الأحداث المؤلمة التي تمر بالإنسان لا تنتهي إلى العدم أبداً ..، بل إن لها أثراً ما يبقى طيات العقل الباطن يلتهب عند تكرار الظروف لاحقا في تجارب أخرى


أحياناً يبدوهذا الأثر كندبة لا شفاء لها ..،، وأحياناً أخرى يتحول إلى إعاقة دائمة ..،


هل جربت يوماً أن تعيش سليم الجسد .. معاق الروح ؟؟


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


- اهي جيه ورايا .. شوفيها .. كان أحمد قادماً إليها يلهث حيث وقفت أمام المدرج الخاص بدفعته ويشير بإبهامه إلى الخلف


نظرت إلى حيث أشار ..لترى ....

ربااه .. إن الفتى له كل الحق !..، كيف التقطت عينه الوحيدة ما عجز المبصرين حادي النظر عن ملاحظته ؟؟

من نفس العالم الذي أتت منه ليلى وجولييت وعبله وكل بطلات القصص الرومانسية .. أتت ياسمين

إسم على مسمى .. مخلوقة خلقت ليكتب لها حب عظيم كحب أحمد ..،

عينان واسعتان بلا جحوظ النموذج المثالي "لعيون المها " ذات الأهداب الكثيفة الطويلة الداكنة ..، بؤبؤ العين الأسود يملئها في طرفها حور كاد ليسلب لب الشعراء

أنف دقيق رقيق يعلو فم صغير رفيع الشفاة أشد رقه ينفرج ليكشف ابتسامة صافية ذات أسنان صغيرة دقيقة ناصعة

كل ذلك يسبح في دائرة من البنور يعلوها حجاب بسيط قد انزاح كاشفا عن شعر فاحم شديد الكثافة والنعومة

ملابسها بسيطة جميلة .. حركتها نشيطة عالية الهمة ..

الحقيقة التي ستعترف بها هبة لنفسها ..

أنها هي أيضاً وقعت في حب ياسمين من النظرة الأولى !!


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


أقبلت شيماء عليهما تمسك في يديها عدد من بطاقات الدعوة لمدينة ملاهي شهيرة ..

- هتطلعو معانا طبعا ..دي مفهاش كلام !!

ترددت هبة قليلاً ثم قالت : مش عارفه انا ظروفي ايه يا شيماء يمكن فالبيت ميوافقوش ..!

نظر لها أحمد في عدم فهم ..: يعني ايه ميوافقوش دي رحلة تبع اتحاد الطلبة وكلنا شباب وبنات طالعين

- هحاول أقنعهم ..!

ابتسم أحمد في ثقة ..: وهتبقى فرصه كلنا نتغدا بره

ضحكت في مرح ثم قالت : وايه الجديد في الأكل يعني ؟؟


أجابها وقد شاعت في قسماته بسمته الطفولية المميزه : بيقولو اللي ياكل مع حد عيش وملح لا يمكن يأذيه أبدا ويفضل طول العمر في رباط بينهم !


نظرت إليه وقالت من بين أنفاسها المتقطعة : وانت ناوي تأذينا ؟


قال بابتسامة مبهمه هاربا من عينيها إلى البطاقات : لا .. بس عاوز يستمر الرباط بيننا !


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ


قضمت ناهد قضمة كبيرة من شطيرتها ثم مسحت فمها بمنديل ورقي وغمزت هبة التي جلست تدير الطبق الذي يحوي شطيرة لم تمس ..
- مبتاكليش ليه ؟ كلي عشان لسه قدامنا مشاوير كتير على ما نروح !
هزت هبة رأسها في لا مبالاة ثم تناولت الشطيرة وقضمت منها ثم راحت تلوك في بطء ..
وهي تنظر إلى ذلك الشاب الأشقر الذي ينظر من النافذة وقد كاد ينتهي من كوب الشاي أمامه ..


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــ


كانت الرحلة جميلة انقطعت فيها الأنفاس من فرط الصراخ والضحك واللعب حتى إذا ما انتهت اتجهوا جميعاً إلى ذلك المطعم تحت إلحاح مصر من أحمد ..،،


انهى الأصدقاء عشائهم ثم اتجهوا إلى حيث ينتظر "باص" الرحلة ..، أفسح الطريق لها لتدخل بجوار النافذة ثم تهاوى على المقعد الآخر بجوارها ...
لماذا كل هذا الحرص على أن يكون منها قريب ؟؟ لو كانت أخته كما يقول فإن ثمة أخوات أخر في هذه الرحلة سواها ..!
لماذا لا يرحمها من الظنون ؟!
أسند رأسه إلى مقعده وأغمض عينيه من التعب .. ثم أدار وجهه الباسم تجاهها ..
- هبه ..
- اممم
- عاوز أسألك سؤال بس تجاوبيني بصراحة ..
- اسأل ..
- لو جيت اتقدمتلك ... تقبليني ؟؟


(يتبع )