عالَمٌ عجيبٌ غريبٌ هذا الذي نَحنُ فيه، يأتيكَ ضيفٌ ليحلَّ محلّكَ في الإقامةِ والعمل، وإنْ حَدَثَ وسُمِعَ أنين قهركَ يعلو صوت الأبواق المُنادية بالوئامِ والإنسجام، والأخوّةِ والعروبة، ولا أُنكرُ حقّ الأخوّة والعروبة.. لكنْ أينَ حقوق مَن أصبحَ الشارع ملجأهم الوحيد بعدَ أنْ تمَّ طردهم من قِبلِ المالك؛ تنفيذًا لأمرِ أخا العروبة الشقيق؟؟؟؟؟
إذا كانَ أخا العروبة الشقيق يُرضيهِ أنْ يُطرد النّاس من مسكنهم ليحلَّ هو محلّهم، فأينَ حقّ الأخوّة والعروبة إذًا؟
عن البعضِ أتحدّث، أو قُلْ عن مَن يمتلكونَ أموالًا طائلة مكنتهم من تحريضِ المُلّاك على طردِ المصريين من محلّ إقامتهم، وأمامَ أموالهم لم يُراعي بعض المُلّاك حقّ الوطنية والأخوّة فقاموا بتنفيذِ ما طُلِبَ منهم.
أُسرٌ تفككتْ وبيوت خُرِبَتْ إثر ما يَحدُث، هل من سامعٍ لأنينِ أرملةٍ طُردتْ بيتاماها، ليحلَّ أخا العروبة الشقيق محلّها؟!
هل من شاعرٍ بقهرةِ شابٍّ ظلَّ يعمل ويدّخر حتّى إستطاعَ بعدَ عناءٍ أنْ يعفّ نفسه، ويكوّن أُسرة فحدَثَ ما حَدَثَ ليُهدم بيتهُ؛ فقط لأنَّهُ لا يملك ما يملكهُ أخا العروبة الشقيق ليدفع إيجار خمسة أضعاف ما كانَ معهودًا؟؟؟؟؟!
هل من مُشاهِدٍ لدموعِ رجلٍ تنهمرُ طوال يومه؛ لعِلمهِ بأنَّهُ سوف يتمّ طرده اليوم أو غدًا، وأسئلة لا ترحم تدور برأسه.. إلى أينَ سيذهب بزوجهِ وأبناءه؟
أينَ الرقابة في دُّنيا الإيجار؟
أينَ وأينَ وأين؟
مشهدٌ هزليٌ نعيشهُ اليوم، لا رقابةَ على المالك، ولا حماية للمُستأجر، ولا حدَّ للتأجيرِ للأجانب!!!
لكنْ إنْ تحدّثنا بلسانِ العقل، إنهالتْ الأجوبة محدودة المنطق.. لكم اللَّهُ يا مواطنين، ولكَ اللَّهُ يا بلدنا الثاني السودان الحبيب.
اللهمَّ فُكَّ الكرب وانصرَ عِبادكَ المُستضعفين يا ربّ، وردّ السودان خيرًا ممّا كان يا أكرم الأكرمين.