هل هي زيارتك الأولي ؟دليل الزيارة الأولي

آخر الموثقات

  • بونبونايه بدون الكتاب
  • ظاهرة القبلات بين الرجال و النساء!
  • أمي القوية
  • ذكرينــي
  • شكرا لسيدنا يوسف
  • المهر كان غالي 
  • نختلف، ولا نحتد
  • قماصين وقماصات
  • بين العمل والنتائج،، مقال
  • ما بال هذا الهيام..
  • مَواسم الفُراق
  • التسويق في مصر بعافية ١
  • حسان و السمان
  • تداعيات إشكالية
  • عندما يكون الإسهال عرضا جانبيا لدواء ..
  • كتابي السِفر
  • لغة البتاع
  • وطأت قدم
  • أتدري أنها فانية؟!
  • كلمتي الختامية من ندوة مناقشة رواية حيوات الكائن الأخير في مختبر السرديات 
  1. الرئيسية
  2. مدونة د. زينب ابو الفضل
  3. التصوف كما تلقيته عن أبي (العبادات والسلوك )

 تواصلا مع منشوري السابق أجيب عن سؤال طرحته قبلا : كيف تلقيت عن سيدي الوالد رضي الله عنه العبادات ، وممارسة الدين كخلق وسلوك ؟

 

  أقول : كان تصوف والدي رضي الله عنه تصوف فقهاء علماء مربين ( فقه- عبادة - تربية - تزكية ) 

  

وكان سبيله رضي الله عنه حتى ألتزم بكل هذه الآداب والمعاني هو إدخالي على الله تعالى من باب المحبة …

نعم … المحبة

يعني:

أعبد الله لأني أحبه أولا ، لأن من أحب الله استشعر معيته وأحب طاعته ،فهي السبيل إلى هذه المعية ، ومع المعصية تأتي الحجب ، والصالحون يحترقون من هذه الحالة فيبكون ويتضرعون حتى ترفع عنهم ، أما غيرهم فلا تزال ترتفع الحجب بينهم وبين ربهم بالمداومة على المعاصي ، حتى يران على قلوبهم ولاينتبهون " كلا بل ران على قلوبهم ماكانوا يكسبون كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون " 

 

ثم يقول لي رضي الله عنه "كل إنسان يدعي محبة الله فانتبهي " فالحب بالأفعال وليس بالأقوال " 

وهذه العبارة كان يقولها لي شبه مغناة ، بإطالة كسرة اللام في كلمتي " بالأفعال وبالأقوال " حتى أحفظها . 

 

أقول : بكل حب تعلمت الصلاة، فمذ وعيت على الدنيا وأنا أصلي والحمد لله ، نعم صليت منذ سن باكرة لاأدري متى تحديدا ، لأني وجدت أبي لايعظم عملا يعمله في يومه كالصلاة، وأقسم بالله على ذلك .

 

 فقد كان رضي الله عنه يترقب وقت الصلاة بلهفة فائقة ، حتى كانت هي المحور الذي يدير عليه يومه كله .  

فقبل صلاة الظهر لديه موعد كذا ،وبعدها سيفعل كذا وكذا ،وقبل العصر سيفعل كذا وبعده كذا ، أما وقت أداء الصلاة نفسه فهو مقدس ، فلا ينشغل أول وقت الصلاة بغير أدائها جماعة في مسجده مهما كانت الدواعي.

وهذا كلام يعرفه كل من لازم الشيخ ، فما تخلف عن الجماعة قط إلا لمرض قاهر .

 

وكان رحمه الله يركز كثيرا على قضية الخشوع في الصلاة ، وكان يراه ركنا من أركانها -كأبي حامد الغزالي رحمه الله -والذي لايخشع في صلاته لم يصل حقيقة ، استشهادا بقوله صلى الله عليه وسلم للمسيء صلاته " ارجع فصل فإنك لم تصل " 

فالصلاة كما لقنني والدي وشهدته من سلوكه ، هي الصلة بين العبد وربه ، وهي نور المؤمن من أقامها أقام الدين ومن هدمها هدمه ، وليست حركات تؤدى ، ولكنها خشوع لله وخضوع .

وأقرب مايكون العبد من ربه وهو ساجد ، ومفتاحها التكبير الذي يصحبه اطراح الدنيا كلها خلف ظهر المصلي ، والإقبال بكنه الهمة على الله تعالى حتى يفرغ من صلاته ، واذا فرغ كان عليه أن يجلس لختم الصلاة حتى تسري أنوار ها وسرها الى قلبه وأعضائه ،وبهذا يجلله النور.

وبذا عشقت الصلاة حتى أصبحت أهم ماأصنعه في يومي أسوة بوالدي ، ولاأهدأ حتى أؤديها ولازلت على ذلك والحمد لله.

 

- أما صيام رمضان فهو اختبار في المراقبة

كان يقول لى رضي الله عنه : أنت تؤمنين بأن الله يراك ، فأقول نعم ، فيقول : لو أكلت أو شربت لايمكنني أن أعلم ، ولكن ربك يعلم وهو الذي سيؤاخذك ، وإذا لم يفلح المسلم في التحكم في بطنه فلن يتحكم في جميع شهواته .

وكان يركز معي على أن يكون صومي صوما عن شهوة الكلام والقيل والقال واللهو واللغو 

ومالايعنيني ، وإلا ضاع ثواب الصوم وثمرته .

 

- أما عن تدريبي على ممارسة الدين كخلق وسلوك فأقول :

ببساطة : كان والدي رضي الله عنه بارعا في تهذيب نفسه وخلقه والتزام مقام التقوى والإحسان ، وما وجهني قط إلى فضيلة إلا وقد تخلق بها أولا والتزمها، وما رأيته إلا وقد صدق قوله فعله ، من صدق وأمانة ورضى وتسليم وتوقير لربه وإجادة لعمله ورعاية لأسرته وذوي رحمه وجيرانه وطلابه ، والمعوزين والمحتاجين والأرامل والمساكين ، حتى صار هيئة اجتماعية خدمية متنقلة ، يعطي عطاء من لايخشى الفقر رضي الله عنه . 

،وهذا سلوك معروف عن الشيخ رحمه الله ، ويشهد به كل من عرفه من الخاصة والعامة .

وقد مكن الله تعالى له في الوقت تمكينا عجبا ، فيومه بأيام ، وما يفعله في اليوم لايمكن تصوره ….

اما عن أبرز ماتعلمته من والدي من سلوكيات ، فأبرزها : 

- احترام الوقت 

فقد كان رحمه الله يراقب وقته بحرص شديد ، وكان يقول : كل دقيقة لها عبادتها، ففي الدقيقة يمكن تسبيح سبعين تسبيحة فلم نضيعها ؟ 

نعم ، أقسم بالله هذا مما تلقيته عن أبي الصوفي . 

وكان ينقل لي قول الإمام الشافعي " صحبت الصوفية فتعلمت منهم " الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك ، ونفسك إن لم تشغلها بخير شغلتك بشر " 

وكان يحرص على تحذيرى من السلوكيات التي تهدر الوقت وتضيع الأجر ، كالغيبة والنميمة وشغل النفس بمالايعنيني.

 

-كما كان رحمه الله يحرص حين يوجهني إلى خلق أو فضيلة ما على الاستشهاد عليها من الكتاب أو السنة الصحيحة :

فالدين خلق 

"وإنك لعلى خلق عظيم"  

والدين سماحة مع كل إنسان، بل والكائنات  

" لكم دينكم ولي دين"  

" وإن من شيء إلا يسبح بحمده " 

والدين حياء

" الحياء من الايمان "

والدين إحسان وجودة وإتقان 

" وأحسنوا إن الله يحب المحسنين "

والدين تواضع 

"واخفض جناحك للمؤمنين "

والله لايحب المستكبرين "  

والدين رفق 

"فما كان الرفق في شيء إلا زانه "

 والدين استغناء وعزة 

"ومن يستغن يغنه الله"

 والدين كرامة 

فقد لقنني في صباي الباكر 

" واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لن ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك " 

والدين رضا وتسليم  

" وارض بما قسم الله لك تكن أغنى الناس" 

والدين تعلم مستمر  

"وقل رب زدني علما" 

 

طبت حيا وميتا ياوالدي : 

فقد تلقيت منك الشريعة (فقها وعلما و سلوكا ) سمحة سهلة ، وحفظت السنة من تمثلك بها ، وتلقيت منك العقيدة غضة وبلا مذاهب "قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد "

 

وبعد …. 

فهذا هو التصوف الذي تلقيته عن سيدي الوالد رضي الله عنه ،فهل يختلف عليه اثنان مسلمان ؟ 

لقد اكتسب والدي رضي الله عنه بتصوفه هذا محبة واحترام الجميع ، واجتمعت الطوائف كلها على توقيره ، وقد بادلهم رحمه الله حبا بحب وتوقيرا بتوقير ، فكان أحرص مايكون على مودة الجميع ،وعدم إثارة مايفرق الناس شيعا، أو أن يكون سببا في ذلك .

 

ويكفي أن أذكر هنا : أنه حين قام محافظ الغربية الأسبق د أحمد القصبي رحمه الله بإصدار أمر بإقامة ضريح لوالدي في مسجده العامر " المتولي" أكبر وأقدم مسجد بالمحلة الكبرى ، رفض رحمه الله أن يدفن بهذا الضريح ، واشترى مقبرة وسط مقابر البلدة ، وأشرف بنفسه على بنائها لتكون وفق السنة تماما ، ثم دفن بها رضي الله عنه وأرضاه .

ولما سئل عن سبب رفضه للدفن في الضربح الذي أعد له في ناحية من المسجد قال : البعد عن الخلاف مستحب ،و لاأحب أن أكون مصدر فتنة للمسلمين " 

رضي الله تعالى عنه وأنزله منازل الأبرار والصديقين . آمين يارب العالمين .

التعليقات علي الموضوع
لا تعليقات
المتواجدون حالياً

869 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع