هل هي زيارتك الأولي ؟دليل الزيارة الأولي

آخر الموثقات

  • بونبونايه بدون الكتاب
  • ظاهرة القبلات بين الرجال و النساء!
  • أمي القوية
  • ذكرينــي
  • شكرا لسيدنا يوسف
  • المهر كان غالي 
  • نختلف، ولا نحتد
  • قماصين وقماصات
  • بين العمل والنتائج،، مقال
  • ما بال هذا الهيام..
  • مَواسم الفُراق
  • التسويق في مصر بعافية ١
  • حسان و السمان
  • تداعيات إشكالية
  • عندما يكون الإسهال عرضا جانبيا لدواء ..
  • كتابي السِفر
  • لغة البتاع
  • وطأت قدم
  • أتدري أنها فانية؟!
  • كلمتي الختامية من ندوة مناقشة رواية حيوات الكائن الأخير في مختبر السرديات 
  1. الرئيسية
  2. مدونة مروة القباني
  3. غَرِقَ في أحلامه فمات

يمسكُ كوبَ قهوته يرتشفُ منها القليل ينظرُ إلى اللوحة الجالسة أمامه، يحاولُ إيجاد النُّقص الذي يشعر به لكن لا يعرف ما هو؟!

ألوان الأزرق المتدرِّجة مُنسجِمة فيما بينها والمسافات الفاصلة بينهما، ميول الرأس فوق الكتف والعناق الذي كان أشبه بمن يغرق في ذات الآخر.

القمر الذي أحاطَ بهما والسماء المُظلِمة الخالية من النُّجوم، جميعها تفاصيل جعلته يوقن بوجود فراغ كبير يفصله عن إنهاء لوحته الأخيرة التي سيشارك بها معرض الفنون الجميلة الدولي.

يغمضُ عينيه وهو يسندُ رأسه نحو زجاج النَّافذة واضعًا سيجارته العاشرة في فمه وهو ينفثُ دخانها نحو الخارج، البرودة القادمة تملأُ صدره تنبِّئ عن هطول المطر، يسعدُه الأمر لطالما كانت الأجواء الماطرة ورائحة التراب المُبتل واحدة من أسباب الإلهام والإبداع لهُ، هو الذي اختلقَ مئات اللوحات والقصص في أثناء المشي تحت حبَّاتِ المطر المُتساقطة أو اشتمام رائحة التُّراب والليمون والنارنج تحت غيومه الحِبلى بالأمطار البارد والغزيرة.

فتح عينيه مُجددًا ليجد نفسه حاليًا فوق أرصفة باريس، كمقطوعة دمشقيِّة من عودٍ عتيق وجدَت نفسها تترنَّم في إحدى معزوفات باخ وعلى أرصفة الشوارع الأوروبية.

كان المارَّة من حوله يركضون خائفين من الابتلال تحت هذه الأمطار يلهثون للوصول نحو منازلهم والاختباء وراء مدافئها ليجلسوا حولها مُتنعِّمين بنارها.

ينظر إلى بعض الفقراء يبحثون عن أماكن مسقوفة للوقاية منها دون فائدة، ثلاثة أطفال يركضون خائفين وهم يحملون سكاكر وشوكولا بأيديهم الناعمة يحاولون العودة إلى عائلتهم قبل غروب الشمس.

أما هو ينظر إلى برج إيفل المقابل له وهو يتأمل السماء الكثيفة بالغيوم الرمادية، كمن وقف به الزمن لدقائق لم يستطع إحصاؤها، تحرَّكت قدميه بصعوبة لتأخذه نحو نهر السين حيث كان يقف أخوان شابَّان في مقتبل العمر، يتكِّئ أحداهما على كتفِ الآخر وهما يتأملان الماء الجاري بسكون وهدوء، بزغت الشمس للمرة الأخيرة من خلفِ الأُفقِ تُعلِنُ غروبها.

مدَّ يديه نحوهما ليحاول رؤية الفراغ الذي لم يكن قادر على إيجاده أو رؤيته، لكنَّه سقط في المياه وتداخلَت ذكرياته وأحلامه، مرَّت من أمامه شريط إنجازاته وآماله منذ اللوحة الأولى التي قام برسمها وهو في عُمرِ العاشرة إلى الأخوة والتي عجِزَ عن إكمالها.

 لم يكُن قادر على أخذِ نفسه الأخير، أسقطَ ريشته من يده وهو يحفِرُ نفسه داخل اللوحة يقف على مقرُبَة من الشابين ينظر إلى صورته في نهر السين، في تلك اللحظة فقط غَرِقَ في أحلامه فمات.

 

 

 

التعليقات علي الموضوع
لا تعليقات
المتواجدون حالياً

566 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع