لديَّ رغبة عارمة في البُكاء على كُلِّ الأشياء التي فقدتها، أصابعي التي بُتُرَتْ فوقَ أوراقي لكتاباتي المُستمرَّةِ عن شوقي إليك، كنزتي الصوفيَّة التي أهداني إيِّاها شقيقي قبل رحيله الأخير وكأنَّها قررت الرحيل معه فلم أجدها بعد!
قطَّتي الصغيرة التي خرجت نحو الحديقة وضلَّتْ طريقَ المنزل، ومِدفَأَتي التي قرَّرَت في منتصف الشتاء أن يتعطَّل موقدها وتتركني أُعاني بردَ الشِّتاء، أم هل أُخبِرُك عن صعوبة أن تعيشَ فتاةٌ مثلي وحدها مُدَّعية القوَّة والمثالية؟!
هل أَخبرتُكَ أنني عُدتُ في آخر خطوة أخطوها نحوكَ قبل أن أصلَ إليكَ بسبب فَقدي الدُّموع، نعم لقد فقدتُ دموعي صِدفةً دون أن أعي السبب وراء الأمر؟!
آنذاكَ تمنَّيتُ أن أجِدَ لديك عبوَّات دموعٍ جاهزة أسكبُها في روحي قبلَ عينيَّ علَّني أرتاح قليلًا.
أو لرُبَّما بسبب عدم رغبتي برؤية الشفقة والغرور داخلَ عينيكَ البُنِّيتين، ولو على سبيل الحُبِّ أو الرَّأفة.
واقفةٌ داخل منتصف الأشياء جميعها بملامح اِكتسبَتْ ألوانَ الفصولِ جميعها ولم أَعي لها أيَّ ملامح واضحة أو نكهات لفواكه موسمية.
حينها فقط أدركتُ صعوبةَ أن أكون فتاةٌ تمتلك أحلامًا كبيرةً داخل مُجتمعٍ يُقدِّس الأساطير والخُرافات، فتمنَّيت للحظات لو أنني فتاةٌ عاديَّة بقلبٍ لا يرى أبعدَ من شرايينه ينبضُ بفتورٍ كالبقيَّة.
وفي اللحظة التي إلتفتُّ إليكَ أيقنت بأنني لم أمتلك الرغبة بالبُكاء على فُقداني تلك الأشياء التي فقدتها فقط، بعيدًا عن آلامي وخُذلاني بأنني فقدتُ الطريق الذي لا يُوصلني إلى المروة التي حلِمتُ بها منذُ الطفولة، وبأنني لو لم أكُن أنا لن أصِلَ إليك.