من الوارد والمسموح بل والمطلوب أن تختلف زاوية الرؤية للشخصيات التاريخية والحدث التاريخي ..، فهناك من يرى مثلاً في عصر الأتراك أحفاد محمد على ميزات عديدة وهناك من يتبنى الفكر الثوري ضدهم ولكن في كل الأحوال لا يمكن أن ننكر أن عصرهم كان له مميزات قبل العيوب .. ،، الفكرة في أسلوب العرض لرؤية المؤلف حول هذه الفترة التاريخية ..

لكن يختلف الحال بالقطع عندما يتناول الأمر حدث جاري نعيش فيه ..،

إذا أن الإختلاف في الرؤية التاريخية والمنظور الفكري والثقافي والفني لتناولها ..، يختلف حتماً عن دقة نقل الحدث الواقعي بكل ما أطرافه وآرائه ..

هنا ننتقل من الحديث عن التأريخ المكتوب أو المصور إلى الحديث عن " الإعلام " وأهميته ودوره في صنع رأي عام ..

رأيي الشخصي أنه لا وجود لمصطلح " إعلام حر " فكل إعلام مرهون بسياسة الدولة المسيطرة عليه حتى ما هو موجود في أكثر دول العالم حرية وتحرراً

ولكن العبرة في فن تسويق الفكرة ..،، فهناك من يجيد صياغة الأخبار بمهنية وحرفية عالية فيخدم بها توجهات دولته ويغلفها بشعارات تثير شهية المواطن العربي فيبتلع الكبسولة المركزة بكل ما تحويه من خلاصة أفكار الدولة المقدمة فيتشبع بأفكارها .. يتكرر الأمر مع ملايين فتصنع "رأي عام "

في مصر للأسف نعاني بشدة من عدم مهنية الإعلام المقدم لعامة الشعب ..، وعدم المهنية منبثق عن شخصيات دون المستوى تتصدر برامج "التوك شو " وتمعن في تسفيه وتحقير المواطن بتقديم نوع رخيص للغاية من الدعاية الإعلامية .. فتسيء للفكرة المقدمة ولو كانت الفكرة هذه على حق ..

قد يبرر البعض ذلك بأن شعبنا نسبة كبيرة منه أمية .. لو خاطبها المثقفون بكلماتهم الفخيمة لن يفهم أحد منها شيئاً ..، بينما هذا القطاع العريض من الأميين وأنصاف المتعلمين يتعين إستقطابه بأقرب الطرق نفاذاً إلى عقله البسيط .. فيتم مخاطبته عبر إعلام من نفس المستوى الفكري ..

النتيجة هي أن يتصدر شاشاتنا الراقصات والمعتوهين ليكونوا الواجهة الإعلامية لمصر فتتضرر قضيتها بالمقارنة بإعلام آخر معادي .. ونصبح في مرمى السخرية والتسفيه

هل المشكلة تكمن في الإمكانيات المادية للقناة ؟؟ أم في قلة الكفاءات والكوادر الإعلامية المتخصصة ؟؟ أم في المستوى الثقافي لعامة الشعب الذي يتلقى من الشاشة أساسيات بناء رأيه السياسي ؟؟

إن الإعلام هو لسان الدولة وواجهتها .. أحياناً أيضاً يكون أحد أسلحتها الموجهة .. لذا أرى أن عدم الإهتمام به وبالمادة المقدمة فيه وبمن يقدمها .. قد تضيع الكثير من مجهودات الحكومة وتترك الشعب فريسة لإعلام آخر يشوه ويكذب

مودتي