هل هي زيارتك الأولي ؟دليل الزيارة الأولي

آخر الموثقات

  • بونبونايه بدون الكتاب
  • ظاهرة القبلات بين الرجال و النساء!
  • أمي القوية
  • ذكرينــي
  • شكرا لسيدنا يوسف
  • المهر كان غالي 
  • نختلف، ولا نحتد
  • قماصين وقماصات
  • بين العمل والنتائج،، مقال
  • ما بال هذا الهيام..
  • مَواسم الفُراق
  • التسويق في مصر بعافية ١
  • حسان و السمان
  • تداعيات إشكالية
  • عندما يكون الإسهال عرضا جانبيا لدواء ..
  • كتابي السِفر
  • لغة البتاع
  • وطأت قدم
  • أتدري أنها فانية؟!
  • كلمتي الختامية من ندوة مناقشة رواية حيوات الكائن الأخير في مختبر السرديات 
  1. الرئيسية
  2. مدونة زينات مطاوع
  3. وقفة مع كتاب قاض من مصر  (3)

وقفة مع كتاب قاض من مصر 

للمستشار الكاتب: بهاء المري

 

"دعه؛ فإنه ابني كما أنت ابني"

 

هل من صكٍ لصلة الروح يمنحها نعمة القرب ورشفة الوصال دون مرور نغزات الحرج وإطلالة المحال؟

وهل من سبيلٍ يمكِّنها من تعظيم شعائر الوصل وإقامة مراسم الوفاء آناء الحزن وأطراف الاحتياج؟

هنا اثنان ـ من الزمن النادر ـ على طاولة البر يعتلجان حبًا؛ الكاتب، وزميله الذي أصر أن يقتسم معه رحلة الآلام.

 

فحين كان الكاتب منشغلًا بدفع مقعد المحنة الذي تسند إليه أمه ما تبقى من عافيتها المشبعة بالصبر الجميل، سقطت سهوًا فردة الحذاء التي كانت تؤنسها وتزينها قدماها، فالتقطها زميله الذي كان يرافقه وظل ممسكًا بها إلى أن انتبه الكاتب لفعله، فرفض ذلك.

وهنا أشعر أن صراعات شتى قد احتدمت بداخل الكاتب، وصار قلبه محاصرًا بين جيشي الحق والإحسان، الحق المتمثل في بِرِّه بأمه لأنه منها، وكل ذرة في كيانها تسري داخل مسامه، وهذا الفعل يطلبه هو دون سواه للقيام به، وبين الإحسان لقلب صديقه الرابض على باب الوفاء، لكن لم يسعه إلا الرفض الحائر والثائر بين دفتيّ الدفء والإكرام، بينما صديقه عاكفٌ في محراب الصلة ولم يغادر وملتزم بفعله، ولسان حاله يقول: "إنها أيضًا أمي، فدعني أمنحها شيئًا بسيطًا من حقها فيَّ"، إلى أن شق صوتها الواهن ذاك الصراع وحسم إصرارهما وهي تتمتم قائلة:

"دعه؛ فإنه ابني كما أنت ابني".

وهنا تتراجع كل لغات العالم على استحياءٍ، وتصمت جاثية كأمَةٍ في حضرة سيدتها.

 

ثم يهل يوم قيامة الأثر الطيب من مرقده مودعًا صاحبته التي رافقها طيلة رحلة سفرها إلى موطنها الحقيقي حيث بداية الخلود، والآن قد خرج عن سكونه وانتفض ليؤدي رسالته ودوره المنسوب إليه، ويصنع من ذكراها عمرًا ثانيًا.

فشرع يتفقد روحها التي تألقت في رداء الفراق لتُزَف، ثم يضم رفقاء الروح والعمل ـ الذين رافقوا الكاتب وأمه ـ بنظرة امتنان وشكر.

 

وهنا أتذكر قول ـ أمير الشعراء ـ أحمد شوقي: 

  دقات قلب المرء قائله له.. 

إن الحياة دقائق وثوان

 

فارفع لنفسك بعد موتك ذكرها 

فالذكر للإنسان عمر ثان

 

فهذه الأم قد عاشت أُمًّا لكل من طافت روحه حول رجُلها الأوحد (ابنها) في هذه الحياة، وعاشت إنسانة تنفق روحها وعمرها لأجل الجميع، باعت قلبها لله، فربح البيع ونعم من اشترى، فأربى الله لها حسن صنيعها بالثناء الجميل.

 

فحين سئل أحد زملاء الكاتب يوم هجرتها لوطنها الأخير:

لماذا تبكي؟

قال: لأنها كانت أمي.

فطوبى لقلبها وحسن نعيم. 

 

وفي النهاية، فذاك الزائر المنتظر الذي يرهبه الجميع..

  هو اليقين الذي يتغشّى الحياة؛ ليفضي نزق وحشته، ويشبع نهمه، ثم يرحل تاركًا في أحشائها ورم الفقد يتضخم ويتفاقم، ثم سرعان ما يضمر ويتلاشى بترياق اللطف المُحلَّى بوعد اللقاء المنتظر في مقعد صدق عند مليك مقتدر.

 

اللغة.. 

فصحى، قوية، قد فطرها الحزن، ودارت بها رحى الآلام؛ فربتت على وجعها الفواصل، وواساها اليقين، والنقاط المشرَّبة بنفحات الصبر الجميل.

 

السرد..

رائع، يقطر من تفاصيله العبق المشوب برائحة الحزن، ويفترش قلب أحداثه الأثر، ويسانده اللطف المنساب من شُرّاعة الأمل.

التعليقات علي الموضوع
لا تعليقات
المتواجدون حالياً

858 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع