بعد انتهاء حرب اكتوبر المجيده واستقرار الاوضاع الدفاعيه كنت ادافع بسريتي عن احد المواقع البعيده والصعبه منفصلا عن باقي كتيبتي وكانت الامور الاداريه لنا في منتهي القسوه والصعوبه والشح وبالرغم من كل ذلك الا انا وضباطي كنا في منتهي الرضا والسعاده وتوائمنا مع هذه الاوضاع ...

في تلك الفتره هب علينا اعصارا رهيبا من لجان التفتيش القادمه من القاهره واعضائها ببشرتهم البيضاء البضه الناعمه وحواجبهم المنتوفه بالملقاط وبدلهم المكويه والكلونيا والبرفانات التي تفج روائحها من علي بعد كيلو والتي يضعونها ......ونحن نكوي افارولاتنا تحت مرتبه السرير ونتمني ان نجد صابوبه بريحه لنستحم بها وشعورنا التي نحلقها بالمشط والموس لعدم وجود حلاق ونأكل بالصدفه لان عربه التعيين دائما تتعطل فيرسلون لنا الثلاث وجبات فوق بعضها وفي المساء ....كل هذا ونحن نحمد الله ونرضي بذلك.....

كان معظم اعضاء لجان التفتيش هذه لا تعلم وتجهل بشده معني التفتيش وكان همهم الاكبرهو اصطياد الاخطاء ويتعاملون معنا بمنتهي التعالي وتشويهه صورتنا امام القيادات طمعا في القفز علي وظائفنا وكراسيها لانهم لم يدخلوا الحرب ولا يعلمون كم قاسينا وبذلنا من العرق والدم ما يفوق تصورهم.كانوا يتخيلون انهم بهذه التصرفات والتقارير الكاذبه التي يرفعونها سيرضي القيادات عنهم وكان من حظي ان هذه التقارير تصل لقياداتي التي تعلم جيدا عني وعن نظام عملي لانني حاربت تحت قيادتهم...

وبالرغم من كل هذه التصرفات منهم الا انني كنت اكرم وفادتهم واقسم بالله كنت انا وضباطي نجمع النقود من بعضنا من اجل ضيافتهم ونحضر لهم الاطعمه التي يأكلونها من مطاعم مدنيه من الاسماعيليه ونأكل نحن الطعام الميري الذي يوزع علينا....

عندما فاض الكيل بي من هذه اللجان الغير نزيهه والكاذبه قررت انتهاج اسلوب جديد في التعامل معهم وتناقشت مع شيطاني الصغير ( بندق ) في اسلوب هذا التعامل ودار هذا الحوار بيننا..

انا: ايه رايك يابندق في اللي بيحصل لنا من لجان التفتيش والبهدله اللي بتحصل لنا

هو: اصلك حنيين عليهم وهم مش عايزين كده.

انا: يابندق انا مش حنيين ولكن بتعامل معهم زي ما تربيت علي اكرام الضيف

هو: دول اندال ماينفعش معاهم الكلام ده

انا: طيب اعمل ايه

هو: بهدوء شديد ارعبهم وطفشهم مش الملازم اول علي تحت قيادتك وكمان عندك الاكل الميري اللي عمرهم مداقوه

انا: يخرب بيت سنينك يابندق

هو: مش بقولك انك غبي

انا: اشكرك..

.............................................

كان احد ضباطي ملازم اول يدعي علي انضم علي السريه بعد الحرب منقولا من وحده اخري وكان انسانا جميلا وفي منتهي الكفاءه بالنسبه لرتبته

هو ابن سفير لنا في الدول الاسكندنافيه ومتربي وفي فمه معلقه دهب ويجيد التحدث والكتابه لثلاثه لغات الا انه كان متواضعا جدا ومؤدبا بشده وشعبيا لدرجه مهوله حتي تظن انه مولود في حوش بردق......!!!!!!!!!!! وكانت له هوايه غريبه وهي اصطياد الثعابين والحيات ويقوم بتربيتها بداخل اكياس بلاستيك ويعلق هذه الاكياس بسقف ملجئه ويصطاد لها الفئران الجبليه ويشتري لها البيض لاطعامها ولديه من هذه الثعابين مختلف الاحجام ويسمي كل ثعبان بأسم وكان اكبر هذه الثعابين من ناحيه الحجم والطول ثعبان اسمه......عباس

انتظروني مع عباس

المجد لجيش مصر...وتحيا مصر الوطن.