قامت سلمى من مكانها وهي تبكي حتى تذكرت ما الذي كانت تراه عندما كانت في منزل عمها، فهي كانت تراهم وهم معا، بدأ الأمر عندما توفي والدها و هربت أمها بلا سبب فانتقلت سلمى إلى بيت عمها وكانت تسمع صوت آهات غريبة من خلف الغرفة ، فكانت كأي طفلة تحاول أن تعرف المصدر فكانت تنظر من مكان المفتاح الذي يوجد في أي باب، و منذ ذلك اليوم وهي تشعر بتقزز من أي رجل وأولهم عمها، وعندما تذكرت ذلك المنظر، شعرت بالغثيان و ذهبت إلى الحمام مسرعة مما جعل صلاح يلحقها ليعلم ماذا يحدث فوجدها تتقيء ولكنها تتقيء بشدة، تعجب من الموقف وتركها وذهب، بعد ذلك أعدت سلمى نفسها مقابلة عائلة صلاح فقد جاءت لزيارتهم، جلسوا جميعا وتناولوا طعام الإفطار معنا ولكن سلمى لم تنطق بحرف واحد، كانت صامته للغاية، حتى أنه جعل الجميع من حولها وأولهم صلاح يتعجب من ذلك الصمت " انتهى الجميع من الطعام وقام والديه للذهاب وهما على باب الشقة قالت الأم بصوت هامس لابنها " يظهر أن العروسة مكسوفة مننا، يا بني إحنا خلاص بقينا أهلها، خليها تقولي يا ماما لو حبت، لاحسن هي شكلها زعلانة إنها وحيدة ومحدش جيه اطمن عليها "
نظر صلاح لأمه وهو يقول في نفسه: " إنتي ما تعرفيش حاجة يا ماما، دي الليلة إلى فاتت دي، كانت فعلا ليلة سودا بمعنى الكلمة "
ذهبا والديه ونظر خلفه لم يجدها، ذهب إلى غرفتها سريعا وجدها جالسة على السرير، لا تتحرك، لا تتكلم، حتى أنها تبدو كتمثال.
نظر صلاح لها وقال في نفسه: " أنا يا ربي كان إيه إلى وقعني في المصيبة دي، دي شكلها مريضة نفسيا، كنت ناقص مجنين في حياتي كمان "
جلس صلاح على الأريكة كانت الساعة السادسة في ذلك الوقت، جلس صلاح يتصفح بعض مواقع التواصل الاجتماعي، بعد قليل نظر إلى الساعة فوجدها السابعة، فتذكر ما قلته أنها يجب أن تنام الساعة 7 كما كان يقول والدها رحمه الله، ذهب إلى غرفتها، فوجدها بالفعل نائمة، ذهب إلى المطبخ ليتناول بعض الطعام، ثم جلس أمام التلفاز ليأكل ويشاهد الأفلام، ثم قال لنفسه " إيه ده، دي مأكلتش ولا إتعشت، حتى الصبح كانت أعده معانا على الأكل مأكلتش حاجة، قوم يا واد يا صلاح صحيها تأكل وبعد كده تنام براحتها"
"سلمى، سلمى، سل........"
سلمى ليست بالغرفة، بحث عنها صلاح بكل مكان، لا شيء جديد، سلمى ليست موجودة، قال صلاح بصراخ: " هي بتروح فين؟ بتروح فين؟ "
ارتدى ملابسه ولكن هذه المرة قبل أن ينزل من المنزل، قام بوضع اللآب توب باتجاه باب الشقة وقام بتشغيل الفيديو، حتى يعلم إن كانت بالفعل خرجت من المنزل أم لا؟
نزل صلاح وفعل كما كان يفعل بالأمس وبحث عنها في جميع المستشفيات والمدارس وكل مكان، بلا فائدة، عاد الساعة الثانية عشر منتصف الليل، دخل الغرفة ليرى ماذا حدث وإن كانت قد عادت أم لا، نظر فوجدها موجودة ونائمة، نظر بغضب وغيظ وقال: " إنتي جيتي، طب والله ل ...." ثم قال في نفسه " لا روح شوف اللآب توب الأول وشوف سجل إيه "
ذهب صلاح إلى اللآب توب ووجده قد سجل ما حدث بالفعل "المنزل هادئ جدا وظل هادئ حتى دقت الساعة الثانية عشر منتصف الليل ودقت الساعة بصوت عالي، إذا بالأنوار تنقطع، ثم دقيقة واحدة فقط وعادت وإذا بسلمى أمام اللآب توب، تبتسم ابتسامة تكاد تكون مرعبة وتلوح له بيدها، ثم تركته وذهبت للنوم "، نظر صلاح بزعر وفذع وقال: " أنا مش فاهم حاجة هي إزاي وصلت للآب توب في دقيقة؟ لو دخلت من الباب هتاخد فترة أطول من دقيقة، هو أنا اتجوزت عفريتة ولا إيه ........"
*******************
نظرت الأم لابنتها وجدتها نائمة، حاولت أن توقظها، أفاقت بالفعل، نظرت لها سلمى وقالت: " ماما إنتي جيتي إمتى "
نظرت الأم لها وقالت: " إنتي إلى كنتي فين؟ إحنا لم نجدك في الغرفة "
نظرت سلمى بتعجب وقالت بس يا ماما، أنا أول لما جات الساعة 7 نمت زي ما بابا كان بيقولي نظرت الأم إلى الطبيب وقالت: " جرا إيه يا دكتور هي بنتي جيباها عندكم تتعالج ولا تتخطف "
نظر الطبيب لها وقال: " يا مدام أكيد في حاجة غلط، أنا سبق ونبهت حضرتك الإنهيار العصبي إلي حصلها والاكتئاب إلي عندها ده، ممكن ينتج عنه حاجة "
ردت الأم: " يعني إيه قصدك بنتي إجتننت؟ "
رد الطبيب: " يا مدام إنتي متعلمة ما ينفعش تقولي كده، إحنا ممكن نقول إن عندها صدمة نفسية، وإنها مثلا بتمشي وهي نائمة، أكيد هي بس تعبانة وإن شاء الله ...."
ردت الأم بغضب: " إخرس أنا بنتي كويسة، بدل ما تطلع المشكلة في بنتي يا حضرة الدكتور، طالعها في إهمال المستشفى، على العموم أنا هصفي حساب المستشفى وهاخد بنتي "
رد الطبيب: " بس يا مدام دي لسه تعبانة...."
ردت الأم بغضب: " أنا قولت هاخدها معايا وانتهى الكلام "
تركها الطبيب وذهب، قامت بمساعدة سلمى في تبديل ملابسها وقالت " ما تخافيش يا حبيبتي ما حدش هيقدر يجي جنبك طول ما أنا موجودة "
لم ترد سلمى، وتابعت إرتداء ملابسها.
5
"أيوة يا عصام أنا عايزة أقابلك بكرة واتكلم معاك ضروري أوي "
"إيه يا عريس إنت لحقت عايزني، ده أنا قولت عليك هتخربها "
"عصام أنا مش بهزر، في مصيبة عندي لازم نتقابل "
"خلاص خلاص، إهدي يا عم، الساعة كام؟ وفين؟ "
"تعالى على الكورنيش الساعة 10 الصبح، فاكر المكان إلى كنا ديما نتقابل فيه "
"أيوة أيوة خلاص تمام، بس متتأخرش زي كل مرة "
"يا عم مش هتأخر، بس أرجوك تعالى في معادك "
قال عصام: "حاااضر حاااضر، أنا مش مطمن يا صلاح لطريقة كلامك، ربنا يستر، سلام "
"سلام"
كانت هذه محادثة بين صلاح وعصام صديق طفولته، يطلب منه المساعدة بالطبع بعد ما رآه على اللآب توب، إن عصام يعمل طبيب بمستشفى الأمراض النفسية، و بالطبع يعمل كطبيب نفسي، بعد ما حدث في الثلاثة أيام السابقة، قرر صلاح أن يقول لصديقه ربما هي مريضة وتحتاج لعلاج، في النهاية هي زوجته، هي ستظل معه باقي حياته ، و بطبع لن يظل معاها و هي بتلك الحالة ، بالأخص أنها لا تأكل، لا تتكلم، دائمة النظر في المرآة، اختفائها بشكل غريب ما بين الساعة السابعة والثانية عشر منتصف الليل، و الفيديو المسجل على اللآب توب، أمر يثير الذعر، يجب أن يتصرف بشكل سريع، أنه لا يستطع تحمل تلاثة أيام وما بالك بسنوات يعش معاها.
" لا لا لا أنا هعالجها، ولو ما اتعالجتش، أنا هطلقها، أنا بدأت أخاف فعليا منها " كل تلك الأمور تدور و تدور في رأس صلاح مثل من سقط في حفرة ولا يعرف كيف يخرج منها، حتى أنه لم يستطع النوم، ظل صلاح ساهر حتى سمع آذان الفجر، كان صلاح غير منتظم في صلاته ولكن هذه المرة عندما سمع الآذان قام سريعا لكي يتوضأ ليصلي، بعد الأنتهاء من الصلاة، قام و أغلق باب غرفته بالمفتاح حتى يستطع النوم، و بالفعل نام ولكن نومه كان نوم يحمل قلق أي أنه لم ينم جيدا، استيقظ صلاح من النوم الساعة الثامنة، ذهب ليستحم وارتدى ملابسه، قام بفتح باب الغرفة، فوجدها في وجهه أمام باب الغرفة " سلمى؟ في إيه " تحدث صلاح بتوتر، لم ترد فقط أشارت على باب الشقة وذهبت، ذهب صلاح إلى باب الشقة بنوع من الريبة وقال: مين هناك؟
رد الشخص: " أنا البواب يا حضرة الضابط، عايزين فلوس الزبالة "
نظر صلاح له و كاد أن يسبه بأفظع الألفاظ و لكنه فتح الباب وقال بغضب وهو يضغط على أسنانه " كام؟ كام يا عم رجب؟ "
نظر له البواب بخوف وقال: "15 جنيه "
أعطاه صلاح النقود وقال: "حاجة تانية "
نظر له وقال: " لا شكرا "
، إرتدى صلاح حذائه وذهب.
*****************
"شطورة يا حبيبتي، أيوة كده أنا عايزك تأكلي وتبقي شاطرة "
لم ترد سلمى على أمها.
نظرت سلمى على الساعة، فتغيرت ملامح وجهها وابعدت ملعقة الطعام عن فمها وقالت: " الساعة السابعة إلا ربع، سأذهب لأغسل أسناني وأصلي وأنام الساعة السابعة تماما "
نظرت الأم بحنان وقالت: " ماشي ماشي بس نكمل أكل و......."
لم تكمل الأم كلمتها حتى ردت سلمى: " أنا بقولك، هقوم أغسل أسناني وأصلي عشان أنام الساعة سابعة "
كان وجه سلمى أحمر بشدة وبرزت العروق على وجهها ورقبتها في تشنج، وألقت بصينيه الطعام بعنف، نظرت لها الأم برعب وتركتها وذهبت إلى غرفتها مسرعة، لم تقفل باب الغرفة مثل كل مرة يحدث فيها هذا الأمر لسلمى، هذه المرة العاشرة منذ أن أخذتها من المستشفى وهي يحدث لها هذا بالإضافة إلى اختفائها المفاجئ وعودتها بشكل غامض.
" ألو، أيوة دكتور، حضرتك جهزت كل حاجة؟ يعني إيه لسه، البنت حالتها بتسوء يوم بعد يوم، أرجوك احجزها في المستشفى أي مكان تتعالج فيه، بنتي مريضة و............"
6
"أمممممممممممممم والله يا صلاح مش عارف أقولك إيه "
نظر صلاح بتعجب وقال: "يعني إيه؟ إنت مش دكتور نفسي؟ "
" أيوة أنا معنديش مشكلة، بس أنا ماقدرش أحكم عليها من غير ما أشفها، وبعدين اختفائها ده محتاج كاميرا مراقبة في غرفتها، نفهم هي بتروح فين، أو إيه إلى بيحصل بعد الساعة 7؟ مش يمكن عندها اكتئاب؟ يمكن بتستخبى في البلكونة؟ تحت السرير؟ في حتة إحنا مش عارفنها؟ يمكن حصلها صدمة؟ أثرت عليها بالشكل ده؟ "
نظر صلاح و قال بتأفف: " يعني إيه؟ أستنى لما تموتني!! أنت شفت الفيديو على اللآب توب، سلمى مش بتضحك أصلا، دي مش بتأكل، هتضحك؟ إزاي تضحك وبسعادة كبيرة كده، وهي عرفت منين إني بصور أصلا؟ اللآب توب كان بعيد أوي عن باب الشقة، وهي مش بتخرج من غرفتها خااااااااااااااااالص "
نظر له عصام ببرود: " ينفع تهدى شوية؟ كل الأسئلة بتاعتي وبتاعتك هتتجاوب بالهداوة والعقل والتفكير " أولا إحنا عايزين نشتري كاميرة مراقبة ونوصلها باللآب توب بتاعي وبتاعك، ثانيا أنا عايز أتكلم معاها، ثالثا وده الأهم إنها لو عندها اكتئاب فهي ممكن تأذي نفسها، وإنت نازل شغلك من بكرة يعني لازم البيت يبقى متأمن، يعني تقفل البلكونة والشبابيك بالأقفال وتبعد أي حاجة حادة وتحاول تأمن البيت على قد ما تقدر وتاخد اللآب توب معاك الشغل تراقبها من هناك وطبعا أنا كمان هكون براقبها من مكتبي ونشوف إلي بيحصل "
نظر صلاح له وقال: " ماشي، أنا ماكنتش عايز أتجوز ويوم ما قررت، إتجوزت مجنونة "
ضربه عصام على كفه بقوة وقال: " بلاش جهل، اسمها مرضية نفسيا، إيه مجنونة دي "
ذهب صلاح مع عصام منزله وأحضر اللآب توب الخاص بعصام، و قرر أن يذهبا لأحد المتخصصين في كاميرات المراقبة، فأخبره الرجل أن توصيل الكاميرات على اللآب توب أمر سهل لكن اخفائها ووضعها بطريقة ذكية يتطلب متخصصين واتفق معه أنهم سيأتون في مساء هذا اليوم يقومون بتركيب الكاميرات، سيأتون في السابعة مساء.
كانت الساعة السادسة والنصف وكان عصام وصلاح في المنزل يحاولا أن يجعلوا سلمى لا تعرف بأمر كاميرات المراقبة حتى تتصرف على طبيعتها، دقت الساعة السابعة، دخل صلاح على سلمى فوجدها ستخلد للنوم، فقال: "سلمى في ضيوف جيين ومينفعش تنامي دلوقتي "
نظرت له بغضب وقالت "لا، أنا هنام الساعة 7 "
نظر لها صلاح وقال بنفاذ صبر: " بقولك قومي يا سلمى، مفيهاش حاجة لما تنامي بعدين، الساعة 7 مش مقدسة يعني"
نظرت سلمى بغضب واحمرت عيناها، واحمر وجهها وتشنج وظهرت العروق على وجهها ورقبتها وقامت بدفع صلاح بقوة ليصدم بالحائط وقالت بصراخ: " أنا قولت هنام الساعة سابعة "
أسرع عصام وقام بحقن سلمى بإبرة مخدرة جعلتها تسقط على الفور، نظر له صلاح، فقال عصام: " أنا دايما بخلي الإبرة دي في جيبي للاحتياط " هز صلاح رأسه موافقا لما قاله وقاموا بنقلها في الغرفة الأخرى لأن مدة التخدير 6 ساعات و لن تفق قبل تلك المدة.
7
"بنتي مريضة و........."
صوت كسر رقبة بشكل سريع جدا، نعم إنها سلمى، كسرت رقبة والدتها وقتلتها، بعد أن فعلت ذلك بكل هدوء حركت أمها وقامت بوضعها في وضع النوم على السرير، ذهبت إلى الدولاب، و أحضرت فستان جميل من أحد فساتين والدتها، بدلت ملابسها وأخدت تمسح على شعرها و تغني لها " لدي ابنتين جميلتين حنونتين، لدي سندرلا وسنووايت، لدي القمر ولدي الشمس، لدي ابنتين جميلتين حنونتين " كانت تغني بصوت متقطع وهي تبكي، وقالت: " دي الأغنية إلي كنتي بتغنيهالى يا ماما، هتوحشيني أوي، أنا كان لازم أعمل كده، ما أنتي مش هتستحملي تعرفي خبر إن بابا متجوز سماح ومخلف محمود، أنا قولت أريحك يا حبيبتي، تقومي تعملي كده، عايزة تدخليني مستشفى، إنتي فكراني مجنونة " ظلت سلمى تبكي وتبكي حتى قامت وشدت أمها من على السرير وجرتها على الأرض حتى وصل إلى الحمام وفتحت النافذة والقتها في المنور، ونظرت إلى المنور المظلم وقال بنبرة شديدة وهي تضحك: " محدش هيلاقيكي هنا يا حببتي، أصل الدور الأول والثاني صاحبهم مسافر السعودية ومش راجع و إحنا الدور الثالث والدور الرابع مش هيشم ريحة التعفن عشان بعيد، مع السلامة يا مامتي الحلوة"
كانت ترقص وتلعب بشعرها وهي تغني: " لدي ابنتين جميلتين حنونتين، لدي سندرلا وسنووايت، لدي القمر ولدي الشمس، لدي ابنتين جميلتين حنونتين" لمحت صورة كانت تجمعاها مع والديها ودنيا اختها نظرت إلى الصورة بازدراء وقالت: " أب حقير وخائن، أم غير مدركة وجاهلة، أخت أحسن مني في كل حاجة، خلاص خلصت منكم كلكم، أنا بكرهكم كلكم، أنت يا بابا كنت بتيجي وتقول لماما أحلى كلام وأنت بتخونها، وإنتي يا ماما كنتي دايما بتدلعي دنيا وبتخليها أحسن مني عشان هي أجمل مني وأذكى مني، أما إنتي يا دنيا فأنا بكرهك بكرهك" و القت بالصورة بقوه فكسرت و قالت و هي تضحك " أيه يعني لما أحوش سنة كاملة المصروف عشان أدفع لواحد يفك الفرامل وتموتوا، إيه يعني؟ ها إيه يعني؟ ماما المفروض كانت تبقى معاكم بس هي إلى ما رضيتش تروح الشغل اليوم ده، يلا كل واحد خد نصيبه من أفعاله " وفضلت تضحك تضحك و تغني " لدي ابنتين جميلتين حنونتين، لدي
سندرلا وسنووايت، لدي القمر ولدي الشمس، لدي ابنتين جميلتين حنونتين "
*******************
تم تركيب كل كاميرات المراقبة و تم توصيلها على اللآب توب الخاص بكل من عصام وصلاح، ذهب صلاح للنوم بعد أن انتقل إلى غرفتها، وأغلق على نفسه بالمفتاح فقد بدأ حقا يخاف منها، بالرغم إنه صلاح ضابط و يتمتع بقوة جسمية وذو عضلات قوية، وحاصل على الحزام الأسود في التايكوندو، إلا إنه ما زال خائف منها، فهو في النهاية بشر، و يشعر أن هناك سر كبير، هو لا يعلمه، نظر صلاح إلى سقف الغرفة وقال: " لما أشوفك يا سماح الكلبة، أنا هعرف شغلي معاكي على العروسة الشؤم دي "
نام صلاح الساعة الثانية عشر في منتصف الليل، إستيقظت سلمى الساعة الثانية بعد نصف الليل، فقد كان مفعول المخدر قد انتهى، كان الطبيب عصام في منزله، عصام وحيد ولم يتزوج، كان يعمل بمستشفى، لكنه كان مهتم أكثر بالدراسات العليا والماجستير وغيره من أنواع الدراسة والعلم، والديه يعيشان في أميريكا مع أخيه الأكبر فهو يعمل هناك وهو فضل العيش في مصر مع صلاح، فهو يعتبر عائلة صلاح مثل عائلته تماما وهم يعتبرونه ابنا لهم وليس مجرد صديق لصلاح، جلس عصام يبحث عن بعض الأشياء المتعلقة بما رآه بسلمى على جوجل والكتب التي لديه، كان عصام ذكيا كان قد رفع صوت اللآب توب وفاتح صفحة الكاميرا المصغرة، بجانب من جوانب الشاشة حتى يرى ماذا سيحدث عندما تستيقظ، وهو يبحث في أحد الكتب ومنغمس في القراءة سمع غناء " لدي ابنتين جميلتين حنونتين، لدي سندرلا وسنووايت، لدي القمر و لدي الشمس، لدي ابنتين جميلتين حنونتين " وصوت ضحك عال، نظر إلى سلمى بإهتمام وكبر الشاشة، فوجد سلمى واقفة أمام المرآة وترتدي فستان زهري وتغني فنظر محدقا وقال: " فستان هي مش كانت لبسه عباية سوداء و فستان وردي كمان؟ " تنهد بقوة وقال: " أنا شاكك بس بردوا محتاج أتكلم معاها و كمان أتأكد أكتر "
ثم نظر فوجدها خرجت للصالة، فقام بتحويل كاميرا المراقبة للصالة ليرى ماذا يحدث، فوجدها أخرجت من جيبها مفتاح وفتحت باب الشقة وخرجت، انتفض عصام مسرعا واتصل بصلاح، فقام صلاح من نومه وقال: " ألو في إيه يا عصام، ده وقت تتصل فيه؟ "
رد عصام متلعثما من السرعة: " قوم بسرعة مراتك فتحت باب الشقة وخرجت أنا شفتها من الكاميرا يلا إنزل وراها بسرعة "
قام صلاح مسرعا وفتح باب غرفته ونزل بالمصعد مسرعا وركب السيارة " أخذ يبحث في الأماكن المجاورة لكن بلا هدف وبلا وجود أثر لها، الشوارع فارغة، أين هي؟؟؟؟؟"
**********************
" سلمى، سلمى، إنتي كويسة يا حبيبتي؟ "
لم ترد سلمى ونظرت بتعجب في الأشخاص التي حولها، كأنها تبحث عن شخص ما، ثم قالت: " فين ماما؟؟"
نظر لها عمها وقال: " مش عارف والله يا بنتي، أنا لقيت في رسالة على موبايلي منها بتقول تعالى خد بنت أخوك "
نظرت له سلمى وهي تبكي " يعني إيه، فين ماما؟ هي فين؟ "
أخذت تبكي بشدة وتكرر نفس الكلمة " فين ماما؟ "
وبعد عدة أيام، انتقلت سلمى للعيش مع عمها وزوجته الجديدة،
"سماح"..........
*******************
إتصل عصام بصلاح وهو بالسيارة يبحث عن سلمى و قد أذن الفجر في تلك اللحظة " ألو، أيوة يا عصام ...... أنا مش سامعك، أذان المسجد جانبي عالي أوي "
رد عصام و هو يقول بصوت عال جدا " بقولك سلمى رجعت مراااااااتك رجعت رجعت "
توقف صلاح وأدار السيارة وأسرع للعودة إلى المنزل، دخل صلاح الشقة بعصبية وضرب باب الشقة بقوة حتى أنه أصدر صوت مرتفع عندما أغلق، دخل إلى غرفتها وجدها نائمة، صرخ بصوت عال "سلمى قومي، سلمى قومي، بقولك قومي "
قامت سلمى بذعر وخوف ونظرت له مصدومة ولم تنطق بحرف واحد، بل أن لسانها قد شل تماما من الخوف "كنتي فين؟ " لم ترد، نظر بغضب ممتزج بنفاذ صبر " بقولك كنتي فين؟ "
في تلك اللحظة اتصل به عصام، فرد صلاح قائلا: " أيوة "
رد عصام " إنت بتعمل إيه؟ براحة شوية عليها، إنت كده بتزود الأمر سوء ومش هتخليها تثق فينا وتتكلم، مراتك مريضة و ........"
خرج صلاح من الغرفة وقال: " مراتي بتخرج كل يوم ومبترجعش إلا على الفجر، مراتي ماشية على حل شعرها "
تنهد عصام وقال: " حرام عليك، ما تقولش كده، أنا عارف إنك متضايق بس إهدي شوية، لحد ما نعرف الحقيقة وحتى لو إلي بتقوله صح، بطريقتك دي بتخليها تحذر منك، ينفع تهدى بقى "
تنهد صلاح وقال: " حاضر حاضر، سلام "
رد عصام مسرعا " أنا شايفك من الكاميرا متحاولش تعمل حاجة "
أغلق صلاح الهاتف بعصبية وذهب إلى غرفته وأغلق الباب بالمفتاح كما كان يفعل دائما، وفي اللحظة التي كان يغير بها ملابسه سمع خبط على باب الغرفة، كانت سلمى تقول: " صلاح أنا آسفة، أنا مش عارفة أنا بعمل كده ليه، أنا آسفة بجد " وأخذت تبكي وتقول: " إفتح الباب عايزة أكلمك "
ابتسم صلاح وبدأ قلبه يرق لها وقبل أن يفتح الباب سمع صوت هاتفه يرن
نظر فوجده عصام " إيه يا عصام سلمى جت واعتذرت وسبنا شوية بقى، أنا عريس، أنا ...."
رد عصام بذعر " متفتحش دي معاها سكينة كبيرة ومسكاها في إيديها "
انتفض صلاح ووجد صوت سلمى يعلو بالخارج وتقول " صلاح، صلاح إفتح الباب، أنا عايزة أتكلم معاك، أرجوك إفتح "
قال لها بتردد وخوف " لا أنا نائم ومش قادر أقوم "
ردت بصوت أشبه بالغضب " إفتح الباب يا صلاح، أنا بقولك إفتح الباب " وأخذت تطرق على الباب بقوة وتحاول فتحه بعنف، أسرع صلاح وأخذ يبحث في ملابسه عن مسدسه، حتى وجده فأمسكه بيده ولكن بعد لحظات هدأ كل شيء، أسرع وفتح اللآب توب، فوجدها ذهبت إلى المطبخ ووضعت السكين مكانها وذهبت للنوم، نظر صلاح لها على اللآب توب وقال
"هتموتني المجنونة دي هتموتني "
اتصل عصام بصلاح، رد صلاح " شفت أنا مش قولتلك لازم حل، أنا....."
"إنت تخرس خالص لأنك إنت إلي عملت كده ووصلتها لكده، قولتلك مراتك مريضة، مريضة، إنت مش بتفهم، بكره وإنت راجع من الشغل هعدي عليك، عشان هروح معاك، عايز أتكلم معاها شوية "
رد صلاح مستهزئ " شغل ده على أساس إني هخرج من الغرفة "
رد عصام بنفاذ صبر " إنت تستغل إلي حصل عشان تقعد في البيت، بس أصلا إنت معاك على اللآب توب الكاميرات، يعني تقدر تعرف هي فين وبتعمل إيه، بطل استغلال "
رد صلاح متنهدا " طب طب قدر انتحرت؟ ولا عملت حاجة وأنا مش موجود "
رد عصام " معاك اللآب توب، تابع إلي هي بتعلمه عن طريق الكاميرات مش صعبة، وخذ رقم البواب وإديلو مفتاح الشقة، ولو حصل حاجة، اتصل بيه يتصرف "
تنهد صلاح ورد بعد مدة " طيب تمام، سلام بقى عشان ألحق أنام ساعتين "
رد عصام " طيب سلام ومتمشيش بكره عشان هعدي عليك "
رد صلاح "طيب ماشي "
***********************
نظرت سماح لزوجها وقالت: " يا فرحة ما تمت، يعني أنا بعد ما أخيرا، الزفت إلي كنت متجوزاه مات، وبقيت معاك يا حبيبي، ربنا يبتليني ببنته، هو قارفني في عيشتي حي وميت "
رد صالح " خلاص يا سميرة، ماتنسيش إن إلي بتتكلمي عنه ده أخويا "
ردت مستهزئة " هيهيههيهيهي أخويا، ليه هو إنت لما كنت بتخني معاه مش كان بيبقى أخوك بردو، ألا صحيح هو أخوك ميعرفش إن ابنه إلي أنا خلفتهوله ده ابنك إنت أصلا وإن هو مش بيخلف أصلا وإن ....."
رد غاضبا " خلاص خلاص يا سماح، وإلا ورب العرش ما تقعدي على ذمتي دقيقة واحدة "
ردت بحنان " أنا بهزر معاك يا سي صالح، إنت زعلت ولا إيه؟ الله، ماتخدش على كلامي ده أنا عبيطة "
رد قائلا " طيب يا ست سماح مش هتحضري الأكل!! ولا هنقعد نتكلم في الكلام الفارغ ده كتير؟ إلي حصل حصل، نقول الله يرحمه وخلاص "
ردت قائلة: " طب يعني هو إنت تفضل زعلان كده ولابس إسود"
رد بغضب " إنتي اتجننتي، بنتي لسه ميته في حادث، وعايزاني ألبس ملون "
"بنتك؟؟؟؟" كانت هذه كلمة الشخص الثالث الذي كان يستمع للحوار من خارج الغرفة.
ردت سماح " الله يرحمك يا دنيا ويجعل مثواكي الجنة يا حبيبتي "
"دنيا؟؟؟؟"
دمعت عينا صالح وقال " الله يرحمك يا بنتي "
"بنتك؟؟"
ردت سماح وهي تمصمص شفتيها وتقول " هي البت إلي بره دي بقى بنت مين "
نظر لها صالح بغضب وقال " دي بنتي بردو وإياكي تزعليها، إبراهيم أخويا الله يرحمه ماكنش بيخلف "
ردت قائلة " أمممممممم هي مراته الأولى كمان .... طيب، أنا رايحة أحضرلك الأكل يا خويا لحسن شكلك تعبان "
جرت سلمى إلى غرفتها وعقلها سينفجر من التفكير " يعني بابا كان بيخون ماما عشان يخلف الولد، وماما كانت بتخونه مع عمي وخلفتني من عمي، أنا ودنيا أختي وأخونا من الست إلي بره دي بردو من عمي، يعني هو أخويا مش ابن عمي وعمي هو أبويا مش عمي وأبويا إلي مات هو عمي مش أبويا .... يعني إيه؟؟ ، يعني كلهم لازم يتجازوا على الخيانة دي "
قاطع تفكير سلمى الست سماح تقول " حبيبتي إنتي كويسة، تعالى هنا يا حلوة، هي ماما ما قلتلكيش هي راحت فين؟ "
نظرت لها سلمى وهي تحترق من داخلها ولكنها أخفت ذلك وهي تقول " لا أعرف، لقد كنت نائمة " وبدأت سلمى في تصنع البكاء حتى دخل سي صالح....
" في إيه يا سلمى مالك، هي سماح عملتلك حاجة " و نظر إلى سماح بغضب
قالت " لا يا عمي ما عملتش حاجة، أنا بس افتكرت ماما "
نظر بشفقه " متخافيش سماح زي ماما بالضبط "
" طبعا زي ماما بالضبط "
**********************
تنهد صلاح وهو يمسك مسدسه وينظر إلى اللآب توب، لقد رآها تدخل الحمام، فتح الباب سريعا وجري نحو باب الشقة فوجدها خرجت من الحمام، فرفع المسدس في وجهها، نظرت له وجرت لغرفتها تبكي، نظر صلاح وقال في نفسه " لا لا لا لا دي دموع تماسيح، كفاية إلي حصل إمبارح، أنا لازم أمشي بسرعة قبل ما تتهور "
ترن ترن تررررن
نظر صلاح لهاتفه في فزع وهو في المصعد ثم رد قائلا " إيه يا عم خضتني، أنا ناقص مش كفاية الرعب إلي أنا فيه "
"صباح الخير "
رد عصام " وهيجي منين الخير بعد الجوازة دي "
رد عصام " إنت فين أنا في المكتب مستنيك بقالي أكتر من نصف ساعة "
رد صلاح " أنا هكلم البواب أهو وجيلك "
رد عصام " طيب ما تتأخرش، سلام "
رد صلاح "سلام"
خرج صلاخ من المصعد وفعل ما طلبه منه عصام من قبل أن يعطيه المفتاح وأن يطمئن على زوجته من حين لأخر وأن يتصل بيه، في حاله حدوث أي شيء.
مرت نصف ساعهة وذهب صلاح إلى مكتبة فوجد أمجد في انتظاره، كانت الساعة التاسعة صباحا، نظر عصام لصلاح قائلا " كويس أوي إنك جيت، أنا جعان، ما يلا بينا ننزل ناكل ونرجع "
رد صلاح مستهزئا " نأكل، حرام عليك والله "
رد عصام بجدية " صلاح بس، هي مريضة مش مريضة، في مشكلة أو ما فيش، إحنا لازم نأكل عشان نقدر نفكر وعشان ما نتعبش، يلا بينا "
نظر صلاح له وتنهد قائلا " طيب طيب يلا "
ذهب صلاح وعصام إلى أحد المطاعم وطلبا الطعام وجلسا ليتحدثا قليلا، حتى حضر الطعام وقبل أن يأكل صلاح القطمة الأولي ....
ترن ترن ..ترن ترررن
نظر صلاح للهاتف فوجده البواب، لم يرد وقال " لم أفطر هسمع المصائب "
لكن البواب لم يكف عن الرن حتى رد صلاح
"في إيه كل شوية رن رن في ....." وقبل أن يكمل كلمتي
قال البواب " الست هانم أم حضرتك جت من نصف ساعة وهي فوق مع المدام "
صدم صلاح وقال " إيه، يا نهار أسود " أغلق الهاتف بعصبية وقال لعصام
"أمي معاها في البيت لوحدهم ....أمي يا عصام، عارف وحيات ربنا لو حصل لأمي حاجة لهرميها من بلكونة الشقة من الدور الحداشر، أخلي مفيش حته في جسمها سليمة "
نظر له عصام وقال "إهدى بس ويلا نروح بسرعة "
ركبا عصام وصلاح السيارة، كان صلاح يقود السيارة بينما أسرع عصام وفتح اللآب توب ليعرف ما يحدث، نظر لشاشة اللآب توب، فوجد سلمى تجلس على السرير مطيعة هادئة، وأم صلاح تقوم بتصفيف شعرها وتصنع لها ضفيرة جميلة تناسب فتاة في العشرينات من عمرها.
نظر عصام وقال " البنت دي بتبقى هادية طول اليوم ولبسها بيبقى دايما أسود، ليه لما بتيجي الساعة 7 بتقلب كل حاجة؟؟؟"
علق صلاح على قول عصام " تفتكر عندها فصام في الشخصية "
رد عصام بلهجة جادة " مش عارف، أنا عايز أتكلم مع أهلها، هو صح باباها ومامتها ليه مش بيسألوا عليها من يوم الفرح "
رد صلاح بحزن " والدها واختها ماتو في حادث يوم ما والدها كان راجع من الشغل بليل، كانت الحادثة على أذان العشاء تقريبا، أما والدتها اختفت بعد الحادث بعشرة أيام، فيقولوا إن في رسالة إتبعتت حوالي الساعة 7:30 بتقول لعمها تعالى خد سلمى، أمانة خلي بالك منها، كانت الرسالة من موبايل الأم "
رد عصام باهتمام شديد وقد أخرج كشكول وقلم من حقيبته " يعني أبوها وأختها ماتو على أذان العشاء إلي غالبا بيبقى الساعة 7 أو بعد الساعة 7 بفترة صغيرة، وأمها إختفت بردو في التوقيت ده، و سلمى كانت بتختفي من البيت في نفس التوقيت، على ما أظن التوقيت ده حصلها صدمات كتير منه ده إلي بيأدي لحالتها دي، أممممممممممم بس لسه في حلقة ناقصة، إنت قولت هي عايشة مع مين "
نظر صلاح قائلا " مع عمها ومراته "
رد عصام "عمها ومراته أمممممممممممم، هما مش مخلفين؟؟؟"
نظر عصام للأمام و كأنه يتذكر شيء ثم قال " أيوة أنا لما عملت تحريات عنها قبل ما أتجوزها، قالولي إن عمها كان عنده ابن ومات بعد ما جت سلمى لبيت عمها بأسبوع، ده إلي سبب إن عمها يكرهها "
نظر عصام وقال " طب هو يكرهها ليه، ما هو كان ممكن يخلف تاني "
نظر صلاح وتنهد طويلا وقال بيأس " للأسف الدكتور قاله في نوع دواء بقاله فترة بياخدوا تسبب في إنه يكون عقيم ومراته بردو حصل عندها مشاكل زي انقطاع للدورة الشهرية وكده، ولم كشفت عرفت بردو إن في مادة دخلت لجسمها خلتها عقيمة وإنهم محتاجين سنين للعلاج عشان يخلفوا "
نظر عصام لصلاح وقال " يعني أبوها وأخته ماتوا في حادث، أمها اختفت، ابن عمها مات، عمها ومراته جالهم عقم مفاجئ، أمممممممممممم مش شايف إن دي حاجة غريبة شوية "
نظر صلاح وهو يقود وقد اقترب من العمارة، فلم يرد على سؤال عصام وقال له " طيب يلا بس نطلع نشوف إلي بيحصل وبعدين نفكر في الموضوع ده "
صحيح أن صلاح كان يفكر في أمه وخائف أن تفعل هذه المجنونة شيء بها، لكن كان كلام عصام صدمة كبيرة وسؤال محير بالنسبة له، حيث أن كلامه كان مقنع بشكل غريب.
فتح صلاح باب الشقة و جري إلى الداخل قائل بصوت عال " ماما، ماما، إنتي فين؟ "
خرجت الأم من غرفة سلمى مستعجبة " أنت عرفت منين إني هنا؟ "
تلعثم صلاح لدقائق ثم قال " أصل أنا منبه على البواب يقولي دبة النملة، وبعدين إنتي وحشتني أوي "جري صلاح على أمه وعانقها، ثم انتبه إلى سلمى فوجد أن الدموع قد تجمعت في عينيها عندما رأته يعانق أمه في شوق، فأبتعد عن أمه رويدا رويدا وأمسك بيدها وقال: دي مامتك بردو، ابتسمت سلمى لأول مرة بعد زواجهما، ثم قالت الأم "ها معلقة يعني على التغير إلي حصل في مراتك؟؟؟؟"
8
انتبه صلاح من الفستان الأحمر الذي ترتديه سلمى وشعرها الناعم الطويل الذي يمتد حتى ركبتها وعيونها المكحلة وشفتيها الوردية الجميلة، كانت تشبه الملائكة، فسلمى تتمتع بجمال لا يوصف، لكن حزنها وكئابتها يخفي كل هذا الجمال، نظر صلاح لها وأخذ يتأملها ثم قال " إيه القمر ده، بجد شكلك جميل أوي " كان يقول تلك الكلمات بلحن جميل مليء بالحنان والشغف، فأحمر وجه سلمى من كلماته ودخلت الغرفة على الفور، نظر له عصام وقال في نفسه " صحيح هي مريضة وخطيرة، بس في النهاية هتقدر تشبع الفراغ إلي في قلبك يا صاحبي، قلبك إلي فضل فاضي سبع سنين عشان مريم حبك القديم، لازم يتفتح من جديد، صحيح إنها خطيرة ومرضها ممكن يخليها تأذي إلي حوليها وأولهم أنت، بس هي في النهاية مراتك وأنت في النهاية راجل وكل واحد فيكم أكيد هيخضع للتاني،هاااااا ومين يعرف مش يمكن إنت تكون سبب في شفائها وممكن هي تكون سبب في إنها تملي قلبك الفاضي
*********************
طرق على الباب بقوة وصوت جرس الباب يرن بعنف، ترررررررررن ترن
"يا أم يوسف يا أم يوسف الحقي "
هرعت سماح من المطبخ تجري مسرعة على صوت النساء أمام باب الشقة وهي تقول: " في إيه ما تخشوا هو البيت غريب، جوزي مش هنا والباب مفتوح الله "
خرجت سماح إلى الصالة وهي تمسح يدها بمنشفة المطبخ من الصابون، تقول " هو في إيه؟ إنتوا إتجننتوا ولا إيه؟ في إيه يا ست إنتي وهي؟ ها في ..............، يا لهوي، إبني ... إبني .... يوسف.... يوسف "
نظر لها رجل عجوز وهو يقول " الولد يا حبة عيني كان بيسحف خبطتوا عربية و داست عليه، البقاء لله، ربنا يعوضك "
أخذت سماح تلطم وتصرخ باسم ابنها " يوسف، ااااه يا ابني، يوسف، ياااااااااااااااارب "
أخذت تصرخ وتصرخ حتى أغشى عليها وأخذت السيدات يساعدن بعضهن حتى يحملنها إلى السرير، وفي وسط الأحداث كانت تقف هناك، نعم سلمى، تشاهد هل خطتها نجحت أم لا؟ وفي وسط الصراخ والحزن والألم كان هناك صوت لا يسمعه إلا سلمى " صوت دق الساعة السابعة مساء "
**********************
جلس الجميع في صمت، سلمى كالعادة لا تتحدث، أما صلاح وعصام كانا جالسان في ريبة وخوف من موقف سلمى وقيامها بأي شيء غير مرغوب أمام أم صلاح، لكن وجدها هادئة تمامًا مبتسمة، نظر صلاح إلى عصام متعجبًا وأخذ يقُل في نفسه " هي ماما عملت إيه في سلمى وإحنا مش هنا، ربنا يستر".
تنهدت الأم ثم قالت " في إيه يا ولاد ساكتين ليه، إنتم مكسوفين مني ولا إيه، جرى إيه يا صلاح، إنت مكسوف من أمك، وإنت يا عصام من إمتى الكسوف ده أنا إلي ربيتك، وإنتي يا ست هانم، مالك سكتي ليه؟ ما إنتي كنتي لسه بتتكلمي معايا من شوية ".
انتبه عصام لكلام الأم وقال " بجد؟! كنتم بتقولوا إيه بقى "
نظرت له سلمى بريبة وقد انتبه إلى ذلك، فردت أم صلاح " عادي يا إبني والله .... إتكلمنا عن والدها وأختها الله يرحمهم"
نظر عصام و شَعرَ أن الهدف في موضعه فقال بتأثر " الله يرحمهم.... هما صح ماتوا إزاي "
نظر عصام لسلمى في تلك اللحظة فوجدها تنظر له بغضب ممزوج بتحدي ولكنها لم ترد، كانت تستمع في صمت.
ردت الأم " الله يرحمهم، فرامل العربية كانت مفكوكة معرفش يفرمل، العربية اتقلبت وماتوا "
رد عصام متصنع الحزن والتأثر " لا إله إلا الله، يعني ماتوا مقتولين؟!"
انتفضت سلمى في تلك اللحظة مما جعل الجميع ينتبه لها، وعندما لاحظت ذلك، تصنعت البكاء وقالت " أرجوك كفاية، راعي شعوري، ده والدي وأختي "
تعاطف معاها صلاح وأمه، لكن عصام شَعرَ أنه وضع يده على خيط جريمة ارتكبت منذ سنوات، كانت نظرات التحدي بين عصام وسلمى تزداد لكن دون أن يلاحظ أحد.
شعرت أم صلاح بالتعب فذهبت لغرفة الضيوف، لتستريح وتنام.
نظر عصام لصلاح وقال " خلاص يا صلاح أنا هروح البيت بقى الساعة 7 إلا ربع، كفاية كده أنا معاك من الساعة 9 الصبح، أنا تعبت "
رد صلاح " طيب خليك نام هنا "
ابتسم عصام وقال "لا لا لا إنت عارف أنا مش بستريح إلا في بيتي، يلا تصبح على خير "
عانق صلاح عصام وودعه وذهب عصام، دخل صلاح بعد ذلك ليأخذ حمامًا، لأنه كان يشعر بالتعب، كان صلاح يضع رأسه أسفل الماء الدافئ ويفكر " هعمل إيه دلوقتي، ماما هنا يعني لازم أنام جنب سلمى النهاردة، يا ربي هعمل إي........، لحظة هي الساعة كام؟ دي بتختفي بعد الساعة 7 ، يا نهار أبيض " خرج صلاح من الحمام مهرولًا إلى غرفة سلمى وكما توقع لم تكن بغرفتها، بحث عنها ولكن دون جدوى، اتصل صلاح بعصام سريعًا وقال " إلحقني دي......"
رد عصام " مش موجودة، أنا عارف، أنا مشيت إلا ربع مخصوص عشان أتجسس عليها "
رد صلاح " طيب هي فين؟ "
رد عصام بهمس " أقفل الآن وهتصل أقولك كل حاجة بعدين، مع السلامة "
صلاح " عصام إستني طب إنت فين دلوقتي؟ عصام .... عصام"
أغلق صلاح هاتفه غضب وقال " هي بتروح فين؟ وإزاي أنسي حاجة زي دي، أنا غبي بجد"
و أخذ صلاح يلوم نفسه على عدم انتباهه لما تفعله سلمى.
***********************
جلس الحاج صالح مطأطئ رأسه في الأرض وهو يقول " إبني وبنتي وأخويا في شهر واحد، شهر واحد"
منذ موت يوسف ابن سماح والحاج صالح لم تنطق سماح بحرف، كانت صامتة مثل الصخر من الصدمة، لم تصدق ما حدث، كان قلبها يحترق على ابنها الوحيد الصغير الذي لم يبلغ من عمره سوى عام ونصف، و أخذ من بين أحضانها، كانت سماح تتناول المهدئات لكي تستطيع النوم كانت تستيقظ من نومها كل ليلة وهي تصرخ " يوسف، إبني، هو فين؟ أنا عايزاه، ااااااااااه" صراخ متواصل وأهات وحزن وألم لا ينتهي.
"يوسف ..... إبني ... هو فين ... صالح ... فين إبني أنا عايزاه .....اااااه ... يا بني "
" إستهدي بالله يا سماح .. الأعمار بيد الله واحده "
كانت سماح تبكي بحرقه على طفلها الذي مات وهو ما زال رضيع.
أخذ الحاج صالح حبة من الحبوب المهدئة وأعطاها الدواء وأخذ يمسح على رأسها حتى خلدت للنوم بهدوء.
جلس الحاج صالح في الصالة وكان مطأطأ رأسه في حزن وحسرة،
"عمي .... مش هتاخد دواء الضغط ؟!؟"
نظر الحاج صالح لسلمى في حزن وأخذ حبة الدواء والمياه وتناولها، بعد أن تناول الدواء " إيه ده .. هو الدواء بقى طعمه مر كده ليه "
ارتبكت سلمى وردت " يا عمي إنت مش بتأكل خالص، لا أنت ولا طنط سماح طبيعي أن الدواء يبقى مر "
رد الحاج صالح بعصبية " خلاص خلاص روحي على أوضتك مش ناقص قرف "
رد في حزن " قرف ... بس أنا معملتش حاجة أنا ..."
و قبل أن تنطق سلمى بكلمة صفعها الحاج صالح على وجهها وقال " روحي على الأوضة يا وش الفقر "
بكت سلمى وذهبت لغرفتها وعندما دخلت الغرفة أغلقت الباب ونظرت للمرآه وقالت " أنا وش الفقر .... ماشي أنا هخليك إنت ومراتك تندموا على إلي بتعملوا....... هعرفك جزاء الخيانة إيه"
وابتسمت في استهزاء وهي تقول " يا بابا"
***************
" إيه يا إبني كل ده تأخير "
"هعمل إيه طيب، على ما ماما أكلت الفطار ووصلتها بيتها ورجعتلك، يعني بذمتك أنا هسبها مع المجنونة دي "
رفع عصام أحد حاجبيه ورد " لا والله، بطل الحركات دي، باين أوي إنك بدأت تحبها وتتشد ليها "
رد صلاح بتوتر " أنا هههههه أحب سلمى هههههه يخربيت عقلك ضحكتني "
نظر له عصام وما زال يرفع أحد حاجبيه " لا والله، طيب يلا يا باشا عشان نخلص من المشوار ده، عايز أوريك البيت إلي هي راحت عليه إمبارح"
رد صلاح بانفعال " بيت؟؟؟ بيت إيه؟؟ هي راحت البيت إمبارح؟؟ بيت مين ده؟"
رد عصام بنفاذ صبر " بقولك إيه بلاش انفعال وبعدين ما هو إحنا لو تتحرك من مكانك كان زمان رحت البيت ده وعرفت، ثم إنت إيه إلي مضايقك أوي كده، إنت مش قولتلي قبل ما تتجوزها إنه شهر وهتطلقها، ودلوقتي بتقولي إنها مش في دماغك، إيه إلي اتغير؟ "
رد صلاح بتوتر شديد " ما فيش حاجة اتغيرت، بس هي على ذمتي يبقى أعرف هي بتعمل إيه، بعد لما لمااااا ......"
قاطعه عصام " إيه، يلا يلا يا صلاح ربنا يهديك، يلا نروح نشوف عشان نخلص، هات المفتاح أنا إلي هسوق عشان أنا إلي عارف المكان "
أعطى صلاح عصام مفاتيح السيارة وركب السيارة، فتح صلاح اللآب توب بعنف وهو يقول " لما نشوف الهانم بتعمل إيه "
نظر له عصام وابتسم ولم يعلق بكلمة، وتحركت السيارة، أخذ عصام ينتبه للشوارع التي سار بيها بالأمس، أما صلاح فقد انشغل بمراقبة سلمى عن طريق اللآب توب بعد عشر دقائق " وصلنا "
انتبه صلاح سريعًا ولكن سرعان ما هدأت أعصابه وابتسم، لم يفهم عصام تعبير وجه صلاح ولكنه سارع بالسؤال....
" إنت بتضحك على إيه ... بقولك وصلنا "
نظر صلاح ببرود وقال" أها منا واخد بالي، مش البيت إلي على الشمال بردو "
تفاجئ عصام وقال " عرفت إزاي؟؟ "
رد صلاح ببرود " بكل بساطة عشان ده بيت عمها "
صمت عصام لدقائق وبدأ على وجهه التعجب وقال في نفسه " طيب لو ده بيت عمها، هي ليه اتسحبت زي الحرامية ودخلت من الشباك، ما دخلتش من الباب، في حاجة غلط "
" عصام.... عصام " انتبه عصام لصلاح وقال مسرعًا " نعم؟! في إيه "
رد صلاح " بتفكر في إيه "
ابتسم عصام وقال " لا يا صاحبي ما فيش، يلا طيب نشوف، هي بتيجي كل يوم لعمها بتعمل إيه "
نزل عصام وصلاح من السيارة.
ترررررررن ترررررن
" حاضر حاضر جاية ...........مين؟ "
"أنا صلاح يا حماتي "
فتحت سماح الباب مسرعة وقالت " إزيك يا حبيبي؟ خير إيه إلي جابك؟ "
تعجب عصام من أسلوبها.
رد صلاح " أبدًا جيت أسلم عليكم، أنا ما شفتكمش من يوم الفرح "
ابتسمت بتوتر وقالت " تفضل وماله، إسال يا حبيبي، ما تسألش ليه "
نظر عصام بتعجب وخاطب نفسه قائلًا " في إيه هي خايفة كده ليه؟ زي ما يكون خلصت من سلمى؟ أو في حاجة هي وسلمى بيعملوها كل يوم؟ بس إيه هي؟ أكيد هعرف "
" اتفضل يا بني واقف كده ليه؟ استريح بيتك ومطرحك "
ابتسم عصام وقال " أشكرك، كلك زوق "
أخذ عصام يتأمل المنزل ويدقق فيه بشدة ولكن قطع تفكيره سؤال سماح
" أمال فين سلمى؟ دي ...دي وحشتني، أنا ما شفتهاش من يوم الفرح "
أصيب صلاح وعصام بصدمة ونظر لبعضهم البعض بصمت، ثم نطق عصام قائلًا " في الحقيقه يا مدام إحنا كنا جايين نأخذ شوية حاجات من أوضة سلمى، تسمحلنا ندخل؟ "
توترت سماح وقالت " وماله، ادخلوا الأوضة آخر الطرقة، تفضلوا، ابتسم عصام وقام من جِلسته ودخل غرفة سلمى وأخذ يتأملها، سرير مكسور، أريكة ليست بأريكة، دولاب أشبه بقطع الأخشاب التي بالقمامة، سارت رعشة قوية في جسد عصام عندما رأى صورة على المنضدة، تأملها للحظات ثم قال " هو إزاي أثاث البيت بره جميل وحديث والأوضة دي كده؟ تحس الأوضة برة البيت شكلها بجد بشع "
رد صلاح " بقولك إيه يلا نخرج مش قادر أقعد في الأوضه رحيتها وحشة أوي "
هزّ عصام رأسه موافقًا، خرجا كلاهما من الغرفة، وجدا سماح تنتظرهم في الصالة، عندما رأتهم قالت سريعًا " خدتوا إلي إنتوا محتاجينوا؟ "
هزّ عصام رأسه موافقًا وقال " هو مين إلي في الصورة مع إسراء دول؟ "
ردت سماح بتردد وتوتر" دول أبوها وأختها الله يرحمهم وأمها " ثم همست " أمها الله لا يسامحها بقى "
رد عصام مبتسمًا " أمممم طيب، معلش أزعجنا حضرتك، ألا عم إسراء فين؟ "
ردت " في الشغل لسه هيجي كمان ساعتين "
هز رأسه مبتسمًا وقال " طيب تمام، سلام عليكم "
ردت " وعليكم السلام يا حبيبي، نورتونا "
خرج صلاح وعصام وركبا السيارة،
" وبعدين، دي ماكنتش عندهم، إنت متأكد إنك شوفتها داخلة هنا؟ "
هزّ عصام رأسه مجاوبًا بنعم، وصمت وأغلق عيناه يفكر، كان يتحدث لنفسه قائلًا" دلوقتي أبوها وأختها ماتوا في حادثة، أمها اختفت بدون سبب، إبن عمها مات بردو فجأة، وعمها ومراته فجأة مابقاش عندهم المقدرة إنهم يخلفوا، هي بتيجي بيت عمها بالليل من غير ما يعرفوا، في حلقة ناقصة، في حاجة غلط ".
فتح عينه وقال " يلا بينا "
رد صلاح " على فين؟ "
رد عصام " إنت هتروح شغلك وأنا هروح البيت "
رد بتعحب من أمر عصام " إنت بتهزر صح؟ هنروح و خلاص على كده؟ "
رد عصام بهدوء " هنعمل إيه، نستنى النهاردا بالليل ونشوف النتيجة "
صلاح لم يقتنع بكلام عصام وظل متأكدًا أن صديقه يخفي شيء ما هو لا يعرف......
9
ذهب صلاح بالفعل إلى العمل وكان يومًا روتينيًا مملًا كعادته، بينما عصام جلس يتأمل الفيديوهات السابقة ويتابع ما تفعله سلمى في وقتها الحالي، يترقب ثغرة أو طرف خيط يوصله لشيء، لكن لا شيء، إنها فقط تجلس على السرير أو تنام، إنها حتى لا تأكل إلا عندما يصل صلاح من عمله، يوجد شيء غريب ما هو، لا يعلم.
مرّ الوقت، نظر عصام إلى اللآب توب في الساعة السابعة مساء، وجد سلمى قامت من على السرير، ارتدت فستان جميل وتزينت ووضعت عطر وكانت تشبه الأميرات وخرجت من الشقة مثل كل يوم، هذه المرة كان صلاح هو من يراقبها، بينما عصام كان في المنزل يترقب الأمر من الكاميرات.
دقت الساعة الثانية عشر منتصف الليل، دخلت سلمى الغرفة وبدلت ملابسها وارتدت نفس العباءة السوداء ونامت مرة أخرى، نظر عصام لشاشة اللآب توب وقال " انسي يا سلمى، أنا عارف كويس إنك بكامل قواك العقلية وإنك لا عندك اكتئاب ولا عندك فصام في الشخصية وأنا عارف كده كويس، بس جدعة وذكية إنك بتعرفي تلعبي بعقلنا بالشكل ده " ابتسم عصام بسخرية وأغلق اللآب توب وذهب للنوم.
في اليوم التالي .....
"صباح الخير "
رد صلاح " والله إنت بارد، صباح إيه وخير إيه بس، دي راحت فعلًا لبيت عمها إمبارح، بس دخلت من الشباك "
كان عصام يشرب القهوة الساخنة، فهزّ رأسه موافقًا.
رد صلاح بانفعال " إنت عارف، إنت شفتها أول إمبارح وهي بتعمل كده "
هزّ عصام رأسه موافقًا وهو ما زال يحتسي القهوة بهدوء، انفعل صلاح وقال " في إيه يا عصام"
ابتسم عصام ورد " بس يا سيدي، أولًا أقعد وأهدى عشان نتكلم بعقل وأشرب الشاي بتاعك زي كل يوم، ثانيا أبو وأخت سلمى ماتوا في حدث غامض تقريبًا ..."
قاطعه صلاح " غامض إيه .... دي الفرامل كانت مفكوكة وحصل الحادث قضاء وقدر "
رد عصام " قضاء وقدر الفرامل اتفكت لوحدها، بلاش تقنع نفسك بكده، الفرامل عمرها ما هتتفك لوحدها، ده مش ماس كهربائي، دي فرامل فرامل "
رد صلاح " حتى ولو مدبرة بفعل فاعل، مش لازم تكون سلمى.
لوح عصام برأسه موافقًا ورد" أولًا إنت صح، ممكن تكون ماعملتهاش، بس ممكن تكون بردو عملتها، ثانيًا ما تقاطعنيش إلا لما أخلص كلامي كله واضح "
صمت صلاح ونظر لفنجان الشاي الخاص به، رد عصام " طيب، نكمل ..... ده أول حاجة حصلت والدها وأختها ماتوا، السؤال هنا فين العربية إلي حصلت فيها الحادثة؟ وفين تقرير المشرحة، ما هو حادث زي ده ممكن يكون مدبر بالتالي لازم يكون في تقرير من المشرحة عشان النيابة "
قاطعه صلاح " لا مش لازم يتشرحوا، على حسب رأي الأهل ولو لقوا فعلًا إن الحادث مدبرة، هيعملوا تشريح لكن لو حادث عادي خلاص "
رد عصام " أيوووووة أنا بقى عايز أعرف تقرير الإسعاف والمستشفى والتشريح لو في والنيابة تعرف تعمل كده؟! "
رد صلاح" أه سهلة، أحاول أجبهم بعد ما أعرف كل التفاصيل "
رد عصام " تمام، يلا روح على شغلك وأنا هروح مشوار وهروح بعد كده على البيت "
رد صلاح في تعجب " مشوار إيه "
رد عصام " مشوار شخصي، يلا سلام "
ذهب عصام وظل جالس صلاح لدقائق وهو يقول " شخصي؟ من إمتى في حاجة زي دي ما بينا؟ طيب "
*******************
بعد مرور ستة أشهر .....
" يا سي صالح، اسمع كلامي بس، فيها إيه لو رحنا لدكتور، أنا نفسي في عيال، مش كفاية إلي راح "
" لا يعني لا يا سماح مفيش ذهاب لدكاترة، من إمتى يعني؟ ما إنتي مخلفة قبل كده يوسف وأنا مخلف تلت مرات قبل كده "
انتبهت سلمى ونظرت لعمها _والدها الحقيقي _ فانتبه الحاج صالح وأكمل كلامه في توتر " قصدي يعني أنا بعمل كشف دوري تلت مرات و قالوا إني بقدر أخلف في إيه بقى؟ "
" بس يا سي صالح "
" لا بس ولا غيره ونقفل على الحوار دا "
أكملت سلمى مذاكرتها ونظرها نحو الكتاب، فقالت لها سماح " ادخلي جوه يا بنت عشان هتكلم مع سي صالح في حاجة "
هزّت سلمى رأسها بالموافقة وذهبت في هدوء لغرفتها، فهي كانت تحاول أن تتجنب سماح، فمنذ موت يوسف وهي تضربها وتهينها بسبب أو بدون سبب وليست هي فقط بل الحاج صالح أيضًا، " بقولك إيه بقى، بصراحة كده أنا رحت للشيخ عليش، الشيخ البركة إلي هنا وقالي إني معمولي عمل وطول ما البنت دي في البيت إحنا مش هنخلف "
نظر لها الحاج صالح و قد تبين ما تريده سماح " ويا تري ناوية توديها فين؟ "
نظرت سماح بخبث وقالت "والله يا حاج أنا لو عليا هسيبها في البيت، بس الأسياد يا خويا هي إلي بتأمر، عامتًا الست أم إسماعيل جارتنا ممكن تاخدها ونديها حاجة بسيطة كده كل شهر حق أكلها وشربها "
نظر لها وهو يحاول أن يتمالك غضبه حتى لاتسمعه سلمى " إنتي عايزاني أرمي بنتي في الشارع، ثم فلوس إيه يا أم فلوس هو إحنا لقين نأكل، دي البنت تعبانة ومش عارف أعالجها "
نظرت سماح له قائله "يا سي صالح " أسمعي يا سماح، بنتي لو خرجت من البيت دا، أنا هرمي عليكي يمين طلاق وكده كده إلي كان بينا مات، بنتي مش هتخرج من هنا إلا لو ماتت أو أتجوزت فاهمة ولا مش فاهمة "
تصنعت البكاء وردت " إلي بينا مات، هو كل إلي كان بينا يوسف مفيش حب مفيش....."
رد بصرامة " لا مافيش، إلي كنت بحبها هي زوجة أخويا الأولى وأنا وهي كنا متواعدين على الجواز بس أخويا سبقني وراح اتقدم وأهلها أجبروها عليه عشان الفلوس والعز إلي كان عنده إكمنه أكبر مني واشتغل، وهي ماتت أو الله أعلم هي فين، وإنتي عارفة وأنا قولتلك الحوار دا قبل كده، فمش عايز تفتيح في حوارات ماشي؟ "
حاولت الكلام ولكنه قاطعها قائلا " خلص الكلام وقومي حضري الأكل
قامت سماح في غضب ولكنها لمحت خيال سلمى الذي تقف قرب باب الغرفة لتسمع ما يحدث، ففتحت الباب بعنف ومسكتها من أذنها وقالت " بتتصنتي علينا يا قليلة الأدب، أنا هوريكي، تعالي معايا "
*******************
كان عصام واضع رأسه تحت المياه وهو يستحم، يفكر فيما فعله، وهل سيأتي بنتيجة أم لا.
خرج عصام وارتدى ملابسه وجلس على سريره وأسند رأسه بأحد يديه وأمسك باليد الأخرى هذه الصورة التي أخذها من غرفة سلمى في بيت عمها وأخذ يتأملها ويتأمل تلك الجميلة ذات الضحكة اللامعة التي تقف بجوار سلمى وهو يقول " إنتي بقى أخت سلمى، إنتي جميلة أوي، عمري ما شفت عيون زي دي ولا ضحكة زي دي، بجد إنتي خسارة فيكي الموت، إنتي بتشبهي أميرات الكرتون، إلي مش موجودين في الواقع، سألت مخصوص عن موضوع المشرحة عشان يمكن ألاقي أمل واحد بإنك ممكن تكوني عايشة وبتمني كده فعلا "
قبل عصام الصورة وغمض عينه وهو يبتسم ويقول " تصبحي على خير يا جميلة ".
في اليوم التالي .......
"صباح الخير يا عم"
ابتسم عصام وقال " صباح النور يا عريس، مش عارف ليه حاسس إن الليلة إمبارح كانت حلوة "
أحمر وجه صلاح وقال " في إيه يا عم هي مش مراتي، وبعدين مش أحسن ما تنزل في الشارع ماعرفش بتروح فين، على الأقل كنت ضامن إنها في حضني "
ابتسم عصام ونظر لفنجان قهوته في خجل، كان عصام خجولًا، لا يتعامل إلا مع القلة من الأناث بسبب خجله من الجنس الآخر لذلك لم يعلق على ما قاله صلاح واكتفى بالسكوت،
" روحت فين؟!؟ "
ابتسم عصام وقال " إنت عارف إني بتكسف من الكلام دا، مش محتاج توضيح حاجة، أصلًا دي مراتك وده الطبيعي، المهم إن دي حاجة كويسة عشان نخرج سلمى من الكبت إلي كان فيها والاكتئاب يبدأ يخف حبة في حبة، كويس إنها بقالها يومين مابتنزلش الساعة 7 ولا بتتشنج في التوقيت ده زي قبل كده "
تنهد صلاح وابتسم قائلًا " إحنا كنا فين وأصبحنا فين، الحمد لله، فكك من كل دا، كنت فين إمبارح؟ "
رد عصام " سيبك إنت مني وقولي عملت إيه في موضوع المشرحة والحوار بتاع إمبارح؟ "
رد صلاح " صحيح فكرتني، الفرامل فعلًا زي ما أنت بتقول كانت مفكوكة بواسطة حد فاهم هو بيعمل إيه كويس ومتخصص "
رد عصام بحماس " كنت متأكد "
أنفعل صلاح " بس بردو مش لازم حبيبتي هي إلي عملت كده "
رفع عصام إحدى حاجبيه وقال مستهزئا " حبيبتي؟ طيب طيب، أنا ما قولتش إنها عملت كده، إنت بتقول واحد متخصص يعني ممكن ما تكونش سلمى بنسبة 50% "رد سلمى في انفعال "50% إزاي يعني أكيد مش هي "
رد عصام " لا مش أكيد، لأنها ممكن تكون حرضت حد يعمل كده "رد صلاح في انفعال " حرضت إيه، إيه شغل العصابات ده، هي هتعمل كده ليه في أبوها "
انتبه عصام للجملة " أبوها بس ولا أبوها وأختها "
رد صلاح في لا مبالاة " لا يا سيدي أبوها وأختها بس أبوها بس إلي مات وأختها ميعرفوش جسمها فين "
رد عصام متلهف " يعني عايشة "
رد صلاح " علمي علمك، هي كانت في المشرحة وبعدين جسمها اختفا، بس بيقولوا إن جسمها ماكنش مصاب بشكل كبير لدرجة إنها تموت"
ابتسم عصام وقال في نفسه " يعني، احتمال تكون سلمى بتروح عندها كل يوم وتكون حطاها في حتة، أو إن الأم هي إلي خدت البنت وهربت، أو تكون سلمى بتروح كل يوم لأمها وأختها، يعني في احتمال ولو1% إنها عايشة، يا رب تكون عايشة فعلًا "
" بس بس أنت فين يا عم، رحت فين؟ ومالك تنحت كده ليه؟ أوعى تكون بتحب زي صاحبك "
توتر عصام وأحمر و جهه ورد" حب إيه وكلام فاضي إيه، خلينا في إلي بنعمله "
ابتسم صلاح وقال في خبث " ماشي، خلينا في إلي بنعمله "
رد عصام " هي آخر مكان تواجدت في الأم كان فين؟!؟"
رد صلاح " الله أعلم "
انفعل عصام وقال " يا ابن آدم، أنا عارف إنك ما تعرفش، السؤال هنا إنك تسأل حبيبتك، أو تسأل عمها "
رد صلاح " ااااه طب ما تقول كده "
نظر عصام لصلاح نظرة توحي بمدة حماقته وعدم استيعابه للأحداث، وقال " طيب، فهمت كده هتعمل إيه ولا الأكل مش مخليك مركز أعيد تاني؟ "
رد صلاح " خلاص خلاص فهمت، الله ما تبقاش أحمق "
رد عصام " طيب يا فالح، أنا رايح على المستشفى عندي حالة هاطمن عليها، عايز حاجة "
رد صلاح وفي فمه الطعام " لا خلي بالك على نفسك ولو في حاجة اتصل بأخوك "
نظر له عصام باشمئزاز وقال " ما تتكلمش والأكل في فمك، سلام "
ذهب عصام إلى مستشفى الأمراض النفسية أطمئن على المرضى،
"ياااااا عاش مين شافك يا دكتور؟ "
" إيه أخبار حضرتك يا دكتور مصطفى؟ "
" أنا تمام يا سيدي، إيه يا دكتور؟ أسبوع لا حس ولا خبر، يا راجل قلقتنا عليك "
" معلش يا فندم، كان عندي شوية مشاغل ومشاكل "
" أمممم طيب ربنا معاك يابني ويقويك، ألا صحيح أنت فكرت في الموضوع إلي اتكلمنا فيه "
تنهد عصام وقال " بس يا دكتور بهاء، حضرتك زي والدي بالضبط، وحضرتك مديري ومثلي الأعلى هنا في المستشفى، بس حضرتك ما تقدرش تجبرني أتجوز بنتك غصب عني، حضرتك بنتك محترمة جدا وجميلة ومليون شاب يتمناها و..."
" ما هو يا دكتور عشان بنتي حلوة ومحترمة، أنا واثق إن واحد محترم زيك هيحافظ عليها ويحبها "
" حضرتك الحب بيجي لوحده، أنا إنسان حر مش بفكر في الجواز ولا الحب والكلام ده ومش هرتبط غير بالبنت إلي أول ما عيني تيجي عليها أقول هي دي وبس"
"و أنا بنتي إيه عيبها بقى يا دكتور؟ "
"يا دكتور والله بنت حضرتك محترمة جدا بس أنا ماقدرش أظلمها معايا "
" يعني دا آخر كلام عندك يا دكتور؟ "
تنهد عصام ورد " أه يا دكتور وعلى فكرة أنا قدمت استقالتي، عشان احتمال أسافر لأهلي بره مصر، أشوف وش حضرتك بخير "
ذهب عصام وقلبه يتمزق فقد سمع صوت سلوى بنت دكتور بهاء وهي تبكي في الغرفة من خلفه، لكنه حاول أن يتصنع عدم السمع والجدية، يعلم جيدا أنها تحبه منذ سنوات، فهي كانت زميلته في الكلية وقد اعترفت له بذلك من قبل، إنه يعلم جيدا أنها جميلة جدا وهادئة مثل الملائكة ولكنه لا يحبها وقد أخبرها بذلك، لكنها حاولت استخدام والدها لكي يضغط عليه، لكن للأسف فشلت وخسرته للأبد.
10
أخذ عصام حمامًا ساخن، حتى يهدئ أعصابه قليلًا، نظر لهاتفه فوجد صلاح قد اتصل به عددت مرات، فعاود الاتصال به ..
" ألو "
"أيوة يا صلاح، إنت اتصلت بيا؟ "
" أه، أنا وسلمى خارجين، تيجي معانا؟ "
" خارجين؟؟ وإنت وسلمى؟؟ وأجي معاكم؟ إنت عملت في البنت إيه خلتها تتغير كده؟! "
بقولك إيه، مش ناقص نكد، بعدين هتيجي ولا لا؟ سلمى قالتلي أتصل أقولك تيجي معانا "
" سلمى قالتلك أجي معاكم؟! "
" أه والله "
شرد عصام للحظات وهو يقول " هي ناوية على إيه؟ أنا مش مطمن لموضوع هي خفت وأتغيرت دا " قطع تفكيره جملة صلاح
" ها يا إبني جاي ولا إيه؟ "
رد عصام بجدية " لا لا أنا مخنوق عشان سبت الشغل وهنام "
رد صلاح " تركت الشغل ليه بس؟ "
رد عصام " مش مهم خلاص، أنا رايح أنام، روح إنت ومراتك واتبسط، ربنا يسعدك ويهدي سرك يا صاحبي "
نظر صلاح لسلمى وعانقها وهو يرد " يا رب يا صاحبي "
ابتسم عصام وأغلق الخط وذهب مسرعًا وفتح اللآب توب وأخذ يراقب كاميرات البيت، باستثناء غرفة النوم لأنه لاحظ من اللقطة الأولى أن صديقه وسلمى ما زالا يتناقشان في بعض الأمور، التي يخجل منها، أخذ ينظر لباقي حجر المنزل، حتى وجد صلاح خرج هو سلمى من الغرفة مستعدان للخروج، وقام صلاح بإغلاق كل أضواء البيت ما عدا ضوء خافت في الصالة يعطي جو لطيف في المنزل حتى لا يكون مظلم بشدة، خرجا الاثنين ولا يوجد شيء ساعة ساعتين لا شيء، الكاميرات لا يوجد بيها شيء، قام عصام بالذهاب للمطبخ وتحضير بعض الطعام وعندما عاد لاحظ شيء غريب بالصورة، فأعاد اللقطة لأنه كان يسجل كل شيء على ذاكرة اللآب توب وعندما أعداها وجد .... وجد سلمى .... قام عصام بالاتصال
بصلاح " إنت فين؟؟ "
رد صلاح " لسه خارج من السينما، كان فليم روعه "
رد عصام " معاك سلمى؟؟ "
رد صلاح " إيه سؤال ده؟ أكيد معايا وبنضحك كمان "
سكت عصام وهو ينظر اللآب توب ووجدها أمامه، أم هي شخص آخر يشبهها، نفس العباءة السوداء ونفس شكل الشعر، لكن لا يستطيع رؤية وجهها، رد عصام " طيب سلام" وأغلق الخط.
"سلمى مع أحمد، يبقى مين دي؟؟ "
بعد ساعتين إلا ربع وجد تلك الفتاة التي تشبه سلمى قد خرجت من باب الشقة، ضرب عصام على رأسه وقال " غبي، أكيد هتمشي قبل ما يرجعوا، كان لازم أروح تحت البيت وأشوف مين دي، إزاي نسيت حاجة زي دي "
بعد ربع ساعة من رحيل تلك الفتاة، دخل صلاح وسلمى المنزل، نظر عصام فوجد صلاح دخل ليستحم وسلمى قامت بتبديل ملابسها ونامت سريعًا من التعب، وعندما خرج صلاح من الحمام، أيضا ذهب لينام، أغلق عصام اللآب توب وأسند رأسه للوسادة ونظر لسقف الغرفة وهو يحاول أن يجد تفسير وظل يفكر حتى تسلل النوم إليه ونام وهو ما زال يفكر بما يحدث.
********************
"إنتي يا بنت؟ "
" أيوة يا عمي "
" بتعملي إيه؟ "
" بغسل المواعين في المطبخ "
" سيبيهم دلوقتي، وهاتي ماء دافئ بالملح وتعالى اغسلي رجلي "
" حاضر"
"إنتي يا بنت؟ "
"أيوة يا مرات عمي "
" مكملتيش غسيل المواعين ليه؟ "
ترد سلمى في رعب " عمي طلب مني إن أجيب ماء واغسله رجله "
"أممممم طيب خلصي، واغسلي المواعين وبعد كده ادخلي نظفي الأوضة بتاعتي"
ترد سلمى في رعب "أنا.. أنا نظفتها من شوية؟ "
" ما عجبنيش التنظيف، نظفيها تاني ماشي؟ "
"حاضر"
أسرعت سلمى لتحضر الماء لعمها _والدها الحقيقي_ وقامت بغسل رجله ثم أسرعت لتغسل المواعين ثم أسرعت للغرفة ثم ثم ثم، ثم كثيررر.
*****************
أفاق عصام على كابوس، كان قلبه سيخرج من صدره من الألم والخوف، هدأ عصام وظل يفكر في الحلم ويقول " أعوذ بالله من الشيطان الرجيم " وأخذ يضع يده على صدره في توتر وخوف، قد حلم " بأخت سلمى تجلس بجواره ترتدي فستان أبيض جميل وهو يرتدي بدلة جميلة ويجلسان في مكان جميل جدا وكانت تنظر في الأرض من الخجل، فمد يده ليرفع رأسها، إذا به يرى عيناي أختها سلمى مثل عين الثعبان تمامًا وعندما ابتسمت ليست لديها أسنان طبيعية بل أنياب و لسان ثعبان، حاول الهروب ولكنها أمسكت به قائلة ( رايح فين يا حبيبي؟ خليك معايا ) وبدلًا من أن تقبله لدغته في رقبته ".
جلس عصام يفكر وعندما هدأ اتجه نظره فجأة إلى اللآب توب، فقام بفتحه وأخذ يتأمل الكاميرات ونظر للساعة فكانت الساعة الرابعة فجرًا، " لحظة واحدة هي فين سلمى؟ ".
أخذ يدقق النظر في الكاميرات فرأى سلمى ترتدي ملابسها وتخرج من باب الشقة، أخذ عصام مفتاح السيارة وجرى مسرعًا دون أن يغير ملابسه حتى وأخذ اللآب توب معه وخرج من شقته وجري مسرعًا للسيارة وذهب لبيت عم سلمى مسرعًا، ووصل للمنزل وعندما وصل لاحظ أن الشباك مفتوح وإضاءة غرفة سلمى، سار بهدوء حتى وصل بالقرب من الشباك وسمع صوت حديث سلمى مع شخص ولكنه لا يستطيع السماع جيدا حاول أن يقترب أكثر فسمع بعض الكلمات " إنتي كمان لازم تموتي ........ أنا ليه بس؟ أنا عملتلك إيه عشان أموت؟ ........... إنتي كمان خاينة ولازم تموتي إنتي...." دخل عصام في تلك اللحظة ليجد .... " أيوة هي أخت سلمى، هي عايشة، وسلمى بردو عايزة تموتها، زي ما توقعت "
نظر عصام لهم ووجه الكلام لسلمى إنتي عايزة تموتيها زي ما موتي أبوكي وابن عمك وماماتك كمان واللّه أعلم ... ردي صح ولا؟ "
لم تتكلم سلمى من الصدمة، فقط أخذت دنيا تبكي وتقول " أنقذني أرجوك، وارحمني منها، دي حبساني هنا بقالي 6 سنين وتعذبني وعايزة تموتني، أرجوك "
وفجأه ودون سابق إنذرا أحضرت سلمى سكين وكانت تريد أن تطعن دنيا ولكن عصام دافع عنها بجسده فطعن في ظهره، فصرخت دنيا، أستيقظ عم سلمى وزوجته من النوم وذهبا سريعًا للغرفة فإذا بهم يروا دنيا قد أغمي عليها وسلمى تقف مصدومة وعصام مطعون وقد أغمي عليه أيضًا، أمسك عم سلمى بها بقوة وربطها بكرسي بقوة، وطلب طبيب لعصام ليرى الطعنة ويعالجها وأيضًا يعالج جروح دنيا، واتصلت الست سماح بصلاح فتفاجئ مما حدث وذهب للمنزل بسرعة وعندما رأى حالة دنيا وعصام صدم بشدة ونظر لسلمى وجدها تبكي وهي تقول " فكوني أنا هريحكم مني وهموت والله هموت ومش هرجع "
عانقها صلاح رغم ما حدث، فللأسف قد استولت سلمى على قلبه بالكامل وأصبحت عشقه وبما حدث الآن ستفتح أبواب جهنم على سلمى وستفتح الملفات القديمة وأما سيحكم عليها بالأعدام أو المؤبد أو الأسوء ستوضع في مستشفى الأمراض العقلية لتعالج وربما لا تخرج منها أبدًا، نعم إنه يحب عصام فلقد مر على صداقتهم أكثر من 20 عاما ولكن ماذا يفعل، أصبحت المقارنة صعبة جدًا.
انتهي الطبيب من عمله وسأل عن سبب حدوث ذلك، فأخبره صلاح أنهم متزوجان وتشاجرا معًا وهذه النتيجة، لم يعلق الطبيب وقد اقتنع لما حدث وذهب، ظل الجميع لا يتحدث والصمت يسود المكان والتفكير يسود المكان أيضًا والجميع يتساءل العديد من الأسئلة " كيف لم يلاحظا كل من عم سلمى وزوجته وجود دنيا هنا لمدة خمسة سنوات؟ لماذا لم تقتلها سلمى مثل الباقيين؟ لماذا سلمى فعلت كل ذلك من الأصل؟ لماذا لماذا؟! ".
حتى تحدثت سلمى بصوت مجروح " صلاح، إنت هتوديني السجن يموتوني هناك؟ أنا ما موتهاش عشان خاطرك عشان حبيبتك وكنت عايزة أبدأ حياة جديدة، أرجوك سامحني وأنا هسمع كلامك وهبقى تحت رجلك، أبوس أيدك، إنت مش هيرضيك إني أموت صح؟ أو إني أروح مستشفى المجانين ويكهربوني ويضربوني ويعتدوا عليا هناك صح؟ صلاح رد عليا أبوس أيدك؟ "
لم يرد صلاح فكانت دموعه ترد على كلامها لكنها لم تفهمها، لم تفهم أنه يقول " أنا بحبك ومستحيل استغنى عنك، حتى لو غلطي من حقك تتوبي وتتعالجي وتعيشي حياة جديدة "
لم يرد صلاح وظلت سلمى تبكي وتبكي وتصرخ باسمه " صلاح " لكنها لا تستطع التحرك بسبب أنها مقيدة في الكرسي بقوة، ظلت تبكي وتصرخ ولم يرد أحد لا صلاح ولا عمها ولا زوجته، الجميع لا يرد، لا يوجد أحد منهم يعرف ماذا يقول، أو ماذا يفعل، الموقف صعب للغاية، الصمت أبلغ اللغات في المواقف الصعبة، ظلت سلمى على هذا النحو حتى أغمي عليها من البكاء، قام صلاح مسرعًا نحوها وعندما أمسك بيدها ووضع يده على وجهها وجد جسدها ساخن جدا ساخن مثل الماء المغلي، فك قيودها سريعًا وحملها على أحد الأسرة، وقام بوضع قماشة مبتلة بماء بارد لتخفض حرارتها، بعد دقائق، أفاق عصام من المخدر الذي أعطاه له الطبيب، لم تكن إصابة عصام صعبة مجرد جرح بسيط في كتفه ليست بخطيرة،
" اااااه دراعي "
قامت سماح تساعد عصام أن يتحرك من السرير وهي تقول " إنت كويس يا ابني، أشرب حبة ماء " شكرًا يا طنط، أنا كويس، ده ألم بسيط في دراعي مش صعب يعني " ثم تذكر عصام أخت سلمى وانتفض قائلًا " هي فين فين ااااه ااااه أخت سلمى"
ردت سماح " قصدك دنيا دي نايمة يا حبة عيني من ساعة ما أغمى عليها من إلي حصل والدكتور كتر خيره عالج جروحها وقال لازم تستريح "
أسرع عصام نحوها وقام بإمساك يدها وقبلها وهو يقول " دنيا ما تخافيش هتبقي كويسة أنا هحميكي يا حبيبتي "
تعجب صلاح وكل الموجودين من طريقة عصام، ثم تحدث صلاح بغضب " يعني إنت، كنت بتعمل كل ده عشانها؟ "
نظر له عصام بغضب " ما تعليىش صوتك، دنيا تعبانة ومش عايز دوشة، ثم لا ما كنتش بعمل كده عشانها أنا أعجبت بيها من الصورة "
رد صلاح " يا سلام، في حد بيحب حد من صورة؟ "
رد عصام " إنت زعلان ليه؟ مراتك يا باشا قتلت أبوها وابن عمها وخلت عمها و زوجته ما يخلفوش تاني وأمها الله أعلم عملت فيها إيه، وعذبت أختها وكانت هتموتني وكمان زعلان؟ "
رد صلاح " ما عندكش دليل على كده وبلاش أحسن تستعمل الكلام دا، عشان لو حاولت تقرب لسلمى إنت حر يا عصام "
رد عصام في نفاذ صبر " إنت بتهددني؟ "
" اه بهددك "
" ليه كل ده؟ "
" بحبها "
نظر عصام لصلاح بعد هذه الكلمة ولم يرد وظل جالس بجوار دنيا ويمسك يدها، بعد دقائق ..... " بس يا صاحبي، أنا بحب دنيا وهتجوزها، وإنت مراتك لازم تتعالج، مراتك مريضة وأظن بقى واضح جدًا، ماشي؟ "
عانق صلاح سلمى ورد بحزن " ماشي بس في البيت، مش هتدخل مستشفى واضح؟ "
تنهد عصام وقال " زي ما تحب "
ظل كلاهما ينظر لحبيبته ويفكر في نفس السؤال " أنا بعد السنين دي هخسر صاحبي بالسهولة دي؟ ولا أخسر حب حياتي؟ ولا أعمل إيه؟؟ "
و نظر كلاهما لبعضهم دون أن يتحدثا، لكن عين كل منهما كانت تقول الكثير ولكن دون صوت، فالعيون في المواقف الصعبة تقول الكثير، لكنها أيضًا تحتاج دارس جيد لها ليعلم ماذا تقول ........
أفاقت دنيا على سرير ناعم وهي تردي بيجامة جميلة وردية ناعمة وشعرها مصفف بطريقة جميلة ورائحتها جميلة من العطر الذي بملابسها وإذا تفاجئ بعصام يدخل الغرفة وهو يقول " صباح الخير يا قمر، حضرتلك فطار يستاهل فمك الجميل دا ".
انتفضت دنيا وأمسكت بيدها وهي تقول " إنت عملت فيا إيه؟ " وبدأت عيونها تدمع، أسرع عصام لها وهو يقول " لا لا لا ما تفهمنيش غلط أنا مش كده، أنا لا يمكن أعمل فيكي شيء، ما تخافيش أنا ما عملتش حاجة، أنا خجول أصلًا، ما تخافيش من النقطة دي" ابتسمت دنيا بهدوء وابتسم عصام أيضًا وهو يقول " يلا استعدي عشان هجبلك الفطار لحد السرير وهأكلك بنفسي " أحمر وجه دنيا ووضعت بعض من خصل شعرها خلف أذنها بخجل، أحمر وجه عصام أيضًا، وذهب للمطبخ وأحضر الطعام ووضعه على السرير وأخذ يطعم دنيا وهي لا تنظر له وتحاول لا يلتقي أعينهم ببعضها، ثم قالت " هو مين إلي غيرلي هدومي؟؟
أحمر وجه عصام جدا وهو يقول " أنا بس والله ما بصتش على حاجة، غيرت بس، أنا أنا زي ما قولتلك خجول ومش بستحمل يعني، ده حتى صلاح صاحبي أنا مش بقعد أمامه إلا بلبس بكم وبنطلون، أنا خجول نوعًا ما، أنا عارف إنه غلط وحرام وكل حاجة، بس لبسك كان لازم يتغير وكده ولا إيه؟ "
هزّت رأسها بخجل وابتسمت بخجل " إنت اسمك إيه "
" أنا عصام "
" وأنا دنيا "
" أه ما عمك قالي أو مراته يعني "
" إنت تعرفني منين بقى؟ "
" بسي يا ستي، إنتي تبقي أخت زوجة صاحبي وإنتي إلي حبتها لما شفتها أول مرة في الصورة وإلي نفسي اتجوزها، تقبلي؟ "
نظرت له دنيا وقد أحمر وجهها وهي لا تصدق فردت قائلة " لو سمحت يا أستاذ عصام ما تهزرش "
رد عصام أنا ما بهزرش؟؟ أنا بتكلم جد، أنا بحبك يا دنيا، أقولها تاني، أنا بحبك يا دنيا، بحبك "
ضحكت دنيا وقالت " خلاص خلاص عرفت، وطي صوتك، عيب كده "
ابتسم عصام وقال " بحب أشوف ضحكتك "
نظرت له دنيا بجرأة وقالت " إنت حبتني إمتى بقى؟ "
نظر لها بشغف " معرفش بس حبيتك وخلاص، إنتي أول واحدة في حياتي بعد أمي ومش مستعد إني أضيعك "
ابتسمت برقة وقالت " ربنا يحميك بجد أنا مش عارفة من غيرك كانت سلمى ممكن تعمل فيه إيه، الحمد لله إن ربنا بعتك ليا "
أمسك بخصلة من شعرها وقال " طول ما أنا عايش محدش يقدر يلمس منك شعره "
ابتسمت وأحمر وجهها خجلا،
قام فجأة من على السرير وقال " يلا يا كسولة، الساعة بقت الثانية بعد الظهر، يلا عشان ننزل نشتريلك لبس جديد "
ردت دنيا " بس أنا كده هكلفك كتير"
رد مازحًا " يلا يا عروسة، عايزين نشتري الهدوم اللازمة، عايزة الناس تقول إيه، بخيل ومش بيشتري حاجة لمراته "
ردت في خجل وفجأة " مراته "
رد بقوة وجدية " أه يا هانم مراته، أنا وإنتي نكتب كتابنا بكرة أو بعده بالكثير، أنا ما قعدش مع واحدة في الحرام، أه يلا قومي "
ابتسمت وقامت من على السرير وهي تقول " طب أنا هنزل بإيه وأنا ما عنديش لبس أصلا "
رد في ثقة " عامل حسابي وأشترتلك عباية نفس مقاس أختك، يلا بقى "
أخرج عصام العبائة من الدولاب وأعطاها لدنيا وخرج من الغرفة لكي تبدل ملابسها،
صوت طرق على الباب " نودي خلصتي"
فتحت دنيا الباب وقالت " خلصت خلاص، آسفة على التأخير كنت بجهز نفسي "
ظل عصام يتأمل دنيا ثم قال " لا لا مفيش نزول من البيت "
ردت " إيه ؟؟ ليه؟؟ "
" هو إيه إلي ليه يا هانم، إنتي حلوة أوي،أمشي جنبك إزاي أنا "
ابتسمت دنيا وقالت " أنا كده حلوة، طب ده أنا لسه تعبانة "
أمسك يداها وقبلها وقال " ألف سلامة عليكي يا حبيبيتي، يلا عشان بكرة كتب كتابنا وعايزين نشتري لبسك يا عروسة "
ابتسمت دنيا ونظرت للأرض في خجل، رد سريعا " بالمناسبة، في حاجة في الشقة مش عجباكي؟ نشتري جديد؟ "
هزّت رأسها نافية وهي تقول " أنا أحمد ربنا إنه رزقني بواحد زيك يحبني ويحافظ عليا، يلا بقى عشان ما نتأخرش "
أمسكت دنيا بيد عصام وابتسمت.
***********
"سلمى، يلا عشان تأكلي يا حبييتي "أصبح حال سلمى أسوء بعد ما حدث، أصبحت ترتجف على الدوام وتبكي وتخاف من أي شيء وأي شخص، عدا صلاح كانت تهدأ قليلًا عندما يكون بجوارها ولم تعد تأكل إلا القليل جدا، لقد أصبحت مريضة جدا وأصبحت تحاول الأنتحار بأي وسيلة، لكن صلاح كان حريص عليها جدا وقد أنقذها مرتين من محاولات الأنتحار،
نظرت سلمى لصلاح ولم ترد.
"طيب يلا افتحي فمك عشان تأكلي اللقمة دي يلا يا حبيبتي يلا "
أكلت سلمى من يد صلاح القليل من اللقيمات، ثم انكمشت في سريرها وضمت قدمها لصدرها مثل الأطفال ، قام صلاح وجلس بجوارها وقام بإمساك يدها وقبلها وأسند رأسها لصدرها وضمها بقوة وقال " ما حدش يقدر يلمس منك شعرة طول ما أنا موجود إهدي شوية، ليه كل ده، إلي حصل خلاص، خلينا ننسى كل إلي فات ونبدأ من جديد "
ردت في صوت مجروح وخائف " بس عمي ومراته وأختي وصاحبك، كل دول مش يبلغوا البوليس عني "
رد بانفعال وقد أمسك وجهها بكفيه " محدش يقدر يعمل كده، أنا قولتلهم ينسوا والكل وعدني بكده وإلي هيفكر يأذيكي، أنا هتصرف معاه كويس، إنتي فهمه "
هزّت رأسها موافقه وهي تبكي، ظل صلاح بجوارها يمسح على شعرها حتى تهدئ وبالفعل نامت إسراء هذه المرة دون أن تأخذ مهدئ.
*****************
"دنيا، يلا يا عروسة يا كسلانة، كتب الكتاب الساعة 6 والساعة دلوقي 2 وإنتي نايمة يا هانم يلا بقى "
" سيبني كمان حبة عشان خاطري "
" حبة إيه، يلا عشان تأخدي دش وبعدين تروحي على الكوافير، عشان بعد كده نروح الاستوديو عشان التصوير وبعد كده نروح للمأذون عشان كتب كتاب "
" طيب طيب الله "
" بطلي كسل، أختك وصاحبي بره مستنين"
انتفضت من على السرير وقالت " سلمى؟؟ "
نظر عصام للأرض ثم جلس على السرير وأمسك يد دنيا وقال " بس يا ندى أنا عارف إنك مرت عليكي فترة صعبة، بس دي في النهاية أختك، أختك مريضة مش أكتر صدقيني، وهتخف وترجعوا زي الأول وأكتر، وأنا بنفسي إلي هعالجها، تمام؟ "
ردت دنيا " لا لا لا بلاش يا حبيبي، لحسن يحصلك حاجة، أخاف عليك "
أمسك عصام أحد أذنيه وقال " إيه، قولتي إيه؟؟ حبيبي "
أحمر وجه دنيا وقالت " أه أه ما خلاص بقى هتبقى جوزي النهارده ولا لا إيه بقى، يوو بقى ما تكسفتيش يا عصام "
ابتسم عصام وعانق دنيا وهو يقول " ما تخافيش عليا، والله قبلت حالات أصعب من أختك بكثير ودلوقتي كويسين والحمد لله، إهدي وكل حاجة هتبقى كويسة، ماشي؟ "
هزّت رأسها موافقة،
أبعدها عنه وهو يقول " يلا يا ماما مش وقت رومانسية بقى، عندنا حاجات نعملها "
ضحكت دنيا وقامت من على سريرها مسرعة للحمام لتستحم، وقام عصام بتبديل ملابسه.
بعد ربع ساعة.......
خرجت دنيا مع عصام إلى الصالة حيث كان موجود صلاح وسلمى، تكلم عصام بالترحيب بهما، بينما دنيا وسلمى ظلا ينظران لبعضهما في خوف وقلق، حتى قال صلاح " سوسو يلا رحبي وخدي أختك في حضنك"
قامت سلمى بمد يدها وهي ترتعش خوفاً، قامت دنيا بمصافحتها، جلسا الاثنين دون كلمة ودون تبادل النظرات، كل منهما تنظر للأرض فقط، قال عصام " معلش يا صلاح هتعبك معايا، هخليك هنا إنت وسلمى، مع الناس إلي جاية تجهز البيت وتضع الأضواء والكراسي.
رد صلاح " أبدًا ما فيش حاجة يا صاحبي، دي حاجة بسيطة "
قام عصام وقامت بعده دنيا وقال " طيب هنروح إحنا نخلص إلي مفروض نعمله، لحد ما يجي المأذون، ماشي "
رد صلاح " تمام يا صاحبي " عانق صلاح عصام بقوة وهو يقول " مبروك يا صاحبي "
تعجب عصام من طريقته وقال " الله يبارك فيك يا صاحبي، بس إنت ليه محسسني إني مسافر، ده أنا هتجوز "
ابتسم صلاح وقال " طيب يلا، روح شوف إلي هتعمله "
ذهب عصام للحلاق وذهبت دنيا للكوافير حتى يتم التجهيز للعُرس، انتهى عصام من تجهيز نفسه عند الحلاق وذهب لدنيا عند الكوافير، ولكن عندما ذهب وسأل عنها، قالوا أنها ذهبت منذ ربع ساعة، اتصل عصام لكنها لا ترد، أين ذهبت؟؟؟ اتصل عصام بصلاح وكانت الساعة 5,5 في ذلك الوقت،
رد صلاح " ألو يا عريس في إيه "
رد عصام " هي دنيا جات عندكم؟؟ "
رد صلاح" دنيا.... لا "
رد عصام " إزاي؟ دي مش في الكوافير "
تنهد صلاح وقال " يمكن عند الست بتاعة الفساتين، مش المفروض تجيب الفستان بعد الكوافير "
رد عصام " ااه ااه صح، بس ليه ما انتظرتنيش؟ "
رد صلاح " إنت إلي متوتر، إهدى بس، ثم يا عم ...... اه اه ااااه "
رد عصام " صلاح في إيه؟ إيه الصوت دا؟ "
(تيت تيت تيت)
نظر عصام للهاتف وقال " الخط قطع، أكيد وهو بيعمل حاجة اتخبط أو حصل حاجة؟ أنا هشغل بالي ليه دلوقتي، هي فين دنيا؟؟ "
11
رَكِب عصام السيارة وذهب إلى محل الفساتين، وعندما دخل وقبل أن يسأل وجد دنيا ترتدي الفستان وتسأل السيدة صاحبة المحل " هو أنا شكلي حلو؟ "
ردت صاحبة المحل " زي القمر يا عروسة "
ردت دنيا " أنا خايفة أوي، إني ماعجبوش، أعمل إيه بس "
رد عصام في تلك اللحظة " أنا بحبك ومعجب بيكي أصلًا من غير كل الكلام دا "
ابتسمت دنيا وأحمر وجهها، فقال عصام " يلا بقى عشان المأذون في البيت "
ردت " هو إحنا مش هنتصور"
رد " اتصلت بالراجل نأجل التصوير ساعة، لحد ما نكتب الكتاب، عشان المأذون يلحق يمشي "
ردت " طيب تمام، يلا بينا "
ذهب كل من عصام ودنيا إلى البيت وقبل الوصول إلى العمارة كان هناك تجمع هائل أمام باب العمارة،
قالت دنيا " هو في إيه؟؟ "
رد عصام " مش عارف يا دنيا والله، تعالي نشوف "
خرج كل من عصام ودنيا من السيارة فوجدا الأسعاف والشرطة فذهب مسرعا للشرطي وهو يقول " في إيه يا فندم؟ "
رد الشرطي " إنت مين أصلا؟ "
رد عصام إحراج " حضرتك أنا دكتور عصام والمفروض إني ساكن في العمارة والنهاردا فرحي حتى شوف الزيينة ...."
صدم عصام عندما أشار لسلوك الإنارة والأضواء التي على حائط العمارة من أجل زفافه، صدم عندما رأى الشرطة والإسعاف يخلصون رقبة سلمى المشنوقة في أحد السلوك، قاطع صدمتي الشرطي عندما قال " إنت صاحب شقة رقم 6؟ "
هزّ عصام رأسه وما زال ينظر إلى منظر سلمى البشع، مشنوقة ومصعوقة من الكهرباء التي كانت بالسلك، دخلت دنيا في ذلك الوقت وقالت " في إيه يا حبيبي؟ "
رد الشرطي " حضرتك البواب قالنا إن أستاذ عصام زوجك ساب صاحبه ومراته يجهزوا الفرح وإنتو برة بتستعدوا وكده "
ابتسمت دنيا وقالت " أيوة صح، مرات صاحبه تبقى أختي "
تفاجئ الشرطي بما قالت ونظر إلى الأرض وهو يقول " بعتذر منكم بس البقاء لله في الاثنين، أختك طعنت جوزها بالسكين لحد الموت وانتحرت مشنوقة في سلك من أسلاك أضاءة فتصعقت لحد الموت بردو "
نظرت له دنيا ولم تنطق من الصدمة وأمسكت بزراع عصام وهي تقول " أختي، أختي، سلمى " ثم نظرت فوق فلمحت جثة أختها المتفحمة تقريبا من الصعق الكهربائي وصرخت من الصدمة ثم أغمي عليها، نقلت الإسعاف جثة سلمى وصلاح ونقلت دنيا للمستشفى فقد أصيبت بصدمة حادة.
كان يجب أن يتعرف عصام على وجه صديقه في المشرحة، فلربما لم يكن هو، وبالفعل ذهب عصام ليجد صديقه بارد الجسد، أزرق الوجه، مطعون في ظهره طعنات عديدة كما قال له الطبيب، لم يستطع عصام أن يكتم دموعه وأمسك بكفه وهو يقول " قولتلك يا صلاح، ناخدنها مستشفى تتعالج، إنت ما رضتش، ليه يا صاحبي ليه بس كده " أخذ يبكي فوق جسد صديقه الميت حتى قاطع بكائه الشرطي وهو يقول " قصدك إيه، بناخدها مستشفى تتالج "
ترك عصام يد صديقه ومسح دموعه قائلًا " زوجة صديقي _سلمى_ كانت مريضة نفسيًا وحاولت الأنتحار كذا مرة وحاولت أفهمه إنها لازم مستشفى متخصصة تعالجها بس هو ما رضيش وأدي النتيجة، قتلته وانتحرت "
نظر الشرطي له وقال " آسف إني فكرتك بكده بس إنت فاهم الإجراءات وكده "
هزّ عصام رأسه موافقًا وذهب.
كان أسبوعًا صعباً جدا، من صراخ دنيا وأم صلاح وأهله لما حدث لهما والحزن الذي حدث، ذهب عصام ودنيا للمأذون لعقد القران، حيث لا يجب أن تعيش معه دون رابط شرعي.
مرّ الوقت ....
ولكن لم ينتهي حزن عصام بسهولة، حيث كان يذهب كل يوم للمكان الذي دوما كان يتواعد فيه هو وصلاح للتحدث وتناول الطعام والمرح، كان يجلس ويتذكر تلك الأيام الخوالي التي كان بها مع صديقه وأخيه ونصفه الثاني، يشعر بأنه يريد الموت بعدة لكي يشاركه كله شيء حتى الموت، كان ينظر لكوب القهوة ويقول " شفت يا صاحبي، مش قولتلك الحب هيفقرنا، ما صدقتنيش ......"
12
بعد مرور ستة شهور
على الحادث كان بدأ كل شيء يعود لأصله وتبدأ الحياة الروتينية المملة تعود مرة أخرى،
" عصام عصام "
" خير يا دنيا في إيه؟ "
" سيب اللآب توب دا وتعاله عايزاك في موضوع "
" مش فاضي وبعدين تعبان مش هعرف أفتح مواضيع "
رد " مش الموضوع إلي في دماغك، إنت فهمتني غلط، عايزة أتكلم في موضوع بجد مهم "
نظر لها وتنهد ورد " خير؟ "
" براحتك، أنا في الأوضة، عايز تتكلم تعالى مش عايز برحتك، بس هزعل منك لو ما جتش "
ذهبت دنيا للغرفة، تنهد عصام وهو يغلق اللآب توب ويقول " أنا إيه إلي أجبرني أتجوز، ما كنت عايش براحتي وبمزاج، ليه أتجوز واحدة تنكد عليا ليه؟ "
ذهب عصام للغرفة وقال " خير يا ندى؟ "
ردت مبتسمة " تعالى أقعد جنبي"
جلس عصام بجوارها ونظر لها وقال " خير بقى؟ "
قالت " بصراحة كده في ضيف هيجي يقعد عندنا "
نظر لها وقال " عمك ومراته وماله يجوا، عايزة حاجة تانية؟ "
رد " لا عمي إيه بس، ضيف تاني "
نظر لها عصام بعدم فهم،
تنهدت دنيا وقالت " خلاص أنا غلطانة، باختصار أنا حامل "
ابتسم عصام وقال " بتهزري صح، إنتي بتقولي كده عشان شايفاني مدايق صح؟ "
رد متصنعة الحزن " لا حامل يا أستاذ وفي بطني نونة هيقولك يا بابا وإنت بتعامل مامتى وحش، لا لا لا بجد زعلانه منك "
تفاجئت دنيا عندما حملها عصام بين زراعيه ودار بيها في الغرفة سعيدًا وهو يقول " بحبك يا أم عيالي بحبك بحبك "
أخذت دنيا تضحك وتقول " نزلني يا مجنون، براحة لحسن يحصل لابني حاجة "
وضعها عصام بهدوء على السرير وهو يقول " من هنا ورايح، ما فيش نزول من على السرير دا، حتى الحمام هشيلك أدخلك الحمام فاهمة "
ضحكت دنيا وقالت " ماشي ماشي الله براحة عليا شوية "
تنهد وهو يقول " أخيرًا الحياة بدأت تتعدل، أنا تعبت أوي الفترة إلي فاتت دي بجد "
عانقته وقالت " ما تخافش، إن شاء الله كل حاجة هتتعدل يا حبي "
رد " يا رب بقى، يا رب "
كانت فترة جميلة حقًا، مليئة بالمرح بين أبوين جديدين، لا يعرفا ماذا يفعلا، وما الصواب وما الخطأ، كان عصام يستعين بأم صلاح فهي كانت تمثل له أمه بل أكثر وهي أيضًا رحبت بذلك وفرحت بالطفل المنتظر، مرت ست أشهر من المرح والسعادة التي لا مثيل لها حتى جاء خبر موت عم دنيا، الذي أحزن الجميع، ذهب عصام وغيره من معارف الحاج صالح وقاموا بدفنه وعادوا للمنزل كي يطمئنوا على الست سماح الأرملة الوحيدة الحزينة وليعرفوا ماذا سيفعلون هل ستبقى وحدها أم أن تبقى أفضل مع دنيا وعصام.
ذهب كل من دنيا وعصام إلى منزل عم صالح _عم دنيا_ لتفاجئوا بعدد كبير من الرجال مجتمعون، دخلت دنيا وعصام ورحبوا بالموجودين ثم قالت دنيا " إنتوا مين معلش؟ "
رد أحدهم " إحنا أقارب أبوكي وعمك من البلد وجايين عشان الميراث، بما إنكم كنتم بنتين، طبعا قبل موت سلمى الله يرحمها، وما فيش واد يبقى لينا حق في الورث حسب شرع ربنا "
ردت سماح" لا مالكمش حاجة "
رد أحدهم " إنتي اتجننتي يا ولية "
ردت سماح " أولًا سلمى ودنيا مش ولاد إبراهيم الله يرحمه دول ولاد صالح، ثانيًا مرات إبراهيم لحد الوقت ده مش لاقينها وهي ليها حق في الميراث والله أعلم إن كانت عايشة ولا ماتت، ثالثاً أنا حامل، انتظروا بقى لما أولد وتعرفوا إن كان ولد ولا بنت وبعدها نقسم "
رد أحدهم " وه وه وه وه، إنتي بتقولي إيه يا وليه إنتي "
قالت سماح بانفعال " دي الحقيقة ولو عايزني أحلف على المصحف، هحلف بكده "
ردت دنيا وهي تقول بحزن وانكسار " يعني يعني أمي كانت بتخون أبويا مع عمي "
لم ترد سماح، قالت دنيا بصراخ " إنتي ساكته ليه، ردي عليا ردي، الكلام دا صحيح؟ ردي حرام عليكي، ردي رررردي ررردي "
ثم أغمي على دنيا من الصدمة ونقلها عصام للسرير وحاول معها حتى استعادت وعيها وبدأت في البكاء، فأخذها عصام في حضنه،
فقال أحد الرجال " إحنا آسفين يا بنتي، على إلي حصل، استهدي بالله عشان إلي في بطنك، على العموم إحنا مش هنيجي غير بعد تسع شهور تكون الست سماح ولدت ونشوف موضوع الميراث، سلام عليكم "
ظلت دنيا تبكي وقالت لعصام مشيني من هنا، أرجوك مشيني من هنا، مش عايزة أقعد في البيت دا، أرجوك "
رد عصام " حاضر حاضر، إهدي بس "
حمل عصام دنيا بين زراعيه ووضعها بالسيارة وذهبا إلى البيت.
بعد يومين .....
" دنيا دنيا إلحقي "
" في إيه يا حبيبي؟ "
" مرات عمك "
" أمجد ماتكلمنيش عن الست دي وبعدين مرات عمي إيه بقى، قول مرات أبوكي "
"دنيا مش بهزر، مرات عمك انتحرت "
" إيه انتحرت، إزاي يعني؟ "
"ما عرفش، بس في طلب استدعاء ليا أنا وإنتي في النيابة "
توترت دنيا وقالت " نيابة ... نيابة إيه، وإحنا مالنا، أنا مش رايحة "
تعجب عصام من أسلوب دنيا ورد قائلًا " أه نيابة، فيها إيه يعني، إنتي قلقانة كده ليه؟! "
ردت في توتر " أنا قلقانة، لا وهقلق ليه بس هو إحنا كنا ناقصين مش كنا خلصنا من المصايب "
لم يرد عصام لدقائق ثم قال في جدية " أنا هدخل أخد دش ولحد ما أخرج تكوني استعديتي ولبستي واضح؟ "
وترك الغرفة وذهب للحمام ليستحم وفي عقله الكثير من التساؤلات أولهم " هي قلقانة ليه؟ معقول تكون ......"
ركب كل من دنيا وعصام السيارة ولم يتحدث عصام طول الطريق، حتى إن ندى قد تحدثت معه لكنه لا يرد، وصلا الاثنين للنيابة وأخذوا منهما بعض المعلومات العادية وانتهت القضية بأنها قد انتحرت وانتهى الأمر، ظل يومين عصام يعمل باستمرار لا يأكل ولا يتحدث مع دنيا، حتى جاءته مكالمة من أقارب دنيا، أن يتجمعوا في بيت الست سماح والحاج صالح يرحمهما الله، لمناقشة أمور الميراث، وبالفعل ذهب كل من عصام ودنيا إلى منزل الحاج صالح، لمناقشة أمور الميراث مع أقارب دنيا.
" طيب يا ست الكل، إحنا عايزين نقسم الميراث بعدل ربنا، دلوقتي ده بيت عمك تلت أدوار وفي العربية بتاعته وفلوس نهاية الخدمة بتاعته، أبوكي الله يرحمه، كان عنده شقة في الزمالك وشقة تانية إلي إنتم كنتم عايشين فيها قبل وفاته و ..."
" لا ... الشقه دي مش من ضمن الميراث، أنا هتنزلكم عن ميراثي في كل حاجة مقابل الشقة، ماشي "
لاحظ عصام قلق وتوتر دنيا المفاجئ، فرد أحد الرجال الموجودين " وإحنا موافقين يا ست الكل، نبدأ الإجراءات؟ "
ردت دنيا " نبدأ ".
جلس عصام في مكتبه يفكر فيما يحدث تلك الأيام وبينما هو يفكر إذ وقعت عينه على صورته هو وصلاح، فتذكر تلك الأيام ودمعت عيناه وقال " ليه سبتني يا صاحبي، يا ريتك سبتها ويا رتني قولتلك تسيبها من يوم ما شفتها في الكاميرا مسكة السكينة يا .......
لحظه الكاميرات ..... "
تذكر أمجد أنه وضع كاميرا في الغرفة التي كانت تعيش فيها سلمى في غرفة عمها والتي كان من المفترض محجوزة بها دنيا، لكن لحظة واحدة كيف دخل عصام ووضع الكاميرا دون وجود دنيا في الغرفة تلك المرة؟؟ وأيضًا هل الكاميرا كانت تسجل كل ما يحدث كل تلك الفترة؟ بالتأكيد، سارع عصام في فتح اللآب توب وقبل أن يفتح التسجيلات سمع صوت جرس باب الشقة وسمع صوت دنيا تتحدث لشخص فقام ليرى ماذا يحدث ...
" مساء الخير ده منزل دكتور عصام "
" أيوة هو، إنتي مين؟ "
" حضرتك أنا كنت زميلته في الشغل في مستشفى العباسية "
"أممممممم طيب وعايزة إيه؟ "
قاطع الحوار عصام بقوله
" سلوى، عامله إيه؟؟؟ "
ابتسمت وقالت " الحمد لله "
رد " تفضلي، إنتي واقفة ليه كده، خشي ده بيتك "
دخلت سلوى بهدوء ودخل معها عصام إلى الصالون وجلسوا،
دخلت دنيا وجلست بجواره وهي تقول " مش تعرفنا؟ "
رد عصام مبتسمًا " دي دكتورة سلوى كانت زميلتي في الشغل والجامعة ووالدها زي أبي بالضبط لا كمان أكتر "
ابتسمت سلوى ونظرت في الأرض في حياء
فردت دنيا " أمممممم طيب، على العموم أنا بقى دنيا مراته وحتى بصي دا أنا حامل "
نظر عصام لدنيا بقوة وحزم، فردت سلوى " أنا آسفة لو أزعجتك يا عصام، في موضوع مهم، هقولك إلي أنا عايزاه وهمشي على طول "
رد عصام " طب تشربي إيه "
ردت " ولا أي حاجة أسمعني بس، فاكر وإحنا في الجامعة والشغل مش كانت بتيجي عليا فترة بحلم بأحلام وتتحققك؟ "
رد عصام في اهتمام وجدية " أه فاكر كانت حاجة زي الرؤية كده "
ردت في توتر " أه بالضبط، أنا بحلم بيك بقالي أسبوع، كل يوم بحلم أسوء، مرة حلمت إنك ميت وحوليك بقعة كبيرة من الدم، ومرة إن في ثعبان كبير مكتفك وهيموتك، ومرة حلمت بيك مشنوق وإمبارح حلمت إن ظهرك مكسور وفي حد عمال يطعن فيك بالسكين "
أصفر وجه عصام من حديثها ولم يرد
أكملت سلوى " على فكرة أنا حلمت بصلاح قبل موته بإلي حصل وحلمت بالشخص إلي قتله "
نظرت لها دنيا في صدمة وارتجفت، حتى أن عصام تعجب مما حدث، وعندما تنظر لسلوى شعر أن الكلام موجه لدنيا.
رد عصام " بجد؟ مين؟ "
ردت سلوى في توتر " مش مهم مين، أنا أهم حاجة عندي إنت، أنا خايفة عليك، أنا جيتلك من غير ما بابا يعرف عشان أنا .... أنا .... أيًا كان خلي بالك على نفسك، أرجوك "
قامت سلوى وقالت أنا لازم أمشي الآن عشان بابا وأسرعت نحو باب الشقة وقبل أن تذهب قالت " عصام احذر من كل حاجة ومن كل حد مهما كان قريب منك، ماشي "
ابتسم عصام وأغلق باب الشقة بعد ما ذهبت، عندما دخل إلى الصالة وجد دنيا تقف وتضع يدها على خصرها وتقول " مين دي؟ "
رد " لسه قايلك مين دي"
ردت " وإيه إلي جابها؟ "
تنهد وقال " أظن أنها وضحت هي جات ليه "
ردت " والله على أساس إني هقتنع بالكلام دا، هي حبيبة القلب نسيت المعاد إلي بتيجي فيه ولا إيه؟ "
رد عصام في عدم فهم " أفندم؟ "
ردت " هي مش بتجيلك هنا بردو؟ ولا بتروحوا مع بعض شقة تانية؟ "
انفعل عصام وقال في غضب " لحد هنا وإلتزمي حدودك، البنت دي محترمة أكتر من أي حد عرفتيه في حياتك كلها، هي جت هنا عشان تقولي حاجة مش أكتر واضح؟ "
ردت دنيا بانفعال " على أساس إني هصدق كلام الأحلام والكلام التافه دا؟ ثم إنت منفعل ليه؟ ومضايق عليها أوي ليه، إنت بتخني معاها وأنا عارفة "
رد عصام في غضب " بقولك إيه بلا بخون بلا كلام فاضي، أنا مش بتاع الكلام دا "
ردت " كذاب كلكم زي بعض "
رد منفعلًا " والله مش ذنبي إنكم عائلة مجانين وخاينين وبتأكلوا في بعض "
نظرت له دنيا بصدمة من كلماته وقالت " مجانين وخاينين؟؟ إنت شايفني كده؟ "
لم يرد عصام وذهب لمكتبه وأغلق الباب خلفه وقال مش ناقص قرف.
ذهب عصام للمكتب وأخذ يضربه من الغيظ ونظر له وتذكر التسجيلات، فتح التسجيلات فوجد لا شيء لمدة ساعات حتى ...............
" إنتي تأخرت ليه؟ "
" والله والله يا دنيا، ما عرفتش أنزل من صلاح، أنا آسفة "
" آسفة، يعني إيه آسفة، إحنا هنهزر ولا إيه "
لم ترد سلمى من الخوف
"جبتي أكل؟ "
" أه اتفضلي "
أخذت دنيا الطعام من يد سلمى وهي تقول " ها هنخلص منه إمتى؟ "
ردت سلمى " هو مين؟ "
ردت دنيا " جوزك، هيكون مين "
ردت سلمى في زعر " صلاح ليه، هو عمل إيه بس، عشان أموته "
ردت دنيا " لما أقولك على حد يموت يبقى يموت فاهمة؟ "
هزّت سلمى رأسها موافقة وهي تبكي وترتعش خوفًا
قالت دنيا " يلا إمشي وتعالي بكرة قوليلي عملتي إيه؟ "
هزّت دنيا رأسها موافقة وذهبت.
بحث عصام عن تاريخ ذلك اليوم، فوجد أنه نفس التاريخ الذي حاولت فيه سلمى ضرب أحمد بالسكين.
اتجه عصام مسرعًا لاستكمال الفيديو فوجد المقطع الذي قد سمعه وظن أن سلمى من تتحدث " لا مش هموته، أنا بحبه، لو حاولتي تقربيله هموتك، إنتي فاهمة "
" إنتي بتعصي كلامي، إنتي لازم تموتي، أيوة لازم تموتي "
ردت سلمى في رعب " أنا أموت ليه؟ أنا عملتلك إيه عشان تموتيني ...."
ثم دخل عصام في تلك اللحظة، نظر عصام للفيديو بحسرة وهو يقول " أنا ظلمتها دي مكنتش سلمى دي كانت، دي كانت ..... أاااااااااه "
وفي لحظة واحدة ضرب عصام على ظهره بقوة فسقط أرضًا، نظر لها نعم دنيا هي من فعلت كل هذا، كانت تمسك سكين كبيرة وقد ضربته بقوة شديدة على ظهره بظهر السكين فكسر العمود الفقري فلم يستطع التحرك، نظرت له دنيا مبتسمه " أيوة أيوة يا حبيبي أنا إلي موتهم كلهم، بابا إبراهيم وماما أمينة وأختي وأخويا يوسف وعمي ومرات عمي، أيوة أنا عارفة ليه عشان كلهم خايين ويستحقوا الموت، بابا إبراهيم كان بيخون ماما أمينة مع سماح، وماما أمينة بتخونه مع عمي صالح، وسماح بتخون عمي وأمي مع أبويا، وعمي صلاح بيخون أبويا وسماح مع أمي وبيخون أبويا وأمي مع سماح، شايف كل دا يا حبيبي، شايف القرف والنجاسة، شايف الزنا، شايف الخيانة، كلهم يستحقوا الموت أمي تستحق الموت عشان خانت أبويا وهي على ذمته، أبويا عشان خان أمي وهي على ذمته، عمي خان أخوه وطعنه في ظهره مع مراته الأولى والثانية، سماح طماعة وجشعة، تسلم جسمها لشخص إلي يدفع أكتر، كانوا لازم كلهم يموتوا، أما يوسف الطفل، يوسف لو كان فضل عايش كان هياخد كل ده كل الفلوس لوحده وسلمى كانت بالنسبة لبابا وماما البنت المطيعة الهادية الدلوعة الشاطرة في دراستها وبتطلع من الأوائل، دول كانوا هيدخلوها مدارس زويل للعباقرة وأنا لا وبردو كانت تشاركني في الميراث ولو كنت قتلتها لوحدها جوزها كان هيفضل يدور يدور على الشخص المسئول عن موتها، فكان هو كمان لازم يموت، زيك يا حبيبي، لازم تموت، عشان أنا مش أموت، ما هو إنت تبلغ عني لو فضلت عايش، يرضيك أم ابنك تدخل السجن؟ يرضيك حبيبتك تموت مشنوقة؟ لازم لازم يا قلبي واحد فينا يضحي عشان الطفل يعيش بسعادة، وأنا قررت إنك إنت إلي هتموت "
نظرت دنيا للساعة وهي تقول" يلا يا قلبي الساعة سابعة إلا عشرة لازم تموت سابعة بالضبط زيك زي غيرك، لازم العدل ههههههههه، طبعًا إنت عايز تعرف هتموت إزاي، أقولك... أنا هحاول أشيلك فوق الكرسي ده وأجيب حبل ضعيف أوي وأشنقك به لحد لما يتقطع فتقع، لما يجي البوليس هقول إنك انتحرت ولما الحبل أتقطع ووقعت اتكسر ظهرك "
كان عصام ينظر لها والدموع في عيونه مما يسمع، أكملت دنيا " طبعًا إنت هتقول الطب الشرعي هيثبت العكس، أنا بقى أقولك أنا هدفع رشوة للطب الشرعي، يطلعوك منتحر بالثلث هههههه معلش يا قلبي بقى حظك كده، على فكرة أحلى 10شهور في حياتي كانوا معاك شكرا أوي "
أكملت وهي تربط الحبل بالنجفة " صحيح إنت تسأل نفسك، الشرطة إزاي هتعرف إني مش بكذب، هقولك بسيطة، الفيديوهات إلي إنت مصورها لأختي بتقول إنها بتختفي الساعة 7 يعني ممكن أقول إنك كنت بتخون صاحبك معاها ولما عرف صاحبك قتلته وقتلتها، ولما أنا عرفت حاولت تقتلني عشان كده أنا اتصلت بالنجدة وهي جاية وقفلت باب الشقة بالمفتاح، وباب الغرفة بتاعتي بعد ما أشنقك هقفله على نفسي، هتقولي ليه، هقولك عشان لما يجي الضابط أقوله إنك حاولت تقتلني لما أنا عرفت الحقيقة بس أنا قفلت على نفسي الأوضة ولما لقيت باب الشقة مقفول وما فيش مهرب والشرطة جية، انتحرت بس كده، شفت بقى أنا شاطرة إزاي "
وبالفعل قامت دنيا بشنق عصام بكل قسوة حتى مات وقطع الحبل مثلما تريد ولأن الحبل كان رفيع وضعيف كان حاد للغاية و قطع شريان رقبة عصام فأصبح مشنوقًا مذبوحًا، سمعت دنيا صوت رجال الشرطة بالخارج فأخذت اللآب توب سريعًا وجرت على الغرفة وأغلقتها على نفسها بالمفتاح وقامت بإخفاء اللآب توب جيدا وقامت بالصعود على السرير والقفز من عليه مرارًا وتكرارًا حتى حدث نزيف بسيط لها من الحمل، فتصنعت الأغماء، حتى قام رجال الشرطة بالدخول وحملها لأقرب مستشفى ففتحت عيونها وأخرجت مبلغ من المال للممرضة وقالت " قوليلهم إن النزيف حدث من الخوف والرعب مش من أي حاجه تانية تمام "
ابتسمت الممرضة وأخذت النقود وخرجت وقالت ما سمعته منها ودخلت لها تخبرها أن أحد رجال الشرطة يريد الدخول، تصنعت دنيا المرض والخوف وعندما دخل الشرطي قالت " أرجوكم ابعدوا عني، أبوس إيدكم، عشان ابني بس، مش عايزاه يموت " وأخذت تتصنع البكاء، جلس الضابط على كرسي قريب منها وقال " إهدي يا مدام، خلاص مش هيقدر يقربلك تاني "
ردت " قبضتوا عليه؟ "
رد الضابط " للأسف انتحر"
صرخت دنيا " انتحر!!! "
رد الضابط " أنا مقدر حالتك الصعبة، بس ممكن تحكيلي إلي حصل "
قالت دنيا للضابط الخطة والكلام الذي خططت له وبالطبع تعاطف معها الضابط وصدقها وأيضًا دفعت رشوه في الطب الشرعي ليثبتوا أنه انتحار وليس قتل وانتهت القضية وأغلقت.
13
بعد 4 شهور.....
"صباح الورد "
"صباح النور يا فندم "
" لا لا إحنا نعرف بعض بقالنا أربع شهور من ساعة ما جوزك انتحر وقبل ما العسل يتولد وينورنا "
ابتسمت دنيا في خجل وقالت " طيب هقول إيه؟ "
قال الضابط " قولي يا عماد بس "
ضحكت دنيا قائلة " يا عماد بس "
ضحك وهو يقول " كده يا دودي "
رفعت أحد حاجبيها وهي تقُل " دودى؟؟ "
رد الضابط بجدية " أه دودي في حاجة "
ردت " هو في إيه النهاردة، حاسة إن في حاجة غريبة؟ "
رد " اه بصراحة كده، عايز أتجوزك "
ردت دنيا " تتجوزني؟ بس إنت متجوز "
رد " أه وماله، ما أنا من حقي أتجوز أربعة، بصي إحنا نعرف كل الناس إلا هي ماشي؟ "
ردت دنيا " بس دي خيانة "
قال بثقة " ليه يعني؟ أنا من حقي أتجوز وأنا قرفت منها، قولتي إيه؟ ماشي يا دودي "
ابتسم بهدوء وتأملتها وهي تقول " ماشي يا بابا إبراهيم "
رد " إيه؟؟ "
ابتسمت وقالت " بقولك ماشي يا ... يا حبيبي "
((تمت بحمد ))