- مي.. مي
- تنادي كما لو كُنت في أخر الدنيا، أخفض صوتك وراعٍ الموظفين في الخارج سيعتقدون أنني قد سقطت مغشي علي.
- عذرًا شعرت أنكِ قد شردتِ، ها هي خذي زهرة التيوليب هذه صفراء كما تحبين.
- لم أشرد وغفرت لكَ فعلتكَ لأجل عيون التيوليب.
- بل تشردين دومًا عندما ترينني؟! سؤالا كثيرًا ما وددت طرحه لكن زمالتنا في البداية لم تكن تسمح بمثل هذه النوعية من الأسئلة، هل تتضايقين من رؤيتي؟.
- وكيف أتعامل معك وأبرمج لأجلكَ المواقع إذن، بالعكس يبهج قلبي رؤيتك فنحن الآن أصدقاء متفاهمان، كما أنكَ تذكرني بماضي بعيد قريب، أرى فيكَ عينيه وبسماته الغناء؛ لكن يسوءني مشاهدتك أيضًا لأنك تفتح شاشه عقلي على بداية نهاية دوري في حياته، تعرض بتمهل مشاهد انسلاله خارج عني، فيؤلمني قلبي أكثر وهو يعايش للمرة الألف مراحل انسلاخه مني، يا الله "ساري" كلما رأيتكَ رأيته ووسط صخب كرنفال الحياة، تخفي عيناه المشهد ويحتل كل الألوان رغم غيابه.
- قصة حب، هل مثل قصتي مع "ندا" سكرتيرتي؟!
- لا لم يكن سكرتيري، وبالتأكيد لم أتنازل عن عملي في تصميم المواقع لأكون سكرتيرته.
- تهربين هيا اخبريني عنكما.
- لا شيء قصة وانتهت.
- كيف ولماذا؟ هل نغصت عليه حياته كما باقي نساء هذا الكون اللطيف؟ أم أكثرت عليه الطلبات ومارست هوايتكِ في الشراء ببذخ حتى أثرتِ جنونه؟
- أتمنى لو ألقي العصير على وجهكِ لكنني الأهدأ والأكثر حكمه ولن أفعل وسأصبر عليكَ.
- هادئ أنا وحكيم ولن أنبس بحرف ثانية فهيا احكي.
- سأحكي من النهاية في العام الماضي، جاءت ليلة عيد الأضحى، وكنت الأنفس والأكثر أثيرية لنفسه فصرت أضحيته لألهه العادات وتركني لأنني كما يرى لن أتحمل الحياة المتوسطة لعائلته ولا التأقلم مع ظروفه، ظلت العلاقة متوترة لعدة أشهر حتى جاء يوم حاولت الاتصال بعدها أو محاولة فهم ما حدث لكنه غضب وطلب ألا أعاود الاتصال واخبرني أن أهله لا يتقبلون وجودي بينهم وأن دموعي المسكوبة بعد فوات الأوان لن تفتح باب قلبه لوجودي من جديد، فأجبته لا تقلق، دموعي ليست دعوة للتحرر من تقاليدهم وتحدي ما قٌرر، بل سأساعدك على الانتهاء مني والبدء من جديد؛ فلا تبتئس، وفراغ روحي بعدكَ الله الأولى بجبره.
- هكذا فقط، يبدو أن عمر قصتكما كان قصير لذا تنازلتِ عنها سريعًا.
- لا كانت على مدار عامين لكننا أخطأنا يوم اقتربنا وكل منا مُحمل بأعباء الماضي وجراحه، جعلناها نبراسا نحج إليه ونطوف سبع غضبات لتحكم بيننا عندما يلوح في الأفق شبح اختلاف، وقد كانت اختلافاتنا كثيرة حول تحديد ما هو مهم وما هو جدير بالتأجيل وللأسف كانت تربيتي تحكمني وكنت دومًا أصر على ما أريده وأراه من الأولويات.
- ولم فعلت هذا؟ لماذا لم تراعي ظروفه ما دمت تحبينه؟
- أنا اعمل وهو كذلك، كُنت أرى أن على كل منا التكفل بطلباته الأساسية فلماذا اخفض من احتياجاتي طالما لدي مصدر رزق بعيد عن عائلتي يكفيني ويمنحني رفاهية خاصة، هو من كان خائفا واقترب، ما كان عليه الاقتراب وهو للخوف أقرب من الحب.
- أعلم أن العيون متلصصة حولكِ كثيرة.. ألم يسعَ أحدهم بالحكمة بينكما ؟وبدعوة حق صالحكما؟
- لا كما أنه عندما تُحكم عقلك لحظتها أُبشرك لقد ضاع حُبك، وهو قد حكم عقله، ولم يكن ليسمح بتدخل خارجي، دعنا من هذا هيا "ساري" ابتسم واستمر في الضحك على أيا ما كان فالأيام تمر بلا حساب.
- صديقتي العمر لحظة من حب تعمره ولحظه فراق تنهيه، البعد جرح بسيف المسافة يداويه قرب روح الأحبة وإذا كُنتِ تحبيه حقًا فأعتقد أنكِ تتعذبين.
- لا أتعذب فقط ليتنى أفهم لمَ نموت والأجساد تحيا؟ أو لمَ نعيش والأرواح في ثُبات كأنها ميتة؟، عمومًا هو الآن مجرد ذكري تحرك لساكن قلبي ثم تعود لحالة بياتها الشتوي، وهو ولأنه غير الجميع تعايش مع واقعه الأليم بنصف ابتسامة، ليسهر مداعبًا ذكريات ساعته الرملية، وعندما يسلبه النوم الحياة يبيت في حضن دلال الخيال، تاركًا العصافير والفراشات والورود لإشباع طواحين الهواء.
استغرب ما سمع فسألها، "لم تقولين هذا؟"
- لأنه أكمل حياته فقد رأيته مع أخرى منذ فترة يمسك بيدها في هيام، هل من العدل أن يُعيد قصتنا ببطله جديدة بنفس صفاتِي ومواصفاتي سريعًا هكذا؟؛ لم نفترق إلا من ثلاثة شهور فعليًا كانفصال نهائي وبحسب خرافات فرقتنا..
هي أنا بلون جديد، فكيف يقهر القلب والروح ويعيد حزه بنفس السكين؟، أم أنني كُنت تجربة أراد خوضها للاستعداد للحب الكبير؟
يا الله ارحم حرقة قلبي، واحكم على ما في ضميره سكن.
- ربما الأمر ليس كما ظننتِ، ربما هو يحبك ويحاول انتهاز فرصة للعودة؟.
- "اللي خدته القرعة تخده أم الشعور" وأنا أقول لها هنيئًا لكِ أسعدكِ الله فلا ذنب لقلبكِ المسكين بقلبي وما أصابه من سُلطان زمانكِ، هو ماضٍ وانتهى .
روحي تائهة ما بين صعود وهبوط لكني أظل وردة تيوليب حمراء تمنح للكون عطره، أما حكايته معه فتتلخص في أنه يومًا كان قيدي الذي حررني واليوم هو قيدي الحارق لأوصالي، يومًا كان عزي وفخري واليوم هو من شمت الأرض في سمائي.
يومًا كان فرحي واليوم هو سبب غضبٍ لروحي، يومًا كان من أطلق شقاوتي وجنوني واليوم هو سبب قهري، يومًا كان طفلي واليوم هو من وئد روحي ودفن نبضي، يومًا كان أنا وأنا هو واليوم صار سبب حتفي، يومًا كان الحياة واليوم ذهبت الحياة عني.
- لازلتِ تحبينه؟
- لا
- تكذبين كلماتكِ بل أفعالكِ ونظراتكِ وشت بما في القلب طمرتِه.
- لا أكذب.. قد أكون فعلت يومًا وندمت بعد خذلاني، قد أكون توهمت ليال وأفقت على واقع رافض لأحلامي، لذا تعلمت درسي جيدًا، أدركت أن من يحب لا يخون أو يضعف، لا ينتهز الفرص ليبدأ حب أخر، من يحب لا يعشم غير حبيبة بالحب، لا ينقض وعده ويبقى على عهده بالروح والقلب قبل الجسد والفعل، من يحب لا يزرع في القلب فتنة ثم يرسل دموعه أنهارا تشتكي وحدة زائفة ووفاء قتل على عتبات غنج ودلال الكلمات.
- إذن كنتِ وقد يعني هذا أنكِ لازلتِ بدليل عتابكِ وحسرتكِ البادية بين الكلمات؟
- لا لم أعد باقية على العهد، فمما علمتني الأيام أن للحب ناسه وأنا لست منهم لا أصلح للحب ولا لمنازله، ومع هذا أجيد دور الحبيبة المحبة كتعويض ربما عن قسوة أيامي، أعشق الحب وأحلامه كخيال بلا ضرر ولا ضرار، أحب اللعب بأوتاره وعزف نغماته لأزرع وردات القرنفل في قلوب من حولي، أهوى نقش الأبيض في نسيج ثوب الأيام الأسود، إيهام غيري بجدوى الحب لعلهم ينالوا ما منه حرمت.
- من هو هل أعرفه؟
- أوف.. هل أنتَ مريض بوسوسة قهرية لم تصر هكذا؟
كنت أمزح معكَ، اسمعني بتعمق لازال جواب سؤالك: لا أحب ولست بحبيبة شخص ما قصة وانتهت، أجيد أحيانًا تقمص دور الحبيبة بثبات وقناعه لأعيش في هدوء، أدعوا الله أن يرزقني يومًا فرحة عمر ولمعة عين وبسمة تغمر الكون بضحكاتي ولا شيء أخر في هذا الموضوع.
- حسنًا ما رأيكِ في، أنا الأقرب لكِ وأغلب أحداثنا معًا متشابهان كثيرًا، ونحب تصميم المواقع ونجيدها بجدارة متشابهان ولن نختلف كثيرًا؟
- وسكرتيرتك "ندا" يا مهووس؟
- ها أنتِ قلتها سكرتيرتك مجرد إعجاب بموظفة عندي تبدو كموديل إعلانات.
- يا ظالم لقد وعدتها بالزواج، ثم هل يجب أن تكون حبيبا أو عشيق أُهديه ألحان قلبي لتكون معي؟! لم لا تكُن؟ رفيق درب.. صديق حياة.. كُن ما تشاء لكن.. رفقًا لا تختر دور الحبيب فقد سئمت كل من يختاره فأنت تبدو فاشلا في الحب يا صديقي والله مع من ستحبك حقًا فمصيرها تشرد نفسي مثلي.
- أنتن زهور الحياة فلمَ تحرمن علينا الاستمتاع بالزهور؟
- اعتقد بأنكَ إذا استمرِت في الحديث هكذا خمس دقائق سنفقد صداقتنا أيضا.
- لا داعٍ لهذا، لدى موعد مهم مع زهرة تعرفت عليها بالأمس، هيا سأوصلكِ في طريقي، هل يمكنكِ تغير عاداتكِ إذا عاد إليكِ ثانية ومراعاة ظروفه؟
- لا فأنا أحب الحياة والاستمتاع بها، هناك أنواع من الحب يكون مصيرها الموت داخل القلب ولا مجال لها للإزهار خارجه وقصتي هكذا.
- من يستطيع فهمكن معشر النساء مجانين.
- اذهب يا عاقل يا أخ وابن العقلاء.
*.*