هل هي زيارتك الأولي ؟دليل الزيارة الأولي

آخر الموثقات

  • بونبونايه بدون الكتاب
  • ظاهرة القبلات بين الرجال و النساء!
  • أمي القوية
  • ذكرينــي
  • شكرا لسيدنا يوسف
  • المهر كان غالي 
  • نختلف، ولا نحتد
  • قماصين وقماصات
  • بين العمل والنتائج،، مقال
  • ما بال هذا الهيام..
  • مَواسم الفُراق
  • التسويق في مصر بعافية ١
  • حسان و السمان
  • تداعيات إشكالية
  • عندما يكون الإسهال عرضا جانبيا لدواء ..
  • كتابي السِفر
  • لغة البتاع
  • وطأت قدم
  • أتدري أنها فانية؟!
  • كلمتي الختامية من ندوة مناقشة رواية حيوات الكائن الأخير في مختبر السرديات 
  1. الرئيسية
  2. مدونة مي حسام
  3. حقيبة الهدايا .. لم تصل !

 

قبل البداية

حقيبة سفر هي أحلامُنا، سنوات عمرِنا وذكرياتُنا، حقيبة سفر يحملها عاجزٌ عن البقاء، مغتربٌ داخل نفسه، فما المانع أن يغتربَ خارج وطنه؟! عندما تُغلَق كلُّ السبلِ أمامك، يُضعفك القريب قبل الغريب، تصبح عاجزًا وأنت بكامل صحتك، تصاب بالتوحد رغم كبر سنك؛ فلا حل سوى... حقيبة سفر.

 

لم تكن تملأ الحقيبة بملابسه وأغراضه وإنما كانت ذكرياته وأحلام مستقبلهما معًا، نظرت له بعينين مترجية ودموع تحرق فؤاده قبل أن تصل لأهدابها؛ بجوارها ابنتها ذات الست سنوات ربما يَرق قلبه ويتراجع عن قراره، لتقول بحسرة: 

"جرب مرة أخرى ما زال هناك أمل"

وبعينين تحاولان الصمود قال يطمئنها عكس ما يعتمل داخله:

 "لن أغيب حبيبتي.. إنه الحل الوحيد بعد أن سُدت في وجهي كل السبل"

"اذهب لأبيك ربما يلين قلبه عندما يرى ابنتك"

"لم يعد ذلك مُجدٍ يا ليلى والدي حسم الأمر حين كتب كل شيء لشقيقتي.. لا داعي لإهدار المزيد من الكرامة"

لتقول بدموع ندم وانكسار: "أنا السبب ليتنا لم نتزوج.. ليتني بعدت واختفيت كما أرادوا"

احتضن وجهها بكفيه وهو يمسح دموعها بإبهامه قائلا:

 "حبيبتي... ليس لكِ أي ذنب إنها الأنانية والطبقية التي تحكم العقول.. ليس ذنبك أنك كنت تعملين يومًا في احد معارضنا" ليبتسم ويكمل قائلًا:

 "وليس لكِ ذنب أيضًا أنها غارت منكِ لأنكِ أجمل وأرق منها"

 

حسم الوداع واحتضنها هي وصغيرته ليقَبل رأسيهما وينصرف، غادر بحسرة تاركًا خلفه زوجة وطفلة ليس لهما في الدنيا سواه مؤكدًا لنفسه أن الله معهما وطالما هما في رعاية الرحمن فلا داعي للقلق.

 

استقبله في سيارة أمام العقار صديقه الذي اعتاد السفر برفقة زوجته وابنته؛ وقد رتب له أمر سفره ووعده بفرصة وحياة أفضل في الخارج تجعله لا يحتاج لأحد؛ ألقى التحية قائلًا:

"آسف على التأخير... ليلى كانت تحاول منعي للمرة الأخيرة"

ابتسم أحمد بتفهم وقال: "لا يهمك طارق... قريبًا ستعلم أن ذلك أفضل"

 

وانطلقت السيارة تقطع طريقها إلى الميناء البحري الذي لم يكن بمقدرة العائلة ورفيقهم السفر إلا من خلاله.

مضى عام كامل بعيد عن وطن يلفظ الفقير؛ يحكمه قانون الظالم و فساد المقتدر؛ فيصبح فيه المجني عليه منبوذ؛ والجاني منتصر وقد غاب عنه العدل الإلهي في الدنيا وحساب الآخرة.

 

مرت ليالي الغربة ببطء بعيدًا عن أرض الوطن، رغم أنه نفس الوطن الذي لم يترك له مجالًا للبقاء؛ فالشوق والحنين إليه مرض لا نأخذ له لقاح حتى يتغلغل داخل أجسامنا ويصبح وباء متفشي بين أبنائه لا يشفون منه إلا بترياق يحوي القليل منه؛ فكثيره قاتل وقليله ممرض؛ فعجب لهذا الوطن!

 

ويحين موعد رحلة العودة بتذاكر ذهابها عودة وعودتها ذهاب، دائرة هي لا يعرف معناها إلا من دار فيها كطواحين الهواء بين عملٍ في الخارج وزياراتٌ للأحباب.

 رحلة عودة شاقة لم تكن أسهل من الذهاب، رغم اكتناز القليل من المال وكأنه كنز؛ فيكفي أنه حلال، وحقائب منتفخة بالهدايا أو أحيانًا القليل منها على استحياء؛ وبكل مشقة أيام الغربة يستقبلهم طريق لم يمهد لكبار الزوار، ليكون البحر أشد قسوة وهو يحتضن الهدايا بين أمواجه.

 

يوم الخميس الموافق 3 فبراير 2006 تَصدر خبر غرق العبارة السلام 98 كل القنوات التليفزيونية المحلية والعالمية؛ وكل الوسائل الإخبارية في العالم، فالحادث مفجع؛ أكثر من ألف راكب راح ضحيته وعشرات المفقودين.

 

انتظر الجميع أمام الشاشات ربما يشاهد حبيب أو قريب ناجٍ يبحث عن الدفء في غطاء أحكموه عليه معتقدين أنه سينسيه صقيع الماء وثورة الأمواج من حوله وهي تلتهم رفاقه الذين سافروا بحثًا عن قروش من المال فقدمتهم قروش الإنس وليمة جاهزة لقروش البحر.

التعليقات علي الموضوع
لا تعليقات
المتواجدون حالياً

821 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع