هل هي زيارتك الأولي ؟دليل الزيارة الأولي

آخر الموثقات

  • بونبونايه بدون الكتاب
  • ظاهرة القبلات بين الرجال و النساء!
  • أمي القوية
  • ذكرينــي
  • شكرا لسيدنا يوسف
  • المهر كان غالي 
  • نختلف، ولا نحتد
  • قماصين وقماصات
  • بين العمل والنتائج،، مقال
  • ما بال هذا الهيام..
  • مَواسم الفُراق
  • التسويق في مصر بعافية ١
  • حسان و السمان
  • تداعيات إشكالية
  • عندما يكون الإسهال عرضا جانبيا لدواء ..
  • كتابي السِفر
  • لغة البتاع
  • وطأت قدم
  • أتدري أنها فانية؟!
  • كلمتي الختامية من ندوة مناقشة رواية حيوات الكائن الأخير في مختبر السرديات 
  1. الرئيسية
  2. مدونة مروة القباني
  3. مُعجزتي الجزء الأول

كان يتأمَّلُ خصلات شعرها الأسود الطويل تداعبه نسمات الربيع القادمة من بعدِ شتاءٍ طويل، يضحكُ في سرِّه على حركاتها العفوية وطريقة تعاملها مع طفلتهما، التي كانت تحملها بين يديها الناعمتين وجسدها الرقيق.

اقترب منها برويَّةٍ قبل أن يأخذهما بكلتا يديه مُعانقًا خصرها، وهو يهمسُ له بأذنها كيف ليمكن لطفلتي الصغيرة أن تُنجِبُ طفلة أخرى؟!

ضَحِكَ وهو يميلُ برأسِه ليبتعد عنها أمَّا هي فكانت تهيمُ حُبًَّا به وهي تسرحُ بمخيلتها لزمن مضى كانت تدعوا الله أن يجمعها به، فتلتقي بمعجزتها وحُبُّ الطفولة.

تُزيِّنُ حديقة المنزل المُزدانة بالورودِ الجوري الأحمر والزهور الرقيقة، وتفرشُ طاولة العشاء التي حضَّرتها بأجودِ أنواع الطعام احتفالًا بمرور ثلاثة أعوام على عقدِ ميثاقها بحبيبها زيد الذي زادَ حياتها جمالًا وشغفًا كما كانت تُردِّدُ في مسامع الجميع، حتى طلب منها حكاية قصة لقائهما والتي جمعته به.

- ميلا عزيزتي تأكدي من وجود عصير البرتقال في الثلاجة الخارجية...

أعادها للواقع صوته الذي طالما حفظت وقعه في قلبها منذ نعومة أظافرها، كانت تُراقِبُه من مسافة بعيدة وآمنة بعيدًا عن عيون النَّاس من حولها، ترتقبُ أفعاله وطريقة حديثه، طعامه المُفضَّل وملابسه الأحبُّ إلى قلبه.

حفظت تجاعيد وجهه عندما يضحك، وعانقت روحها روحه في كُلِّ دعواتها ومناجاتها بينها وبين ربِّها فكان هو أمنيتها الوحيدة في هذه الحياة وجنَّتها التي لطالما تأمَّلت دخولها إليها.

كانت كلمة واحدة منه كفيلة لأن تُعيدها إلى الحياة أو تسلِبَ أنفاسها الأخيرة لتوقف نبضات قلبها المجنونة التي كُتِبَ لها أن تَحفرِهُ بها فيجري بها مجرى الدَّمِ بشرايين قلبها.

دمعت عينيها وهي تنظر إلى الأعين التي كانت ترتقب شفاهها المرتَجِفة تنتظرُ البدء في تلك القصة التي طال انتظارهم سماعها، وتلهَّف للجميع معرفتها من فمِ صاحبتها التي قامت بكتمها عقد وبضع سنوات من الزمن.

خرج صوتها المبحوح بحُبٍّ وشوق:

بدأت قصة حُبِّي لهُ منذ عمر العاشرة في اللحظة التي تلاقت عيوننا، كُنتُ آنذاك طفلة صغيرة لكن شعورًا أكبر مني أخبرني بأنَّه سيكون قدري الأجمل في هذه الحياة.

كان يأتي إلى منزل العائلة في أوقات الأعياد والمناسبات الخاصة وأحيانًا في السهرات والحفلات التي يُقيمها جدي إحتفاءً بوجود أبنائه حوله، لقد كان يُحبِّه كواحدٍ منهم، وهذا ما جعله من أحد الأعضاء المُهمِّين داخل عائلتنا.

ضَحِكَت وهي تنظر نحوه ليمُدَّ يدهُ ويمسِكُ كفِّ يديها مُعتصِرها بدفءٍ ليحُثَّها على مُتابعةِ الكلام الذي بدأت بِه.

علمتُ من شقيقي الأكبر بأنَّه شابٌّ متزوِّج منذُ قرابة العامين، بل إنَّه يعشقُ زوجته بجنون، تلك الكلمات التي أوقعَت في قلبي المرارة والغيرة بِمَن حظيَت بِهِ وبقلبه فسبقتني.

وقفتُ آنذاك أمام المرآة بجسدي الدقيق وملامحها الطفولية، خدودها المُستديرة والتي تعلوها حُمرة كثيفة، لعلمي الشديد بعمري القليل وبصغرِ حجمي أمامه إلا أنني ملكتُ من اليقين ما جعلني في سلامٍ روحي داخلي وقلبٍ مُطمئن.

لم يكن لديَّ برفقته ذكريات أو مواقفٍ شخصية بسبب خجلي من الإقتراب منه وهو الذي لطالما رآني في عينيه طفلة صغيرة غير ناضجة مثل أيِّ امرأة يراها أمامه.

حفظتُ تفاصيله واحدة تِلوَ الأخرى وأنا أرتقبُ اقتراب ظِلِّ الخفي لأشعر بدفء قلبه ونبضاته التي تمنَّيت سماعها حين تميلَ فوق صدره ذات يوم.

أدركتُ مع مرور السنين أنني لن أحظى بفُرصة الوجود قربِه، وعلمتُ بأنَّ الحُبَّ غرقٌ وموتٌ بعدَ حياة، لكنني لن أحظى بهذه الحياة فهي مُستحيلة المنال.

اطمئنِّ قلبي للدعوات والصلوات التي فاضَت روحي بها في كُلِّ ليلة مُتمنِّية له السعادة الزوجية برفقة زوجته التي اختارها بنفسه، إلى أن أتى ذاك اليوم الذي قابلته صدفة بحديقة منزلنا، كان شعره قد غزاه الشيب فزاده وقارًا بوقفته الثابتة وخطواته المُتقنة يمشي نحو باب منزل العائلة في زيارة لجدِّي.

توقَّعتُ قدومه للبوح بمشاعره أثرَ رحيل والده منذ قُرابة السنة أو أنه يواجِه صعوبات ومشاكل في عمله فيجدا حلولًا معًا، لذلك وقفتُ خلف باب والفضول يعتمرني أما نبضات قلبي المُتسرِّعة والخائفة، لم أكُن قادرة على التوقُّف أو حتى العودة إلى طبيعتها، إلى أن سمعتُ كلماته الأخيرة التي أخذت أنفاسي، أريدُ طلب يد حفيدتك ميلا يا عمِّي...

لم أقوى على الابتعاد أو حتى الدخول في الوقت الذي أخرجه بصراخه الذي أوثقَ أطرافي وشلَّها بخيبة أمل، كاد أن يهدُمَ المنزل فوق رؤوسنا وهو يقول بصوته الجهوري:

- أخرج من منزلي فورًا حفيدتي ميلا طفلة صغيرة، أهذا من يأتمنك على عائلته يا زيد؟!

تنهدُّتُ بعمقٍ وأنا أعاود الجلوس فوق الكرسي مُسنِدة رأسي بين كلتا يديَّ أرى الأحداث تتدافع في رأسي كالماءِ، لا يمكن أن تحدث معجزتي على هيئة كابوس مزعج، في الوقت الذي ينظرُ إلى وجهي من أحببت فتغربُ الحياة بوجهها عنِّي...

 

التعليقات علي الموضوع
لا تعليقات
المتواجدون حالياً

697 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع