هل هي زيارتك الأولي ؟دليل الزيارة الأولي

آخر الموثقات

  • بونبونايه بدون الكتاب
  • ظاهرة القبلات بين الرجال و النساء!
  • أمي القوية
  • ذكرينــي
  • شكرا لسيدنا يوسف
  • المهر كان غالي 
  • نختلف، ولا نحتد
  • قماصين وقماصات
  • بين العمل والنتائج،، مقال
  • ما بال هذا الهيام..
  • مَواسم الفُراق
  • التسويق في مصر بعافية ١
  • حسان و السمان
  • تداعيات إشكالية
  • عندما يكون الإسهال عرضا جانبيا لدواء ..
  • كتابي السِفر
  • لغة البتاع
  • وطأت قدم
  • أتدري أنها فانية؟!
  • كلمتي الختامية من ندوة مناقشة رواية حيوات الكائن الأخير في مختبر السرديات 
  1. الرئيسية
  2. مدونة محمد شاهين
  3. أستاذ كامل
أستاذ كامل يعتز بمهنته كثيرا، يفخر بها منذ أن تم تعيينه في أوائل التسعينات، ومنذ أن كان يتقاضى الفتات منها وما زال، كان يحب مدرسته وتلاميذه والقرية النائية التى ظل سنوات يسافر إليها يوميا حتى استقر بها وتزوج منهاوأصبح من أهلها..
أستاذ كامل عشق رائحة الريف والحقول، ألف رائحة الروث واستساغها وأصبحت جزءا من حياته، لم ينجب واعتبر تلاميذه هم البديل، أطفال لم ينجبهم ولكنه تولى مسئولية التربية سواء فى المدرسة أوخارجها.
يستيقظ يوميا قبل صلاة الفجر لقراءة القرآن ثم يصلى ويرتدى ملابسه ويسير لمدرسته وهو في قرارة نفسه أنه يقدم رسالة سامية ومقدسة ، يشرف على الطابور اليومي، والإذاعة المدرسية ويبدأ الحصة بإبتسامة محببة..
أحب التلاميذ حروف اللغة العربية وأصبحت كأصدقاء لهم، كان يدرك فقر بيئة القرية ويستخدم أساليب بسيطة تناسب عمرهم وظروفهم وبيئتهم..
وأثناء انهماكه في الشرح رأى الباب يفتح فجأة وفتاة شابة تقتحم الفصل بخطوات واثقة ، ثابتة، تنظر له فى تعال واضح وتقول فى خفوت:
_ مع حضرتك مدام فاتن من متابعة الوزارة
ابتسم لها فى ترحاب :
_ أهلا بحضرتك ..اتفضلى
نظرت له تتفحصه وهى تتمتم:
_ ممكن حضرتك تجلس على المقعد ، أنا عاوزه الأطفال دول شوية
امتثل الأستاذ كامل للكلام وهو يرى غرابة الأمر، فمنذ أن كلف بالوظيفة لم يهتم أحد بتلك القرية أو تلك المدرسة ، ولم يأتي له إلا موجه المادة المكلف من الإدارة التعليمية.
صمتت مدام فاتن قليلا تتفحص الوجوه الخائفة ثم قالت فى صرامة:
_ مين يعرف استراتيجية الإشارة بالرقم
عم الصمت المكان والتلاميذ ينظرون للأستاذ كامل حتى ينقذهم من الضيف المخيف ..
هزت رأسها ثم قالت مرة أخرى:
_طب مين عارف استراتيجية لعب الأدوار أو ...أو...
قاطعها أستاذ كامل فى خفوت :
_ أستاذة فاتن ..الإستراتيجيات دى أنا نفسي أول مرة أسمع عنها، القرية هنا نائية جدا، ومافيش تدريبات بتوصل عندنا ..حضرتك ممكن تسأليهم فى العربى والقراءة وشوفي مستواهم
هزت رأسها وقالت:
_ مش شغلي ولا مشكلتى..ممكن حضرتك تتعلم من النت
غمغم فى دهشة :
_ نت!!!!!!
نظرت له وهى تقول في صرامة:
_ أنت لا تليق بكلمة معلم ولا تصلح للمهنة للأسف!
صمت ..
هوت الجملة كصاعقة زلزلت كيانه..
كل هذا العمر الذى أفناه وكل تلك الأجيال التى علمها وتفوقت بسببه وفى النهاية لا يصلح وغير مؤهل!
صمت ..
رآها تغادر الفصل في هدوء كقاتل ارتكب جريمته وأزال آثار الدماء من يديه ولم ينظر حتى للضحية التي مازالت ترتجف من أثر انسياب الروح ببطء..
لمح نظرات تلاميذه المتباينة ما بين حزن طفل يلمح ألم معلمه، وخبث آخر يحب أن يرى معلمه في لحظة ضعف وانكسار..
انتهى اليوم الدراسي وهو صامت..
سار فى الحقول بصمت..
جلس طوال اليوم فى ركن من أركان منزله متقوقعا لا يتحرك، لا يبال بتوسلات زوجته ليتكلم..
فى اليوم التالى، لم يكن هناك أستاذ كامل ..
لم يستيقظ..
حضرت القرية جنازته المهيبة، ثم اتجه مدير المدرسة ليرسل إشارة سريعة إلى الإدارة حتى ترسل البديل..
تمت
التعليقات علي الموضوع
لا تعليقات
المتواجدون حالياً

1105 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع