من أحلامي في هذه الفترة أن أعمل مدرس تاريخ لطلاب الصف الثالث الإعدادي، ولو لحصة واحدة فقط. أحلم بهذا الحلم لسبب بسيط؛ وهو أنني أريد أن أقص عليهم قصة من ثلاث فقرات.
القصة هي:
طلابي الأعزاء أعرفُ طالبا كان يوما ما مثلكم في الصف الثالث الإعدادي. وقبل امتحان نهاية العام بأسبوع واحد اكتشفت والدته أنه لا يعرف شيئا عن مُقَرَر التاريخ؛ لأنه لم يذاكره إذ يشعر بالملل أن يعرف ما حدث بالأمس. فكرت في أكثر الطلاب تفوقا في هذه المادة للمساعدة. خطر ببالها ابنة زميلتها وهي الأولى على المدرسة والتي تحفظ كتاب التاريخ عن ظهر قلب. لجأت إليها ففوجئت بأن تلك البنت المذهلة قد أعدت بنفسها مذكرات مختصرة لكتاب التاريخ وكأنها معلمة مخضرمة في هذا العلم.
صورت الأم لابنها، عديم المعرفة، المذكرات وذاكرت معه المادة بحذافيرها، وقالت له: "عليك أن تعرف التاريخ وتحبه؛ لأن من لم يعرف التاريخ كتب على نفسه أن يظل طوال عمره طفلا صغيرا بلا ذاكرة".
ذاكر صاحبكم المذكرات ونجح في مادة التاريخ، وفي المرحلة الثانوية دفعته والدته للمذاكرة والنجاح والتفوق.
في تلك الأثناء أهملت أم الطالبة المتفوقة ابنتها، وتعرفت على صديقات سوء، وفشلت في الثانوية العامة، وانتهى بها الحال عاملة نظافة في محل لبيع المنتجات المنزلية.
المفارقة الرهيبة أن صاحبكم دخل قسم التاريخ بالجامعة وبعد مرور السنين حصل على الدكتوراة في التاريخ وأصبح أحد أبرز المؤرخين في مجاله.
لقد تعلم صاحبكم ثلاث حِكَمات في حياته: أن الأم هي المدرسة الكبيرة في الحياة، وأن من لم يعرف ما حدث بالأمس كتب على نفسه أن يظل طفلا بلا ذاكرة، وأن العبرة دائما بالنهايات.
#تأملات_صباحية
#شؤون_إيرانية
#قصة_قصيرة