سأدعوك اليوم لأودعك.. فهل ستلبي دعوتي؟!
لم يتسنى لنا وداع بعضنا البعض عندما افترقنا..
كان الفراق مباغتاً دون تحضير ولا أستعداد، وجدت نفسي بعيدة عنك، ممنوعة منك هكذا دون سابق إنذار ...!
واليوم سأحدثك عما جرى في بعدك، وما أنتابني من حزن وألم وقهر وأنا أخوض غمار معركة ما كانت في الحسبان.
جهزت مائدة صغيرة بشمعتين ورفقة كرسيين متقابلين في الغرفة، عند النافذة المفتوحة رغم برودة الطقس، أظننا سنحتاج لتجدد الهواء فيها فالحديث سيخنقنا نحن الأثنان...
ستأتي..
ستجلس بمقعدك دون النظر إلي بعد سلام جاف منك وكثير من لهفتي عليك..
سيطول صمتنا قليلاً قبل أن أسألك عن حالك وتجيب بإختصار كعادتك.. لن تسألني عن حالي ولن أطلب منك التحدث إلي، بل سأطلب أن تترك لي مشقة التحدث دون أن تتكلف عناء الإجابة ، فأنا أعلم أنك قد أتيت مرغماً أو لنقل رغبة بإنهاء الفصل الأخير وللأبد.
سأخبرك لما كان فراقنا بغتة دون الدخول في التفاصيل كي لا أزيد من تململك والذي كان منذ لحظة وصولك...
سيكون الحظ الأوفر للبوح بحبي واشتياقي لك، فكما تعلم لست من النوع الذي يتخذ صديقاً يفضفض له عن مكنوناته وأسراره وخبايا قلبه.. سأسترسال في الكلام _وحدي _ عليّ أخفف من حمل أثقل كاهلي وأدمى قلبي رغم أن كل ما سأقوله لن يشفي صدري ولن يطفئ النيران المشتعلة بجوفي.. ولن يكفي...
ولن تلقي بالاً لأي من كلماتي.
سأقطع شرودك الذي عبر النافذة التي ما أشحت نظرك عنها منذ جلوسك، سأستأذنك لإعداد القهوة التي تقصدت عدم تحضيرها لأغادرك لفترة وجيزة ألتقط فيها أنفاسي الحارقة و أدع مجال للدمع الذي حبسته عن الهطول أمامك..
و أدع لك فرصة للتذمر بينك وبين نفسك والدعاء بأنتهاء هذا اللقاء المقيت _ بحسب رأيك_ بأسرع وقت..
سأعود بفنحانين وثبات مصطنع كأنما لا شيء بي وبي كل شيء.. شوق ونار وغليان وحباً جما.. إنما مخفي فأنا لا أحبذ رؤية نظرة الشفقة في عينيك ولا أريد أن تعطف علي بها...
ستعتدل في جلستك ممسكاً فنجانك الذي أخذت رشفتك الأولى منه قبل قول ( شكراً)، ونظراتك متقلبة بين الطاولة وساعة يدك..
لن أطيل عليك في الوقت ولن أزعجك بالحديث ثانية سأترك لك الإسراع بإنهاء قهوتك مكتفية بالنظر إليك فهي أخر مرة سأرى بها عينيك التي لطالما كانت محور الكون عندي ..
لن أكتب عن اللحظة التي إنتهى بها اللقاء فأنا تعمدت أن لا أتخيلها ولا أريد أن أتخيلها أبداً ..
سأكتفي بقول إنتهى اللقاء... والآن قد افترقنا.