arhery heros center logo v2

           من منصة تاميكوم 

آخر المواضيع

  • أنواع النكاح في الجاهلية | 21-07-2024
  • المطبات الجوية و أنواعها | 11-07-2024
  • أنواع و وظيفة المراقبين الجويين للطائرات | 26-06-2024
  • كيف يتفادى الطيار المُقاتل الصواريخ جو/جو ؟؟!! | 24-06-2024
  • الحب يروي الحياة .. قصص حب | 17-06-2024
  • الفرق بين ليلة القدر ويوم عرفه؟ ! | 14-06-2024
  • معنى : "الآشيه معدن"  | 13-06-2024
  • الإعجاز في "فَالْتَقَمَهُ الحوت" .. و النظام الغذائي للحوت الأزرق | 21-05-2024
  • إعجاز (لنتوفينك) في القرآن .. هل هو صدفة ؟! | 19-05-2024
  • من قصيدة: شرايين تاجية | 15-05-2024
  • معجزة بصمة كل سورة في القرآن الكريم | 12-05-2024
  • كفكف دموعك وانسحب يا عنترة | 08-05-2024
  • الفارق بين الطيار المدني و الطيار الحربي | 02-05-2024
  • لماذا لا تسقط الطائرة أثناء الإقلاع ؟ | 21-04-2024
  • الجذور التاريخية لبعض الأطعمة المصرية....لقمة القاضي إنموذجاً | 25-03-2024
  • قصة مثل ... الكلاب تعوي والقافلة تسير | 25-03-2024
  • من هم الأساطير و من هو الأسطورة ؟ | 23-03-2024
  • قوانين العقل الباطن | 21-03-2024
  • نبذة عن مكابح الطائرة بوينج 787 | 20-03-2024
  • كيف تمنع ظهور محتوى اباحي و جنسي حساس 18+ على الفيسبوك بسهولة | 08-03-2024
  1. الرئيسية
  2. بريد الجمعة
  3. دائرة الخوف - بريد الجمعة - 30/5/2014

أكتب إليك قصتى بعد أن أثارت شجونى رسالة «جنون العظمة»التى روى لك فيها كاتبها أن اباه دمر أسرته بقصد أو دون قصد، فلقد ذكرتنى هذه الرسالة بالرجل الذى دمر حياتى أنا وأبنائى بتصرفاته الأنانية والهوجاء



وتركنا فى مهب الريح وراح يتخبط فى قراراته وحياته وضل الطريق السليم، فأنا سيدة تجاوزت الخمسين بقليل، ولدت فى أسرة لم أدرك فيها معنى الابوه إذ غاب أبى عنا، وأنا فى سن الثامنة تقريبا، وكنت أكبر أخوتى، بعد خلافه الشديد مع أمى التى طلبت الطلاق وأصرت عليه لبخله الشديد برغم سعة ماله، ولقسوته عليها وعلينا نحن أبناءه الثلاثة، فأرادت أن تنقذنا من هذا الجو المشحون بالمشكلات، وكرست حياتها لنا، فكانت نعم الأم والأب فى آن واحد مع أنها كانت ربة منزل لا تعمل، وساعدها على ذلك أخوالى، وكانوا أربعة رجال يشغلون مناصب مرموقة، وبذلوا ما فى استطاعتهم من جهد لتعويضنا عن غياب أبينا، فتخرج ثلاثتنا فى كليات القمة.. وكان هذا هو السبب الرئيسى لحفاظى فيما بعد على حياتى الزوجية برغم ما مررت به من مشكلات ولمحاولاتى المتكررة تجاوزها، حتى أحافظ على بيتى، ولا يصبح أولادى أيتاما وأبوهم على قيد الحياة مثلما فعل بنا والدنا، كما سأروى لك بشىء من التفصيل.


فمنذ دخولى الجامعة تقرب إلىّ بعض زملاء الدراسة، حيث جذبهم جمالى الهادئ وأخلاقى التى يشهد بها الجميع، فلم يجدوا منى إلا الصد، إذ كانت قناعتى أن العلاقة الوحيدة المسموح بها فى حياتى مع الطرف الآخر هى الزواج، وكثر خطابى وكان شرطى الوحيد فيمن سأرتبط به أن يكون ملتزما دينيا تطبيقا لقول رسول الله (إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة فى الأرض وفساد كبير).





ونظرا لطيبة والدتى وعدم خبرتها فى الحياة فإنها وافقت على شاب تقدم لخطبتى عن طريق صديقة لى بدا متدينا من حديثه، وفرحت أنا به، ولم أتوقف عند ما قاله عن ظروفه المادية الصعبة، وأنه مسئول عن أخيه وأمه وأخته غير الشقيقة وزوجة أبيه بعد موت والده، وكبر فى عينى وعين والدتى واعتبرناه رجلا مسئولا ـ فأحببته سريعا لأنى أحسست لأول مرة بمشاعرى البريئة التى ادخرتها لمن سيصبح زوجا لى تتدفق نحوه، وأقبلت والدتى على مساعدته بارتياح، ولم تكلفه شيئا من لوازم الزواج، وقبلت بما قدمه من مهر وجهزت لنا عش الزوجية .. أما الشقة التى سنسكن فيها، فراوغنا فى الحديث عنها ثم اكتشفنا بعد عقد القران الذى أصر على إتمامه بعد شهر واحد من التعارف، أنها تقع فى منطقة شعبية، فاعترضت وطلبت منه تأجيل الزفاف إلى أن يكرمنا الله بمسكن آخر بالايجار فى منطقة أفضل لكنه ألح علىّ بإتمام الزفاف على وعد بأن ننتقل من هذا المكان بعد سنتين فقط وصدقته، واستخدم فى إقناعى الوداعة واللطف اللذين يتميز بهما فى التعامل مع الآخرين لنيل ثقتهم ثم يعيد استخدامها فى التلاعب بهم!.





وخلال تلك الفترة راحت زوجة أبيه وأخته تختلقان المشكلات معه وقطعتا علاقتهما بنا بلا سبب يذكر، فكان يبرر لى تصرفاتهما بأنهما كانتا ترغبان فى زواجه من ابنة عمه لكنه رفض إذ يعتبرها أختا له.





وتزوجنا بعد أقل من سنة من عقد الزواج، وكنت قد تخرجت فى كليتى، فاشترط علىّ ألا أعمل، وأن أتفرغ له، ولبيتى فامتثلت لرغبته، ولم يكن يملك إلا وظيفته، فوقفت بجواره أدعمه وأهون عليه مصاعب الحياة خصوصا بعد أن رزقنا الله ببنت وولد، وكانت أمى أكرم الله مثواها لا تبخل علىّ، ولا على أخوتى بأى شىء نحتاجه حتى بعد أن تزوجنا... ومع ذلك ظهرت المشكلات فى حياتى سريعا بسبب عصبيته وغيرته الشديدة التى ترقى للشك أحيانا برغم التزامى بالحجاب، وعزوفى عن الاختلاط بالآخرين، ووجدته سليط اللسان يطلق العنان لكلماته دون أن يحسب ما يقول، فإذا راجعته بعد أن يهدأ يتهمنى بأننى لم أفهم كلماته، ولم آخذها على المحمل الذى يراه، وذلك دون أدنى شعور بالذنب أو الندم على ما قاله أو فعله فى أثناء مشاجرته، والتى غالبا لا يكون لها سبب سوى تفويت الفرصة علىّ لكى لا أطلب منه أى طلب ولا اسأله عن أى شىء، سوى ما يسمح لى هو بمعرفته، فيما يخص دخله وأهله وعلاقاته بزميلات العمل أو الدراسة، والتى استمرت علاقته بهن بعد التخرج، وبعد الزواج أيضا برغم إجبارى على قطع صلة رحمى بأبناء أخوالى وأعمامى لأنه غيور!! فرضخت لأول مرة ايثارا للسلامة وبعدا عن المشكلات.





ولم يكتف بهذا، بل كان كلما حدثت مشادة بيننا يسرع إلى والدتى ويشكونى إليها، فتطيب خاطره وعندما ألقاها تقرعنى وتلقى علىّ اللوم فيما حدث بيننا، ولكنها عندما تسمع منى الحقيقة تتعجب من قدرته على قلب الحقائق وتنصحنى بأن أصبر وأتحمل من أجل أبنائى.. وكانت أول من أدرك أنه مضطرب نفسيا، ويمثل دور المتدين الورع والإنسان الحنون الذى تدمع عيناه تأثرا بأى موقف، وهو وإن كان فى الظاهر يحب من يحيطون به، فإنه فى الباطن يقف ضدهم فصبرت عليه، وكان عزائى أن هذا هو رأى والدته فيه، وهى فلاحة على فطرتها تحضر من قريتها لتقضى معنا شهرا أو شهرين كل عام تستمتع فيهما بمصاحبتنا وتأنس بأحفادها.





أما أخته وزوجة أبيه، فبعد أن عادت المياه إلى مجاريها معهما أخذتا فى التدخل فى حياتى وتنغيص معيشتى، فآثرت الابتعاد عنهما وتركته وأولادى يتعاملون معهما فحرضاه علىّ وعلى أولادى وشجعاه على أن يتزوج بأخرى، وبعد عدة سنوات فتح الله عليه بابا جديدا للرزق، فاستبدل سيارة فارهة بسيارته القديمة، وأصبح صاحب مكتب مقاولات ونقلنا إلى شقة تمليك فى منطقة راقية بعد سبعة عشر عاما من زواجنا، وفى هذه الاثناء توفيت والدتى، وبدلا من أن يحتضننى ويعوضنى عن غيابها إذا به يلهث فى البحث عن زوجة ثانية، فتقدم لخطبة أرملة تصغره بعشرين عاما لكنها رفضته لكبر سنه ثم طرق باب سيدة من معارف أصدقائه الذين كانوا يتخيلون أننا نحيا حياة كلها ترف وفخفخة، حيث كان يغدق عليهم الهدايا والعطايا، ويعزمهم باستمرار فى أفخم المطاعم، بينما كنا نعيش فى مستوى أقل بكثير مما يتصوره هؤلاء، بل وعلى حد الكفاف أحيانا كثيرة، وكان يدعى دائما أنه مديون بعكس الحقيقة التى أدركتها بعد زمن طويل من عمله الخاص.. وهى أنه دائن ومدين فى الوقت نفسه، وهذه طبيعة عمله كمقاول، فله مستحقات مالية عند أصحاب المشروعات التى يتولى تنفيذها، وعليه ديون للمقاولين الصغار الذين يعملون معه : بمعنى أن دورة رأس المال فى مثل هذه الأعمال تسير بشكل طبيعى.





وكلما واجهته بما عرفت من هذه الأخبار ينكرها، ويقول إنه ليس له غيرى وأولادى فى حياته، فلا أصدقه، ولكن أتظاهر بتصديقه حتى تمضى سفينة الحياة بأمان فى خضم هذه الأمواج العاتية من تصرفاته غير السوية، وأحمد الله أن أولادى أسوياء يشهد الجميع بأخلاقهم وتربيتهم، وكلما نظرت إليهم أوقن بأن الله عوضنى عن الزوج بهم، وأحتسب أجرى عنده عز وجل، وقد رأيت أن أخرج من هذه الدائرة التى يريد أن يحصرنى فيها.. (دائرة النكد والخوف من المستقبل) بحفظ القرآن الكريم وتعلم تلاوته الصحيحة، وأكرمنى الله به فى أربع سنوات من أجمل فترات حياتى على الاطلاق ووجدت فى كتاب الله السكينة والطمأنينة والفرج من كل كرب وهم.





ثم تعرض زوجى لأزمة مالية بسبب عمله، وكعادتى نسيت ما فعله بى، وما سببه لى من ألم نفسى، ووقفت إلى جواره أسانده وأدعمه نفسيا وأستغنى عن طلباتى وطلبات أولادى الأساسية إلى أن يعوضه الله عن خسارته، ولكنه لم يتحمل أن يتعرض للخسارة كباقى البشر فدخل فى حالة اكتئاب زادت حدتها يوما بعد يوم فكان لا ينام، ولا يأكل ولا يتكلم ويبكى كثيرا عندما يكون معى، ويطلب منى أن أسامحه لأنه ظلمنى كما كان يقول!! فشجعته على زيارة طبيب نفسى، ظل يعالجه لمدة سنتين ساءت خلالهما صحته فرحت أحنو عليه وأواسيه، وبعد أن أتم الله شفاءه كنت أول من اكتوى بنار غدره، فاتهمنى بأننى غير طبيعية مع أنه هو الذى تغير، ولم يكن الرجل الذى عرفته إذ ارتبط بزوجة ثانية دون علمى، واكتشفت ذلك بعد ثلاثة أشهر من عقد زواجه عليها، فطلبت الطلاق لأنى لم أقصر فى حقه لكنه رفض، فطلبت منه أن يعطينى مصروفا للبيت، ويتركنى وأولادى، فرفض أيضا ـ ففوضت أمرى إلى الله وظللت على ذمته، ولم تمر ثمانية أشهر حتى طلق زوجته الثانية واستعد للزواج من ثالثة تعرف عليها خلال عمله، وكانت متزوجة ولديها أولاد من زواج سابق، وكان يسعى لتطليقها من زوجها، ولم أتخيل ذلك وتصورت أنها نزوة من نزواته المتكررة، فعندما فاتحته فى أمرها قال إنها سيدة متزوجة وتربطها به علاقة عمل فقط، ولكن يبدو أن هذه العلاقة تعدت الحد المسموح به بين رجل وامرأة كل منهما متزوج، فإذا بها تطلب الطلاق من زوجها ويموت الرجل بعد شهر واحد من انفصالهما، ثم يطلقنى زوجى غيابيا ليتزوجها بناء على شرطها!.





وبصراحة كان وقع الطلاق علىّ صعبا خصوصا أنه لم يعطنى أى حق من حقوقى، بل أصر على أن أترك البيت أنا وابنتى ويؤجر لنا شقة أخرى، وكان ابنى قد تزوج فى أثناء زواج أبيه الثانى، ولم يساعده فى توفير شقة تمليك، ولذلك وحتى الآن يعيش ابنى فى مسكن ايجار جديد يدفع فيه نصف راتبه، وكانت لنا ابنة أخرى ماتت بمرض خطير، وتركت فىّ أثرا لن يمحوه الزمن : فلقد قصر فى علاجها إذ لجأ إلى المستشفيات الحكومية لكى يوفر ثمن العلاج فى المستشفيات الخاصة، وعندما وجدنى وابنتى متمسكتين بالبقاء فى بيتنا اشترى شقة فاخرة وتزوج فيها، كما اشترى أثاثا جديدا ودفع مهرا وشبكة ـ وهكذا ظهرت الأموال التى طالما ادّعى أنه لا يملك منها إلا القليل، وأنه مديون دائما أما أنا، فلا أملك إلا أن أقول حسبى الله ونعم الوكيل هو سبحانه وتعالى قادر على أن يعوضنى خيرا، وقد بدأت بشائر هذا الخير تهل علينا إذ منّ الله علىّ بعمل جيد فى هذه الظروف الصعبة التى تمر بها البلاد، ولا يجد الشباب فيها عملا، وأكرم الله ابنى بزوجة صالحة أعتبرها ابنة لى، وأستمتع ببرهم وعطفهم علىّ وإسراعهم فى تلبية احتياجاتى... والحمد لله رب العالمين، وكلما استرجعت شريط حياتى أتذكر أمى الحنون التى منحتنى وأخوتى ما لم تمنحه أم لأبنائها فى كنف زوجها، ورزقنى بأولاد أبرار لم تنجبهم أسرة سوية فيها أب فاضل لا يعانى مشكلات نفسيةأو أخلاقية، فالحمد لله العدل الذى يقسم الأرزاق سبحانه وله فى خلقه شئون.








ولكاتبة هذه الرسالة أقول :





الإنسان صنيعة نفسه، فإذا استطاع أن يقهر الصعاب، ويتعامل مع المتغيرات التى تطرأ على حياته متسلحا بالعزيمة والإيمان بالله، فإنه يتجاوز المحن والآلام، ويخرج من دائرة الخوف والاضطراب فيرتاح باله ويسعد بحياته... أما إذا استسلم لها، فإنه سوف يكره الدنيا ويكتئب، ولا يرى فيها إلا كل ما هو ردىء، وباعث على التشاؤم، ولقد أدركت ذلك بحكمتك ورجاحة عقلك، فأوكلت أمرك إلى خالقك، وشغلت نفسك بتربية ابنيك، بعد رحيل ابنتك الكبرى التى كانت فجيعتكم فيها وحدها كفيلة بأن تجعل أباها يحيد عن الطريق الذى سلكه بزواج واحدة بعد الأخرى، والصرف ببذخ على المعارف، وجلسات السهر على حساب متطلبات أسرته التى تعيش مستوى أقل بكثير من المستوى الذى يظهر به أمام الآخرين، حتى إنه ضن على ابنته الراحلة بالعلاج فى مستشفى خاص يقدم خدمة متميزة للحالات الحرجة، وطرق أبواب المستشفيات الحكومية التى تعالج المرضى بالمجان، ولم يتعلم من الانذارات المتتالية التى بعث الله بها إليه، حين فقد ماله، وانتابته حالة اكتئاب شديدة خضع على أثرها للعلاج لفترة، ثم فشله فى أكثر من مشروع، ورحيل ابنته فى ريعان الشباب، وتطليق زوجته الثانية بعد أشهر معدودة من ارتباطه بها... نعم لم يتعلم من كل ذلك، وارتكب خطأ جديدا بزواجه الثالث من سيدة انفصلت عن زوجها لترتبط به، واشترطت عليه أن يطلقك وأنت أم أولاده، مقابل الطلاق من زوجها!.. ولا أدرى كيف أمن جانبها، واستسلم لها، وهى تأتى هذه التصرفات التى يأباها العقل، ولم يدرك أنها لن تستقيم لها حال، وسرعان ما سوف تتركه للبحث عن صيد جديد، عندما تتدهور أحواله، ويقل ماله، فمن طلبت الطلاق من زوجها وتخلت عن أولادها لكى ترتبط به، سوف تكرر فعلتها معه بعد أن تستنزفه ماديا، وهنا سيلجأ إلى الزواج من رابعة ثم خامسة إلى أن يصل إلى طريق مسدود، فهذه هى النهاية الطبيعية لمن يتركون أنفسهم لأهوائهم وملذاتهم.

أننى أرى حالة مطلقك على هذا النحو أبعد من الأزمة النفسية المعروفة باسم «أزمة منتصف العمر».. التى تنتاب بعض الرجال فى المرحلة العمرية بين الخامسة والأربعين، والخامسة والخمسين، وربما أقل أو أكثر حيث يرتبط هؤلاء بزيجات أخرى لا تطول مدتها عن أشهر معدودة، فالواضح أنه منذ اصابته حالة اكتئاب بعد خسارته المادية الكبيرة فى أحد مشروعاته، وهو يأتى تصرفات غير سوية فى حقك وحق أبنائك، وقد تجاهل ـ من باب الأنانية ـ أن الحياة الزوجية السليمة تعتمد على التضحية والصبر، والرحمة والإحسان، ولو أن كل أزمة تطرأ على الأسرة تدفع الزوج إلى التفكير فى الطلاق أو الزواج بأكثر من واحدة، لانهارت كل الأسر فى اللحظات الأولى لتكوينها، وتخطئ الزوجة إذا ظنت أن الحياة الزوجية خلية عسل يمكن أن تجنيها بغير أن تصاب بلسعة نحلة فيها، ويخطئ الزوج إذا تخيل أن علاقته بزوجته باقة ورد لا شوكة فيها، فيتلذذ بشمها والنظر إليها دون أن يصاب بشىء منها، فالأسرة عبء ثقيل ومسئولية كبرى تحتاج إلى همم عالية، وتضحيات كثيرة، وجهود مشتركة ومتواصلة من أجل تحقيق الغايات والأهداف لكنكما وصلتما إلى حالة «الطلاق النفسى» أولا بعد أن خفتت العاطفة بينكما بفعل خلافاتكما المكتومة، ونظرة كل منكما إلى الآخر بأن شيئا ما قد تغير فى علاقتكما الخاصة، فسره هو بأنك غير طبيعية، وفسرته أنت بضعف قوته وسوء حالته النفسية نتيجة الأدوية التى كان يتعاطاها... وبرغم ذلك استمرت حياتكما ظاهريا، وظللتما تعيشان معا تحت سقف واحد لفترة لم تطل، وكنت فى داخلك رافضة لهذا الوضع لكنك قبلته باعتباره مأوى وملاذا بدلا من الانفصال والتشتت... وراح زوجك يثبت لنفسه أنه، كما هو، لم يتغير فيه شىء، فتزوج بأخرى ثم ثالثة مضحيا بك ومتجاهلا انعكاس ما يفعله على ابنائه، فالزواج والانجاب مسئولية كبرى، ليس فى اعالة الأسرة وتأمين احتياجاتها المادية فحسب، بل أيضا، وبشكل خاص فى بناء أشخاص أسوياء يضيفون شيئا جديدا إلى الحياة، ويتوقف ذلك على العلاقة الثلاثية التى تربط الأب والأم والأبناء، وهى علاقة لا تكون فعالة، إلا إذا اعتمدت على الحب والعطاء، ولعل مطلقك يدرك ذلك، فيعيد احتواء أسرته من جديد، وليت كل زوجين يتعلمان كيف يخففان مشاعر الأسى والكرب التى يشعران بها، والتراجع عن مواقفهما المتشددة قبل أن يطفح الكيل، والتحدث معا بوضوح، ويسعيان إلى التهدئة التى بدونها يصعب حل أى مشكلة، وعلى مطلقك أن يجلس إلى نفسه، ويسترجع ماضيه والتقلبات التى سادت أحواله، ويصحح خطأه الكبير، باعادتك إلى عصمته من أجل أن يلتئم شمل الأسرة، ويتعين عليك تقريب المسافات معه، وأرجو أن يدرك ذلك قبل أن تتدهور أوضاعه، إذ أنه وقتها لن يجد أحدا بجانبه، لا مطلقته التى أفنت عمرها فى خدمته، ولا ابنيه اللذين انصرف كل منهما إلى حاله، فلن يكون أى منهما على استعداد للتواصل معه بعد كل ما فعله بهما وبأمهما... هكذا علمتنا تجارب الحياة لكن هناك من يتعامون عنها، ولا يدركون فداحة ما ارتكبوه من أخطاء إلا بعد فوات الأوان.

لا تعليقات