آخر الموثقات

  • لو قبيحة .. شبيك لبيك
  • أتعلم تكون أنانى 
  • على كتف أبي معلقة ..
  • الفهم الخاطئ للمساواة بين الجنسين
  • أستاذ فلان ... رغم الدكتوراه
  • تفسير توقيت مصادقة موسكو على الاتفاقية الإستراتيجية مع طهران...
  • ترامب وبزشكيان في الرياض
  • الحرب الإيرانية الأمريكية : خطأ المحللين
  • طريقة إيران المبتكرة للتفاوض مع أمريكا
  • العرض المالي الإيراني لترامب .. إختراق غير مسبوق
  • إيران ووالد زيزو
  • مجابهة كل هذا القدر!
  • ضع الآتي حلقة في أذنيك
  • أنا البهية الفاتنة
  • ثقافة الاعتذار بين الأصدقاء… الكلمة اللي بتبني العمر من جديد
  • شكراً ... حضرة المدير 
  • أخاف أن أعود...
  • كذابة
  • سر القلوب النبيلة
  • دائما أشتاق إليك..
  1. الرئيسية
  2. مركز التـدوين و التوثيـق ✔
  3. المدونات الموثقة
  4. مدونة عبير عزاوي
  5. صلاة إلى العام الجديد

- " نازك. افتحي عينيك "
بحة صوتها الدافئة أوقفت سيل القشعريرة التي تسري في بدني هززت رأسي، رمشت عيني فتحتهما ببطء فطالعني وجهها المجعد بحنو رفيق قديم .
- لم أتوقع حضورك ؟
- كيف يمكن أن أخلف وعداً قطعته لك يوماً ؟!
أتذكرين حين التقينا منذ عشرين عاما، كنت ِ صغيرة بضفيريتين حلوتين وكان أبوك يقودك وهو يطير فرحاً بك. سألتك عن اسمك فقال لي بفخر :
- "هو مثل اسمك."
قلت في نفسي :
- "كيف خطر له أن يطلق على ابنته اسماً ليس متداولاً في مدينتهم ؟!"
وجاءني جوابك بلاعناء :
-"كان متيما بك وبشعرك . "
وأضاف أبوك بلهحة قاطعة : - " أنت نازك الشعر وهي نازك النثر ".
كنت ِ صغيرة ولم أتوقع أن تكوني بكل هذه المقدرة على صوغ الحروف قصصاً.
-"أتذكرين كم ضحكنا؟!
-" نعم ، قدر ضفاف الفرات حين لفنا بموجة من الرضا ."

ضحكتها البعيدة وصوتها الأليف يبعثان موجة من امتنان تعبر حجرات قلبي المتعب، ينفثان هواء صافياً في دروب صدري المغلقة، فتتوسع قصباته التي تكاد تنغلق بفعل نقص الأكسجة.
الأجهزة الموصولة بي تصدر أصواتاً صافرة وتتحرك المؤشرات متذبذبة. تصمت فجأة
تهمس نازك بصوتها الجميل ذاته :
- "لديك زوّار الآن "
ينفتح باب غرفني برفق، يدلف عدة أشخاص أعرفهم بسيماهم.
وريدة ! شهقت باسمها فابتسمت كانت تبدو كما رسمتها على الورق تماما ، هزيلة، طويلة أنيقة بأصابع من حرير، ومسحة أسى خلّفه فقد وحيدها . قالت :
-" متى ستنهين قصتي ؟! "
ألا يحق لي أن أعرف متى سيعود ؟!"
هززت رأسي ولم أجب فهي عالقة على أوراق دفتري منذ شهر نيسان تنتظر أن أكتب جملة الختام لقصتها ؛ لكنها لاتعرف أنني مترددة في تركها بلا نهاية، إشفاقاً عليها من قسوة المشهد الأخير .
يدخل جلال مستعجلاً ، ينظر بارتباك إليّ تارة ثم إلى نازك ، متردداً في طرح سؤاله الذي أعرفه، بادرني بجملة يستخدمها في حواره كثيرا :
-" يلعن أبو الحرب! "
هززت رأسي، عجزت عن إخباره أن قصته لن تنتهي بعودة زوجته منى فقد قمت بدفنها على بعد سطرين من خاتمة الرواية. أما هو فقد تركتُه عالقاً في الصفحة السابقة موقوفاً بتهمة الردة عند فصيل من الفصائل التي كثرت أسماؤها و توحد هدفها...(الحرب) .
توالى دخول أبطال قصصي و رواياتي الذين تركتهم معلقين على سطور دفاتري أو مصلوبين على لوحة مفاتيحي، ينتظرون مصائرهم؛ وأنا معلقة بهذه الأنابيب التي تسرب إليّ الحياة بشكل نقاط سائل مالح/ حلو ودفقات أكسجين تضعف بفعل اهتراء رئتيّ اللتين مزقهما جنون الفيروس .
ابتسامة نازك وهي تتمتم لي بشيء من شعرها تهدهدني به:

/ آفاق أعيننا رمادْ / تلك البحيرات الرواكدُ في الوجوه الصامتهْ / ولنا الجباه الساكتهْ /

/ نحيا ولا تدري ما الحياةْ /

نغمة صوتها تبث في جسدي نشوة عافية تسري في عظامي وعروقي: لطالما كان الشعر دائي و دوائي ، شفائي وشقائي .

وجوه أبطال قصصي التي تختلف تعابيرها بين سخط وغضب وتساؤل .
تتكاثر حولي وتملأ فراغ غرفتي بالعيون الرامشة ،ترمش عيناي مثلها، افتحهما فيطالعني وجه ابنتي فرح وهي تشير لي بيدها من وراء زجاج غرفة العناية المركزة الفاصل بيني وبين عالمها الغني بأكسجين طبيعي، تبتسم وترفع إصبعيها شارة انتصار .

التعليقات علي الموضوع
لا تعليقات
المتواجدون حالياً

1514 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع