وبدأ البركان يغلي ويفور

الأطهار.... ٤

الجندي /على امين على عبد الله من قريه التوادر مركز البلينا محافظه سوهاج... فلاح وابن فلاح وجده فلاح فهو من اسره مزارعين متيسرين ماديا لتملكهم ١٠ فدادين من زمام القريه وهذا اليسر جعله من الجنود المتميزين في سريتي نظرا لمساعدته زملاؤه الفقراء سرا ولكني كنت أعلم بذلك..

لم يدخل مدارس او يتلقى تعليم من اي نوع ولكنه يعرف تماما عن الحساب ويستطيع ان يجمع ويطرح ويضرب ثلاثه أرقام في ثلاثه أرقام ولا اعرف كيف تمكن من ذلك.... هو من النوع المتدين ويؤتي واجبات دينه بحرص ومداومه وخشوع شديد....

انضم على سريتي في عام ١٩٧١ في بدايتي لقياده السريه وقرأته جيدا فهو زكي جدا ولماح وفي عينيه لمعه تنبئ على وجهه ما يتأثر به من أقوال وأفعال... علاوه على أنه فلاح متعافي يفعل مايؤمر به بقوته وليس بعقله وهذه السمه غير مقبوله لدي فأخدت اهذب هذه السمه واعلمه ان اي مهمه يكلف بها يجب أن يفكر فيها قبل تنفيذها وبعد ذلك ينفذها بقوته..... في أول مره له يذهب معي لتنفيذ تمرين رمايه مقرر ضمن خطه التدريب كان هذا التمرين مقرر له ١٠ طلقات فقام برمي طلقتان فقط وأمن سلاحه وعندما قلت له كمل ياعلي فأجابني يافندم الهدف اتصاب في السواده ومافيش داعي استهلك الذخيره على مافيش (السواده هي المكان القاتل في الهدف وهي عباره عن علامه سوداء توضع على الهدف) اجابني هذه الاجابه بشيئ من التباهي والغرور وعندما ذهبت المعاينه الهدف وجدت في المكان القاتل طلقتان الذي تحدث عنهما ودار هذا الحوار بيننا....

انا: انت ضربت نار قبل كده ياعلي

هو: ايوه يافندم عندنا بندقيه مرخصه كنت بصطاد بيها الديابه اللي بتهاجم مواشينا وعشه الدواجن اللي في بيتنا

انا: وعرفت تصطاد

هو: طبعا يافندم اصطدت ديابه كثير

انا: وبتعمل فيهم ايه بعد صيدهم

هو : بنحنطهم يافندم وبيجي ناس يشتروهم مننا... ثم اردف اجيبلك واحد محنط يافندم

انا: لا طبعا كفايه انا عندي ١٥٠ ديب ماكل واحد فيكم ديب كبير....

هو: ابتسم ابتسامه تدل على خيلاء وتباهي وغرور

فقررت ان اكسر بداخله هذا الغرور فصعبت عليه تمرين الرمايه وامرته الرمي عليه وقبل تنفيذه قال لي انا عارف انك صعبت عليا التمرين بس يافندم مش هامكنك مني وتعامل مع الهدف واصابه الاصابه القاتله أيضا.... وكانت نتائجه دائما ممتازه في الرمايه.... فقربته مني وجعلته معلما للجنود المستجدين اللذين كانوا يصلون إلينا تباعا....

وبدأت الحرب والحقيقه انني رأيته في كثير من الموقف شجاعا ورابط الجأش وفي نفس الوقت يحسن التصرف خلال الموقف الي ان وصلنا إلى يوم ١٦ أكتوبر يوم الغاره الغادره على موقع السريه فأنفجرت قنبله بلي خلف ظهره واصابه بليتان واحده اخترقت جسمه من خلف اذنه اليمني واستقريت بداخل المخ والأخرى اخترقت تحت كتفه الأيسر مكان القلب واستقريت هي الأخرى بداخل قلبه فلقي وجهه ربه راضيا مرضيا شهيدا في سبيل وطنه ومدافع عن أرضه.....

رحمك الله يا سيدي فأنت في مكان أفضل كثيرا عن تلك الدنيا الظالمه ولعلك تنعم بصحبه العلي القدير وهو يعلي كل من دافع في سبيله....

ملحوظه هامه :

في عام ١٩٧٥ كنت احتل موقعا دفاعيا في عمق سيناء وعلى مسافه حوالي ٢٠كم من الشاطئ الشرقي لقناه السويس وكان مركز قيادتي على تبه تسمى ابو وقفه وهي أعلى تبه في المنطقه وفي أحد ايام شتاء هذا العام فوجئت بجندي حراسه بوابه السريه يأتي ومعه رجل وامرأة عرفا أنفسهم لي بأن هما والد ووالده الجندي /على امين على عبد الله وانهما حضرا ليعرفا كيف استشهد ولدهما بناءا على إلحاح والدته كل هذه المده على والده... فأجبتهما انني لن اتكلم عن ذلك ولكني سأحضر لهما زملائه الموجودين في الخدمه ولم يحن ميعاد خروجهم من الخدمه وفعلا أحضرت سته من زملاءه وجلسوا معهما وحكوا لهما بطولات ابنها واذا بزغروده طويله تطلقها والدته دوت في سماء سيناء كلها حتى انها أسمعت الطيور التي كانت تسبح في الفضاء......

       ،،،،،،،،،،،،،، انتهت