فترد هامسة: ما غادرتَ قلبي طَرفةً، ولا فارقتَ روحي ثانيةً، كنت بي أكثر من أي وصلٍ مضى، وأي لقاء آت.
وحين صرنا على شفا جرفٍ هارٍ من الهجر، وانتوى البيْن بنا وجعًا، ذرفتك حبًّا من غدق عيني، ووضَّأتُ قلبي بك، ثم سكبتُك في شراييني سلامًا يطمئنني حين تراودني رياحُ الحنين الماكرة، وفي كلِ تلويحةِ اشتياقٍ مارقةٍ من بئر الغيابِ وتآمُر المسافات، أربِّت على قلبي وأرقيه برُضاب الذكريات، ومعينِ امتلائه بك، فيهدأ، ويسكن، ويعرج بك حبًّا لعالمٍ آخر لا وجود له هنا، كل حركة، وسكَنةٍ، وهمسةٍ، وتنهيدةٍ، وزفرةٍ تتخلَّله هامسةً إلى آذان روحك: (كن بخير وكفى)، ولا أخفي عنك شيئًا، فإني كما عهدتني طفلةٌ ثرثارةٌ معك حتى في صمتي، رغم أني الخرساءُ البكماءُ مع كافة البشر، وكأنني هبطتُ عليهم من عالمٍ آخر لا يعرفونه، ولا أعرف على أرضه سواك وحدك.