ويبقى الأمل في غد أفضل هو المحرك للمضى نحو أي هدف مشروع..و في عالم الدواء وجود الأمل في تحسن الأعراض الجانبية هو أحد أهم العوامل التي تشجع المريض في تحمل مشقة هذه الأعراض ، فهناك أمل في زوالها مع الاحتفاظ بفاعلية الدواء في علاج المرض الميتفورمين و التوصيات الثمانية
مهارة الطبيب ليست فقط في تشخيص صحيح لمرض و إعطاء دواء صحيح لهذا المرض و لكن أيضاً في تقليل الأعراض الجانبية من هذا الدواء ، وأصبح حاليا من التعبيرات المهمة حين يتم إعطاء دواء لمريض هي " QOL" بمعني " Quality Of Life" فليس المهم فقط هو إعطاء الدواء ولكن المهم أيضاً هو عدم تأثيره سلبياً على المريض بطريقة تعوقه من أداء مهامه اليومية.
لذلك أصبح من الهام هو معرفة كيفية تقليل الأعراض الجانبية للدواء و كيفية تكيف المريض مع ما تبقى من هذه الأعراض الجانبية.
و المثال الذي سنتناوله اليوم هو دواء الميتفورمين " جلوكوفاج" والذي يعتبر الاختيار الأول في علاج مرض السكّر ( Type 2 DM). و من أكثر الأعراض الجانبية لهذا الدواء هو تأثيره السلبي على الجهاز الهضمي والذي يكون في صورة غثيان ، قيء ، إسهال ، زيادة الغازات ( flatulence & bloating) و آلام البطن، وهذه الأعراض قد تكون من الشدة أنها تؤدي إلى عدم قدرة المريض على تحملها مما قد يؤدي إلى التوقف عن استخدام الدواء و قد أثبتت الاحصائيات ان نسبة المرضى الذين يصابون بهذه الأعراض الجانبية تصل إلى ٢٠٪ وتصل نسبة الذين لا يتحملون هذه الأعراض و يتوقفون عن تناول الميتفورمين بسبب أعراضه الجانبية إلى ٥٪ !!
أما عن أسباب هذه الأعراض الجانبية فهناك العديد من الآليات و منها :
١- تسبب الميتفورمين في زيادة موضعية في السيروتونين والهيستامين في الجهاز الهضمي و تكون هذه المواد مسئولة عن الأعراض الجانبية .
٢- تسبب الميتفورمين في تقليل امتصاص أملاح عصارة المرارة ( bile salts) مما ينتج عنه زيادة تركيز هذه الأملاح في الجهاز الهضمي ،
٣- زيادة تحول الجلوكوز إلى حمض اللاكتيك في خلايا الأمعاء،
٤-تغيير البيئة الميكروبيولوجية في الأمعاء.
ويأتي هنا دور الطبيب في محاولة التخفيف من هذه الأعراض الجانبية كي يتمكن المريض من الاستمرار في تناول الدواء عن طريق نصح المريض بالآتي؛
١- البدء بجرعات صغيرة و زيادتها تدريجيا على مدار أسابيع ، حيث يؤدي ذلك إلى نوع من أنواع التأقلم على الدواء .و لقد أوصت المنظمة الأمريكية لأمراض السكر ( ADA) بذلك و أصدرت توصيات بضرورة إعطاء الجرعة وزيادتها تدريجيا تبعاً للاستجابة في تقليل مستوى السكر إلى المستوى العلاجي المطلوب و تبعاً لقدرة المريض على التكيف مع الأعراض الجانبية على الجهاز الهضمي و إذا وصلنا لجرعة لا يستطيع المريض تحمل أعراضها الجانبية ( metformin intolerance ) فنكتفي بالجرعة الأقل و يمكن في هذه الحالة اضافة دواء خفض سكر آخر للميتفورمين مثل احد الgliptins ( جانوميت; metformin/sitagliptin ،..).
٢- يوجد نوعان من الميتفورمين ( سريع المفعول immediate release) و ممتد المفعول ( extended release ) ولقد وجد أن الأعراض الجانبية على الجهاز الهضمي للميتفورنين أقل من النوع ممتد المفعول عن النوع سريع المفعول ، لذلك في حال عدم تحمل المريض للأعراض الجانبية من النوع سريع المفعول يمكن استبداله بجرعة موازية من ممتد المفعول ويتم حساب الجرعة اليومية التي كان يتناولها المريض من الميتفورمين سريع المفعول على مدار اليوم و إعطاءها كجرعه واحدة من الميتفورمين ممتد المفعول.
٣- حيث أن جزء من الأعراض الجانبية للميتفورمين على الجهاز الهضمي سببها هو التأثير السلبي على البكتيريا النافعة في الأمعاء ( microbiota) لذلك فهناك توصيات أن تناول البروبيوتكز ( probiotics ) مع الميتفورمين يقلل من الأعراض الجانبية على الجهاز الهضمي.
٤- وجد حديثاً أن امتصاص الميتفورمين من الأمعاء إلى الدم يكون بواسطة ناقل يسمى organic cation transporter 1 (OCT1), كما وجد أن بعض الأدوية تثبط هذه الناقلات مما ينتج عنه زيادة تركيز الميتفورمين في الأمعاء و بالتالي زيادة أعراضه الجانبية على الجهاز الهضمي. و من الأدوية التي تثبط هذه الناقلات دواء الverapamil ( أيزوبتين ) المستخدم في علاج بعض أمراض القلب ، مثبطات الحموضة المعروفة بالProton pump inhibitors ( كونترولوك ، أوميز، باريت،..) و مضاد الاكتئاب المعروف بال amitriptylin ( تربتيزول) وايضاً مضاد الاكتئاب ciralopram و مسكن الألم الكوديين.
٥-تناول الميتفورمين متزامناً مع الوجبات يقلل من تأثيره السلبي على الجهاز الهضمي.
٦- التقليل من تناول السكريات حيث ان الميتفورمبن يزيد من تحويل الجلوكوز إلى حمض اللاكتيك ( lactate ) في خلايا الأمعاء و هذا الحمض يزيد من حدوث الأعراض الجانبية على الجهاز الهضمي خاصة الإسهال.
٧- وجد ( ولاسباب تحت البحث) ان تناول الميتفورمين مع خافضات سكر الدم المعروفة بالgliptins ( مثل جانوفيا، أونحليزا،..) تقلل من الأعراض الجانبية للميتفورمين على الجهاز الهضمي.
٨- أخيراً ينصح بعلاج أي التهاب بالميكروب الحلزوني ( H pylori ) قبل البدء في تناول الميتفورمين حيث ان الإصابة بالميكروب الحلزوني تزيد من شدة الأعراض الجانبية للميتفورمين على الجهاز الهضمي.