استكمالا لرحلتنا وجولتنا العلمية والإيمانية مع تلك الرسائل التي تبرز من داخل الجسم البشري، فتصدحُ بالإعجاز، وتُبرهن على عظمة الخالق بامتياز.!
نعيش مع معنى آخر من معاني الحضارة والعمران، التي تنطق بها كل (خلية) حين تنضم لأختها في تعاون مشترك لبناء أنسجة الجسم البشري.
وحين ينضم (النسيج) لنظيره فتتكون (الأعضاء)، ثم تشترك (الأعضاء) قاطبةً - على اختلاف أشكالها وأنواعها ووظائفها - لتتكون (الأجهزة) الحيوية، والتي هي الأخرى تصطفُ جميعا في بناء ذلك الجسم البشري والبُنيان الحيوي العظيم.!
أجل، إنَّ جسم الكائن الحي لهو بنيانٌ شامخ، مرتكزٌ كله على وحدة رئيسة تسمى (الخلية)، فهي الوحدة الأساسية في بناء الجسم وتكوينه.
فالخلايا هي التي تبني الأنسجة، والأنسجة هي التي تبني وتُكوِّن الأعضاء، والأعضاء هي التي تبني وتُكوِّن الأجهزة، والأجهزة هي التي تبني وتُكوِّن جسم الكائن الحي.
فالإنسان بنيانٌ مرصوص من خلايا وأنسجة وأعضاء وأجهزة.!
وما أعجز وأفصح وأبلغ تصوير حبيبنا رسول الله ﷺ لذلك حين قال في الحديث الصحيح: «المؤمن للمؤمن كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضًا».
وما جاء في الأثر: «الإنسان بُنيان الرب ملعونٌ من هدم بنيانه».
وإنَّ لفي هذا البنيان العظيم أسمى معاني البناء والتعمير والحضارة والعمران.!
وكأني أسمع تلك الخلايا والأنسجة تنادي بأعلى صوتها:
أيها الإنسان كن مُعمِّرا لا مُخرِّبًا، كن وسيلة تشييد وبَناء لا معول هدم ودمار.
إنها رسالة البناء والتعمير والتشيد والحضارة التي تُطلقها أجسامنا البشرية في كل ثانية وفي كل لحظة، ولكن أكثر الناس عن آياتها معرضون.