قرأت ذات مرة عبارة تقول أن الحزن يولد كبيرًا ويتضاءل كلما مر عليه الوقت، لكن كاتبها لم يخبرنا أن الحزن على فراق الأحبة لا يتضاءل ولو لحظة واحدة، ولا أن وجع الفراق لا يخبو بمرور الزمن.
أخبروني يا أمي أني سأعتاد فراقك وأتجاوز حزني عليك ولكن هاهو عام مضى ولازالت أشعر بالألم يكاد يفتت كبدي، وأني وحيدة ضائعة في هذه الحياة بدونك.
كانت حكمتك نبراسًا يُنير لي دربي ويهديني لفعل الصواب، ودعواتك كانت ملاكي الحارس الذي يحميني من كل شر، وبدونهما يا أمي أنا تائهة أتخبط في دروب الحياة ولولا ما سلحتني به من أخلاق وحسن ظن بالله لضللت الطريق.
لم أكن أتخيل وأنا في مثل عمري هذا أني سأشعر بكل هذا الضياع بدونك، لقد كنتِ تظنين أنك في كبرك تستندين علي ولا تدركين أني أنا من أستمد قوتي من وجودك ورضاكِ ودعواتك، أنا من كنت ولازلت أحتاج إليك رغم وهنك ولكن ابتسامة رضا منك كانت كافية.
لست معترضة على قدر الله يا أمي فقد علمتني الرضا بقدر الله، ولكني أفتقدك وفاض بي الوجع. في الماضي كنت أخفي عنك أحزاني حتى لا تتألمي من أجلي، لكني اليوم لم أعد قادرة على إخفاء وجع الفقد والحنين لدعواتك وصوتك في صلواتك وتسبيحك وترتيلك القرآن.
قد تكون افترقت أجسادنا يا أمي لكنك تسكنين روحي ولقد أصبحت نسخة أخرى منك وأحاول السير على درب الصبر والتسامح وقوة الإيمان مثلك.
سامحيني يا أمي إن كنت أثقلت عليك بآلامي وحنيني ولكني سعيدة لأنك نُلت الراحة من كل الأوجاع وأنا على يقين أنك بين يدي رب رحيم،فإلى اللقاء يا حبيبتي وحتى نجتمع في جنات النعیم إن شاء الله ستظل ذكراكِ محفورة في قلبي.