هل هي زيارتك الأولي ؟دليل الزيارة الأولي

آخر الموثقات

  • تزوج اتنتين معا | 2024-09-07
  • التنمية البشرية والمبادرة المنتظَرة، ، مقال | 2024-09-07
  • الصفر ….الصدئ | 2024-09-07
  • وصلنا لفين | 2024-09-07
  • كود 396 او كود تسلا بطيخة | 2024-09-07
  • ﻟﻠﻐﺮﺑﺔ ﺁﻻﻑ ﺍﻷﻭﺻﺎﻑْ  | 2016-12-28
  • خطأ التعامل مع الشخص علي أنه ذكي | 2024-09-07
  • لعنة الله علي المناصب | 2024-09-07
  • حسام حسن و العناد | 2024-09-07
  • وجبة بطاطا | 2024-09-06
  • دوامة البدايات | 2024-09-07
  • حبات الرمل (١) | 2024-09-06
  • عدة أوجه  | 2021-09-06
  • اريد | 2024-09-04
  • هذه الليلة صاخبة | 2024-08-02
  • أنت قدّها وقدود | 2024-09-05
  • خليفة إبليس في الأرض | 2024-09-04
  • للصمت حياة لا يعقلها الحالمين  | 2024-09-02
  • حياة نصفها كِتاب | 2024-09-03
  • مبعتمدش انتماءات  | 2023-09-06
  1. الرئيسية
  2. مدونة سوميه الألفي
  3. (قذف) 

 

نعلم أن الكتابة عملية إبداعية، مثلها مثل الرسم والتمثيل والنحت، وجل الكتاب يعانون من مسألة الوحي أو الإلهام كما نسميه. دومًا كنت أردد على زملائي الكُتاب في ورشتي (إن لم ينزل الوحي إليك، اصعد أنت إليه) بمعنى أن نكتب في أي وقت، ونستحضر إلهامنا الخاص، ولا ننتظر شيطان الكتابة ليتلبسنا، ولكن هل يُستحضر الوحي؟! 

 

 ابتسمت وأنا أتخيل نفسي مع زملائي في جلسه أشبه بجلسات تحضير الأرواح لنستحضر إلهامنا، يبدو أن الصعود للوحي ليس بالأمر الهين كما قد يتصور البعض. 

 

قديمًا قرأت عن طقوس الكتابة لدى بعض الكتاب والشعراء، وتباين تلك الطقوس وغرابتها، فمنهم من يقرض الشعر وهو يمتطي جواده، ومنهم من يكتب وهو يمشي، أو تلك التي تكتب وهي تغزل الكروشيه، كأن غرز الغزل بتعقيداتها وتزايدها، تتصاعد مع أحداث حبكتها، والأغرب على الإطلاق أن أحد الشعراء قديمًا كان يخلع عنه ملابسه ويجلس في غرفة مظلمة، ويظل يتلوى كمن به مس من شيطان أو صرع حتى يخرج القصيد، فترسخت في ذهني قناعة بأن الكتابة عملية شاقة لا يقدر عليها كل من سولت له نفسه ذلك... 

 

 لكني حين أطالع سوق الأدب وأجد بعض الكتاب عندهم ما يشبه (الإسهال الكتابي)، فاختلط السرد بالعامية، وتشابهت الروايات حد الانزعاج؛ كأنها خرجت من ظَهر رجل واحد، وقذفت دفعة واحدة في عقول قراء بلا هوية في الأساس. 

ولكن هل يسمى كل ذلك إبداعًا، ويمكن أن نصنفه مثل صاحبنا الذي يكتب وهو (عاري) وبه مس من شيطان الشعر؟!

لا أظن، بل قذفهم السريع المتلاحق أخرج علينا أجنة مشوهة، أزكمت الحواس، وأعرجت ذوائق القراء، وانعكس ذلك على مجتمع مائع الرؤى، متفلت الأخلاقيات.

 أرى أوراق روايتي المكدسة أمامي، والتي أعمل عليها منذ عامين، تنظر لي شذرا!  

 (ماذا يا عزيزتي، لا تمتعضين؛ فأنا أتمخض بك؟!) 

 

ذات يوم رمضاني تورمت قدمي، وعجزت عن الصلاة واقفة، فصليت جلوسًا، لكن بداخلي غير راضٍ عن تلك الصلاة، فحاولت قدر استطاعتي استحضار ذهني وخشوعي لاستدراك بعض من حلاوتها، تساءلت بداخلي هل ماهية الصلاة في كيفية آدائها والحركات التي يحفظها الجسم ويكررها بشكل آلي، أم في الذكر الذي نتلوه أثنائها؟! 

 

في محاولة لربط ما قرأته في علم النفس في العملية الكتابية، وسبر أغوار شخصية الكاتب متعددة الأطوار، واستدراج الوعي واللا وعي معنا، لأن الوعي هذا الديكتاتور المسيطر، يفرض سيطرته ليجعل كل شيء في حياتنا يخضع لقوانينه، ويحول عملية الكتابة لعملية روتينية نملها ونعزف عنها، فأدركت من فوري أن هذا الوعي جعل اللا واعي يحفظ بشكل أوتوماتيكي مثل حركات صلاتي ما بين ركوع وسجود، وترديد آيات أحفظها، فهمت أن تلك الآلية التي تتأتى من عدم تضافر الواعي مع اللا واعي. 

 

قررت تنفيذ تمارين في كيفية تطويع الوعي واللا وعي في عملية الكتابة، وكان من لطائف هذه الفكرة أن مست جانبًا بداخلي أنا والكُتاب، وألهبت روح الهمة والتنافسية بدواخلنا، ومن اللطائف أيضًا أنها جاءت بالتزامن مع رمضان المعظم والصيام، فحين تأملت وجدت أن الصيام بما يحويه من سمو بالروح والوجدان والقربى إلى الله، هو عملية تدريبية للعقل، وإرغام لللا وعي على الحضور بكل ما يحمله من قدرات وشفافية، وذلك بكسر الروتين اليومي والإعتياد، فالاعتياد يوجب الحفظ والرتابة، نجدنا في المعتاد نستيقظ بروتين شبه دائم، والجسد الإنساني ذكي يسجل ويحفظ كل ذلك، ويقوم بأوامر العقل بشكل أتوماتيكي. نجد أننا نجوع أو ننام في مثل الأوقات كل يوم، فيأتي الصيام ليكسر ذلك الروتين بشكل مفاجئ، ويرغمنا على الاستمرارية لثلاثون يومًا، ومن يلتزم بما فيه من عبادات واستحضار للهمة، يلاحظ سموًا في النفس والعقل على حد سواء، لأنه استطاع تسخير الوعي واللا وعي واستغلالهما في يومه العادي، فنشعر بحالة من الترقي في الروح ينعكس مباشرة على العقل وسائر الجسد.  

 

بعد الصلاة قعودًا، واستحضار كل حواسي، وإرغام الوعي واللا وعي على التضافر فيما بينهما للوصول لخشوع نفسي، وكذا القيام بتمارين اللاوعي الكتابية، يمكنني الإجابة عن سؤالي السابق (هل يُستحضر الوحي؟!) 

نعم، وإن لم ينزل الوحي إليّ، فسأصعد أنا إليه.  

التعليقات علي الموضوع
لا تعليقات
المتواجدون حالياً

1982 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع