في ليلة عيد القديسين عام 1977, استضاف المحاور چاك ديلروي مقدم البرنامج الحواري الترفيهي الليلي (بومة الليل) وسيط روحاني، وآخر مختص في التنويم المغناطيسي ومعالجة للظواهر الخارقة بصحبتها فتاة صغيرة تدعي أن الشيطان يسكن جسدها، ليحقق المحاور الذي كان بدأ يخبو نجمه أعلى مشاهدات في تلك الليلة التي انتهت بكارثة ليس عليه فحسب ولكن على مشاهديه أيضاً.
تعمد مخرجو فيلم سهرة مع الشيطان استخدام الأسلوب الوثائقي في بداية أحداث الفيلم، إيهاما بواقعية الأحداث، ولتأسيس كل من الظروف الاجتماعية والسياسية التي أفرزت الحاجة لنوع معين من البرامج الترفيهية لتسلية المشاهدين كنوع من الهروب مما كانت تمر به أمريكا آنذاك، وكذلك لتأسيس خلفية الشخصية الرئيسية التي ستصحبنا طوال الأحداث.
الأسلوب الوثائقي الذي اختاره مخرجي الفيلم في القسم التمهيدي له يضاهي الرهبة التي يحدثها وقع جملة
(الفيلم مقتبس عن أحداث واقعية)
فتزداد عملية الإيهام، والاستسلام لما هو معروض على الشاشة بضمان هذه الجملة التي تعد بشيء من الحقيقة
كذلك الأسلوب الوثائقي الذي يعمد استخدام اللقطات الأرشيفية لإحداث ووقائع حقيقية، مع استخدام الصوت السلطوي للراوي وتوجهه بالحديث مباشرة إلى المشاهد، خالقا بذلك الإيهام الكاف للحالة المرغوب فيها من صانعي الفيلم.
أتبع الفيلم الأسلوب الكلاسيكي في الحكي، بعد المقدمة الوثائقية التي قد نعتبرها المعادل للدور الذي كانت تقوم به الجوقة في المسرحيات الإغريقية القديمة ألا وهو تهيئة المتفرج للأحداث، فحافظ الفيلم على وحداته الثلاثة، وحدة المكان ( استديو البرنامج الحواري ) ووحدة الزمان ( ليلة عيد القديسين في عام ١٩٧٧) ووحدة الحدث، الذي أتبع البداية والوسط والنهاية لعمل إذا جاز لنا أن نصنفه تحت قائمة الحكايات المأساوية التي تلقى ببطلها للهاوية بسبب مثالبه، والبطل هنا له هدف وهو تحقيق أعلى نسبة مشاهدة حتى ينقذ برنامجه.
يلقي هذا الهدف بظلاله على حقيقة تحدث في كواليس إعداد البرامج الحوارية بهدف الاستمرارية، وهي استغلال الأحداث والأشخاص دون التحقق أحيانا من صحة المعروض في هذه البرامج، وبالتالي آثاره الخطيرة على المتابعين
تجسد هذا الموضوع من خلال تدرج في حالة الرعب والمفاجأة من المواقف المعروضة في الحلقة، والتردد بين التصديق والتكذيب، فحافظ المخرجون على تقييد السرد فنحن كمشاهدين للفيلم وبداخله البرنامج لا نعلم أكثر من شخصياته، وبالتالي ما يقع عليهم يقع علينا، وهذا كاف لخلق الدهشة والترقب والمفاجأة وبث الرعب أيضاً.
مشهد استحضار الشيطان والتحدث معه، وطريقة الاعداد للمشهد والتحضير له كان واحدًا من المشاهد المصممة بحرفية من المخرجين، استخدامهم الصمت لخلق حالة الترقب، واستخدام اللقطات المقربة أو الكبيرة لتقربنا من الفتاة أثناء حالة الاستحواذ، هذا المشهد كان واحد من المشاهد التحضيرية متقنة التنفيذ لمشهد النهاية الصادم
الفيلم نجح في إعادة تصوير روح فترة السبعينيات من خلال الملابس وتسريحات الشعر والديكور، واستغل أيضا الفيلم السمات المميزة والمشهورة لكلاسيكيات الرعب في تلك الفترة، مثل فيلم طارد الأرواح الشريرة، وأفلام الطوائف، حتى الأسلوب الوثائقي المتبع مستوحى من فيلم الرعب السلاشر مذبحة منشار تكساس
كان ممكنًا لهذا الإرث أن يقف عائقا أمام مخرجي العمل لكنهم استغلوه جيداً لتقديم عمل بسيط لكنه مرعب
وذكي في تناول الموضوعات التي ذكرتها سلفا.
وكذلك إيقاع المونتاج المتصاعد طوال وتيرة الأحداث رغم أتباعه لنمط معين في تقسيم الأحداث، بمعنى الحلقة المصورة ثم الانتقال خلف الكواليس، إلا أن وتيرة الأحداث كانت في ارتفاع عن سابقتها، مع حرص المخرجين على الانتقال بين المقياس التقليدي لحجم شاشة التلفزيون القديمة أثناء مشاهد عرض الحلقة مع المقياس العريض في مشاهد خلف الكواليس بالأبيض والأسود، مما عزز من حالة الإيهام بالحقيقة
أكثر ما أعجبني كانت مأساوية شخصية البطل ديفيد ديلروي الذي كان يشبه البطل التراجيديا، نقابله في البداية وهو عزيز القوم الذي يتبع أهواءه حتى يصل لنقطة اللاعودة والندم
قدم الممثل دايفيد داستمالشيان ممثل الأدوار المساعدة والثانية دور البطولة هنا، تمكن من أداء دور المذيع المفجوع بفقدان زوجته، والمندفع وراء أطماعه لاستغلال ضيوفه وزملائه في العمل لنجاحه الشخصي، حتى ينقلب السحر على الساحر، ويواجه قوى أكبر منه، حتى يستجدي بمتفرج لا يراه، قد يكون نحن، أو المشاهد الافتراضي للحلقة في تلك الليلة أن يغلق التلفاز، قدمه الممثل بأداء يغلب عليه التيه والخوف مما اقترفته يداه.
تبدأ الأحداث على صوت الضوضاء البيضاء للتلفاز، وتنتهي بها أيضا، وما بينهما رعب يعكس رعبا حقيقيا يسكن أجهزتنا الحديثة ويحاول الاستحواذ علينا يوميا وتنويم عقولنا بحجة الحقيقة والترفيه