عقد نادي الإنسانية تحت اتفاق سابق اجتماعا أعلن فيه رئيس النادي الثعلب الوقور المسؤول على تسيير النادي أنه من الواجب الاحتفال بافتتاح النادي وقد استدعي له السادة الثعالب والذئاب والكلاب .

وفي يوم الافتتاح حضر الجميع وهم في أبهى حلة وقد اصطحبوا زوجاتهم وبناتهن وصديقاتهم من ( قطات )أو ( فارات ) وأفاعي وكلبات ، وغيرهن من أرنبات وماعز ونعاج وقد بدين في أجمل الملابس وأفخرها ، فالقطات قد انغمسن وسط فرائهن الثمين والكلبات قد وضعن أنواع المساحيق الرفيعة والفارات قد تسلحن بأعلى كعب وجدنه في السوق ،.

أما أنا القنفدة وكعادتي عند حضوري اجتماعات نادي الإنسانية فقد انغرست وسط فرائي الثمين ، فقد انغرست وسط فرائي العادي ، لكنه كما تعلمون قد تطور وأصبح أرقى وأجمل نوع منه هو الفراء ذو الأشواك المذببة والمذهبة الرؤوس ، الشيء الذي جعلني محط أنظار الثعالب والذئاب والكلاب وتحت النظرات المليئة غيظا من طرف الفارات والقطات والنعاج والأفاعي وغيرهن ممن حضرن الاجتماع .

وكانت كلمة الثعلب الرئيس ونقاش الذئاب والكلاب تتمحور حول برنامج حفل هييء لذلك الغرض تتخلله مقطوعات موسيقية وووصلات راقصة ، كما استدعي الجميع إلى مأدبة غداء فاخر كان مبعث غرور وفخر للثعالب وكان البرنامج : : كالتالي: 

ــ التخفيض من نسبة النباح عند الكلاب والعواء عند الذئاب عند دفاعهم عن الإنسانية ووجوب التحلي بها . 

ــــ التخفيض من نسبة العض عند الكلاب .

ـــ ترك القوافل تسير بينما الكلاب وحدها تنبح من بعيد .

ــــ تنبيه الذئاب والثعالب إلى ضرورة مراقبة وجباتهم الغذائية وعدم الإفراط في الافتراس حتى لا يصل بهم الأمر إلى السمنة المفرطة أو التسمم الخطير الذي قد يودي بحياتهم .

أثناء تعقيبات ، وتوصيات أعضاء نادي الإنسانية الحاضرين في هذا الاحتفال الميمون ، كانت نظرات إعجاب الثعالب والذئاب والكلاب تحيطني من كل جانب.

وكان ردي على تلك النظرات لا يتعدى ابتسامة هنا أوهناك لهذا أو ذاك أو إيماءة رأس دليلا على الاحترام ، كل تلك الحركات كانت تترجم زهو الأنثى واعتدادها بنفسها ، لا سيما أنني كنت القنفذة الوحيدة الحاضرة . 

  توقفت غير بعيد عن ذئب وكلبتين يناقشون ما حصل مع كلبة الصيد ( فلانة ) والتي حسب ما كان يتناهى إلى سمعي من هنهنات ضحكهم المخنوق رغبة في عدم إثارة انتباه باقي الحيوانات التي حضرت هذا الحفل البهيج 

 كان الذئب (فلان ) والذي نفخ أوداجه مستعليا على الكلبتين المنافقتين اللتان تتصيدان الأخبار وتلتقطانها لتجدا ما يلوكه لسانهما من بعد ولتلقيا به وسط الجموع كالنار في الهشيم ، 

كان الذئب يقول بصوت يريده خافتا بعض الشيء لكي لا يتناهى إلا القليل من حديثه إلى من يحاولون التصنت عليه أو استدراك بعض ما يقوله وهو يعرف أحق المعرفة أن هناك من يتطاول بعنقه لكي يتمكن من اللحاق ببعض كلامه 

كنت أنا القنفذة أعرف جيدا أنه متأكد من سماعي لبعض ألفاظه التي تصلني وأنا أتطاول بعنقي داخل فرائي وانا كنت متيقنة من أنه يعرف بذلك كله دون أن يستدعيني للمشاركة في الحوار الدائر بينه وبين الكلبتين التي كانت عيونهما تلمع مما يقوله مستمتعتين بالخبر الدسم 

لكنني مع ذلك سمعته يقول : 

(هرولت بأقصى سرعتها وهي تتعثر بكل شيء حتى كادت تسقط أرضا لمرة أو مرتين ، عندما أتتها مكالمة هاتفية من أحد سماسرتها بالمستشفى فهناك ضحية سير خطيرة تتطلب حضورها بأسرع ما يمكن ، لكن ليس لعمل إنساني كما تعتقدان ، )

وهنا أصدر قهقهة حاول أن يخفي جلجلتها داخل جوفه واستمر قائلا :

( ذلك أنها توجهت مباشرة إلى المستشفى وهي تكاد تطير من الفرحة فقد ظفرت بصيد سمين ... 

تلك الكلبة الضالة توجهت مباشرة إلى صندوق الآداء وأ تمت تصفية جميع المصاريف المتخلدة بذمة الضحية ، 

ههه أتعرفان ما حصل بعد ذلك بالضبط ، أتاها عميلها مكشرا عن أنيابه طالبا ضعف مبلغ المصاريف ,.. فأخذت تهدؤه بعدما أفرغت له كل ما في جيوبها ليلتزم الصمت فقط . اه هاها هاه ..

أتعرفان ما كانت تريد القيام به ، بيع محضر الحادثة او بيع أعضاء الضحية في حالة وفاته ها ها ها ، )

اتسعت أحداق الكلبتين لكن سرعان ما عادتا الى وقفتهما المائلة أمام الذئب وهما تنظران إليه بامتنان لمدهما بهذه المعلومات الثمينة ... 

ابتعدت قليلا لكي لا أثير اهتمام أي من الحيوانات الأخرى التي كانت منخرطة في الرقص أو الأحاديث المتفرقة هنا وهناك 

كنت على يقين تام أنها أحاديث شبيهة بما سمعته للتو ..

لذلك أصابني ملل كبير ، فقررت العودة إلى بيتي ..