_هل تعلم يا بني ما معنى كلمة "الستير"؟.
_قل لي يا شيخي ماذا تعني؟.
_ "الستير" هو اسم من أسماء الله الحسنى، يقصد به ستر
الله -عز وجل- لعباده، يخفي عيوبهم ولا يفضحهم، يمهلهم ولا يعاجلهم، يعطيهم الفرصة حتى يرجعوا ويتوبوا، قال -صلى الله عليه وسلم-: "إن خير الخطائين التوابون"، "الستير" صيغة مبالغة تدل على الستر الشديد من الله لعباده، كما تدل على رحمته بهم وحبه لهم، هو يرحمهم من نظرة سخرية أو استهزاء تعود عليهم جراء أفعالهم؛ ولكن هل يتوبون؟ هل يحاولون إصلاح أنفسهم؟، للأسف إنهم ينجرفون خلف التيار، يتمادون في أفعال تشوه صورتهم، يصرون أن ينهجوا نفس الطريق، يستمعون لصوت الشيطان الذي سيطر على تفكيرهم، وهنا يرفع الله ستره عن هؤلاء، سواء علموا بذلك أم لم يعلموا، ولكن الجميع علم وعرف حقيقتهم المغشوشة الفاسدة.
إن الله -سبحانه وتعالى- لا يفضح العبد عند أول ذنب بل يستره ويمهله لعله يتوب ويؤب، روي عن ابن وهب بسنده عن أنس قال: أتى عمر بن الخطاب بسارق، فقال: والله ما سرقت قط، فقال له عمر: كذبت ورب عمر، ما أخذ الله عبدا عند أول ذنب، فقطع يده.
إن مثل هؤلاء كنا ننظر إليهم نظرة إجلال واحترام، نحني لهم الرؤس، نرفع لهم القبعات، نقدرهم أيما تقدير، نشير إليهم ونقول هؤلاء هم العظماء خلقا وأخلاقا، ثقافة وعلما، هؤلاء هم المصابيح التي يجب أن نستمد منها النور، ونسير على دربهم.
فجأة تسقط الأقنعة لتكشف عن مهازل أخلاقية، يندى لها الجبين، تقف مشدوها عندما تتردد حكاياتهم على مسامعك، لتكون كمطرقة حديدية في نهايتها مخلب قوي يهدم كل معتقداتك عنهم من جذورها، وصوتك الداخلي ينفي أن يكون هؤلاء على هذا القبح الأخلاقي، فتصاب بدوار يلف بك فلا تعرف في أي الاتجاهات أنت، وأين وجهتك السليمة التي يجب أن تعبرها حتى تصل إلى بر الطريق آمنا هاربا بجلدك من زيفهم وخداعهم.
ويلح علي سؤال لماذا لا نتمعن في أسماء الله الحسنى ونتدارسها جيدا ونقف على معانيها حتى نعبد الله حق العبادة؟، وننقذ أنفسنا من شرور الدنيا، فلا نسقط إلى الهاوية، قال تعالى: (ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها) "الأعراف: ١٨٠".
العبادة ليست أن تمثل على الناس في الظاهر دورك بإجادة حتى يصفق لك الجميع، وإنما العبادة أن تتقي الله في السر قبل العلن، وكن متيقنا أن الله رقيب عليك، عالم بأفعالك وما يدور في رأسك من وساوس، وسيحاسبك يوم يكون الحساب قال تعالى: (يأيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا)
"النساء:1".